إعلانات المنتدى


قل هو من عند أنفسكم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
372
165
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فالمتأمل في آيات القرآن الكريم يجد أن القرآن يصور المواقف، ويصفها في صورةٍ رائعة؛ تأتي الآيات المطمئنة المبشرة واللائمة، والمسكنة والواعظة في أسلوبٍ رائع وقوي، وهذا حديث القرآن عن الغزوات، يسلـِّط القرآن الأضواء على خفايا القلوب، التي ما كان المسلمون أنفسهم يعرفون وجودها في قلوبهم، والناظر عمومًا في منهج القرآن في التعقيب على غزوة "أحد"؛ يجد الدقة والعمق والشمول؛ الدقة في تناول كل موقف، وكل حركة، والشمول لجوانب النفس وجوانب الحدث.

قال الله -تعالى-: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165).

قال القرطبي -رحمه الله-: "أي مِن أين أصابنا هذا الانهزام والقتل، ونحن نقاتل في سبيل الله، ونحن مسلمون، وفينا النبي -صلى الله عليه وسلم- والوحي، وهم مشركون؟ (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ): يعني مخالفة الرماة. وما مِن قوم أطاعوا نبيهم في حرب إلا نُصِروا ".

وقال ابن كثير -رحمه الله-: "أي بسبب عصيانكم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أمركم أن لا تبرحوا مِن مكانكم؛ فعصيتم، يعني بذلك الرماه، فالله -عز وجل- يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد؛ لا معقب لحكمه".

وقال السعدي -رحمه الله-: "(قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا): أي مِن أين أصابنا ما أصابنا وهزمنا؟ (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ): حين تنازعتم وعصيتم مِن بعد ما أراكم ما تحبون، فعودوا على أنفسكم باللوم، واحذروا مِن الأسباب المُردية. (إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ): فإياكم وسوء الظن بالله، فإنه قادر على نصرِكم، ولكن له أتم الحكمة في ابتلائكم ومصيبتكم".

قال محمد الغزالي: "ولعل ما ترتب على عصيان الأوامر في هذه الموقعة درس عميق يتعلم منه المسلمون قيمة الطاعة، فالجماعة التي يحكمها أمر واحد، أو التي يغلب على أفرادها وطوائفها النزاعات الفردية النافرة لا تنجح.

هذه مخالفة واحدة للنبي -صلى الله عليه وسلم- مِن الرماة أوقعتهم في الخطأ الفظيع الذي قلب الموازين، وأدى إلى الخسائر الفادحة التي لحقت بالمسلمين، هذه المعصية التي فات بها نصر انعقدت أسبابه، وبدت أوائله، وهي معصية واحدة والرسول -صلى الله عليه وسلم- بيْن أظهرهم؛ فكيف بالمعاصي الكثيرة التي عمَّت المجتمعات الإسلامية، فكيف ننتظر مِن الله -تعالى- نصرًا على الأعداء؟!

يجب أن نأخذ العبرة مِن هذه الغزوة في أمرين عظيمين:
الأول: طاعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في أمره.
الثاني: أن تكون الأعمال كلها لله، غير منظور فيها لهذه الدنيا.

وما زال الله -تعالى- يَحلم على البشرِ، ويمهلهم؛ لعلهم يتوبون ويرجعون إليه فيقبلهم ويتوب عليهم، وما زال يرزقهم ويعافيهم؛ إنه العفو الغفور، قال الله -تعالى-: ، (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) (البقرة:286).

اللهم آمين
منقول بتصرف
 

رشيد التلمساني

مشرف ركن مزامير المغرب الإسلامي
المشرفون
5 أبريل 2020
10,805
2,318
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
جزاك الله خيرا ونفع بك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع