إعلانات المنتدى


خطبة أهمية الوقت 1/3/1416هـ للشيخ سعود الشريم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
بســــــــــــم الله الرحمــــــــــــن الرحيــــــــــــم
السلام عليكــــــــــم ورحمـــــــــــة الله وبركاته

أهميــــــــــة الوقــــت للشيـــــــــــــــخ /سعـــــــــــــــود الشــــــــريم ...

الخطبـــــــــــــــــــة الأولــــــــــى ....

الحمد لله رب الأرباب، ومسبب الأسباب، وخالق خلقه من تراب، أظهر آثار قدرته في كل مكان، وأبدى أنوار هدايته في كل أوان ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً ﴾[الفرقان: 62].
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أخلص لربه قلبه وخفض له وقته، فمنحه الله رضاه وحبه، فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمــــــــــــــا بعــــــــد :

فأوصيكم ـ أيها الناس ـ ونفسي بتقوى الله ـ عز وجل ـ، اتقوا الله واعبدوه، واسجدوا له، وافعلوا الخير لعلكم تفلحون.
عباد الله: إن العمر الذي يملكه الإنسان، نعمة كبرى يحمد الله عليها، والحياة أمامه فرصة للنجاح، ولذلك امتن الله بالشروق والغروب على عباده فقال: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾[غافر: 61]. أقسم سبحانه بالزمن في غير ما آية من كتابه فقال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾[الليل:1-2]، وقال سبحانه: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ﴾[التكوير: 17، 18]. وقال عز وجل: ﴿ وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾[الفجر: 1-2]. وقال عز من قائل حكيم: ﴿ وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[العصر:1-3]. أقسم الله بالزمن، لما فيه من الأعاجيب، ولأن الزمن جملة أصول النعم، وفرصة سانحة أمام الإنسان يوصف بالحمق إن ضيعها.
أقسم الله بالزمن، فعلم من ذلك أن حياة الإنسان أنفاس تتردد وتتعدد، وآمال تضيع إن لم تتحدد، ودقات قلب المرء في صدره، تشعره في كل لحظة بأن الحياة دقائق وثوان، تمر به متوالية متتابعة؛ ولذلك قيل: المؤمن وليد وقته؛ لأنه يسير في حياته على خطي ونظام، يستغل من خلالها كل مقدار من وقته دون تسويف أو إبطاء، ودون تخليط أو اضطراب، يلوح له في الأفق طيف حكيم يقول له: لكل وقت آداب، فمن لزم آداب الأوقات بلغ مبلغ الرجال. ويقول له: الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، بل الوقت هو الحياة.. المسلم الحق يغالي بالوقت مغالاة شديدة؛ لأن الوقت عمره، فإذا سمح بضياعه، وترك العوادي تنهبه فهو ينتحر بهذا المسلك الطائش.
يعبر الماديون فيقولون: الوقت من ذهب. وخابوا وخسروا، لأن كل نظرة من نظراتهم للدنيا، توحي إليهم أن الحياة مادة، فهم لا معيار عندهم إلا معيار المادة، فلها يحيون وبها يعيشون، وعليها يوالون ويعادون، ومن هنا اعترض اليهود على أن بعث الله فيهم من يقودهم، ويقيم فيهم شرع الله، ممن عمر وقته بطاعة الله، والدعوة إليه، والعمل فيما يرضيه ﴿ قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ المُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ المَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي العِلْمِ وَالْجِسْمِ﴾[البقرة: 247]، بسطة في العلم، وبسطة في الجسم، يفسرهما قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس، الصحة والفراغ )، أخرجه البخاري؛ لأن الناس إذا توافرت لهم الصحة، وامتد أمامهم حبل الفراغ، ولم يحسنوا استخدام ذلك في العمل المبرور، والسعي المشكور، فقد باءوا بالفشل الذريع، والخسران المبين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اغتنم خمسًا قبل خمس: حياتك قبل موتك، وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك، وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك )، أخرجه الحاكم والبيهقي.
هذا الحديث المنبعث من مشكاة النبوة، يمثل أيام الإنسان، بأنها حبل ممدود، لا يدري متى ينقطع، فهو عرضة للضياع، وأوان للانقطاع، فلربما شاعت الفرصة، وانقلبت البسمة غصة، ومن ثم كان لزامًا على المؤمن، ألا يلتفت إلى الماضي، لينفعجع عليه فيقنط، أو يحزن عليه فيكسل، ولا يتلهف على المستقبل، يريد أن يعرفه قبل أوانه، بل يرى حاضره فرصة سانحة، ينتهزها وينجزها، ومتى سيطرت هذه النزعة المندوبة على المرء المسلم، جعلته سلطانًا ولو كان في زي المملوكين، وجعلته يحس أنه ليس بينه وبين عظماء الدنيا، إلا يوم واحد، أما أمس فلا يجدون لذته، ولا يجد هو شدته. وأما الغد فإنه وإياهم منه على خطر، فما هو إلا اليوم، فما عسى أن يكون، فما مضى فات، والمؤمل غيب، وما له إلا الساعة التي هو فيها، ولن يستطيع رد الأمس، في اليوم الجديد.
والمفرط، بين يديه عقبة كؤود ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ المُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ ﴾ ، ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ .
عبـــاد الله : إن الشباب حياة، والحياة شباب، الشباب للذكور والإناث، واحة فريدة في صحراء الحياة، وهو الربيع في سنة العمر. ولست أعني الشباب الغض الناعم، الذي ترق عنده الحياة، فتسحره بالنظرات المغرية، وتجمع له لذائذ الدنيا، في لحظة مسكرة أو شبهة عارضة، الشباب الذي يعيش للهوى وأحلام اليقظة، فيبدأ تاريخ حياته بالحاء فلا يلبث أن ينتهي بالباء ديدن حياته، يقوم على هذين الحرفين، كلا؛ ليس الشباب كذلك، إنما أعني الشباب الحي العامل، الذي وضع له غاية في العيش أبعد من مجرد العيش، فهو في جهاد مع وقته ونفسه، والهوى والشيطان، فإذا مات قلبه، وأضاع وقته وجهده، فهو شيخ، ولو كان في العشرين من عمره، وكل من كان له قلب، وبرزت معالم عبادته، فهو شاب ولو شابت لحيته وابيض رأسه؛ لأنه بدا من فعله استحضار قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ( أعذر الله ـ عز وجل ـ إلى امرئ أخر عمره حتى بلغه ستين سنة )، البخاري. أي: أزال عذره، ولم يبق له موضعًا للاعتذار، إذ أمهله مدة مديدة من العمر.
أيــــها المسلمون : إن للشباب مرحلة من أخطر المراحل في حياة الناس؛ لأنها مرحلة قوة بين ضعفين، ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة، ولما كان الشباب من العمر وسيسأل الإنسان عن عمره؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خص الشباب في قوله: ( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن خمس، وذكر منها وعن شبابه فيما أبلاه )، الترمذي.
إن بقاء الشباب في الأجازات العامة دون استغلال ولا إشغال ينشء مشاكل متوالية على الأسرة والمجتمع، بحيث لا يؤيهم إلا الطرق والممرات، فَيُزعجون، ويوقظون ويضايقون، وتكون لهم الطرق مدارس شيطانية تعلمهم كل بذيء من القول وقبيح من الفعل.
إن إحساس الشباب بالفراغ مع كمال الصحة أمر طبيعي معقول، ولكن الذي لا يكون أبدًا طبيعيًا ولا معقولاً أن يحس الشاب والشابة بهذا كله، ثم يضطرهما المجتمع بأسلوبه على مختلف المحاور، إلى أن يملأوا فراغهم باللهو فيما يسخط الله ورسوله، فيملأون فراغهم بلهو صارخ وأفلام رخيصة، ودعايات مضللة إلا من رحم الله، يبذلون الصحة والفراغ، في لذة عارضة، ومتعة عابرة، ولربما ملأ بعضهم فراغه، بالسفر إلى بلاد الكفار، ليتلقفهم أهل الكفر بقضهم و قضيضهم، فيفقدوهم خصائصهم الإسلامية، التي بها قوامهم، ومن ثم يميلون إلى جَلْبِ أسوأ ما عند غيرهم ممن يخالطونه في بلاد الكفار، أو في بلاد تشبهها، ويتوهمون أن كل ما عند غيرهم من أهل اللهو والغفلة، خير مما عندهم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا بريء من مسلم بين ظهراني المشركين ) ، أبو داود والترمذي.
إن مستقبل المسلمين، يجب أن يصنع في بلادهم، وعلى أرضهم بكدحهم وأخلاقهم، بإشغال أوقاتهم في كل ما من شأنه خدمة الإسلام والمسلمين، وعلى المسلمين جميعًا، أن يكفوا عن أخلاق التسول بكل صنوفه في طاقاتهم، ومقدراتهم وأخلاقهم وسياساتهم، والأمم التي تبني مستقبلها على التسول، أمم ضائعة، في تيه العقل الشحاذ، فهي لا تصلح للحياة.
إن على المجتمعات الإسلامية، أن توجد للشباب في عطلهم أعمالاً تقوّم أخلاقهم، وترفع من ثقافتهم، وتحد من عبثهم وضياع أوقاتهم سدى، وتنشلهم من أحضان البطالة، التي تولد آلاف الرذائل، وتكتنف جراثيم التلاشي والفناء، وعلى المجتمعات المسلمة، أن تقنع الشباب من واقع فعلها، أن العمل رسالة الأحياء، وأن العاطلين موتى، وأنهم أحرى الناس أن يحشروا مفلسين لا حصاد لهم إلا البوار والخسران.
إن على المجتمعات المسلمة، أن تضع سياسات محكمة، للإنشاء الدائم، والبناء المستمر المستقى من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وسيرة السلف الصالح، وأن تتحكم في أوقات الفراغ، لا بالإفادة منها بعد أن توجد فحسب، ولكن بإيجاد الجهد، الذي يستنفد كل طاقة، ويوجه هذا وذاك، إلا ما ينفعه في معاشه ومعاده، حتى لا يبقى مجال، يشعر الشباب بعده أنهم لا عمل لهم.
إن الشباب المسلم أحوج أهل الأرض إلى مربين أمناء، يدركون استغلال قوته في الخير، وتهذيب غرائزه فيما أباح الله، بلا تمرد ولا انزلاق.
عباد الله: إن شرائع الإسلام تدور على جهاد النفس وجهاد الناس، وكلا الجهادين يستغرق العمل كله، لحظة لحظة، ولقد كان شغل الوقت كله، بكلا الجهادين أمرًا معروفًا في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فما استراح من مناهضة الكفر في فج من فجاج الأرض، إلا تحول بعده إلى فج آخر، يعمره بالإيمان والتقوى، وسار الصحابة من بعده رضوان الله عليهم، فلم يدعوا مجالاً للقعود، فملأوا بقاع الأرض بأضواء الإيمان، والذي حدث بعد ذلك، أن ترك المسلمون هذه الواجبات، فراغ بعضهم على بعض، وعاثت بينهم الفتن، ثم خلفت خلوف، ضيعت الأوقات في التهويش والتحريش، في العلن تارة، وفي السر تارات، بالغيبة والنميمة، والمعارك الكلامية، والاتهامات الرخيصة، التي لا صحيح فيها، إلا أنها غير صحيحة؛ فأدت بهم إلى بطر الحق، وغمط الناس، وشارك أولئك أعداءهم، من حيث يشعرون أو لا يشعرون، ويزداد الأمر علة، والطين بلة، إذا وقعت تلك المآسي ممن ينتسب إلى العلم والدعوة على حين غفلة عن قول الله تعالى: ﴿ وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾[الإسراء: 53]. وقوله: ﴿ لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ﴾[النساء: 114].
فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ، واعلموا أن الوقت وحي التقضي، أبيّ الجانب، بطيء الرجوع؛ فلا تضيعوا منه لحظة في غير قربة. والويل ثم الويل، لمن تلمح الشهوات، وعمره في إدبار، والموت في إقبال، كيف يبقى على حالته، من يعمل لدهر في إحالته، بل كيف تطيب الدنيا، لمن لا يأمن الموت ساعة، ولا يتم له سرور يوم؟!.
إن في الماضي للمقيم عبرة، وليس المرء من غده على ثقة بالأمس، يقول: أريد أن أكون، واليوم يقول: أنا قد كنت، والواردات سريعة الزوال، تمر أسرع من السحاب، وينقضي الوقت بما فيه، فلا يعود على الإنسان منه، إلا أثره وحكمه.
فاتق الله ـ أيها المسلم ـ، واعلم أن العمر إذا مر لا يعود، والزمن يسير بالمقيم، فاختر لنفسك من وقتك، فإنه عائد عليك لا محالة، ولهذا يقال للسعداء: ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الأَيَّامِ الخَالِيَةِ ﴾[الحاقة: 24].
ويقال للأشقياء: ﴿ ذَلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ ﴾ . فاشتر نفسك ـ أيها المسلم ـ، ما دامت السوق قائمة، والثمن موجودًا، ولا تسمعن حديث التسويف، فما لغد من حادث بكفيل.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ ﴾ بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما تسمعون وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.



الخطبــــــــــــــــــــــــــة الثانيــــــــــــــــــة ...
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان.

أمـــــــــــا بعـــــــد :

فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ، واعلموا أن الفراغ في الأمة، يدمر ألوف الكفايات والمواهب، ويخفيها وراء ركام هائل من الاستهانة والاستكانة، وينتبع هذا الإهدار الشنيع لقيمة الوقت والعمل مصائب لا حصر لها، في الأحوال الدينية، والسياسية، والاقتصادية والاجتماعية، فلا جرم، أن شعوبًا بأسرها، تسقط في هوة سحيقة، لأنها تستخف بالأوقات فلا عمل لها، استهلكها الفراغ، وأسلمها للفناء، وانتشرت في ربوعها آثام الفراغ والبطالة.
والواجب على المسلمين أن يتعظوا بالزمن، ويتتبعوا آيات الله في الآفاق، ويتدبروا أحوال الأمم، كيف تقوم وكيف تنهار، وكيف تتقلب بين ازدهار وانحدار.
واعلموا ـ عباد الله ـ أن جهود الأعداء في محاولة صرف المسلمين، عن استثمار أوقاتهم،وتوفير فرص اللهو والعبث، وتهيئة وسائله كثيرة جدًا، وعالمنا اليوم ليس عالم غزو الفضاء فحسب، بل هو غزو للأفكار رهيب، تستخدم فيه الوسائل الحديثة وتنفق في سبيله الأموال الطائلة عبر قنواته المختلفة.
ولن يصلح أمر هذه الأمة، إلا بما صلح به أولها، وذلك بالسير على ما سار عليه السلف الصالح، في الاهتمام بالأوقات، وتقديرها حق قدرها.
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت فيه شمسه، نقص فيه أجلي، ولم يزد فيه عملي.
وقال الحسن البصري: أدركت أقوامًا، كانوا على أوقاتهمن أشد حرصًا من حرصكم على دراهمكم ودنانيركم.
وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي يقول: أثقل الساعات علي: ساعة آكل فيها.
ونقل عن ابن جرير الطبري المفسر المشهور، أنه قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ قال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه. فقال: إنا لله!!! ماتت الهمم. فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة.
قال ابن الجوزي ـ رحمه الله ـ: رأيت عموم الخلائق يدفعون الزمن دفعًا عجيبًا؛ إن طال الليل فبشيء لا ينفع، وإن طال النهار فبالنوم، وهم في أطراف النهار على دجلة أو في الأسواق.
ولقد شاهدت خلقًا كثيرًا، لا يعرفون معنى الحياة، فمنهم من يخلو بلعب الشطرنج، ومنهم من يقطع الزمان بكثرة الحوادث عن السلاطين والغلاء والرخص إلى غير ذلك. فعلمت أن الله تعالى لم يُطلع على شرف العمر ومعرفة قدر أوقات العافية، إلا من وفقه وألهمه اغتنام ذلك ﴿ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ﴾[فصلت: 35].
هذا وصلوا ـ رحمكم الله ـ على خير البرية، وأفضل البشرية، محمد بن عبد الله بن عبد المطلب.



للإستمــــــــــــــــــــــــاع ...
http://www.archive.org/download/aaaa1414-1416/1416-03-01_.mp3

والســــــــــــــــلام عليكــــــــــــم ورحمـــــــــــــة الله وبركـــــــــــاته ...



منقول من
شبكة ومنتديات الشيخ سعود الشريم
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

الموجودة

مشرفة قديرة سابقة
5 يناير 2010
8,498
406
83
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: خطبة أهمية الوقت 1/3/1416هـ للشيخ سعود الشريم

بارك الله فيك وأثابك الجنـــــــــــة
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

محمد أمسا

مشرف سابق
17 فبراير 2011
1,920
321
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
توفيق الصائغ
علم البلد
رد: خطبة أهمية الوقت 1/3/1416هـ للشيخ سعود الشريم

جزاك الله خيرا
 
  • أعجبني
التفاعلات: شخص واحد

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,999
1
5,662
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع