إعلانات المنتدى


أ أعود...يا أبي؟

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

فجرالنور

مراقبة سابقة
10 مايو 2008
3,406
112
0
الجنس
أنثى

%D8%A8%D8%B3%D9%85_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%85.png




مضى الآن على فراق الأهل والوطن سبعة وعشرون عاماً.. فقط...... ! ولم تظهر للفراق نهاية.. وكأننا نسير على طريق أهل الكهف الذين صاروا غرباء حين عادوا إلى وطنهم... كنتُ أحرصُ على الاتصال هاتفياً بوالدي - رحمه الله - وفي كلِّ اتصال كان يقولُ لي: أخشى - يا فيصل - أن أذهب ولا أراك.... ! وكانت هذه العبارة تحزّ في نفسي وتغوصُ في أعماق قلبي كالسكّين، ومع ذلك كنتُ أمَني النفس وأدعو الله - تعالى -أن يُطيلَ عمره وعمر الوالدة، وأن يُفرِّج كربَتنا و أن يجمع شملنا في الدنيا قبل الآخرة.

حتى جاءت المفاجأة الصاعقة حين اختاره الله إلى جواره.. ! ثمّ تبعته الوالدة - رحمها الله -... فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله... ! أجلْ.. ! لا حول و لا قوّة إلاّ بالله.. ! فقلتُ مخاطباً والدي:

أ أعـودُ لا ألـقـاكَ فـي الـميعاد ؟ *** و أرى الـبـلاد هناك غيرَ بلادي ؟

أ أعـودُ تُـنكِرني الديارُ.. أما دَرَتْ *** أنّـي أراهـا كـالـغـريب البادي ؟

عـبـثَ الـزمـانُ بـوجنتينا مثلما *** عـبـثَ الـظـلامُ بـفـجرنا الوقّادِ

أ أعـودُ تـصـفـعني الفجاءةُ عندما *** ألـقـى بـبـابِ الـدار لونَ حِدادِ ؟

و الـدمـعُ يـنتظرُ الغريبَ.. أما له *** حـقٌّ بـبـسـمـةِ فـرحةٍ وَ ودادِ ؟

الـدارُ تُـشـرقُ لـلـغريبِ إذا دنا *** مـا بـالُ فـرحـتِنا اكتستْ بسوادِ ؟

و الـنـاظـرونَ يـرونَ كهلاً تائهاً *** مـثـلَ الـيـتـيـم جرى بلا إرشادِ

و يصيحُ: أين أبي و أمّي.. ؟ أين مَن؟ *** بـذلا نـفـيـس العُمر في إسعادي؟

أنـا مـا سـمعتُ وَ لا رأيتُ سواهما *** قـمـراً وشـمـسـاً أشـرقا بفؤادي

و لـذاكَ أظـلـمـت الأماني عندما *** وردا غـروبَ الـعُـمـر كـالأجدادِ

غـابـا.. و كنتُ عن المنازل غائباً *** و أكــابــدُ الآلامَ فـي الإبـعـادِ

فـجَـرَعـتُ حزني مرتين: لغربتي*** ولـغـيـبـتـي عـن مأتم ٍ و حِدادِ

كـم غـصتُ في بحر الأماني حالماً *** بـلـقـاء أحـبـابـي على الميعادِ

أرنـو إلـى الآفـاق أرقـبُ عـودة *** و أعـيـشُ لِـلآمـال بـالـمرصادِ

و أتـوقُ لـلـيـوم السعيدِ.. لعلني *** ألـقـاهـمـا لـيـجـدِّدا مـيلادي

و أعُـبُّ مِـن بـحـر المسرّةِ ظامئاً *** و كـأنَّ عـيـدي مـجـمعُ الأعيادِ

هـيـهـاتَ ! ما كلُّ المُنى تسخو لنا *** إلاّ إذا شـاءَ الـكـريـمُ الـهادي !

أ أعـودُ؟ أرّقـني السؤالُ و لا أرى *** سِـمَـةَ الجوابِ عن السؤال الصادي

أ أعـودُ والأطـيـارُ ما عادتْ معي*** كـي أُبـتـلـى بـعناكبٍ و جَرادِ ؟

و بـقـيـتُ فـي تِيهِِ الأمانيْ حائراً *** مـتـردِّداً فـي زحـمـةِ الأضـدادِ

أ أعـودُ أم لا؟ صـارمـان تصاولا *** و تـجـالـدا.. و أنا رهينُ سُهادي

مـا بـيـن شـوقٍ عـارم ٍ متلهفٍ *** و حـواجـز الأطـمـاع و الأحـقادِ

يـا غُـربـة ً طـالتْ فصارتْ دَيْدَناً*** لأدورَ بـيـن حـواضـر ٍ و بـوادٍ

عُـمـري مـضـى مـترقباً متفائلاً *** مـتـحـمِّـسـاً مـتـشـبِّثاً ببلادي

مـا الـنـفعُ؟ والأيامُ تطوي عمرَنا *** و تـفـيـضُ بـالأولادِ و الأحفاد ِ؟

يـا حـسـرتـا! لا يعرفون بلادَهم *** و جــدودَهـم و بـقـيـة الأنـدادِ

فـي كـهـفِ غـربتِنا نمتْ أجيالُنا *** و غـدتْ قـوافـلـنـا بـغير جيادِ

أسـلـمـتُ وجهي للذي خلق المُنى*** و مــحـقـق الآمـال والإسـعـادِ

أرضـى بـما يرضى.. لأني موقنٌ*** فـي ذاك كـلُّ سـعـادتي و مُرادي

الـحـمدُ دأبي ما حييتُ.. و مُتعتي *** صـبـرٌ... و تـسبيحي له إنشادي



الكاتب : فيصل بن محمد الحجي
تقديم :
فجرالنور
tumblr_mowg3yC8N71s82esco1_500.gif

 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

أحمد النبوي

مراقب الأركان العلمية
مراقب عام
19 يناير 2009
2,950
662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: أ أعود...يا أبي؟

القصيدة من الكامل
أسأل الله أن يرحم أموات المسلمين أجمعين
وأن يجمعنا بهم في مقعد صدق وفي ظل عرشه يوم يتفرق الأحباب
وبهذه المناسبة أقول لشاعرنا الذي أدمى قلوبنا بغربته وفوت والديه في الدنيا:
لا تحزن فعما قريب نكون معهم
لكن...
نسأل الله أن نكون على الطريق المستقيم:

بتجمع الأشهاد في العرصاتِ

تتقابلون بفرحةٍ وودادِ
ومنازل الأبرار قد فتحت لكم

يا سعدكم يا سعدكم بالزادِ

 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع