- 2 أبريل 2010
- 4,594
- 52
- 0
- الجنس
- أنثى
في تفسير سورة الزمر : يقول عز وجل: حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا أي: جاءوا الجنة بعد العبور على الصراط: { وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ يا لها من تحية عظيمة! يقول: إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وفي أهل النار، قال: إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا } [الزمر:71] والقرآن فصاحة وبيان فلماذا قال في أهل النار: (إذا جاءوها فتحت)، وفي أهل الجنة: ( إذا جاءوها وفتحت)؟ قال بعض النحويين: إن هذه الواو: واو الثمانية؛ لأن أبواب الجنة ثمانية كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من توضأ فأسبغ الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) فقالوا: إن هذه واو الثمانية، وواو الثمانية تأتي في القرآن كثيراً اقرأ قول الله تعالى: { التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ } [التوبة:112] جاءت الواو عند الوصف الثامن وقالوا أيضاً اقرأ قول الله تعالى:{ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ }[الكهف:22] واقرأ أيضاً:{ عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ أَنْ يُبْدِلَهُ أَزْوَاجاً خَيْراً مِنْكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً } [التحريم:5] جاءت الواو عند الوصف الثامن ولكن هذا غلط، لا توجد واو تسمى واو الثمانية أبداً؛ لأن قوله: (ثيباتٍ وأبكاراً) إنما عطف أبكاراً بالواو على ثيبات؛ لأنه لا يمكن أن تكون المرأة ثيباً بكراً، فلابد أن تكون (ثيبات وأبكاراً) مغايرات للثيبات، بخلاف الصفات الست الأولى فإنه يمكن أن تجتمع في امرأة واحدة على كل حال نقول: إن الواو هنا في أهل الجنة لها معنى أبعد غوراً مما ذكر هؤلاء أنها واو الثمانية، فما هو المعنى؟ المعنى: أن أهل الجنة إذا وصلوا الجنة لا يجدون أبوابها مفتوحة، يحبسون قليلاً حتى يشتد شوقهم إليها؛ لأن الإنسان كلما اشتد شوقه إلى الشيء صار إتيانه إياه على شوق أعظم، أليس كذلك؟ انظر إلى الجائع إذا طال عليه الجوع ثم قدم له الأكل يكون الأكل أشهى له بلا شك، كلما طال الأمد بين الأكلتين صار أشد شوقاً إلى الأكلة الثانية، فهم يحبسون عند أبواب الجنة، لا يجدونها مفتوحة بخلاف أهل النار يبادرون بلفحها والعياذ بالله وسمومها، لكن أهل الجنة يحبسون إلى متى؟ إلى أن يظهر فضل النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ليشفع عند الله جل وعلا أن يفتح أبواب الجنة لأهل الجنة، فتقبل الشفاعة وتفتح الأبواب، ويكون النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أول من يدخل الجنة إذاً: الحكمة من الواو هنا: أنهم ليسوا إذا جاءوها فتحت، بل إذا جاءوها حبسوا وأوقفوا على قنطرة بين الجنة والنار، فيهذبون وينزع ما في قلوبهم من غل، وتطهر القلوب حتى يدخلوا هذه الدار على أكمل حال، كما قال تعالى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } [الحجر:47] أسأل الله تعالى برحمته وفضله أن يجعلنا وإياكم منهم.. آمين آمين آمين. هؤلاء لا يدخلون الجنة إلا على أكمل وجه، جميع الغل الذي كان في قلوبهم في الدنيا فإنه ينزع، مع أنه قد اقتص لبعضهم من بعض في عرصات القيامة، لكن هذا لإزالة ما في القلوب، أو ما علق بالقلوب من الغل والحقد. ثم يشفع النبي صلى الله عليه وسلم حتى تفتح أبواب الجنة ابن عثيمين رحمه الله |