إعلانات المنتدى


بقرة بني إسرائيل

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أبو معاذ الشمراني

مزمار فعّال
29 مارس 2010
91
1
0
الجنس
ذكر
بقرة بني إسرائيل


موقع القصة في القرآن الكريم:
ورد ذكر القصة في سورة البقرة الآيات 67-73.


القصة:
مكث موسى في قومه يدعوهم إلى الله. ويبدو أن نفوسهم كانت ملتوية بشكل لا تخطئه عين الملاحظة، وتبدو لجاجتهم وعنادهم فيما يعرف بقصة البقرة. فإن الموضوع لم يكن يقتضي كل هذه المفاوضات بينهم وبين موسى، كما أنه لم يكن يستوجب كل هذا التعنت. وأصل قصة البقرة أن قتيلا ثريا وجد يوما في بني إسرائيل، واختصم أهله ولم يعرفوا قاتله، وحين أعياهم الأمر لجئوا لموسى ليلجأ لربه. ولجأ موسى لربه فأمره أن يأمر قومه أن يذبحوا بقرة. وكان المفروض هنا أن يذبح القوم أول بقرة تصادفهم. غير أنهم بدءوا مفاوضتهم باللجاجة. اتهموا موسى بأنه يسخر منهم ويتخذهم هزوا، واستعاذ موسى بالله أن يكون من الجاهلين ويسخر منهم. أفهمهم أن حل القضية يكمن في ذبح بقرة.
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف في الحياة، أو المعتاد بين الناس. ليست هناك علاقة بين ذبح البقرة ومعرفة القاتل في الجريمة الغامضة التي وقعت، لكن متى كانت الأسباب المنطقية هي التي تحكم حياة بني إسرائيل؟ إن المعجزات الخارقة هي القانون السائد في حياتهم، وليس استمرارها في حادث البقرة أمرا يوحي بالعجب أو يثير الدهشة.
لكن بني إسرائيل هم بنو إسرائيل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوي في ذلك الأمور الدنيوية المعتادة، وشؤون العقيدة المهمة. لا بد أن يعاني من يتصدى لأمر من أمور بني إسرائيل. وهكذا يعاني موسى من إيذائهم له واتهامه بالسخرية منهم، ثم ينبئهم أنه جاد فيما يحدثهم به، ويعاود أمره أن يذبحوا بقرة، وتعود الطبيعة المراوغة لبني إسرائيل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فيتساءلون: أهي بقرة عادية كما عهدنا من هذا الجنس من الحيوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزية، فليدع موسى ربه ليبين ما هي. ويدعو موسى ربه فيزداد التشديد عليهم، وتحدد البقرة أكثر من ذي قبل، بأنها بقرة وسط. ليست بقرة مسنة، وليست بقرة فتية. بقرة متوسطة.
إلى هنا كان ينبغي أن ينتهي الأمر، غير أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بني إسرائيل لم تزل هي التي تحكم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا يدعو موسى ربه ليسأله عن لون هذا البقرة؟ لا يراعون مقتضيات الأدب والوقار اللازمين في حق الله تعالى وحق نبيه الكريم، وكيف أنهم ينبغي أن يخجلوا من تكليف موسى بهذا الاتصال المتكرر حول موضوع بسيط لا يستحق كل هذه اللجاجة والمراوغة. ويسأل موسى ربه ثم يحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فيقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرين.
وهكذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله عليهم كما شددوا على نبيه وآذوه. عادوا يسألون موسى أن يدعو الله ليبين ما هي، فإن البقر تشابه عليهم، وحدثهم موسى عن بقرة ليست معدة لحرث ولا لسقي، سلمت من العيوب، صفراء لا شية فيها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشديد. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخيرا وجدوها عند يتيم فاشتروها وذبحوها.
وأمسك موسى جزء من البقرة (وقيل لسانها) وضرب به القتيل فنهض من موته. سأله موسى عن قاتله فحدثهم عنه (وقيل أشار إلى القاتل فقط من غير أن يتحدث) ثم عاد إلى الموت. وشاهد بنو إسرائيل معجزة إحياء الموتى أمام أعينهم، استمعوا بآذانهم إلى اسم القاتل. انكشف غموض القضية التي حيرتهم زمنا طال بسبب لجاجتهم وتعنتهم.
نود أن نستلفت انتباه القارئ إلى سوء أدب القوم مع نبيهم وربهم، ولعل السياق القرآني يورد ذلك عن طريق تكرارهم لكلمة "ربك" التي يخاطبون بها موسى. وكان الأولى بهم أن يقولوا لموسى، تأدبا، لو كان لا بد أن يقولوا: (ادع لنا ربك) ادع لنا ربنا. أما أن يقولوا له: فكأنهم يقصرون ربوبية الله تعالى على موسى. ويخرجون أنفسهم من شرف العبودية لله. انظر إلى الآيات كيف توحي بهذا كله. ثم تأمل سخرية السياق منهم لمجرد إيراده لقولهم: (الآن جئت بالحق) بعد أن أرهقوا نبيهم ذهابا وجيئة بينهم وبين الله عز وجل، بعد أن أرهقوا نبيهم بسؤاله عن صفة البقرة ولونها وسنها وعلاماتها المميزة، بعد تعنتهم وتشديد الله عليهم، يقولون لنبيهم حين جاءهم بما يندر وجوده ويندر العثور عليه في البقر عادة.
ساعتها قالوا له: " الآن جئت بالحق". كأنه كان يلعب قبلها معهم، ولم يكن ما جاء هو الحق من أول كلمة لآخر كلمة. ثم انظر إلى ظلال السياق وما تشي به من ظلمهم: (فذبحوها وما كادوا يفعلون) ألا توحي لك ظلال الآيات بتعنتهم وتسويفهم ومماراتهم ولجاجتهم في الحق؟ هذه اللوحة الرائعة تشي بموقف بني إسرائيل على موائد المفاوضات. هي صورتهم على مائدة المفاوضات مع نبيهم الكريم موسى.
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: بقرة بني إسرائيل

ما شاء الله تفسير جميل لكن حبذا لو وثقت الموضوع بالمصادر
وجزاكم الله خيرًا اخي الكريم ونفع بعلمكم ونفع بكم
 

أبو معاذ الشمراني

مزمار فعّال
29 مارس 2010
91
1
0
الجنس
ذكر
رد: بقرة بني إسرائيل

وفقكم الباري إلى كل خير
لا تحضرني المصادر حاليا لكن الموضوع صحيح وخالي من الأخطاء بإذن الله والموضوع لفائدة
محبكم
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: بقرة بني إسرائيل

السلام عليكم ورحمة الله ..
حقيقة أعجبني للغاية المامك ببعض أسرار فنّ الكتابة وأنت في مقتبل العمر . تلك الاسرار التي لا تتسنى لكل أحد إلاّ لمن قرأ الأدب ومارس فيه بإعمال القلم واستهلاك اليراع . وليس هذا مدح عار عن المصداقيّة كما ربما يفهم ، والمشتغلون في الأدب وممارسة الكتابة يفهمون ما أقول ، وأنّ فيك استعداداً جيداً..
أمّا ما ذكرته الاستاذة نور مشرق رعاها الله من توثيق البحث بالمصادر ، فليس له علاقة أو مساس بما سرده جنابك من التفسير الجيّد ، الذي يكاد يكون صحيحاً كله..
المسألة كلّ المسألة أنّ كثيراً من الأخوان يلجأ إلى ركن التفسير هذا ؛ لأنّه متعطّش إلى ما قال السلف وأئمّة التفسير عبر المصادر الموثوقة شرعاً ؛ لاستيعاب كتاب الله أولا ، وللردّ على أهل الأهواء ثانياً ..
ونظير ذلك بحوث الجامعات ؛ فإنّ الدكتور المشرف لا يقبل البحث -أيّ بحث- حتى لو كان صحيحاً إذا كان مجرّداً عن المصادر ، والسبب في ذلك أنّ القارىء عادة لا يخضع لنتائج أي بحث من دون أن يرى مصادر له ، بل هو لا يرتضي إلاّ المصادر التي تلوي عنقه ..
أعتذر عن هذه المواجهة وأرجو أن تغفرها لأخيك ، وإنّما ذكرت ما ذكرت لأنّ مثلك فيما بان لي لا يعجزه الرجوع للمصادر قطعاً ..
أخوك في الله
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: بقرة بني إسرائيل

السلام عليكم ورحمة الله ..
حقيقة أعجبني للغاية المامك ببعض أسرار فنّ الكتابة وأنت في مقتبل العمر . تلك الاسرار التي لا تتسنى لكل أحد إلاّ لمن قرأ الأدب ومارس فيه بإعمال القلم واستهلاك اليراع . وليس هذا مدح عار عن المصداقيّة كما ربما يفهم ، والمشتغلون في الأدب وممارسة الكتابة يفهمون ما أقول ، وأنّ فيك استعداداً جيداً..
أمّا ما ذكرته الاستاذة نور مشرق رعاها الله من توثيق البحث بالمصادر ، فليس له علاقة بما سرده جنابك من التفسير الجيّد ، الذي يكاد يكون صحيحاً كله..
المسألة كلّ المسألة أنّ كثيراً من الأخوان يلجأ إلى هذا ركن التفسير هذا ؛ لأنّه متعطّش إلى ما قال السلف وأئمّة التفسير عبر المصادر الموثوقة شرعاً ؛ لاستيعاب كتاب الله أولا ، وللردّ على أهل الأهواء ثانياً ..
ونظير ذلك بحوث الجامعات ؛ فإنّ الدكتور المشرف لا يقبل البحث -أيّ بحث- حتى لو كان صحيحاً إذا كان مجرّداً عن المصادر ، والسبب في ذلك أنّ القارىء عادة لا يخضع لنتائج أي بحث من دون أن يرى مصادر له ، بل هو لا يرتضي إلاّ المصادر التي تلوي عنقه ..
أعتذر عن هذه المواجهة وأرجو أن تغفرها لأخيك ، وإنّما ذكرت ما ذكرت لأنّ مثلك فيما بان لي لا يعجزه الرجوع للمصادر قطعاً ..
أخوك في الله

بسم الله ما شاء الله
جزاكم الله خيرًا استاذنا ورشان على بلاغتكم وفصاحة لسانكم
شكر الله لك على ردك
ونقول للاخ جزاه الله خيرًا
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع