يشتكي كثير من المعلمين من عدم جدية طلابهم في الدراسة وتزداد الشكوى من معلمي المواد النظرية وهذا ظاهر في المرحلة الثانوية بشكل أكبر وإن نجح نظام المقررات في معالجة هذه المشكلة !
ماذا تفعل أخي المعلم لو وجدت طلابك لا يحبون مادتك أو لا يدركون أهميتها في حياتهم أو يستثقلونها ؟!
هناك معلمون لا يهتمون بهذا الجانب يُعتبر التعليم عندهم مهنة تجد أحدهم يُلقي درسه ثم يمضي ! وهناك معلمون يصيبهم اليأس ويُحملون الطالب أو نظام التعليم المسؤولية - وهم لا شك يتحملون جزءا منها - فتجد أن أداءهم وحماسهم يقل ويضعف وينعكس ذلك على نتائج طلابهم ويذهب الطالب المجتهد ضحية يأسهم وإحباطهم !
إذن ما الحل ؟
وعدتكم أنني لن أعتمد في مقالاتي هذه على سرد وترويج نظريات علمية مثالية قد لا تكون صالحة للتطبيق في بيئتنا المحلية لأنها نتاج دراسات غربية على بيئة مختلفة عنا اجتماعيا وثقافيا بل سأعتمد على تجاربي الشخصية وعلى التجارب التي عايشت أحداثها .
عندما كُلفت بتدريس طلاب المرحلة الثانوية صُدمت بأن طلاب القسم الطبيعي لا رغبة لديهم في دراسة مواد اللغة العربية ويعتبرونها دخيلة عليهم ولسان حالهم : تخصصنا طبيعي فلماذا ندرسها ؟ ولماذا طلاب الشرعي لا يدرسون موادنا العلمية ؟
أما طلاب القسم الشرعي فكما نعلم جميعا لم يدخلوا القسم رغبة فيه بل هربا من القسم الطبيعي ويعانون كثيرا من الناحية النفسية إذ يُنظر إليهم على أنهم أقل ذكاء وتمكنا من زملائهم طلبة القسم الطبيعي لذا تجدهم كارهين للدراسة غير مهتمين بها إلا من رحم ربك !
لا أخفيكم أنه أصابني إحباط كبير وندم بالغ على قبولي تدريس هذه المرحلة لكن لم يطل ذلك كثيرا وبدأت أفكر في حلول لهذه المشكلة حتى هداني تفكيري - بفضل الله - إلى هذه الطريقة :
جئت إلى طلاب القسم الطبيعي وقلت لهم : لنعتبر هذه الحصص حصص راحة واستجمام من عناء دراسة المواد الطبيعية وسأمنحكم درجات المشاركة كاملة ولن أثقل عليكم بالواجبات أو الاختبارات الدورية بشرط أن تشاركوا في تفعيل الدرس !
وافقوا على العرض الذي قدمته لهم وبدأت خطوتي التالية :
ركزت أثناء تدريسي مادة النحو على الجانب المنطقي في هذا العلم وشرحت لهم مباحثه وكأنني أشرح لهم قواعد الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات مستفيدا من أنني كنت طالبا في قسم الفيزياء والرياضيات في المرحلة الثانوية ثم طالبا في كلية الهندسة التي تركتها بعد عام واحد فقط لألتحق بكلية اللغة العربية رغم حصولي على تقدير ممتاز حبا في هذا التخصص !
كنت أقف معهم عند المصطلحات النحوية لأن عدم فهمها أحد أهم أسباب صعوبة النحو عند الطلاب فقد اكتشفت أن معظم الطلاب يتعامل مع هذه المصطلحات كأسماء مجردة ولا يتوقفون أمام معانيها لتساعدهم في معرفة الحكم النحوي فالواحد فيهم يسمع : فاعل نائب فاعل مفعول به مفعول لأجله ظرف استثناء استفهام مبتدأ خبر الخ ولا يعرف معانيها ولو عرفها وفهمها لسهل عليه تحديدها في الجملة وبالتالي إعرابها بشكل صحيح فكنت أركز على هذا الجانب مستشهدا أحيانا بآيات قرآنية توضح المعنى
كنت أركز أيضا على تحليل الجملة وتحديد أركانها وتحديد ما يكمل كلا منها فالفعل يحتاج إلى فاعل والمبتدأ إلى خبر الخ فكنا نعرب الجملة وكأننا نحل معادلة رياضية فكثير من الطلاب وهو يعرب جملة محمد أخلاقه حميدة على سبيل المثال ينسى أن للمبتدأ ( محمد ) خبرا هو الجملة الاسمية ( أخلاقه حميدة ) لكن لو سجلها ع الورقة سيتذكر !
من المشكلات التي حاولت علاجها : عدم التفريق بين أنواع الكلمة : اسم فعل حرف وعالجتها بطريقتين : الأولى معتمدة على الحدث والزمن فإن كان الحدث مرتبطا بزمن فهو فعل وإن لم يكن مرتبطا به فهو اسم وإن لم يكن دالا على حدث ولا على زمن فهو حرف
والثانية أن يُدخل ال أو يُنون الكلمة فإن قبلت ذلك فهي اسم والا فهي فعل
في درس الأوزان كنت أدربهم على طريقة عملية : نضع الكلمة وتحتها الكلمة المجردة وتحتها الميزان الصرفي ثم خط وبعد الخط نقوم باستبدال حروف المجرد بحروف الميزان ثم نُنزل باقي الحروف ليكتمل الوزن لدينا وهذه الطريقة حببت هذا الدرس كثيرا إلى الطلاب
سعيت إلى ترسيخ بعض القواعد المهمة مثل : لا يتقدم الفاعل حكما على فعله ولا يكون هناك فاعلان لفعل واحد فمحمد في جملة محمد كتب الدرس ليس فاعلا في الحكم النحوي وإن كان كذلك حقيقة ، وعبارة حضروا الطلاب أو كتبوا الطلاب الدرس عبارة خاطئة لأن فيها فاعلان وهي من العبارات الدارجة على ألسنة الطلاب
الضمائر المستترة والحذف والتقدير من المعضلات عند الطلاب وفهم تركيب الجملة وفهم معناها يجعلها سهلة المنال كما أن استبدال الضمير باسم ظاهر يساعد في فهم الجملة ويسهل إعرابها
معرفة البناء المنطقي للنحو العربي يسهل كثيرا فهم مباحثه واستيعابها خاصة لطلاب القسم الطبيعي حسب تجربتي
نفس الأسلوب اتبعته مع طلاب القسم الشرعي لكن استعنت كثيرا بالجداول التقليدية وحفزتهم معنويا أكثر فكنت ألفت نظرهم إلى أن طلب العلم عبادة فما دمت موجودا بالمدرسة فلتكسب حسنات إن لم تكن ترغب في التعلم - وضع طلاب القسم الشرعي سأفصل الحديث عنه في مقال مستقل بإذن الله - وكنت أحدثهم كثيرا عن فضل اللغة العربية وأنها لغة القرآن وأستشهد كثيرا بالآيات القرآنية في التطبيقات النحوية وأنه بدون النحو لن نفهم القرآن الكريم لأن كل العلوم عالة على النحو وعلوم البلاغة !
التجاوب كان طيبا لكن أقل من تجاوب طلبة القسم الطبيعي
هذه تجربتي في تدريس مادة النحو في المرحلة الثانوية وأحسب أنها ناجحة حسب تقديري ووفق ما لمسته من الطلاب ولله الحمد
في الأسبوع القادم سأتكلم بحول الله عن مادة الأدب وهو حديث شيق وتجربة أجمل لأن ثلاثة أرباع جدولي كان مواد أدب ومرت علي فترات لم أكن أدرّس غيرها
ألقاكم على خير وفي أمان الله
ماذا تفعل أخي المعلم لو وجدت طلابك لا يحبون مادتك أو لا يدركون أهميتها في حياتهم أو يستثقلونها ؟!
هناك معلمون لا يهتمون بهذا الجانب يُعتبر التعليم عندهم مهنة تجد أحدهم يُلقي درسه ثم يمضي ! وهناك معلمون يصيبهم اليأس ويُحملون الطالب أو نظام التعليم المسؤولية - وهم لا شك يتحملون جزءا منها - فتجد أن أداءهم وحماسهم يقل ويضعف وينعكس ذلك على نتائج طلابهم ويذهب الطالب المجتهد ضحية يأسهم وإحباطهم !
إذن ما الحل ؟
وعدتكم أنني لن أعتمد في مقالاتي هذه على سرد وترويج نظريات علمية مثالية قد لا تكون صالحة للتطبيق في بيئتنا المحلية لأنها نتاج دراسات غربية على بيئة مختلفة عنا اجتماعيا وثقافيا بل سأعتمد على تجاربي الشخصية وعلى التجارب التي عايشت أحداثها .
عندما كُلفت بتدريس طلاب المرحلة الثانوية صُدمت بأن طلاب القسم الطبيعي لا رغبة لديهم في دراسة مواد اللغة العربية ويعتبرونها دخيلة عليهم ولسان حالهم : تخصصنا طبيعي فلماذا ندرسها ؟ ولماذا طلاب الشرعي لا يدرسون موادنا العلمية ؟
أما طلاب القسم الشرعي فكما نعلم جميعا لم يدخلوا القسم رغبة فيه بل هربا من القسم الطبيعي ويعانون كثيرا من الناحية النفسية إذ يُنظر إليهم على أنهم أقل ذكاء وتمكنا من زملائهم طلبة القسم الطبيعي لذا تجدهم كارهين للدراسة غير مهتمين بها إلا من رحم ربك !
لا أخفيكم أنه أصابني إحباط كبير وندم بالغ على قبولي تدريس هذه المرحلة لكن لم يطل ذلك كثيرا وبدأت أفكر في حلول لهذه المشكلة حتى هداني تفكيري - بفضل الله - إلى هذه الطريقة :
جئت إلى طلاب القسم الطبيعي وقلت لهم : لنعتبر هذه الحصص حصص راحة واستجمام من عناء دراسة المواد الطبيعية وسأمنحكم درجات المشاركة كاملة ولن أثقل عليكم بالواجبات أو الاختبارات الدورية بشرط أن تشاركوا في تفعيل الدرس !
وافقوا على العرض الذي قدمته لهم وبدأت خطوتي التالية :
ركزت أثناء تدريسي مادة النحو على الجانب المنطقي في هذا العلم وشرحت لهم مباحثه وكأنني أشرح لهم قواعد الفيزياء أو الكيمياء أو الرياضيات مستفيدا من أنني كنت طالبا في قسم الفيزياء والرياضيات في المرحلة الثانوية ثم طالبا في كلية الهندسة التي تركتها بعد عام واحد فقط لألتحق بكلية اللغة العربية رغم حصولي على تقدير ممتاز حبا في هذا التخصص !
كنت أقف معهم عند المصطلحات النحوية لأن عدم فهمها أحد أهم أسباب صعوبة النحو عند الطلاب فقد اكتشفت أن معظم الطلاب يتعامل مع هذه المصطلحات كأسماء مجردة ولا يتوقفون أمام معانيها لتساعدهم في معرفة الحكم النحوي فالواحد فيهم يسمع : فاعل نائب فاعل مفعول به مفعول لأجله ظرف استثناء استفهام مبتدأ خبر الخ ولا يعرف معانيها ولو عرفها وفهمها لسهل عليه تحديدها في الجملة وبالتالي إعرابها بشكل صحيح فكنت أركز على هذا الجانب مستشهدا أحيانا بآيات قرآنية توضح المعنى
كنت أركز أيضا على تحليل الجملة وتحديد أركانها وتحديد ما يكمل كلا منها فالفعل يحتاج إلى فاعل والمبتدأ إلى خبر الخ فكنا نعرب الجملة وكأننا نحل معادلة رياضية فكثير من الطلاب وهو يعرب جملة محمد أخلاقه حميدة على سبيل المثال ينسى أن للمبتدأ ( محمد ) خبرا هو الجملة الاسمية ( أخلاقه حميدة ) لكن لو سجلها ع الورقة سيتذكر !
من المشكلات التي حاولت علاجها : عدم التفريق بين أنواع الكلمة : اسم فعل حرف وعالجتها بطريقتين : الأولى معتمدة على الحدث والزمن فإن كان الحدث مرتبطا بزمن فهو فعل وإن لم يكن مرتبطا به فهو اسم وإن لم يكن دالا على حدث ولا على زمن فهو حرف
والثانية أن يُدخل ال أو يُنون الكلمة فإن قبلت ذلك فهي اسم والا فهي فعل
في درس الأوزان كنت أدربهم على طريقة عملية : نضع الكلمة وتحتها الكلمة المجردة وتحتها الميزان الصرفي ثم خط وبعد الخط نقوم باستبدال حروف المجرد بحروف الميزان ثم نُنزل باقي الحروف ليكتمل الوزن لدينا وهذه الطريقة حببت هذا الدرس كثيرا إلى الطلاب
سعيت إلى ترسيخ بعض القواعد المهمة مثل : لا يتقدم الفاعل حكما على فعله ولا يكون هناك فاعلان لفعل واحد فمحمد في جملة محمد كتب الدرس ليس فاعلا في الحكم النحوي وإن كان كذلك حقيقة ، وعبارة حضروا الطلاب أو كتبوا الطلاب الدرس عبارة خاطئة لأن فيها فاعلان وهي من العبارات الدارجة على ألسنة الطلاب
الضمائر المستترة والحذف والتقدير من المعضلات عند الطلاب وفهم تركيب الجملة وفهم معناها يجعلها سهلة المنال كما أن استبدال الضمير باسم ظاهر يساعد في فهم الجملة ويسهل إعرابها
معرفة البناء المنطقي للنحو العربي يسهل كثيرا فهم مباحثه واستيعابها خاصة لطلاب القسم الطبيعي حسب تجربتي
نفس الأسلوب اتبعته مع طلاب القسم الشرعي لكن استعنت كثيرا بالجداول التقليدية وحفزتهم معنويا أكثر فكنت ألفت نظرهم إلى أن طلب العلم عبادة فما دمت موجودا بالمدرسة فلتكسب حسنات إن لم تكن ترغب في التعلم - وضع طلاب القسم الشرعي سأفصل الحديث عنه في مقال مستقل بإذن الله - وكنت أحدثهم كثيرا عن فضل اللغة العربية وأنها لغة القرآن وأستشهد كثيرا بالآيات القرآنية في التطبيقات النحوية وأنه بدون النحو لن نفهم القرآن الكريم لأن كل العلوم عالة على النحو وعلوم البلاغة !
التجاوب كان طيبا لكن أقل من تجاوب طلبة القسم الطبيعي
هذه تجربتي في تدريس مادة النحو في المرحلة الثانوية وأحسب أنها ناجحة حسب تقديري ووفق ما لمسته من الطلاب ولله الحمد
في الأسبوع القادم سأتكلم بحول الله عن مادة الأدب وهو حديث شيق وتجربة أجمل لأن ثلاثة أرباع جدولي كان مواد أدب ومرت علي فترات لم أكن أدرّس غيرها
ألقاكم على خير وفي أمان الله
