إعلانات المنتدى


من قصائد الاستاذ فاروق جويدة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

احمد امام المصري

عضو كالشعلة
18 أغسطس 2010
396
9
0
الجنس
ذكر
:x18:


شهداؤنا



شهداؤنا بين المقابر يهمسون..

والله إنا قادمون..

في الأرض ترتفع الأيادي..

تنبُت الأصوات في صمت السكون..

والله إنا راجعون..

تتساقط الأحجار يرتفع الغبار..

تضيء كالشمس العيون..

والله إنا راجعون..

شهداؤنا خرجوا من الأكفان..

وانتفضوا صفوفًا، ثم راحوا يصرخون..

عارٌ عليكم أيها المستسلمون..

وطنٌ يُباع وأمةٌ تنساق قطعانا..

وأنتم نائمون..

شهداؤنا فوق المنابر يخطبون..

قاموا إلى لبنان صلوا في كنائسها..

وزاروا المسجد الأقصى..

وطافوا في رحاب القدس..

واقتحموا السجون..

في كل شبر..

من ثرى الوطن المكبل ينبتون..

من كل ركن في ربوع الأمة الثكلى..

أراهم يخرجونْ..

شهداؤنا وسط المجازر يهتفونْ..

الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..

الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..

الله أكبر منك يا زمن الجنونْ..

****

شهداؤنا يتقدمونْ..

أصواتهم تعلو على أسوار بيروت الحزينة..

في الشوارع في المفارق يهدرونْ..

إني أراهم في الظلام يُحاربونْ..

رغم انكسار الضوء..

في الوطن المكبل بالمهانة..

والدمامة.. والمجون..

والله إنا عائدون..

أكفاننا ستضيء يومًا في رحاب القدسِ..

سوف تعود تقتحم المعاقل والحصونْ..

****

شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ..

يا أيها المتنطعونْ..

كيف ارتضيتم أن ينام الذئب..

في وسط القطيع وتأمنونْ؟

وطن بعرْض الكون يُعرض في المزاد..

وطعمة الجرذان..

في الوطن الجريح يتاجرون..

أحياؤنا الموتى على الشاشات..

في صخب النهاية يسكرون..

من أجهض الوطن العريق..

وكبل الأحلام في كل العيون..

يا أيها المتشرذمون..

سنخلص الموتى من الأحياء..

من سفه الزمان العابث المجنون..

والله إنا قادمون..

"ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا

بل أحياء عند ربهم يرزقون"

****

شهداؤنا في كل شبر..

في البلاد يزمجرونْ..

جاءوا صفوفًا يسألونْ..

يا أيها الأحياء ماذا تفعلونْ..

في كل يوم كالقطيع على المذابح تصلبونْ..

تتنازلون على جناح الليل..

كالفئران سرًّا للذئاب تهرولونْ..

وأمام أمريكا..

تُقام صلاتكم فتسبحونْ..

وتطوف أعينكم على الدولارِ..

فوق ربوعه الخضراء يبكي الساجدونْ..

صور على الشاشاتِ..

جرذان تصافح بعضها..

والناس من ألم الفجيعة يضحكونْ..

في صورتين تُباع أوطان، وتسقط أمةٌ..

ورؤوسكم تحت النعالِ.. وتركعونْ..

في صورتين..

تُسلَّم القدس العريقة للذئاب..

ويسكر المتآمرون..

****

شهداؤنا في كل شبر يصرخونْ..

بيروت تسبح في الدماء وفوقها

الطاغوت يهدر في جنونْ..

بيروت تسألكم أليس لعرضها

حق عليكم؟ أين فر الرافضونْ؟

وأين غاب البائعونْ؟

وأين راح.. الهاربونْ؟

الصامتون.. الغافلون.. الكاذبونْ..

صمتوا جميعًا..

والرصاص الآن يخترق العيونْ..

وإذا سألت سمعتَهم يتصايحونْ..

هذا الزمان زمانهم..

في كل شيء في الورى يتحكمونْ..

****

لا تسرعوا في موكب البيع الرخيص فإنكم

في كل شيء خاسرونْ..

لن يترك الطوفان شيئًا كلكمْ

في اليم يومًا غارقون..

تجرون خلف الموتِ

والنخَّاس يجري خلفكم..

وغدًا بأسواق النخاسة تُعرضونْ..

لن يرحم التاريخ يومًا..

من يفرِّط أو يخونْ..

كهاننا يترنحونْ..

فوق الكراسي هائمونْ..

في نشوة السلطان والطغيانِ..

راحوا يسكرونْ..

وشعوبنا ارتاحت ونامتْ..

في غيابات السجونْ..

نام الجميع وكلهم يتثاءبونْ..

فمتى يفيق النائمونْ؟

متى يفيق النائمون؟.

***

المدينة تحترق)




الدار يا أماه طفل يحترق

هذي ذئاب النار بالأحزان تسرع

خلف حلم يختنق

شرفات منزلنا الصغير

على نحيبك لم تزل

تنشق حزنا.. وألم

والدار يعصرها اللهيب

وصارت الأنفاس فيها كالعدم...

* * *

النار تسري في مدينتنا وليس لنا مجير

أكلت حدائقنا مزارعنا

وعصفوري الصغير

أكلت جوانحنا مدامعنا..

وأحرقت الغدير

النار يا أماه أحرقت الغدير!!

* * *

النار يا أمي تحوم على مشارف بيتنا

وأنا أموت على مكاني كل شيء..

صار نارا حولنا

أترى سنتركها

لتأكل بسمة الأيام والأمل الوليد؟!

النار تنهش في الدماء وفي النساء وفي الحديد

النار تسكر في الزحام

على بقايا.. من شهيد

* * *

النار يا أمي على الباب الكبير

والناس تصرخ والكبير يدوس على أشلاء الصغير

والمسجد الخالي يذوب مع المآذن يحترق

وعليه صورة طفلة

ركعت على أنفاسها

من ذا يصدق أنها..

ذهبت هناك لتختنق؟

صلواتها تبكي يتوه نحيبها بين الحريق

والمنبر المسكين في وسط الحريق

كأنه طفل.. غريق

* * *

الناس تلقي نفسها بين اللهب

وصراخ أطفال وحزن أرامل

والكل يسأل.. ما السبب؟؟

النار منا تقترب

النار يا أمي تدمر دارنا..

هذي دماء الدار تسقط

من ثنايا.. ثغرها

أكلت عيون الدار

ألقت في اللهيب بسحرها

ذبحت شجيرتنا التي

عشت الحياة بعطرها

* * *

الدار يا أماه طفل يحترق..

صدري من الدخان

يصرخ.. كاد صدري يختنق

أماه..

النار مني تقترب

أماه إني أختنق

أماه...

أماه..

* * *


ماذا أصابك يا وطن



أنـا من سنين لـم أره

لـكن شيئا ظـل في قـلـبي زمانا يذكـره‏..‏

***

عمي فرج‏..‏

رجل بسيط الحال

لم يعرف من الأيام شـيئاً

غير صمت المتـعبـين

كنـا إذا اشـتدت ريـاح الشك

بين يديه نـلتمس اليقين‏..‏

كـنا إذا غـابت خـيوط الشـمس عن عينـيه

شـيء في جوانحنـا يضل‏..‏ ويستكين

كنـا إذا حامت علي الأيام أسراب

من اليأس الجسور نـراه كـنز الحالمين‏..‏

كـم كـان يمسك ذقـنه البيضاء في ألم

وينظـر في حقول القـمح

والفئـران تـسكـر من دماء الكـادحين

***

عمي فـرج‏..‏

يوما تقلـب فـوق ظـهر الحزن

أخـرج صفحة صفراء إعلانا بـطـول الأرض

يطلب في بـلاد النـفـط بعض العاملين

همس الحزين وقـال في ألم‏:‏

أسافر‏..‏ كـيف يا الله

أحتمل البعاد عن البنية‏..‏ والبنين ؟‏!..‏

لم لا أحج‏..‏ فـهل أموت ولا أري

خير البرية أجمعين‏..‏

لم لا أسافر‏..‏ كلـها أوطـانـنـا‏..‏

ولأنـنـا في الهم شـرق‏..‏ بيننا نسب ودين‏.‏

لـكنه وطـني الـذي أدمي فـؤادي من سنين

ما عاد يذكرني‏..‏ نـساني‏..‏

كـل شيء فيك يامصر الحبـيبة

سوف يـنسي بعد حين‏..‏

أنا لـست أول عاشق نـسيته هذي الأرض

كم نـسيت ألوف العاشقين‏..

***‏

عمي فرج‏..‏

قـد حان ميعاد الرجوع إلي الوطـن

الكـل يصرخ فـوق أضواء السفينة

كـلـما اقـتـربت خيوط الضوءعاودنا الشـجن

أهواك يا وطني‏..‏

فلا الأحزان أنـستني هواك ولا الزمن

عمي فرج‏..‏

وضع القميص علي يديه

وصاح‏:‏ يا أحباب لا تتعجبوا

إني أشم عبير ماء النـيل فوق الباخره

هيا احملـوا عيني علي كفي

أكاد الآن ألمح كل مئذنة

تطـوف علي رحاب القاهره‏..



هيا احملوني

كـي أري وجه الوطـن‏..‏

دوت وراء الأفق فرقـعة

أطاحت بالقـلوب المستـكينه

والماء يفتـح ألف باب

والظـلام يدق أرجاء السفينه

غاصت جموع العائدين تناثـرت

في الليل صيحات حزينه

***

عمي فرج‏..‏

قـد قام يصرخ تـحت أشـلاء السـفينه

رجل عجوز

في خريف العمر من منكم يعينه

رجل عجوز ....آه يا وطني

أمد يدي نحوك ثم يقطعها الظـلام

وأظل أصرخ فيك‏:‏ أنقذنا‏..‏ حرام

وتسابق الموت الجبان‏..‏

واسودت الدنيا وقـام الموت

يروي قصة البسطاء

في زمن التـخاذل والتنـطـع والهوان‏..‏

وسحابة الموت الكـئيب

تـلف أرجاء المكـان

***

عمي فرج‏..‏

بين الضحايا كان يغمض عينـه

والموج يحفر قبره بين الشـعاب‏.‏

وعلي يديه تـطل مسبحة ويهمس في عتاب

الآن يا وطـني أعود إليك

تـوصد في عيوني كل باب

لم ضقـت يا وطني بـنـا

قد كـان حلـمي أن يزول الهم عني‏..‏ عند بابـك

قد كان حلمي أن أري قبري علي أعتابـك

الملح كفـنني وكان الموج أرحم من عذابـك

ورجعت كـي أرتاح يوما في رحابك

وبخلت يا وطني بقبر يحتويني في ترابك

فبخلت يوما بالسكن

والآن تبخـل بالكفـن

ماذا أصابك يا وطن
ماذا أصابك يا وطن

***


فى وداع بوش

ارحل وعارك في يديك

***

كل الذي أخفيته يبدو عليك

فاخلع ثيابك وارتحل

اعتدت أن تمضي أمام الناس

دوما عاريا

فارحل وعارك في يديك

لا تنتظر طفلا يتيما بابتسامته البريئة

أن يقبل وجنتيك

لا تنتظر عصفورة بيضاء

تغفو في ثيابك

ربما سكنت إليك

لا تنتظر أما تطاردها دموع الراحلين

لعلها تبكي عليك

لا تنتظر صفحا جميلا

فالدماء السود مازالت تلوث راحتيك

وعلي يديك دماء شعب آمن

مهما توارت لن يفارق مقلتيك

كل الصغار الضائعين

علي بحار الدم في بغداد صاروا‏..‏

وشم عار في جبينك

كلما أخفيته يبدو عليك

كل الشواهد فوق غزة والجليل

الآن تحمل سخطها الدامي

وتلعن والديك

ماذا تبقي من حشود الموت

في بغداد‏..‏ قل لي

لم يعد شيء لديك

هذي نهايتك الحزينة

بين أطلال الخرائب

والدمار يلف غزة

والليالي السود‏..‏ شاهدة عليك

فارحل وعارك في يديك

الآن ترحل غير مأسوف عليك‏..‏

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

انظر إلي صمت المساجد والمنابر تشتكي

ويصيح في أرجائها شبح الدمار

انظر إلي بغداد تنعي أهلها

ويطوف فيها الموت من دار لدار

الآن ترحل عن ثري بغداد

خلف جنودك القتلي

وعارك أي عار

مهما اعتذرت أمام شعبك

لن يفيدك الاعتذار

ولمن يكون الاعتذار ؟

للأرض‏..‏ للطرقات‏..‏ للأحياء‏..‏ للموتي‏..‏

وللمدن العتيقة‏..‏ للصغار ؟‏!‏

لمواكب التاريخ‏..‏ للأرض الحزينة

للشواطيء‏..‏ للقفار ؟‏!‏

لعيون طفل مات في عينيه ضوء الصبح

واختنق النهار ؟‏!‏

لدموع أم

لم تزل تبكي وحيدا

صار طيفا ساكنا فوق الجدار ؟‏!‏

لمواكب غابت

وأضناها مع الأيام طول الانتظار ؟‏!‏

لمن يكون الاعتذار ؟

لأماكن تبكي علي أطلالها

ومدائن صارت بقايا من غبار ؟‏!‏

لله حين تنام

في قبر وحيدا‏..‏ والجحيم تلال نار ؟‏!!‏

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

لاشيء يبكي في رحيلك‏..‏

رغم أن الناس تبكي عادة عند الرحيل

لاشيء يبدو في وداعك

لا غناء‏..‏ ولادموع‏..‏ ولاصهيل

مالي أري الأشجار صامتة

وأضواء الشوارع أغلقت أحداقها

واستسلمت لليل‏..‏ والصمت الطويل

مالي أري الأنفاس خافتة

ووجه الصبح مكتئبا

وأحلاما بلون الموت

تركض خلف وهم مستحيل

اسمع جنودك

في ثري بغداد ينتحبون في هلع

فهذا قاتل‏..‏ ينعي القتيل‏..‏

جثث الجنود علي المفارق

بين مأجور يعربد

أو مصاب يدفن العلم الذليل

ماذا تركت الآن في بغداد من ذكري

علي وجه الجداول‏..‏

غير دمع كلما اختنقت يسيل

صمت الشواطئ‏..‏ وحشة المدن الحزينة‏..‏

بؤس أطفال صغار

أمهات في الثري الدامي

صراخ‏..‏ أو عويل‏..‏

طفل يفتش في ظلام الليل

عن بيت تواري

يسأل الأطلال في فزع

ولا يجد الدليل

سرب النخيل علي ضفاف النهر يصرخ

هل تري شاهدت يوما‏..‏

غضبة الشطآن من قهر النخيل ؟‏!‏

الآن ترحل عن ثري بغداد

تحمل عارك المسكون

بالنصر المزيف

حلمك الواهي الهزيل‏..‏

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

هذي سفينتك الكئيبة

في سواد الليل ترحل

لا أمان‏..‏ ولا شراع

تمضي وحيدا في خريف العمر‏..‏

لا عرش لديك‏..‏ ولا متاع

لا أهل‏..‏ لا أحباب‏..‏ لا أصحاب

لا سندا‏..‏ ولا أتباع

كل العصابة فارقتك إلي الجحيم

وأنت تنتظر النهاية‏..‏

بعد أن سقط القناع

الكون في عينيك كان مواكبا للشر‏..‏

والدنيا قطيع من رعاع

الأفق يهرب والسفينة تختفي

بين العواصف‏..‏ والقلاع

هذا ضمير الكون يصرخ

والشموع السود تلهث

خلف قافلة الوداع

والدهر يروي قصة السلطان

يكذب‏..‏ ثم يكذب‏..‏ ثم يكذب

ثم يحترف التنطع‏..‏ والبلادة والخداع

هذا مصير الحاكم الكذاب

موت‏..‏ أو سقوط‏..‏ أو ضياع

‏***‏

ما عاد يجدي‏..‏

أن تعيد عقارب الساعات‏..‏ يوما للوراء

أو تطلب الصفح الجميل‏..‏

وأنت تخفي من حياتك صفحة سوداء

هذا كتابك في يديك فكيف تحلم أن تري‏..‏

عند النهاية صفحة بيضاء

الأمس مات‏..‏

ولن تعيدك للهداية توبة عرجاء

وإذا اغتسلت من الذنوب

فكيف تنجو من دماء الأبرياء

وإذا برئت من الدماء‏..‏ فلن تبرئك السماء

لو سال دمعك ألف عام لن يطهرك البكاء

كل الذي في الأرض

يلعن وجهك المرسوم

من فزع الصغار وصرخة الشهداء

أخطأت حين ظننت يوما

أن في التاريخ أمجادا لبعض الأغبياء‏..‏

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

وجه كئيب

وجهك المنقوش فوق شواهد الموتي

وسكان القبور

أشلاء غزة والدمار سفينة سوداء

تقتحم المفارق والجسور

انظر إلي الأطفال يرتعدون

في صخب الليالي السود‏..‏

والحقد الدفين علي الوجوه

زئير بركان يثور

وجه قبيح وجهك المرصود

من عبث الضلال‏..‏ وأوصياء الزور

لم يبق في بغداد شيء‏..‏

فالرصاص يطل من جثث الشوارع

والردي شبح يدور

حزن المساجد والمنابر تشتكي

صلواتها الخرساء‏..‏

من زمن الضلالة والفجور

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

ما عاد يجدي أن يفيق ضميرك المهزوم

أن تبدي أمام الناس شيئا من ندم

فيداك غارقتان في أنهار دم

شبح الشظايا والمدي قتلي

ووجه الكون أطلال‏..‏ وطفل جائع

من ألف عام لم ينم

جثث النخيل علي الضفاف

وقد تبدل حالها

واستسلمت للموت حزنا‏..‏ والعدم

شطآن غزه كيف شردها الخراب

ومات في أحشائها أحلي نغم

وطن عريق كان أرضا للبطولة‏..‏

صار مأوي للرمم‏!‏

الآن يروي الهاربون من الجحيم

حكاية الذئب الذي أكل الغنم

‏:‏ كان القطيع ينام سكرانا

من النفط المعتق

والعطايا‏..‏ والهدايا‏..‏ والنعم

منذ الأزل

كانوا يسمون العرب

عبدوا العجول‏..‏ وتوجوا الأصنام‏..‏

واسترخت قوافلهم‏..‏ وناموا كالقطيع

وكل قافلة يزينها صنم

يقضون نصف الليل في وكرالبغايا‏..‏

يشربون الوهم في سفح الهرم

الذئب طاف علي الشواطيء

أسكرته روائح الزمن اللقيط

لأمة عرجاء قالوا إنها كانت ـ ورب الناس ـ من خير الأمم‏..‏

يحكون كيف تفرعن الذئب القبيح

فغاص في دم الفرات‏..‏

وهام في نفط الخليج‏..‏

وعاث فيهم وانتقم

سجن الصغار مع الكبار‏..‏

وطارد الأحياء والموتي

وأفتي الناس زورا في الحرم

قد أفسد الذئب اللئيم

طبائع الأيام فينا‏..‏ والذمم

الأمة الخرساء تركع دائما

للغاصبين‏..‏ لكل أفاق حكم

لم يبق شيء للقطيع

سوي الضلالة‏..‏ والكآبة‏..‏ والسأم

أطفال غزه يرسمون علي

ثراها ألف وجه للرحيل‏..‏

وألف وجه للالم

الموت حاصرهم فناموا في القبور

وعانقوا أشلاءهم

لكن صوت الحق فيهم لم ينم

يحكون عن ذئب حقير

أطلق الفئران ليلا في المدينة

ثم اسكره الدمار

مضي سعيدا‏..‏ وابتسم‏..‏

في صمتها تنعي المدينة

أمة غرقت مع الطوفان

واسترخت سنينـا في العدم

يحكون عن زمن النطاعة

عن خيول خانها الفرسان

عن وطن تآكل وانهزم

والراكعون علي الكراسي

يضحكون مع النهاية‏..‏

لا ضمير‏..‏ ولا حياء‏..‏ ولا ندم

الذئب يجلس خلف قلعته المهيبة

يجمع الحراس فيها‏..‏ والخدم

ويطل من عينيه ضوء شاحب

ويري الفضاء مشانقا

سوداء تصفع كل جلاد ظلم

والأمة الخرساء

تروي قصة الذئب الذي خدع القطيع‏..‏

ومارس الفحشاء‏..‏ واغتصب الغنم

‏***‏

ارحل وعارك في يديك

مازلت تنتظر الجنود العائدين‏..‏

بلا وجوه‏..‏ أو ملامح

صاروا علي وجه الزمان

خريطة صماء تروي‏..‏

ما ارتكبت من المآسي‏..‏ والمذابح

قد كنت تحلم أن تصافحهم

ولكن الشواهد والمقابر لا تصافح

إن كنت ترجو العفو منهم

كيف للأشلاء يوما أن تسامح

بين القبور تطل أسماء‏..‏

وتسري صرخة خرساء

نامت في الجوانح

فرق كبير‏..‏

بين سلطان يتوجه الجلال

وبين سفاح تطارده الفضائح

‏***‏

الآن ترحل غير مأسوف عليك

في موكب التاريخ سوف يطل وجهك

بين تجار الدمار وعصبة الطغيان

ارحل وسافر‏..‏

في كهوف الصمت والنسيان

فالأرض تنزع من ثراها

كل سلطان تجبر‏..‏ كل وغد خان

الآن تسكر‏..‏ والنبيذ الأسود الملعون

من دمع الضحايا‏..‏ من دم الأكفان

سيطل وجهك دائما

في ساحة الموت الجبان

وتري النهاية رحلة سوداء

سطرها جنون الحقد‏..‏ والعدوان

في كل عصر سوف تبدو قصة

مجهولة العنوان

في كل عهد سوف تبدو صورة

للزيف‏..‏ والتضليل‏..‏ والبهتان

في كل عصر سوف يبدو

وجهك الموصوم بالكذب الرخيص

فكيف ترجو العفو والغفران

قل لي بربك‏..‏

كيف تنجو الآن من هذا الهوان ؟‏!‏

ما أسوأ الإنسان حين يبيع سر الله للشيطان

‏***‏

في قصرك الريفي‏..‏

سوف يزورك القتلي بلا استئذان

وتري الجنود الراحلين

شريط أحزان علي الجدران

يتدفقون من النوافذ‏..‏ من حقول الموت

أفواجا علي الميدان

يتسللون من الحدائق‏..‏ والفنادق

من جحور الأرض كالطوفان

وتري بقاياهم بكل مكان

ستدور وحدك في جنون

تسأل الناس الأمان

أين المفر وكل ما في الأرض حولك

يعلن العصيان ؟‏!‏

الناس‏..‏ والطرقات‏..‏ والشهداء والقتلي

عويل البحر والشطآن

والآن لا جيش‏..‏ ولا بطش‏..‏ ولا سلطان

وتعود تسأل عن رجالك‏:‏ أين راحوا ؟

كيف فر الأهل‏..‏ والأصحاب‏..‏ والجيران ؟

يرتد صوت الموت يجتاح المدينة

لم يعد أحد من الأعوان

هربوا جميعا‏..‏

بعد أن سرقوا المزاد‏..‏ وكان ما قد كان

ستطل خلف الأفق قافلة من الأحزان

حشد الجنود العائدين علي جناح الموت

أسماء بلا عنوان

صور الضحايا والدماء السود‏..‏

تنزف من مآقيهم بكل مكان

أطلال بغداد الحزينة

صرخة امرأة تقاوم خسة السجان

صوت الشهيد علي روابي القدس‏..‏

يقرأ سورة الرحمن

وعلي امتداد الأفق مئذنة بلون الفجر

في شوق تعانق مريم العذراء

يرتفع الأذان

الوافدون أمام بيتك يرفعون رؤوسهم

وتطل أيديهم من الأكفان

مازلت تسأل عن ديانتهم

وأين الشيخ‏..‏ والقديس‏..‏ والرهبان ؟

هذي أياديهم تصافح بعضها

وتعود ترفع راية العصيان

يتظاهر العربي‏..‏ والغربي

والقبطي والبوذي

ضد مجازر الشيطان

حين استوي في الأرض خلق الله

كان العدل صوت الله في الأديان

فتوحدت في كل شيء صورة الإيمان

وأضاءت الدنيا بنور الحق

في التوراة‏..‏ والإنجيل‏..‏ والقرآن

الله جل جلاله‏..‏ في كل شيء

كرم الإنسان

لا فرق في لون‏..‏ ولا دين

ولا لغة‏..‏ ولا أوطان

‏’‏خلق الإنسان علمه البيان‏’‏

الشمس والقمر البديع

علي سماء الحب يلتقيان

العدل والحق المثابر

والضمير‏..‏ هدي لكل زمان

كل الذي في الكون يقرأ

سورة الإنسان‏..‏

يرسم صورة الإنسان‏..‏

فالله وحدنا‏..‏ وفرق بيننا الطغيان

‏***‏

فاخلع ثيابك وارتحل

وارحل وعارك في يديك

فالأرض كل الأرض ساخطة عليك




 

ابنةُ اليمِّ

مدير عام قديرة سابقة و عضو شرف
عضو شرف
26 مايو 2009
25,394
1,156
0
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: من قصائد الاستاذ فاروق جويدة


مجموعة قصائد رائعة
لشاعرنا فاروق جويدة
انتقاء رائع اخى أحمد
جزاك ربى خير الجزاء
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع