- 26 أبريل 2008
- 3,836
- 27
- 48
- الجنس
- ذكر
جاء في تفسير الظلال ، الآية الثانية من سورة النمل
{ طسۤ تِلْكَ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ } * { هُدًى وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ }
يقول سيّد قطب - رحمه الله - :
و في تخصيص المؤمنين بالهدى و البشرى تكمن حقيقة ضخمة عميقة.. إن القرآن ليس كتاب علم نظري أو تطبيقي ينتفع به كل من يقرؤه ويستوعب ما فيه. إنما القرآن كتاب يخاطب القلب أول ما يخاطب ؛ و يسكب نوره و عطره في القلب المفتوح ، الذي يتلقاه بالإيمان واليقين . و كلما كان القلب ندياً بالإيمان زاد تذوقه لحلاوة القرآن ؛ و أدرك من معانيه و توجيهاته مالا يدركه منه القلب الصلد الجاف ؛ و اهتدى بنوره إلى ما لا يهتدي إليه الجاحد الصادف ، و انتفع بصحبته ما لا ينتفع القارئ المطموس !
و إن الإنسان ليقرأ الآية أو السورة مرات كثيرة ، و هو غافل أو عجول ، فلا تنض له بشيء ؛ و فجأة يشرق النور في قلبه، فتتفتح له عن عوالم ما كانت تخطر له ببال. و تصنع في حياته المعجزة في تحويلها من منهج إلى منهج ، و من طريق إلى طريق .
و كل النظم و الشرائع و الآداب التي يتضمنها هذا القرآن ، إنما تقوم قبل كل شيء على الإيمان. فالذي لا يؤمن قلبه بالله ، و لا يتلقى هذا القرآن على أنه وحي من عند الله و على أن ما جاء فيه إنما هو المنهج الذي يريده الله . الذي لا يؤمن هذا الإيمان لا يهتدي بالقرآن كما ينبغي و لا يستبشر بما فيه من بشارات .
إن في القرآن كنوزاً ضخمة من الهدى و المعرفة و الحركة و التوجيه. و الإيمان هو مفتاح هذه الكنوز . و لن تفتح كنوز القرآن إلا بمفتاح الإيمان. و الذين آمنوا حق الإيمان حققوا الخوارق بهذا القرآن . فأما حين أصبح القرآن كتاباً يترنم المترنمون بآياته ، فتصل إلى الآذان و لا تتعداها إلى القلوب فإنه لم يصنع شيئاً ، و لم ينتفع به أحد.. لقد ظل كنزاً بلا مفتاح !
..