- 25 مايو 2012
- 686
- 63
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمود خليل الحصري
بسم الله الرحمن الرحيم
تعد ظاهرتي ( المد والقصر ) من أغنى الظواهر بالمصطلحات لدى علماء القراءات ، وحتى يمكننا الوقوف على هذه المصطلحات ومدلولاتها لابد من عرض بعض نصوص أئمة القراءات والتجويد ، فنقول وبالله التوفيق :
( القصر ) :
إن علماء القراءات استخدموا هذا المصطلح استخدامين ،
كشف عنهما أبو شامة ( ت : 665 ه) إذ يقول :
" والقصر : ترك الزيادة من المد ، وقد يستعمل المد في إثبات حرف المد ، والقصر في حذفه ، وذلك يأتي في فرش الحروف .. " .
ونسوق بعض النصوص الدالة على استخدام علماء القراءات لمصطلح ( القصر ) على النحو الذي بينه أبو شامة .
1- استخدام القصر مرادا به حذف المد ،
وهو _ كما قال أبو شامة _ مستخدم في فرش الحروف ، وهو يقصد منظومة الشاطبية ، وقد وجدنا هذا الإستخدام عند كثير من علماء القراءات منهم :
أ - ابن مجاهد ( ت : 324 ه ) إذ يقول : " واختلفوا في مد الألف وقصرها وكسر الذال وفتحها من قوله تعالى : ( فأذنوا ) ، فقرأ ابن كثير ونافع وأبوعمرو والكسائي وابن عامر : ( فأذنوا ) مقصورة مفتوحة الذال ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ، وحمزة : ( فأذنوا ) ممدودة مكسورة الذال ، وروى حفص عن عاصم
( فأذنوا ) مقصورة .. " ( السبعة : 191 وما بعدها ) .
ب - ابن غلبون ( ت : 399 ه ) إذ يقول : " ( الم ) تقصر الألف ؛ لأنها على ثلاثة أحرف ليس وسطها حرف مد ولين " ( التذكرة : 1/61 ) ،
وقال : " وقرأ حمزة والكسائي ( إذا سلمتم ما آتيتم ) بالقصر ومده الباقون
( نفس المرجع ) .
ج - مكي ابن أبي طالب ( ت : 437 ه ) إذ يقول : " .. ولا خلاف بين جميعهم أن الوقف على اسم الله _ تعالى ذكره _ بتمكين الألف التي بعد اللام المشددة كالوصل ، ومن حذفها في الوقف فقد غلط ، ...وقد ذكر القراء أن بعض قيس يقصرون هذا الاسم ، يريد : يحذفون الألف ، ... " ( التبصرة : 72 ) .
د - الداني ( ت : 444 ه ) وقد شاع هذا الاستخدام عنده ( ينظر التيسير : 71 ، 137 ، 145 ، 162 ) ، إلا أنه قد فصل القول في ذلك الاستخدام حينما قال : " ...إطلاق جميعهم القصر على تلك الحروف وأشباها مما فيه اختلاف عن أئمة القراءة في مذهب من حذف حرف المد بعد الهمزة نحو : ( وما آتيتم ، بما آتكم ، وشبهه ، وعلى الحروف التي لا حرف مد بعد الهمز فيها بإجماع منهم نحو : الذين يفرحون بما أتوا ، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ... فكما أرادوا لا شك بالقصر ههنا إسقاط حرف المد بعد الهمزة لا النقصان من مده لعدمه ، ويؤكد صحة ذلك عبارة أصحاب ورش أجمعين عن صلة هاء الكناية في نجو قوله :
( ونصله ، وأرجه ) ... وما أشبهه بالمد ، وعن حذفه إياها في قوله ( يرضه لكم ) بالقصر وبغير مد ... " ( جامع البيان : 79 ، 167 ) .
ه - ما ورد في متن ( الشاطبية والدرة والطيبة ) مثل قولهم :
( ..فإن قتلوكم قصرها شاع ..) ، (..والقصر في الباب حللا ) ،
( وقصر أتيتم من ربا .. ) ، ( ..وأتيتم قصره كأول .. ) ،
( ..واقصر مع مضعفة .. ) ، ( دفاع بها ... وقصر خصوصا ) ،
( ..واقصر قياما كن أبا.. ) ، ( وقصر قياما عم ..) ،
( وفي عاقدت قصر ثوى.. ) ، ( واعدنا اقصرا ..) ونحو ذلك .
.............................................................
2 - استخدام القصر مرادا به ترك الزيادة من المد :
وهذا الاستخدام شائع عند علماء القراءات في سياق حديثهم عن باب من أبواب الأصول أطلقوا عليه باب ( المد والقصر ) ، ونسوق نصوصا لبعض منهم تدل على هذا الاستخدام .
أ - الداني ( ت : 444 ه ) يقول بعد تعريفه للمد الطبيعي : " ويسمي هذا الضربَ القراءُ مقصورا ؛ لأنه قصر عن الهمزة الموجبة لزيادتها في الإشباع ؛ لخفائها وشدتها " ( التحديد : 98 ) .
ب - يقول أبو جعفر ( ت : 540 ه ) : " فكان ابن كثير وأبو عمرو وقالون يقصرون حرف المد _ يقصد المد المنفصل _ فلا يزيدونه تمكينا على ما فيه من المد الذي لا يوصل إليه إلا به " ( الإقناع : 187 ) .
ج - يقول ابن القاصح_ من علماء القرن الثامن الهجري _ : " وَحَدُّ القصر : أن يقتصر على ما حرف المد من المد الطبيعي الذي فيه كما إذا لم يصادف همزة "
( سراج القارئ : 51 ) .
د - يقول ابن الجزري ( ت : 833 ه ) : " وأما القصر ، فهو عبارة عن : صيغة حرف المد واللين ، وهو المد الطبيعي "
( التمهيد : 54 ) وينظر النشر .
وبناء على ذلك فإننا أمام مصطلح يعد من المصطلحات المشتركة في الدلالة ، ولا نستطيع استبعاد أي من الاستخدامين ، إلا أنه يمكننا القول : بأن الاستخدام الأول يكون في فرش الحروف ، والاستخدام الثاني قاصر على باب :
( المد والقصر ) الذي هو أحد أبواب الأصول .
هذا وقد رادف الشاطبي بين القصر والتوسط في قوله :
وإن تسكن الياء بين فتح وهمزة *** بكلمة أو واو فوجهان جملا
بطول وقصر وصل ورش ووقفه *** .........................
من المعلوم أن لورش في اللين المهموز التوسط والإشباع وصلا ووقفا ، ولكن الإمام الشاطبي _ رحمه الله _ قد عبر عن التوسط بالقصر وهذا كلف الشراح كثيرا حتى يأكدوا على أن المراد من القصر التوسط ؛ لئلا يتوهم خلاف ذلك .
وعلى أي حال فإن استخدام القصر مرادفا للتوسط نادر جدا ، بل لا نكاد نجده إلا عند الشاطبي وفي هذا الموضع فقط ، وربما كان ذلك منه لأجل الحفاظ على الوزن .
ومما سبق يمكن تسجيل الاتي :
1- القصر من المصطلحات المشتركة ، وحتى يمكننا تلاشي هذا الاشتراك فإن الدراسة تقترح تحول هذا المصطلح من مصطلح بسيط إلى مصطلح مركب ، بمعنى أن من علماء القراءات من أثبت أن القصر الدال على حذف حرف المد يستحدم في الفرش _ كما سبق في نص أبي شامة _ ،
وما قاله الملا علي القاري ( ت : 1014 ه ) : " قد أطلق الشاطبي في الفرش المد وأراد به حرفه .. واستعمل القصر فيه أيضا وأراد به حذفه .. "
( المنح الفكرية : 56 ) ،
بينما يستخدم دالا على ترك الزيادة في حروف المد في باب : المد والقصر ، فتكون صورة هذا المصطلح على النحو الآتي :
أ - القصر الفرشي ، وهو : ( حذف حرف المد )
ب - القصر الأصولي ، وهو :
( الإتيان بحروف المد واللين على مقدار ما فيهن من المد ) .
وجزاكم الله خيرا
بتصرف بسيط من كتاب
( مصطلحات علم القراءات في ضوء علم المصطلح الحديث )
للدكتور : حمدي صلاح الهدهد
يتبع إن شاء الله
تعد ظاهرتي ( المد والقصر ) من أغنى الظواهر بالمصطلحات لدى علماء القراءات ، وحتى يمكننا الوقوف على هذه المصطلحات ومدلولاتها لابد من عرض بعض نصوص أئمة القراءات والتجويد ، فنقول وبالله التوفيق :
( القصر ) :
إن علماء القراءات استخدموا هذا المصطلح استخدامين ،
كشف عنهما أبو شامة ( ت : 665 ه) إذ يقول :
" والقصر : ترك الزيادة من المد ، وقد يستعمل المد في إثبات حرف المد ، والقصر في حذفه ، وذلك يأتي في فرش الحروف .. " .
ونسوق بعض النصوص الدالة على استخدام علماء القراءات لمصطلح ( القصر ) على النحو الذي بينه أبو شامة .
1- استخدام القصر مرادا به حذف المد ،
وهو _ كما قال أبو شامة _ مستخدم في فرش الحروف ، وهو يقصد منظومة الشاطبية ، وقد وجدنا هذا الإستخدام عند كثير من علماء القراءات منهم :
أ - ابن مجاهد ( ت : 324 ه ) إذ يقول : " واختلفوا في مد الألف وقصرها وكسر الذال وفتحها من قوله تعالى : ( فأذنوا ) ، فقرأ ابن كثير ونافع وأبوعمرو والكسائي وابن عامر : ( فأذنوا ) مقصورة مفتوحة الذال ، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر ، وحمزة : ( فأذنوا ) ممدودة مكسورة الذال ، وروى حفص عن عاصم
( فأذنوا ) مقصورة .. " ( السبعة : 191 وما بعدها ) .
ب - ابن غلبون ( ت : 399 ه ) إذ يقول : " ( الم ) تقصر الألف ؛ لأنها على ثلاثة أحرف ليس وسطها حرف مد ولين " ( التذكرة : 1/61 ) ،
وقال : " وقرأ حمزة والكسائي ( إذا سلمتم ما آتيتم ) بالقصر ومده الباقون
( نفس المرجع ) .
ج - مكي ابن أبي طالب ( ت : 437 ه ) إذ يقول : " .. ولا خلاف بين جميعهم أن الوقف على اسم الله _ تعالى ذكره _ بتمكين الألف التي بعد اللام المشددة كالوصل ، ومن حذفها في الوقف فقد غلط ، ...وقد ذكر القراء أن بعض قيس يقصرون هذا الاسم ، يريد : يحذفون الألف ، ... " ( التبصرة : 72 ) .
د - الداني ( ت : 444 ه ) وقد شاع هذا الاستخدام عنده ( ينظر التيسير : 71 ، 137 ، 145 ، 162 ) ، إلا أنه قد فصل القول في ذلك الاستخدام حينما قال : " ...إطلاق جميعهم القصر على تلك الحروف وأشباها مما فيه اختلاف عن أئمة القراءة في مذهب من حذف حرف المد بعد الهمزة نحو : ( وما آتيتم ، بما آتكم ، وشبهه ، وعلى الحروف التي لا حرف مد بعد الهمز فيها بإجماع منهم نحو : الذين يفرحون بما أتوا ، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ... فكما أرادوا لا شك بالقصر ههنا إسقاط حرف المد بعد الهمزة لا النقصان من مده لعدمه ، ويؤكد صحة ذلك عبارة أصحاب ورش أجمعين عن صلة هاء الكناية في نجو قوله :
( ونصله ، وأرجه ) ... وما أشبهه بالمد ، وعن حذفه إياها في قوله ( يرضه لكم ) بالقصر وبغير مد ... " ( جامع البيان : 79 ، 167 ) .
ه - ما ورد في متن ( الشاطبية والدرة والطيبة ) مثل قولهم :
( ..فإن قتلوكم قصرها شاع ..) ، (..والقصر في الباب حللا ) ،
( وقصر أتيتم من ربا .. ) ، ( ..وأتيتم قصره كأول .. ) ،
( ..واقصر مع مضعفة .. ) ، ( دفاع بها ... وقصر خصوصا ) ،
( ..واقصر قياما كن أبا.. ) ، ( وقصر قياما عم ..) ،
( وفي عاقدت قصر ثوى.. ) ، ( واعدنا اقصرا ..) ونحو ذلك .
.............................................................
2 - استخدام القصر مرادا به ترك الزيادة من المد :
وهذا الاستخدام شائع عند علماء القراءات في سياق حديثهم عن باب من أبواب الأصول أطلقوا عليه باب ( المد والقصر ) ، ونسوق نصوصا لبعض منهم تدل على هذا الاستخدام .
أ - الداني ( ت : 444 ه ) يقول بعد تعريفه للمد الطبيعي : " ويسمي هذا الضربَ القراءُ مقصورا ؛ لأنه قصر عن الهمزة الموجبة لزيادتها في الإشباع ؛ لخفائها وشدتها " ( التحديد : 98 ) .
ب - يقول أبو جعفر ( ت : 540 ه ) : " فكان ابن كثير وأبو عمرو وقالون يقصرون حرف المد _ يقصد المد المنفصل _ فلا يزيدونه تمكينا على ما فيه من المد الذي لا يوصل إليه إلا به " ( الإقناع : 187 ) .
ج - يقول ابن القاصح_ من علماء القرن الثامن الهجري _ : " وَحَدُّ القصر : أن يقتصر على ما حرف المد من المد الطبيعي الذي فيه كما إذا لم يصادف همزة "
( سراج القارئ : 51 ) .
د - يقول ابن الجزري ( ت : 833 ه ) : " وأما القصر ، فهو عبارة عن : صيغة حرف المد واللين ، وهو المد الطبيعي "
( التمهيد : 54 ) وينظر النشر .
وبناء على ذلك فإننا أمام مصطلح يعد من المصطلحات المشتركة في الدلالة ، ولا نستطيع استبعاد أي من الاستخدامين ، إلا أنه يمكننا القول : بأن الاستخدام الأول يكون في فرش الحروف ، والاستخدام الثاني قاصر على باب :
( المد والقصر ) الذي هو أحد أبواب الأصول .
هذا وقد رادف الشاطبي بين القصر والتوسط في قوله :
وإن تسكن الياء بين فتح وهمزة *** بكلمة أو واو فوجهان جملا
بطول وقصر وصل ورش ووقفه *** .........................
من المعلوم أن لورش في اللين المهموز التوسط والإشباع وصلا ووقفا ، ولكن الإمام الشاطبي _ رحمه الله _ قد عبر عن التوسط بالقصر وهذا كلف الشراح كثيرا حتى يأكدوا على أن المراد من القصر التوسط ؛ لئلا يتوهم خلاف ذلك .
وعلى أي حال فإن استخدام القصر مرادفا للتوسط نادر جدا ، بل لا نكاد نجده إلا عند الشاطبي وفي هذا الموضع فقط ، وربما كان ذلك منه لأجل الحفاظ على الوزن .
ومما سبق يمكن تسجيل الاتي :
1- القصر من المصطلحات المشتركة ، وحتى يمكننا تلاشي هذا الاشتراك فإن الدراسة تقترح تحول هذا المصطلح من مصطلح بسيط إلى مصطلح مركب ، بمعنى أن من علماء القراءات من أثبت أن القصر الدال على حذف حرف المد يستحدم في الفرش _ كما سبق في نص أبي شامة _ ،
وما قاله الملا علي القاري ( ت : 1014 ه ) : " قد أطلق الشاطبي في الفرش المد وأراد به حرفه .. واستعمل القصر فيه أيضا وأراد به حذفه .. "
( المنح الفكرية : 56 ) ،
بينما يستخدم دالا على ترك الزيادة في حروف المد في باب : المد والقصر ، فتكون صورة هذا المصطلح على النحو الآتي :
أ - القصر الفرشي ، وهو : ( حذف حرف المد )
ب - القصر الأصولي ، وهو :
( الإتيان بحروف المد واللين على مقدار ما فيهن من المد ) .
وجزاكم الله خيرا
بتصرف بسيط من كتاب
( مصطلحات علم القراءات في ضوء علم المصطلح الحديث )
للدكتور : حمدي صلاح الهدهد
يتبع إن شاء الله
التعديل الأخير: