إعلانات المنتدى


بشائر النصر في تدبر سورة النصر

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

خادم الفرقان محمد

مزمار جديد
6 أغسطس 2011
9
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
سعد سعيد الغامدي
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته

وقبل البدء بالكلام
صلوا معي على خير الأنام نبينا وسيدنا وحبيينا محمد

صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن تبعه بإحسان إلى
يوم الدين .

أما بعد ..









{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ
وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّابًا}.



هذه السورة بيَّن الله -جل وعلا- فيها أجل نبيه
-صلى الله عليه وسلم-، فإن الله -جل وعلا- أَعْلَمَ
نبيه -صلى الله عليه وسلم- علامات إذا رآها في أمته
فذلك علامة أجله، فيمتثل ما أمره به ربه -جل وعلا- في
هذه السورة بأن يسبح بحمد ربه -جل وعلا- ويستغفره.


وليس معنى هذا أن
هذه الآية ليس فيها معنى في ذاتها، بل ألفاظها ظاهرة واضحة، ولكنها في جملتها تدل
على قرب أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم.


1- في قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ } وصف الله النصر
بالمجيء، وحقيقته إذا وقع نصر الله، و{إذا} -كما هو
معلوم لغويًّا-: تدلُّ على المستقبل، فالمستقبل فيه النصر إذا كان الشرط محققًا،
والحكمة في ذلك أن الأمور مربوطة بأوقاتها، وأنه سبحانه قدر لحدوث كل حادث أسبابًا
معينة وأوقاتًا مقدرة يستحيل فيها التقدم والتأخر والتغير والتبدل.


2-
المراد من الفتح في هذه السورة هو فتح مكة، وقد كان صلى الله عليه وسلم يجد النصر
دون الفتح كبدر، والفتح دون النصر كإجلاء بني النضير، أما يوم فتح مكة فقد اجتمع له
الأمران: النصر والفتح، وصار الخلق له كالأرقاء حتى أعتقهم.


3- اسم
السورة يدل على الحقيقة الحتمية التي تنتج عن العمل الخالص، الذي بني على أسس سليمة
من شوائب الشرك والرياء والغرور، فالنصر كلمة جامعة للظفر والخير والعطاء، وليس
هناك خير أفضل من أن يعم الأرض الدين الحق، الذي هو مصدر كل خير وبركة، لقوله
تعالى: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ
غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ
بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ
أَنْهَارًا}
[نوح: 10–12]، وفي هذا إثبات بأن الخير لا يعمُّ الفرد أو
الأسرة أو المجتمع أو الأمة، إلا بالرجوع إلى الحق.


4- في قوله: { نَصْرُ اللَّهِ } أضيفت هذه الكلمة إلى رب العزة والجلال،
ليزداد المعنى عظمةً وخيرًا، فما أسعد القوم إذا عمهم نصر الله
تعالى.


5- في الآية: أن {الفتح} و{النصر} يسيران معًا، فأول الأمر النصر والظفر، ثم يأتي
الفتح، وعلى ذلك -والله أعلم- جاء في الآية الثانية قوله: {
يَدْخُلُونَ }
فلن يكون دخول بدون فتح، وجاء فعل الدخول بصيغة المضارع الذي
يفيد التحول والاستمرار، فكأن هذا الفتح ليس مقصورًا على زمن محدد أو مكان، بل هو
مستمر ما دامت هذه الدنيا، فنصر الله ممتد إلى قيام الساعة.


6- في الآية
وعد من الله لرسوله الكريم أن ينصره على أهل مكة، وأن يفتحها عليه، ونظيره قوله
تعالى: { إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَآدُّكَ
إِلَى مَعَادٍ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ مَن جَآءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلاَلٍ
مُّبِينٍ }
القصص 85 {وهنا نتساءل: ما الفرق بين النصر والفتح؟ النصر هو
الإعانة على تحصيل المطلوب، والفتح هو تحصيل المطلوب، وظاهره أن النصر كالسبب
للفتح، فالنصر كمال الدين والتأييد الذي يكون به قهر الأعداء وغلبهم والاستعلاء
عليهم، والفتح الإقبال الدنيوي الذي هو تمام النعمة، وهو فتح مساكن الأعداء ودخول
منازلهم، ونظير هذه الآية قوله تعالى : { ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ
لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ
دِيناً }
المائدة 3 .


7- في الآية خُصِّصَ لفظ النصر بفتح مكة
لأنه النصر الموافق للطبع، وإلا فإنه صلى الله عليه وسلم كان منصورًا بالدلائل
والمعجزات، وإلى هذا المعنى الإشارة بقوله تعالى: {
وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ
اللَّهِ }
البقرة :214، وهذا هو نصر الله، فهو إجابة لدعائهم.



8- لا بد لنصر الله أن يتنزل على المؤمنين الصابرين الصادقين, وله
أسباب لا يتحقق إلا بها أهمها: توحيد الله وعبادته, ونصرته وملازمة
طاعته.


9- في قوله تعالى: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ
يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا}
البشارة بنصر الله لرسوله -صلى
الله عليه وسلم- وفتحه مكة ودخول الناس في دين الله أفواجًا، أي: جماعات جماعات،
فما مات -صلى الله عليه وسلم- إلا ودينه ظاهر بنصر الله له في وعده الذي وعده في
آيات كثيرة: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ
الْمُشْرِكُونَ}.
التوبة :33.


10- إن انتصار الإسلام وعلو راية
الدين وفتح مكة ودخول الناس في دين الله أفواجًا وجماعات، كان بمثابة التتويج لحقبة
طويلة من الجهاد والبذل والعطاء والدعوة والتعليم قام بها الحبيب المصطفى صلوات ربي
وسلامه عليه.


11- إن انتصار الإسلام في مواجهته للقوى والأفكار المعادية
مسألة وقت بلا ريب، ومهما استأسد الخصوم وقويت شوكتهم فلا يمكن أن تكون لهم الغلبة
في نهاية المطاف لأنّ الله تعالى يقول: {وَالْعَاقِبَةُ
لِلْمُتَّقِينَ}
الاعراف :128.


12- في قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ
تَوَّابًا}
شروط بقاء النصر والفتح، فلابد من مقابلة النصر والظفر بالشكر
والتسبيح، لأنه مهما أحسن الإنسان عمله وبذل جهده لإرضاء لربه فإنه مفتقر إلى
الاستغفار أسوة بنبيه عليه السلام.


13- في السورة تعليم من الله جل وعلا
لرسوله -صلى الله عليه وسلم- أن يقابل نعمة النصر ولذة الفتح بتسبيح مولاه،
واستغفار خالقه اعترافًا بفضله وعرفانًا لكرمه، ومهما بذل الإنسان من عمل صالح،
وجهاد ودعوة، وتعليم وتوجيه فإنّ ذلك قليل, مقابل حقّ الله عليه، فلا بد إذًا من
الاستغفار والتضرع، وإظهار الحاجة والفاقة، والتواضع والانكسار.


14-
جاء في الآية حث على الاستغفار لأن الاستغفار فيه رؤية قصور النفس، وفيه رؤية كرم
الله تعالى، وفيه طلب لما هو الأصلح والأكمل للنفس، وفيه أيضًا الاستغفار من رؤية
الطاعة من النفس، فهي من توفيق الله وإحسانه، فتكون الآية كالتنبيه على أنه لا فراغ
عن التكليف في العبودية كما قال تعالى : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ
حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }
الحجر:99.


15- كان رسول الله
-صلى الله عليه وسلم- بعد نزول هذه السورة يكثر أن يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك)، وكان يقول كثيرًا
في ركوعه: (سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي)، وكان
في آخر أمره لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال: (سبحان الله وبحمده). وعن ابن مسعود رضي الله عنه: لما نزلت
هذه السورة كان عليه السلام يكثر أن يقول: (سبحانك اللهم
وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الغفور)،
وثبت عنه أنه قال: (إني لأستغفر الله كل يوم مائة
مرة).


16- في قوله {وَاسْتَغْفِرْهُ} تعبده الله بذلك
ليقتدي به غيره إذ لا يأمن كل مكلف عن تقصير يقع منه في عبادته. وفيه تنبيه على أنه
مع شدة اجتهاده وعصمته ما كان يستغني عن الاستغفار، فكيف من هو
دونه؟!


17- إن كل طاعة يأتي بها العبد ويقابلها بإحسان الرب يجدها قاصرة
عن الوفاء بأداء شكر تلك النعمة، فليستغفر العبد ربه لأجل ذلك.


18- في
الآية أمر الله رسوله -عليه الصلاة والسلام- بالحمد والاستغفار دائما، وفي كل حين،
ثم قال: { وَاسْتَغْفِرْهُ } حين نعيت نفسه إليه؛ ليفعل
كل فرد في الأمة عند اقتراب آجاله مثل ذلك. فقوله: {
وَاسْتَغْفِرْهُ }
تنبيه على قرب الأجل كأنه يقول: قرب الوقت ودنا الرحيل
فتأهب للأمر.


19- من جملة المقاصد في هذه السورة أن يصير الرسول -صلى
الله عليه وسلم- قدوة للأمة حتى يفعلوا عند النعمة والمحنة ما فعله الرسول -صلى
الله عليه وسلم- من تجديد الشكر والحمد عند تجديد النعمة.


20- في قوله
تعالى: {إنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} صيغة مبالغة، لأنها
تقتضي تكرير التوبة من الله -جل وعلا-، فهو يتوب كثيرًا على المذنبين مع كثرتهم،
ويغفر الخطايا، ويتوب على المذنب، ولو تعددت خطاياه، ولو تاب، ثم رجع، ثم تاب ورجع
فإن الله سبحانه لا يزال يتوب على عبده.


21- تشير السورة إلى دور
المؤمنين في هذه الدعوة، وحدَّهم الذي ينتهون إليه في هذا الأمر، فنصر الله يأتي في
الوقت الذي يقدره الله من أجل غاية يريدها الله.

22- القرآن الكريم يهدف
بالنفس البشرية أن تستشعر أن النصر نصر الله، والفتح فتح الله، والدين دين الله،
وإلى الله تصير الأمور.


23- استمرار النصر لهذا الدين إذا حُققت الشروط،
فنصر الله لم يزل مستمرًا، فقد وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان،
ودخل فيه ما لم يدخل في غيره، حتى حدث في الأمة من مخالفة أمر الله ما حدث،
فابتلاهم الله بتفرق الكلمة وتشتت الأمر، ومع هذا فمهما كانت الدعوة الإسلامية
مهيضة الجناح، ضعيفة الإمكانات فإنّ الخاتمة مُبشرة، والنهاية مفرحة ولابد، وليس
المطلوب سوى بذل الجهد ومضاعفة العطاء وتسليم الأمور لله وحده بعد ذلك يصرفها كيف
يشاء، فليس بيننا وبين الله تعالى شرط لإنجاز الوعد وتوقيت النصر!


24-
تبين الآيات الأدب الذي اتصفت به النبوة لترتفع البشرية إلى هذا الأدب، وتتطلع إلى
هذا السمو، وهذا هو أدب الأنبياء في اللحظات التي يتم لهم فيها كل شيء كما قال يوسف
عليه السلام: { رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ
...}
يوسف :101، فهذه لحظة الابتهال إلى الله بالثبات حتى يلقى الله، وهكذا
كان أدب محمد -صلى الله عليه وسلم- في حياته كلها، وفي موقف النصر والفتح، فلما أن
جاءه نصر الله والفتح نسي فرحة النصر، وانحنى انحناءة الشكر، وسبح وحمد واستغفر كما
علّمه ربه، وهكذا كانت سنته في أصحابه من بعده، وقد وجد ذلك في زمن الخلفاء
الراشدين ومن بعدهم في هذه الأمة.


25- في السورة إشارة إلى التجرد في
لحظة النصر من حظ النفس، وذلك بذكر الله وتسبيحه وتنزيهه وطلب المغفرة منه مما قد
يكون ساور القلب في فترة الكفاح الطويل والشدة والكرب واستبطاء النصر وما إلى
ذلك.


26- شكر النعمة يطيب عند حلاوة النصر، فكم لله على عباده من يد
ونعمة، وكم له من فضل ومنة، لا يطلب سبحانه مقابلها سوى الحمد والشكر، والتسبيح
والاستغفار.


27- الدنيا لا يصفو كدرها، ولا تدوم محنها ولا نعيمها، فلا
بد بعد الكمال من الزوال، ففي السورة لما ذكر حصول النصر والفتح ودخول الناس في
الدين أفواجًا دل ذلك على حصول الكمال والتمام، وذلك يعقبه الزوال كما قيل: لكل شيء
إذا ما تم نقصان، فإذا تم شيء دنا نقصه، وذلك حتى لا يطمئن المؤمن إلى الدنيا ويركن
إليها.


Style_01.jpg
 

الماسه البيضاء

مشرفة سابقة
2 أبريل 2010
4,594
52
0
الجنس
أنثى
رد: بشائر النصر في تدبر سورة النصر

اللهم انصر الإسلام والمسلمين

جزاك الله خيراً
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع