- 7 مارس 2006
- 5,489
- 17
- 0
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كتاب طوق الحمامة، هو كتاب لابن حزم الأندلسي وصف بأنه أدق ما كتب العرب في دراسة الحب ومظاهره وأسبابه. ترجم الكتاب إلى العديد من اللغات العالمية.
ويحتوي الكتاب على مجموعة من أخبار وأشعار وقصص المحبين، ويتناول الكتاب بالبحث والدَّرس عاطفة الحب الإنسانية على قاعدة تعتمد على شيء من التحليل النفسي من خلال الملاحظة والتجربة. فيعالج ابن حزم في أسلوب قصصي هذه العاطفة من منظور إنساني تحليلي. والكتاب يُعد عملاً فريدًا في بابه.
يشمل الكتاب نصائح وفوائد كبيرة يوزعها في أبواب.
مقتطفات من الكتاب :
فكيف بالنفس وعالمها العالم الصافي الخفيف وجوهرها الجوهر الصعاد المعتدل، وسنخها المهيأ لقبول الاتفاق والميل والتوق والانحراف والشهوة النفار. كل ذلك معلوم بالفطرة في أحوال تصرف الإنسان فيسكن إليها، والله عز وجل يقول: "هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ليسكن إليها"، فجعل علة السكون أنها منه. ولو كان علة الحب حسن الصورة الجسدية لوجب ألا يستحسن الأنقص من الصورة. ونحن نجد كثيرا ممن يؤثر الأدنى ويعلم فضل غيره ولا يجد محيداً لقلبه عنه. ولو كان للموافقة في الأخلاق لما أحب المرء من لا يساعده ولا يوافقه. فعلمنا أنه شيء في ذات النفس وربما كانت المحبة لسبب من الأسباب، وتلك تفنى بفناء سببها. فمن ودك لأمر ولى مع انقضائه. وفي ذلك أقول:
ودادي لك الباقي على حسب كونه
تناهى فلم ينقص بشيء ولم يزد
وليست له غير الإرادة علة
ولا سبب حاشاه يعلمه أحد
إذا ما وجدنا الشيء علة نفسه
فذاك وجود ليس يفنى على الأبد
وإما وجدناه لشيء خلافه
فإعدامه في عدمنا ما له وجد
ومما يؤكد هذا القول أننا علمنا أن المحبة ضروب. فأفضلها محبة المتحابين في الله عزوجل؛ إما لاجتهاد في العمل، وإما لاتفاق في أصل النحلة والمذهب، وإما لفضل علم يمنحه الإنسان ومحبة القرابة، ومحبة الألفة والاشتراك في المطالب، ومحبة التصاحب والمعرفة ومحبة البر يضعه المرء عند أخيه، ومحبة الطمع في جاه المحبوب، ومحبة المتحابين لسر يجتمعان عليه يلزمهما ستره، ومحبة بلوغ للذة وقضاء الوطر، ومحبة العشق التي لا علة لها إلا ما ذكرنا من اتصال النفوس، فكل هذه الأجناس منقضية مع انقضاء عللها وزائدة بزيادتها وناقصة بنقصانها، متأكدة بدنوها فاترة ببعدها. حاشى محبة العشق الصحيح الممكن من النفس فهي التي لا فناء لها إلا بالموت. وإنك لتجد الإنسان السالي برغمه. وذا السن المتناهية، إذا ذكرته تذكر وارتاح وصبا واعتاده الطرب واهتاج له الحنين.
المصدر : ويكيبيديا الموسوعة الحرة