- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
الناس في هذه الحياة على صنفين : إما سادة أحرار قد ملكوا زمام أمورهم وتحرروا من عبوديتهم لغير الله تعالى , وإما عبيد قد أرهقهم الرق فصاروا عبيداً للأموال والشهوات , وأُسارى للفتن والشبهات , فلم تكن عبوديتهم لله خالصة , بل أشركوا معه غيره في العبادة والولاء . فأما الصنف الأول : فهم السادة الأحرار الذين توجهوا بالعبودية والتوحيد لله تعالى دون سواه , ولم تعرف قلوبهم ربا ولا خالقا ولا رازقا غيره . فهم أحرار لأنهم قد تحرروا من عبادة الطواغيت والهوى والذات , فلا طاغوت عندهم يعبد , قال تعالى : \" وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) سورة الزمر , ولا هوى لديهم يطاع , قال تعالى : \" وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) سورة النازعات . وهم الذين ملأوا صدورهم باليقين بما عند الله تعالى , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :إِنَّ اللّهَ تَعَالَى يَقُولُ : يَا ابْنَ آدم تَفَرَّغْ لِعِبَادَتِي أمْلأْ صَدْرَكَ غِنًى وَأسُدَّ فَقْرَكَ ، وَإِلاَ تَفْعَلْ مَلأْتُ يَدَيْكَ شُغْلاً وَلَمْ أسُدَّ فَقْرَكَ. أخرجه أحمد 2/358(8681) و\"التِّرمِذي\" 2466 , و\"ابن ماجة\" 4107 الألباني في \" السلسلة الصحيحة \" 3 / 346 . كما أنهم أعزة ، على الكافرين لا يقبلون الذلة والهوان في دينهم ودنياهم كما وصفهم تبارك وتعالى " أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ " ( 54 ) المائدة والصنف الثاني : العبيد ؛ الذين كانت عبوديتهم لغير الله تعالى , ولم يدركوا أن الذل في ساحته عزا , وأن العبودية في طاعته تحرراً وفخرا . فهم إذا عبدوا الله عبدوه على حرف , روى عطية عن أبي سعيد الخدري قال: أسلم رجل من اليهود فذهب بصره وماله وولده وتشاءم بالإسلام، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أقلني، ونزلت \" ومن الناس من يعبد الله على حرف \". زاد المسير في علم التفسير , لابن الجوزي 5/404. وهم يفضلون المال ويتوجهون إليه بالولاء والخضوع , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ ، إِنْ أُعْطِىَ رَضِىَ ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ ، وَإِذَا شِيكَ فَلاَ انْتَقَشَ ... . أخرجه البخاري 4/41(2886) و\"ابن ماجة\" 4135. فالآن – أيها الحبيب – سل نفسك : هل أنا حرّ أم عبد ؟ . فإذا كنت حراً فهل كانت حريتك مستمدة من عبوديتك لله تعالى وحسن إخلاصك له ؟ . وإذا كنت عبداً فلمن عبوديتك الحقة , هل هي لله أم لغيره . اللهم انقلنا من ذل المعصية والعصيان إلى عز الطاعة والإيمان , واغفر لنا الذنوب والأدران , يا رحيم يا رحمان . منقول بتصرف من مقالات الدكتور بدر عبد الحميد هميسة |