- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،
الهَمة العالية: طاقةٌ تتوقد بداخل صاحبها تدفعه دفعاً قوياً لنيل المعالي والمنازل, وترفعه عن السفاسف والأمور الدنيئة الحقيرة، وتقويه على العوائق والعلائق والآفات التي يلاقيها.
لعل بعضنا يتذكر معصيةً ما قد أكثر منها، قد حاول مراراً وتكرراً أن يتخلص منها فلم يستطع، و ذات مرةٍ حاسب نفسه واستشعر التقصير فاستحى من الله -تعالى- واستحضر الرغبة والرهبة؛ فعَلَت همتُه وأجمَعَ طاقتَه، واستعلى بإيمانِه فقرر على الفور تركَ هذه المعصية، فخرج من حال إلى حال، فذاق حلاوة الإيمان وحلاوة النصر على شيطانه وهواه، كمن أقبلت على الحجاب من بعد زمن التبرج، ومن ترك التدخين مثلاً في لحظة حاسمة، ومن تخلّص من كسب حرام، وغير ذلك كثير.
هذه لحظات لعلو الهمة تذكَّرها؛ لتتذكر كم عادت عليك بخير؛ ولتستفيد منها.
والمؤمن في حياته التي هي في حقيقتها سير وسفر إلى الله -تعالى-، تلك الحياة بما فيها من فتنٍ ومحن و ابتلاءات، لابد له فيها من همة عالية تسيِّرُه وتقويه على عوائق وآفات الطريق، وترتفعُ به عن التعلق بالأمورِ الخسيسةِ الفانية التي تُجهِدُ سيرَهُ وتَسْتَنْفِدُ طاقتَه، بل وتولِّدُ في نفسه رغبةً جياشة في طلب المعالي والنفيس الباقي.
وكلُّ مَطلبٍ وهدفٍ دون الجنة هو عَرَضٌ قليل فانٍ، وزخارف زائلة تعوق السير إلى الغاية الكبرى إلا أن يُتخذَ عوناً وبلاغاً إلى الآخرة، إلى النعيم المقيم الذي لا ينفد.
فمن أدرك حقيقةَ الدنيا، وأنها امتحان سرعان ما ينفضّ لتُعلن النتائج، وأن حقيقتها مَعْبَرٌ ووسيلةٌ للآخرة، لم يطلب أمراً من أمور الدنيا مطلباً لذاته كغاية، ولجعلها بكل ما حصّل منها وسيلةً لرضا الله -تعالى-، وبلاغاً إلى دار الخلود. وهذا السبيل خير ما يُعمّرُ الدنيا والآخرة معاً، فهو يتقن عمله ويتقى ربّه، ولا يستعمل دنياه في الانحراف والفساد إنما يطلب بها رضا مولاه -جل وعلا-.
فالرزق والدنيا بأسرها لا تُطلب لذاتها إنما تُطلب وسيلةً لرضا الله وتعمير الآخرة، لأن السعادةَ الحقيقية سعادةُ القلبِ وسكونه وطمأنينتُه ورضاه، سواء أقبلت الدنيا أو أدبرت ولا يكون هذا إلا من عند الله وحده ولا يتحقق على التمام إلا بطاعته وذكره كما قال -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124)،
أما صاحب الهمة العالية لم يرضَ عن الله عوضاً، ولا يرضى بسوى الله -عز وجل- مطلباً وغاية، وجّهَ القلب بكليته إلى الله -عز وجل-، وحزم أمره وهمته على طلب النعيم الحقيقي والمقامات العالية، فعندها هانت عليه الدنيا وصغرت في عينيه كأدنى من جناح البعوضة، وعندها يسَهُل عليه البذل والتضحية بالنفس والمال والوقت وبكل شيء في سبيل الله -عز وجل- بل يصبح ذلك مصدر سعادته وقوته ونعيمه؛ لأنه يسير نحو غايته المنشودة، في الوقت الذي يظن فيه المنافقون وأصحاب القلوب المريضة أنه يُهلك نفسه أو يحرمها، ولا يدرون أنه إنما ينجيها ويرحمها، ويعزّها يوم تزل الأقدام، ويبنى لها قصوراً في دار الخلود لا تزول عنه ولا يزول عنها أبداً، ولكن أنّى للمُبعَد أن يدركَ النعيم الحقيقي!
قال ابن الجوزي -رحمه الله- في (صيد الخاطر):
(الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي، فينبغي لذي الهمة أن لا يقصِّر في شَوْطِه. فإنْ سَبَق فهو المقصود، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم يُلَمْ).
الهَمة العالية: طاقةٌ تتوقد بداخل صاحبها تدفعه دفعاً قوياً لنيل المعالي والمنازل, وترفعه عن السفاسف والأمور الدنيئة الحقيرة، وتقويه على العوائق والعلائق والآفات التي يلاقيها.
لعل بعضنا يتذكر معصيةً ما قد أكثر منها، قد حاول مراراً وتكرراً أن يتخلص منها فلم يستطع، و ذات مرةٍ حاسب نفسه واستشعر التقصير فاستحى من الله -تعالى- واستحضر الرغبة والرهبة؛ فعَلَت همتُه وأجمَعَ طاقتَه، واستعلى بإيمانِه فقرر على الفور تركَ هذه المعصية، فخرج من حال إلى حال، فذاق حلاوة الإيمان وحلاوة النصر على شيطانه وهواه، كمن أقبلت على الحجاب من بعد زمن التبرج، ومن ترك التدخين مثلاً في لحظة حاسمة، ومن تخلّص من كسب حرام، وغير ذلك كثير.
هذه لحظات لعلو الهمة تذكَّرها؛ لتتذكر كم عادت عليك بخير؛ ولتستفيد منها.
والمؤمن في حياته التي هي في حقيقتها سير وسفر إلى الله -تعالى-، تلك الحياة بما فيها من فتنٍ ومحن و ابتلاءات، لابد له فيها من همة عالية تسيِّرُه وتقويه على عوائق وآفات الطريق، وترتفعُ به عن التعلق بالأمورِ الخسيسةِ الفانية التي تُجهِدُ سيرَهُ وتَسْتَنْفِدُ طاقتَه، بل وتولِّدُ في نفسه رغبةً جياشة في طلب المعالي والنفيس الباقي.
وكلُّ مَطلبٍ وهدفٍ دون الجنة هو عَرَضٌ قليل فانٍ، وزخارف زائلة تعوق السير إلى الغاية الكبرى إلا أن يُتخذَ عوناً وبلاغاً إلى الآخرة، إلى النعيم المقيم الذي لا ينفد.
فمن أدرك حقيقةَ الدنيا، وأنها امتحان سرعان ما ينفضّ لتُعلن النتائج، وأن حقيقتها مَعْبَرٌ ووسيلةٌ للآخرة، لم يطلب أمراً من أمور الدنيا مطلباً لذاته كغاية، ولجعلها بكل ما حصّل منها وسيلةً لرضا الله -تعالى-، وبلاغاً إلى دار الخلود. وهذا السبيل خير ما يُعمّرُ الدنيا والآخرة معاً، فهو يتقن عمله ويتقى ربّه، ولا يستعمل دنياه في الانحراف والفساد إنما يطلب بها رضا مولاه -جل وعلا-.
فالرزق والدنيا بأسرها لا تُطلب لذاتها إنما تُطلب وسيلةً لرضا الله وتعمير الآخرة، لأن السعادةَ الحقيقية سعادةُ القلبِ وسكونه وطمأنينتُه ورضاه، سواء أقبلت الدنيا أو أدبرت ولا يكون هذا إلا من عند الله وحده ولا يتحقق على التمام إلا بطاعته وذكره كما قال -تعالى-: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 124)،
أما صاحب الهمة العالية لم يرضَ عن الله عوضاً، ولا يرضى بسوى الله -عز وجل- مطلباً وغاية، وجّهَ القلب بكليته إلى الله -عز وجل-، وحزم أمره وهمته على طلب النعيم الحقيقي والمقامات العالية، فعندها هانت عليه الدنيا وصغرت في عينيه كأدنى من جناح البعوضة، وعندها يسَهُل عليه البذل والتضحية بالنفس والمال والوقت وبكل شيء في سبيل الله -عز وجل- بل يصبح ذلك مصدر سعادته وقوته ونعيمه؛ لأنه يسير نحو غايته المنشودة، في الوقت الذي يظن فيه المنافقون وأصحاب القلوب المريضة أنه يُهلك نفسه أو يحرمها، ولا يدرون أنه إنما ينجيها ويرحمها، ويعزّها يوم تزل الأقدام، ويبنى لها قصوراً في دار الخلود لا تزول عنه ولا يزول عنها أبداً، ولكن أنّى للمُبعَد أن يدركَ النعيم الحقيقي!
قال ابن الجوزي -رحمه الله- في (صيد الخاطر):
(الدنيا دار سباق إلى أعالي المعالي، فينبغي لذي الهمة أن لا يقصِّر في شَوْطِه. فإنْ سَبَق فهو المقصود، وإن كَبَا جواده مع اجتهاده لم يُلَمْ).
منقول بتصرف
موقع صوت السلف
موقع صوت السلف