- 22 مارس 2007
- 37
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
[align=center](بسم الل)[/align]
[align=justify]:
: [/align]
[align=justify]نحو نقد إسلامي تطبيقي :[/align]
[align=center]هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر
وقفة عند العتبة الأولى لديوان الدكتور عبد الغني التميمي
قراءة في أبجديات " رسالة من المسجد الأقصى " [/align]
[align=left]الأستاذ عبد الرزاق المساوي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية[/align]
[align=justify]ارتباطات العـنوان:[/align]
[align=justify] إن الرسالة التي يبعث بها هذا المكان المقدس جاءت في المتن الشعري على أشكال مختلفة، يمكن صياغتها على النحو التالي:
(1) وردت الرسالة عبارة عن مجموعة من الأسئلة المتفرقة على طول وعرض خريطة البناء الشعري الذي أقامه التميمي(13).. فجاءت هذه الأسئلة صريحة من خلال استعمال بعض مشتقات الفعل "سأل" أو الإتيان بأدوات الاستفهام المعروفة كما في قوله:
واسأل الأمة أو سل بعضها
كيف للموت على الجمر أساقْ ؟
كيف أصبحت مكانا أثريا
بصنوف الفسق ضاقْ ؟
كيف قد بدل طهري
مسرحا للعري يغري
بين ضم واعتناق والتصاقْ ؟
يا بني الإسلام ما حل بكم ؟
هل نسيتم أنني بوابة السبع الطباقْ ؟
من هنا قد واصل الرحلة في الكون البراقْ (من قصيدة رسالة من المسجد الأقصى)
*******
وسل الوقائع و الصنائع هل رأتْ
أحدا يسوس كما يسوس المسلمُ
إنا قوم لا نغش رعية
عند السيادة أو نخون ونظلمُ
وإذا حكمنا فالعدالة منهج
لا ظالم ولا متظلمُ
أطفالنا ولدوا على سرر الردى
أرأيت طفلا بالردى يتنعمُ ؟ ( قصيدة: من نحن؟)
*******
أرضيت القسمة يا وطني
للغاصب والمحتل القتلْ
ولك الدعوات إلى السلمْ
أتظل مريضا يا وطني
تتعاطى التضليل الرسمي
أو تبقى مفتاح قمار
لكنْ وطنا في الاسمْ ( قصيدة: برنامج وطني)
ألم تهززك صورة طفلة
ملأت
مواضع جسمها الحفرُ ؟
ولا أبكاك ذاك الطفل في
هلع
بظهر أبيه يستترُ ؟
فما رحموا استغاثته
ولا اكترثوا ولا شعروا
فخر لوجهه ميتا
وخر أبوه يحتضرُ
متى يستل هذا الجبن من
جبينك والخورُ ؟
متى التوحيد في جنبيك
ينتصرُ ؟
متى بركانك الغضبي
للإسلام ينفجرُ
فلا يبقي ولا يذرُ ؟
متى ترقى... وتعتبرُ ؟
أتبقى –دائما- من أجل
لقمة عيشك
المغموسِ بالإذلال تعتذرُ ؟ (قصيدة رسالة من حراس الأقصى)
*******
وأسئلة أخرى جاءت غير صريحة أو جاءت بشكل غير مباشرة نظرا لغياب تلك الأدوات الاستفهامية، والتي استبدلت بالاعتماد على السياق فحسب لتمرير تلك الأسئلة، والأمثلة على هذا كثيرة لا داعي للإطالة بذكرها..
(2) كما جاءت الرسالة أيضا على شكل نداء هو الآخر بدا ظاهرا بأدواته المعروفة (أ – أيا – يا - أيها...) ومقوماته المشهورة تارة، وخفيا معتمدا على السياق المفعم بأسلوب النداء دون ذكر لأدواته، ومرتكزا على الفعل الأمر الذي يكتسي صبغة أسلوب النداء تارة أخرى..
يا أخي في الله، هذا المسجد الأقصى جريحْ
في سكون الليل –لو تسمع- كالطفل يصيحْ
جرحه الغائر لا تشبهه كل الجروحْ
إنه جرح أليم داخل القلب يقيحْ
إنه جرح بقايا أمة
كان فيها عزة وروحْ (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
يا رجال البورصة السوداء في سوق السلامْ
سوقكم ذل على ذل تقامْ
تطرحون القدس للقسمة، هلْ
سخف الأمر إلى هذا المقامْ (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
أعيرونا مدافعكم ليوم
لا مدامعكم
أعيرونا وظلوا في
مواقعكم
بني الإسلام
بني الإسلام ما زالت
مواجعَنا
مواجعُكم
مصارعَنا مصارعُكم
إذا ما أغرق الطوفان
شارعنا
سيغرق منه شارعُكم (رسالة من حراس الأقصى)
*******
أيا دعاة ذلنا
كفى بنا متاجرهْ
أي سلام قذر
تروجون قذرهْ
أي اتفاق آثم
ندعى لكي نسطرهْ
نرفضه إن لم تكن
جماجم العدا محابرهْ ( قصيدة: مجزرة)
*******
(3) جاءت الرسالة كذلك في النص الشعري على شكل حديث تارة وبلاغ ثانية وقول ثالثة موجه للأمة كي ترى واقعها الحالي بنظرة فاحصة وما آلت إليه أوضاعها برؤية تمحيصية وناقدة، وتبحث لها عن مخرج من هذه الأزمات انطلاقا مما يمليه عليها إسلامها الحنيف أولا ما دام هو الذي تدين به على العموم.. وما تفرضه عليها واجبات المواطنة وحقوق الوطن والانتماء القومي:
حدث الأمة عني
بلغ الأمة أني
عيل صبري بين أسر واحتراقْ
هتك العهر اليهودي خشوعي
من رواق لرواقْ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
ثم قال المسجد الأقصى بحزم واقتضابْ:
من – ترى- المسؤول فيكم
ومتى يرسل الرد على هذا الخطابْ ؟
قلت والآلام تشوي أضلعي
وخيالي شارد ليس معي
أعبر الماضي مطعونا بذل الواقع
ثم ألوي سابحا في أدمعي... (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
بلغ الأمة –يا عبد- سلامي
من معاني سورة الإسراء قدسي الهيام
أثري الوجد سني العناق
لا سلاما خائن النشأة عبري المذاق ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
(4) جاءت كذلك الرسالة الركن الأول من العتبة الأولى على أنها صيحة أو صوتة أو صرخة واصفة ما صار عليه المسجد الأقصى في غياب الآذان الصاغية والقلوب الواعية والأجساد المتحركة.. جاءت ترسل صرختها حينا بمعنى سلبي حين تكون شعارا أجوف لا يغير من الواقع شيئا وهذه هي صرخة تلك الآذان اللاهية التي لا ترعى للقدس أي اهتمام في حقيقة الأمر وإنما تتباهى بكونها مهتمة به وبقضيته.. فصرخات هؤلاء لا تعبر إلا عن نفسها ولا تتراوح الدوي والنداء الذي لا طائل تحته ولا أهداف منه.. وحينا آخر تحمل الصرخات محاطة بأسلوب اعتذار الذي يفوح سخرية من تلك الآذان المشمئزة.. وحينا ثالثا تأتي الصرخة عبارة عن أنين ولكنه أنين يحمل صوت الحق.. أو تأتي استحثاثا للهمم، وحينا رابعا تكون الصيحة صيحة تحد وصرخة إيمان تملأ الزمان والمكان وإن لم تكن هناك آذان:
نحن لا نملك من نخوتنا
غير صرخات تدوي ونداء
*******
جفَّ هذا الريقُ في أفواهِنا
بُحَّتِ الأصواتُ منّا فارحمونا
وارحموا هذي الحناجِرْ
اُعذُرونا إنْ صَرَخْنا
إنّ في أعماقِنا الموتَ الزُّؤامْ
لا أظُنُّ الصارخَ المذبوحَ – إنْ صاحَ – يُلامْ
اُعذرونا إنْ فَتحْنا مرّةً أفواهَنَا
أَنْتَنَتْ ألفاظُنا في الحَلْقِ من شَدِّ الِّلثامْ
كِلْمَةُ المعروفِ شاخَتْ
وهْيَ تحيا في الظّلامْ
أهْوَ عَيبٌ أنْ نقولَ الحقَّ جَهْراً ؟
أَهْوَ خَرْقٌ للنّظامْ ؟
قبّحَ اللهُ لساناً يألَفُ الصّمْتَ الحرامْ ! ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
يا أخي في الله، هذا المسجد الأقصى جريحْ
في سكون الليل –لو تسمع- كالطفل يصيحْ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
إنني أصرخ والهيكل يبنى فوق رأسي
أيرجى النصر من أمثالكم
أم ترى أنعي لكم نفسي بنفسي
*******
أخي في اللهِ، قد فتكَتْ بنا عِلَلٌ
وهذي صرخةُ التكبيرِ تَشفي هذه العِلَلا
فأَصْغِ لها تجَلْجِلُ في نواحي الأرضِ ما تركَتْ
لها سهلاً ولا جَبَلا
تجوزُ حدودَنا خَرْقاً
وتعبُرُ عَنْوَةً دُوَلا (رسالة من حراس الأقصى)
*******
(5) كما جاءت الرسالة أيضا في شكل كتابة شاكية الوضع البئيس وما يقوم به العدو من انتهاكات وإن لم تكن جديدة فهي تعود إلى غابر العصور قد تكون حتى من قبل موسى عليه السلام، ومتألمة من المعاناة والقيود المفروضة والاضطهاد الممارس بكل وحشية، ومتحسرة على المواقف المترهلة والاحتجاجات الفارغة والأصوات الجوفاء والصيحات النخبة والتنديدات التي لا معنى لها من القريب ومن البعيد:
كتب الأقصى حزينا يشتكي وضعا بئيسا:
ضجّروا –من قبل- موسى....
كتب الأقصى وفي المحراب نارُ
ويلوك المنبرَ الرمزَ لهيب واستعارُ:
أو هذا كل ما في وسعكمْ ؟....
كتب الأقصى وفي رجليه قيدُ
وعلى أبوابه –من بقايا عُبّد الطاغوت- جندُ:
طال شوقي لصليل السيف يشدو
وصهيل الخيل وسط النقع تعدو
هل صلاح الدين –يوما-في رجال القوم يبدو ؟ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
(6) وأخيرا تتمثل هذه الرسالة في شكل خطاب أرسله (المسجد الأقصى) إلى الشاعر كي يبلغ الأمة.. أرسل ذلك الخطاب ملؤه اللوم والعتاب، ويحفه الاشتياق إلى رجال بنوا مجد الأمة في سالف الدهر، ويحيطه التلهف على الغد المشرق والمستقبل المضيء.. وملؤه أيضا السؤال الممزوج بالمرارة والمفعم بالاستنكار والمسيج بالصبر على طول الانتظار.. ومع كل هذا تأتي الرسالة خطابا تستولي عليه روح التفاؤل والنصرة، ويعرج به من الغربة إلى العودة..
أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ
قالَ لي وَهْوَ يعاني
مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ:
حَدِّثِ الأمّةَ عنّي
بَلِّغِ الأمّةَ أنّي
عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ
هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي
مِنْ رُواقٍ لرُواقْ
أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا
وصفيراً ودَنَايا وسُفورا
دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا
فأنا – اليومَ – أُعاني
بل أُعاني منذُ دهرٍ
أَلَمَ القهرِ أسيرا
لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ
أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟
ضِقْتُ من هذا النّفاقْ
أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً
أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ
مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ
تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ
منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق
*******
ومتى يرسل الرد على هذا الخطابْ ؟
*******[/align]
[align=left]وللبحث تتمة آتية إن شاء الله تعالى..[/align]
[align=justify]:

[align=justify]نحو نقد إسلامي تطبيقي :[/align]
[align=center]هموم الأرض في الشعر الإسلامي المعاصر
وقفة عند العتبة الأولى لديوان الدكتور عبد الغني التميمي
قراءة في أبجديات " رسالة من المسجد الأقصى " [/align]
[align=left]الأستاذ عبد الرزاق المساوي
عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية[/align]
[align=justify]ارتباطات العـنوان:[/align]
[align=justify] إن الرسالة التي يبعث بها هذا المكان المقدس جاءت في المتن الشعري على أشكال مختلفة، يمكن صياغتها على النحو التالي:
(1) وردت الرسالة عبارة عن مجموعة من الأسئلة المتفرقة على طول وعرض خريطة البناء الشعري الذي أقامه التميمي(13).. فجاءت هذه الأسئلة صريحة من خلال استعمال بعض مشتقات الفعل "سأل" أو الإتيان بأدوات الاستفهام المعروفة كما في قوله:
واسأل الأمة أو سل بعضها
كيف للموت على الجمر أساقْ ؟
كيف أصبحت مكانا أثريا
بصنوف الفسق ضاقْ ؟
كيف قد بدل طهري
مسرحا للعري يغري
بين ضم واعتناق والتصاقْ ؟
يا بني الإسلام ما حل بكم ؟
هل نسيتم أنني بوابة السبع الطباقْ ؟
من هنا قد واصل الرحلة في الكون البراقْ (من قصيدة رسالة من المسجد الأقصى)
*******
وسل الوقائع و الصنائع هل رأتْ
أحدا يسوس كما يسوس المسلمُ
إنا قوم لا نغش رعية
عند السيادة أو نخون ونظلمُ
وإذا حكمنا فالعدالة منهج
لا ظالم ولا متظلمُ
أطفالنا ولدوا على سرر الردى
أرأيت طفلا بالردى يتنعمُ ؟ ( قصيدة: من نحن؟)
*******
أرضيت القسمة يا وطني
للغاصب والمحتل القتلْ
ولك الدعوات إلى السلمْ
أتظل مريضا يا وطني
تتعاطى التضليل الرسمي
أو تبقى مفتاح قمار
لكنْ وطنا في الاسمْ ( قصيدة: برنامج وطني)
ألم تهززك صورة طفلة
ملأت
مواضع جسمها الحفرُ ؟
ولا أبكاك ذاك الطفل في
هلع
بظهر أبيه يستترُ ؟
فما رحموا استغاثته
ولا اكترثوا ولا شعروا
فخر لوجهه ميتا
وخر أبوه يحتضرُ
متى يستل هذا الجبن من
جبينك والخورُ ؟
متى التوحيد في جنبيك
ينتصرُ ؟
متى بركانك الغضبي
للإسلام ينفجرُ
فلا يبقي ولا يذرُ ؟
متى ترقى... وتعتبرُ ؟
أتبقى –دائما- من أجل
لقمة عيشك
المغموسِ بالإذلال تعتذرُ ؟ (قصيدة رسالة من حراس الأقصى)
*******
وأسئلة أخرى جاءت غير صريحة أو جاءت بشكل غير مباشرة نظرا لغياب تلك الأدوات الاستفهامية، والتي استبدلت بالاعتماد على السياق فحسب لتمرير تلك الأسئلة، والأمثلة على هذا كثيرة لا داعي للإطالة بذكرها..
(2) كما جاءت الرسالة أيضا على شكل نداء هو الآخر بدا ظاهرا بأدواته المعروفة (أ – أيا – يا - أيها...) ومقوماته المشهورة تارة، وخفيا معتمدا على السياق المفعم بأسلوب النداء دون ذكر لأدواته، ومرتكزا على الفعل الأمر الذي يكتسي صبغة أسلوب النداء تارة أخرى..
يا أخي في الله، هذا المسجد الأقصى جريحْ
في سكون الليل –لو تسمع- كالطفل يصيحْ
جرحه الغائر لا تشبهه كل الجروحْ
إنه جرح أليم داخل القلب يقيحْ
إنه جرح بقايا أمة
كان فيها عزة وروحْ (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
يا رجال البورصة السوداء في سوق السلامْ
سوقكم ذل على ذل تقامْ
تطرحون القدس للقسمة، هلْ
سخف الأمر إلى هذا المقامْ (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
أعيرونا مدافعكم ليوم
لا مدامعكم
أعيرونا وظلوا في
مواقعكم
بني الإسلام
بني الإسلام ما زالت
مواجعَنا
مواجعُكم
مصارعَنا مصارعُكم
إذا ما أغرق الطوفان
شارعنا
سيغرق منه شارعُكم (رسالة من حراس الأقصى)
*******
أيا دعاة ذلنا
كفى بنا متاجرهْ
أي سلام قذر
تروجون قذرهْ
أي اتفاق آثم
ندعى لكي نسطرهْ
نرفضه إن لم تكن
جماجم العدا محابرهْ ( قصيدة: مجزرة)
*******
(3) جاءت الرسالة كذلك في النص الشعري على شكل حديث تارة وبلاغ ثانية وقول ثالثة موجه للأمة كي ترى واقعها الحالي بنظرة فاحصة وما آلت إليه أوضاعها برؤية تمحيصية وناقدة، وتبحث لها عن مخرج من هذه الأزمات انطلاقا مما يمليه عليها إسلامها الحنيف أولا ما دام هو الذي تدين به على العموم.. وما تفرضه عليها واجبات المواطنة وحقوق الوطن والانتماء القومي:
حدث الأمة عني
بلغ الأمة أني
عيل صبري بين أسر واحتراقْ
هتك العهر اليهودي خشوعي
من رواق لرواقْ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
ثم قال المسجد الأقصى بحزم واقتضابْ:
من – ترى- المسؤول فيكم
ومتى يرسل الرد على هذا الخطابْ ؟
قلت والآلام تشوي أضلعي
وخيالي شارد ليس معي
أعبر الماضي مطعونا بذل الواقع
ثم ألوي سابحا في أدمعي... (رسالة من المسجد الأقصى)
*******
بلغ الأمة –يا عبد- سلامي
من معاني سورة الإسراء قدسي الهيام
أثري الوجد سني العناق
لا سلاما خائن النشأة عبري المذاق ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
(4) جاءت كذلك الرسالة الركن الأول من العتبة الأولى على أنها صيحة أو صوتة أو صرخة واصفة ما صار عليه المسجد الأقصى في غياب الآذان الصاغية والقلوب الواعية والأجساد المتحركة.. جاءت ترسل صرختها حينا بمعنى سلبي حين تكون شعارا أجوف لا يغير من الواقع شيئا وهذه هي صرخة تلك الآذان اللاهية التي لا ترعى للقدس أي اهتمام في حقيقة الأمر وإنما تتباهى بكونها مهتمة به وبقضيته.. فصرخات هؤلاء لا تعبر إلا عن نفسها ولا تتراوح الدوي والنداء الذي لا طائل تحته ولا أهداف منه.. وحينا آخر تحمل الصرخات محاطة بأسلوب اعتذار الذي يفوح سخرية من تلك الآذان المشمئزة.. وحينا ثالثا تأتي الصرخة عبارة عن أنين ولكنه أنين يحمل صوت الحق.. أو تأتي استحثاثا للهمم، وحينا رابعا تكون الصيحة صيحة تحد وصرخة إيمان تملأ الزمان والمكان وإن لم تكن هناك آذان:
نحن لا نملك من نخوتنا
غير صرخات تدوي ونداء
*******
جفَّ هذا الريقُ في أفواهِنا
بُحَّتِ الأصواتُ منّا فارحمونا
وارحموا هذي الحناجِرْ
اُعذُرونا إنْ صَرَخْنا
إنّ في أعماقِنا الموتَ الزُّؤامْ
لا أظُنُّ الصارخَ المذبوحَ – إنْ صاحَ – يُلامْ
اُعذرونا إنْ فَتحْنا مرّةً أفواهَنَا
أَنْتَنَتْ ألفاظُنا في الحَلْقِ من شَدِّ الِّلثامْ
كِلْمَةُ المعروفِ شاخَتْ
وهْيَ تحيا في الظّلامْ
أهْوَ عَيبٌ أنْ نقولَ الحقَّ جَهْراً ؟
أَهْوَ خَرْقٌ للنّظامْ ؟
قبّحَ اللهُ لساناً يألَفُ الصّمْتَ الحرامْ ! ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
يا أخي في الله، هذا المسجد الأقصى جريحْ
في سكون الليل –لو تسمع- كالطفل يصيحْ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
إنني أصرخ والهيكل يبنى فوق رأسي
أيرجى النصر من أمثالكم
أم ترى أنعي لكم نفسي بنفسي
*******
أخي في اللهِ، قد فتكَتْ بنا عِلَلٌ
وهذي صرخةُ التكبيرِ تَشفي هذه العِلَلا
فأَصْغِ لها تجَلْجِلُ في نواحي الأرضِ ما تركَتْ
لها سهلاً ولا جَبَلا
تجوزُ حدودَنا خَرْقاً
وتعبُرُ عَنْوَةً دُوَلا (رسالة من حراس الأقصى)
*******
(5) كما جاءت الرسالة أيضا في شكل كتابة شاكية الوضع البئيس وما يقوم به العدو من انتهاكات وإن لم تكن جديدة فهي تعود إلى غابر العصور قد تكون حتى من قبل موسى عليه السلام، ومتألمة من المعاناة والقيود المفروضة والاضطهاد الممارس بكل وحشية، ومتحسرة على المواقف المترهلة والاحتجاجات الفارغة والأصوات الجوفاء والصيحات النخبة والتنديدات التي لا معنى لها من القريب ومن البعيد:
كتب الأقصى حزينا يشتكي وضعا بئيسا:
ضجّروا –من قبل- موسى....
كتب الأقصى وفي المحراب نارُ
ويلوك المنبرَ الرمزَ لهيب واستعارُ:
أو هذا كل ما في وسعكمْ ؟....
كتب الأقصى وفي رجليه قيدُ
وعلى أبوابه –من بقايا عُبّد الطاغوت- جندُ:
طال شوقي لصليل السيف يشدو
وصهيل الخيل وسط النقع تعدو
هل صلاح الدين –يوما-في رجال القوم يبدو ؟ ( قصيدة: رسالة من المسجد الأقصى )
*******
(6) وأخيرا تتمثل هذه الرسالة في شكل خطاب أرسله (المسجد الأقصى) إلى الشاعر كي يبلغ الأمة.. أرسل ذلك الخطاب ملؤه اللوم والعتاب، ويحفه الاشتياق إلى رجال بنوا مجد الأمة في سالف الدهر، ويحيطه التلهف على الغد المشرق والمستقبل المضيء.. وملؤه أيضا السؤال الممزوج بالمرارة والمفعم بالاستنكار والمسيج بالصبر على طول الانتظار.. ومع كل هذا تأتي الرسالة خطابا تستولي عليه روح التفاؤل والنصرة، ويعرج به من الغربة إلى العودة..
أرسَلَ الأقصى خِطاباً فيه لومٌ واشتِياقْ
قالَ لي وَهْوَ يعاني
مِنْ هَوانٍ لا يُطاقْ:
حَدِّثِ الأمّةَ عنّي
بَلِّغِ الأمّةَ أنّي
عيلَ صبري بين أسرٍ واحتِراقْ
هَتَكَ العُهْرُ اليهوديُّ خشوعي
مِنْ رُواقٍ لرُواقْ
أشعَلوا ساحاتيَ الأخرى فُجُورا
وصفيراً ودَنَايا وسُفورا
دنَّسوا رُكنيْ ومِحرابي الطَّهورا
فأنا – اليومَ – أُعاني
بل أُعاني منذُ دهرٍ
أَلَمَ القهرِ أسيرا
لَمْ يَزَلْ قيديَ مشدودَ الوَثاقْ
أَوَ ما يَكفي نِفاقا ً؟
ضِقْتُ من هذا النّفاقْ
أرسِلوا ليْ من صلاحِ الدّينِ خيلاً
أرسِلوها من حِمى الشّامِ وَنَجْدٍ
مِنْ سرايا جيشِ مِصرٍ، أوْ عَرانينِ العِراقْ
تنشُرُ الهيبةَ للإسلامِ بالدّمِّ المُراقْ
منذُ دهرٍ لم تزُرنيْ هذِهِ الخيل العتاق
*******
ومتى يرسل الرد على هذا الخطابْ ؟
*******[/align]
[align=left]وللبحث تتمة آتية إن شاء الله تعالى..[/align]