- 24 مايو 2014
- 724
- 112
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمود خليل الحصري
- علم البلد
-
:

أشعار قيلت فى رثاء القانونى
وما قيل من الشعر فى حقه , وبما رثاه العلماء والشعراء , وهذه القصائد لم يوردها المعاصرين فى كتبهم , وهى تنشر الآن لأول مرة ولله الحمد والمنة فى هذا المنتدى الشامخ :
كان من أعظم ما قيل من الشعر هو ما نظمه المفتى أبى السعود صاحب التفسير فى وفاة السلطان سليمان :
أصوت صاعقةٍ أم نفخةُ الصورِ *** فالأرض قد مُلئت من نقرِ ناقورِ
أصاب منها الورى دهياء داهيةٍ *** وذاق منها البرايا صعقةَ الطورِ
تهدّمت بقعة الدنيا لوقعتها *** وانهدّ ما كان من سور ومن دورِ
أمسى معالمها تَيْمَاءَ مُقفرةً *** ما فى المنازل من دار ودَيُّورِ
تصدّعت قُلَلُ الأطواد وارتعدت *** كأنها قلب مرعوب ومذعورِ
واغبرَّ ناصيةُ الخضراءِ وانكدرت *** وكاد ان تمتلىء الغبراء بالمورِ
فمن كئيب وملهوف ومن دَنِف *** عَانٍ بسلسلة الأحزانِ مَأسورِ
فيا له من حديث موحش نكد *** يعافه السَّمع مكروه ومنفورِ
تاهت عقول الورى من هول وحشته *** فأصبحوا مثل مسجون ومسحور
تقطَّعت قِطعاً منه القلوب فلا *** يكاد يوجد قلبٌ غير مكسورِ
أجفانهم سفن مشحونةٌ بدم *** تجرى ببحر من العبْراتِ مسجورِ
أتى بوجه نهار لا ضياء له *** كأنّها غارة شنّت بديْجورِ
أم ذاك نعى سليمان الزمان ومن *** مضت أوامره فى كل مأمورِ
من ملا جملة الدنيا مهابته *** وسخّرت كل جبّار وتيْهورِ
مدار سلطنة الدنيا ومركزها *** خليفةُ الله فى الآفاق مذكورِ
مُعلى معالم دين الله مُظهرها *** فى العالمين بسعى منه مشكورِ
وحسن رأى الى الخيرات مُنصرف *** وصدقُ عزم على الألطاف مقصورِ
بآية العدل والإحسان مُمْتثِلٍ *** بغاية القسطِ والإنصافِ موفورِ
مجاهد فى سبيل الله مجتهد *** مؤيد من جناب القسط منصورِ
بلهذمىّ إلى الأعداء منعطفٍ *** ومشرفىّ على الكفار مشهورِ
وراية رُفعت للمجد خافقةً *** تحْوى على علمٍ بالنصر منشورِ
وعسكر ملأ الآفاق مُحتشدٍ *** من كل قطر من الأقطار محشورِ
له وقائع فى الأعداء شائعةٍ *** وأخبارها زُبرت فى كل طامورِ
يا نفس ما لكِ فى الدنيا مخلّفةٌ *** من بعد رحلته عن هذه الدورِ
وكيف تمشين فوق الأرض غافلة *** أليس جثمانه فيها بمقبورِ
فللمنايا مواقيت مقدّرة *** تأتى على قدرٍ فى اللوح مسطورِ
وليس فى شأنها للناس من أثر *** ومدخل ما بتقديم وتأخيرِ
إذ لستِ مأمورةً بالمستحيل ولا *** بما يُنْوى بمجذولٍ ومسرورِ
وا تظنّنّه قد مات بل هو ذا *** حىٌ بنصٍ من القرآنِ مزبورِ
له نعيم وأرزاق مقدرة *** تُجرى عليه بوجه غير مشعور
إن المنايا إن عمّت محرّمة *** على شهيد جميل الحال مبرورِ
مرابطٌ فى سبيل الله مقتحمٌ *** معارك الحتف بالرضّوان مأجورِ
ما مات بل نال عيشا باقيا ابدا *** عن عيش فانٍ بكل الشر مغمورِ
إبتاع سلطنة العقبى بسلطنة *** الدنيا فأعظم بربح غير محصورِ
بل حاز كلتيْهما إذ حلّ منزله *** من لم يغايره فى أمر ومأمورِ
أما ترى ملكه المحمى آل إلى *** سرّ سَرِىٍ له فى الدهر مشهورِ
ولىّ سلطنة الآفاق مالكها *** برا وبحرا بعين اللطف منظورِ
-------------------------------------------------------
ومن أعظم ما قيل وهى مؤثرة جدا , أوردها عبد الرحيم العباسىّ فى كتابه منح البرية , ولعلها من نظمه هو وقد كان شاعرا فحلا , قال رحمه الله :-
كأن لم تكن للكفر داراً ولم يقم *** بها قائم نعماء مولاه يكفرُ
وصار بها الإسلام فى أرفع الذُّرا *** تتيه بمجدٍ من عُلاه وتفخرُ
وأعلن بالتوحيد من كان ساكتاً *** وخافَتَ بالإشراك من كان يجهرُ
وقام منارٌ الدين بعد قعوده *** وظل به يزهو سريرٌ ومنبرُ
وتاهت على كل البلاد بدولة *** لها السعد عبدٌ طوع ما يأتى تأمّرُ
وأضحت وأعناق الممالك خُضعا *** لديها وجبهات الملوك تُعفّرُ
بِسَعدِ سليمانَ الزمان ومن له *** إله البرايا ناصرٌ ومظفّرُ
مليك حباه الله ملكا مُؤيداً *** يجدُّ على مر الليالى ويُذكرُ
مليكٌ له عمزٌ إذا ما انتضان لا *** يقاربه ماضٍ صقيلٌ وأبترُ
مليكٌ إذا ما همّ أيسر همّةٍ *** لقصدٍ تسنى مسرعاً لا يُقصرُ
مليكٌ أبادَ الكفرَ رعبا فلم يدع *** لهم أنفساً إلا بذكراه تُذعرُ
مليكٌ يرى أن ليس فى الأرض مشتهى *** سوى منع دين الله مما يُغيّرُ
مليكٌ له فوق السمّاكين رتبةٌ *** جميع المعالى دونها تتقهقرُ
مليكٌ بدا فى الكون للناس رحمة *** به كل مكسورٍ من الدهر يُجبرُ
مليكٌ يُحارُ الفهم فى كُنهِ وصفهِ *** ويعجز عنه التفكير حين يَفكّرُ
إذا قال فيه الشعرَ أشعرُ شاعرٍ *** ولو أنه الشعرى لما كان يشعرُ
ولكنه بالحلم يُغضى عن الذى *** يُقصّرُ بعد الجهد فضلاً ويعذرُ
فلا زال فى سعدٍ يدوم ودولةٍ *** مخلّدةٍ ما قال بِشراً مُبشّرُ
-------------------------------------------------------
ومما ذكره صاحب العقد المنظوم كذلك :-
مضى ملك الدنيا ولم يبق مشرق *** ولا مغرب إلا له فيه نائح
ولم يُغن عنه ماله ورجاله *** من الموت شيئا والخيول السوابح
وما انا من رزء وان جل فاجع *** ولا بحبور بعد موتك فارح
وقل للمنايا قد ظفرت سميدعا *** براجمه للمشرقين مفاتح
وقل للعطايا بعد ذاك تعطلى *** فإن ولى الجود والطول طائح
إمام الهدى بحر الندى قامع العدا *** سليمان من بالفضل للناس سامح
لقد دُفن المجد الرفيع بدفنه *** وعزّ منيع والخلال الصوالح
وجد لرايات السيادة ناصب *** وجد لآيات السعادة واضح
وقد بكت الأقلام اذ فاض بالاسى *** عليه كما رنت عليه الصفائح
ذر الموت يُفنى من أراد فإنه *** ثوى اليوم من يخشى عليه الفوادح
اذا أعجلت سهما من العيش ناعما *** فمن خلفه سهم من البؤس فادح
سلاف قصاراها زعاف ومركب *** شهى اذا استلذذته فهو جامح
وقد جاد ما قد قيل فى وصف حظها *** وماهو وصف ان تدبرت صالح
رويدك يا من غرهطيف عزها *** فعما قليل عنك ذاك نازح
وما هو إلا كالشهاب وضوئه *** يزول بآن بعدما هو لائح
وأودى ولكن طيب ذكراه خالد *** الى الحشر يبقى وهو كالمسك فائح
الا أيها الملك السعيد المكرم *** عليك سلام الله ماحن صادح
ونقل ايضا فى كتابه : -
نسيم الصبا رقت بأشجان فرقة *** حمامة ذات السدر جنت من الذعرِ
أحامى حمى الاسلام أودى وهل له *** نعيت لدين أنت مالك من عذرِ
أزالت من الدنيا مراسم بهجة *** وآلت مسرات الزمان الى الضرِ
دموعى جودى فى رزية عادل *** عديل ابن خطاب مثيل أبى بكرِ
لقد ذاق من كاس الحمام امامنا *** امام الهدى بحر الندى طيب البشرِ
أنام أنام العهد فى مهد عدله *** فراح الى دوح على سندس خضرِ
تفضلت الأيام بالجمع بيننا *** ففرق من أجل القصور عن الشكرِ
كذلك دهر الدهر بؤس ونعمة *** وناهيك تلك الحل فى الوعظ والذكرِ
فوا حسرتا ان أنزل الدهر مثله *** من القصر فى قعر الجنادل والصخرِ
فما اخضرّ بالمروين بعدك عوده *** وما غردت ورقاء فى الروض ذى النورِ
وما قلبت أيدى الفوارس بعده *** رماحا لدى الهيجاء ذى الكر والفرِ
سقى الله قبرا من سحائب نعمه *** تضمن بحرا فى الندى صافى البرِ
ألا أيها الملك الشهيد المجاهد حليما *** كريما قد مضى طيب الذكرِ
عليك من الرحمن فضل ورحمة *** وروح وريحان مدى الدهر والعصرِ
كما أنت فى الأولى بعز ونعمة *** كذلك فى الأخرى وفى الحشر والنشر
-------------------------------------------------------
وذكر فى النور السافر فى أخبار القرن العاشر :-
لعمرك ما الأعمار إلا مراحلُ ***وفيها مرور الحادثات مناهلُ
كأن بنى العباس سنت سوادها *** عليه وبالأعلام قاست دلائلُ
وكان عماد الدين فى كل حادث *** وسلطانه بالنصر للشرع حافلُ
وجثته فى الأرض أضحت دفينة *** ومن شأنها تحوى الكتوز الجنادلُ
فكم حىّ قلب قد تقلب فى الغضا *** عليه وكم عقل غدا وهو ذاهلُ
وكم أنفق الأموال فى الغزو قائلاً *** إلا فى سبيل الله ما أنا فاعلُ
شياطين أهل الكفر ولت لأنها *** سليمان وافا وهو للشرك خاذلُ
غزاهم بعزم كالشهاب وقد سما *** ومن حوله عد النجوم جحافلُ
أسود لها لهف الدروع مواطن *** وغاباتها سمر القنا والعواملُ
-------------------------------------------------------
وللأديب ماميه الانقشارى فى تاريخ وفاته شعراً :
انتقل العادل من دنيته *** جاور الرحمن والمولى الرحيم
قالت الأقطاب فى تاريخه *** "مات سليمان بن سلطان سليم"
-------------------------------------------------------