إعلانات المنتدى


خواطر وذكريات الاستاذ خلوق العزاوي في الذكرى السنوية للشيخ المنشاوي

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

محمد الهادي

مشرف تسجيلات بالموقع
مشرف تسجيلات الموقع
8 مايو 2006
2,376
780
113
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم
في الذكرى السنوية لفضيلة الشيخ محمد صديق المنشاوي أحببت مشاركة أحباءه بهذه الذكريات الجميلة التي عشتها عن قرب وتفاعلت معها وانا في صباي ، ففي الخمسينيات وبداية الستينيات كان العراق يعيش حالة استثنائية بتعرفه على كبار القراء المصريين وتعلقه بهم ، فقد كان لزيارة الشيوخ عبدالفتاح الشعشاعي وأبو العينين الشعيشع وعبدالباسط عبد الصمد خلال مجالس العزاء الملكية في الخمسينيات الأثر الكبير في نفوس العراقيين عامةً ، وأخذت بالألباب من روعتها ، وبرز من هؤلاء العمالقة الثلاث الشيخ عبدالباسط عبد الصمد حيث ترك تلاوتين غايةً في الروعة ، الأولى وهي الأهم من سور الحشر والتكوير والفجر ، وسورتي القمر والرحمن، وقد كانت الإذاعة العراقية تكرر بثهما بشكلٍ مستمر ، إضافةً لعشرات تلاوات الأستوديو الرائعة التي وكما يبدو سجلهما عند زيارته آنذاك ، مما ولد شهرة طاغية لدى ألشعب العراق و حب ليس له مثيل للشيخ عبدالباسط عبد الصمد ..
وفي غمرة هذه الثورة في تلاوة القرآن الكريم كانت إذاعة بغداد تذيع تسجيل من سور الشعراء والطارق والفجر لشيخ عرفه القلة آنذاك أثار انتباهي وهو يتلو بصوت أخاذ من أعماق القلب : ولاتخزني يوم يبعثون ،،، وطريقة فريدة لم ألحظها بقراء جيله في أداء سورة الطارق ، ويختمها بالآية الكريمة : وجيئ يومئذ بجهنم ،،، فدخل قلبي دون استئذان ، إنه القارئ الذي لن يكرر الشيخ محمد صديق المنشاوي، لذا كنت حينئذ أرى نفسي أسبح عكس مجرى التيار ، فعند مناقشة محبي عبدالباسط والشعيشع والشعشاعي يصعب علي إيصال فكرتي عن هذا الشيخ لعدم وجود تسجيلات له آنذاك ، كذلك كانت صور الشيوخ الشعشاعي والشعيشع وعبدالباسط متوفرة آنذاك وبكثرة، ولكني لم أر صورة للمنشاوي ، لذا سارعت وأنا طالب ثانوية أن أكتب رسالة للشيخ المنشاوي عبر عنوان الجامع الأزهر بالقاهرة ، طلبت فيها صورته وزيارته لبغداد ، وإذا بالجواب يصلني وبخط يده الكريمة مرفق بصورته مع الإهداء في خلفها وقد تم نشر الرسالة والصورة وغلافها بالمنتدى القرآني مزامير آل داوود ، إنه التواضع الذي اتسم به هذا الشيخ الجليل وهكذا كانت معرفتي بهذا القاري جليل القدر والمتواضع والذي يعبر عن زهد في متاع الدنيا.
في ذكراه الثانية والخمسين سأركز على بساطة وتواضع هذا القارئ الكبير، لقد زار الشيخ المنشاوي العراق لأول وآخر مرة في نهاية عام ١٩٦٤ وبداية عام ١٩٦٥ وهو في قمة عطائه وقمة شهرته في العالم الإسلامي ( عدا دولتي العراق والكويت) ، ففي العراق كان القارئ رقم واحد جماهيرياً هو الشيخ عبدالباسط كما ذكرنا سابقاً وكان لدى المنشاوي ثلاث تسجيلات فقط تذاع من إذاعة بغداد ، تسجيلين استوديو من سورة يونس و من سورتي الأنبياء والحج إضافة لتسجيل الشعراء والطارق والفجر الذي سُجل من المسجد الأقصى المبارك ، لذا فعند زيارته العراق كانت زيارته بسيطة للغاية وكاداء واجب ، متمثلة بقراءته قبل الإفطار ( وهو صائم ) بالقصر الجمهوري الذي ( كان تقام فيه مأدبة إفطار مجانية لبسطاء المواطنين بتوجيه من الرئيس العراقي عبدالسلام عارف )، لذا لم يكن الحضور من المهتمين بإصول التلاوات القرآنية بشكل عام وبتلاوة هذا القارئ الكبير بشكل خاص.. أما تلاوته اليومية الثانية فقد كانت في استوديو التلفزيون العراقي . بالمقابل جرى له استقبالا حافلا عند وصوله مطار بغداد من قبل فئة من محبيه، ورافقوه مباشرةً إلى جامع الإمام الأعظم ليحيي ليلة بدر الكبرى ( بصورة غير رسمية ) فلم تنقل التلاوة بالإذاعة ولم تسجل حتى من المواطنين فقد تفاجأ المئات في المسجد بحضوره وكانت تلاوة فاقت التوقع والحضور بين مصدق و مكذب ، هل هذا فعلاً المنشاوي ؟
لم نسمع منه أي اعتراض على تحديده بتلاوتين يومية بعيدة عن جماهير القرآن الكريم ، وذلك بعدم إحيائه ليالي شهر رمضان الكريم في المساجد العراقية ومنها ليلة القدر التي تجاهلته الإذاعة العراقية، وقامت بنقل مباشر من المسجد الأقصى المبارك تلاوة للشيخ عبدالباسط ضمن إتحاد اذاعات الدول العربية ، بالرغم من وجود الشيخ المنشاوي على أراضيها.
وأتذكر من تواضعه وأدبه العالي إنه كان يتلو القرآن الكريم في مجلس عزاء شقيقة احد قراء الإذاعة في بغداد تبرعا منه ومشاركة له في العزاء ، ومن الجدير بالذكر ان أحد الحضور في مجلس العزاء كان قارئ العراق المعروف الحافظ خليل اسماعيل الذي كان ضريرا ، فلما أكمل الشيخ المنشاوي تلاوته كان يقابله الحضور بالإستحسان ، فطلب الحافظ خليل من مرافقه أن يلتقي بالشيخ المنشاوي بعد أن تأكد أنه كان يقرأ في مجلس الفاتحة شخصياً وليس تسجيل ، فلما التقاه سأله : شيخ محمد لماذا تكرر تلاوة سورة الشعراء ونفس الآيات هل بسبب عدم حفظك لغيرها ؟؟ فلم يجبه الشيخ ،
فسأل مرافقه لماذا لايجيب ؟
فقال له مرافقه إنه يبتسم ..
تصوروا أن المنشاوي حفظ القرآن الكريم وهو في سن الحادية عشر ولم يذكر ذلك للحافظ خليل ، وأجابه بابتسامة فكان في منتهى الخلق والأدب والتواضع.
وخلال زيارته للعراق لم تفتني نقل تلاوتين لصلاة الجمعة من مسجد ١٤ تموز ببغداد كانت التلاوة لكل من الجمعتين مشاركة بين الشيخ المنشاوي والقارئ العراقي عبدالرحمن توفيق ، إحداهما منشورة في النت وفيها يكمل المنشاوي مابدأه توفيق من سورة إبراهيم ، وهذه الحالة لم أجدها في أي مقرئ بمستوى المنشاوي من زملاءه.
أما في الكويت التي زارها بعد زيارة العراق فقد كان الأمر مختلف، فقد احتفت به الكويت ونقلت تلاواته من مسجد العثمان بالنگرة و مسجد السوق الكبير ، علماً إنه كان في الكويت أيضاً ذو شهرة محدودة ، فقد كانت تذاع له قبل زيارته للكويت أيضاً ثلاث تلاوات استوديو إثنان من سورة يونس والثالثة رائعت الاذاعية من آخر سورة يس . وقد كان المذيع يقدمه بأبهى وأرقى تقديم ليعرفه على الجمهور بأن يذكر( يتلو علينا في هذا الحفل الكريم فضيلة المقرئ الكبير الشيخ محمد صديق المنشاوي في بداية شهر رمضان ... ) ولما مرت العشرة أيام الأولى لم يكن يحتاج المذيع لهذه المقدمة لتقديمه فقد علم الجمهور أنه أمام قارئ عملاق لم ولن يأتي الزمان بمثله إلا ماشاء الله ، أما في ليبيا فقد أحيا آخر وأجمل رمضان وحصل على وسام الملك أدريس السنوسي وكان بمعية زميليه الشيخ الحصري والشيخ محمود عبدالحكم وتلى أجمل تلاواته كل منها بأمد ساعة كاملة ، في حين نفتقد أي تلاوة له في زياراته لتونس والجزائر والهند وپاكستان ودول الشرق الأقصى كأندونيسيا ، وهي من الغرائب .
بقي أن أقول ، عند زيارة المنشاوي لبغداد كنت أؤدي إمتحانات نصف السنة وكنت في الخامس العلمي الذي كان آخر مراحل الدراسة الثانوية التي تتطلب معدلاً عالياً بالدرجات للدخول للكليات المتميزة ، فلم أستطع إجراء أي محاولة للقائه سوى آخر يوم من الإمتحانات فقد هممت بزيارته في فندق بغداد وهو أرقى فندق آنذاك وأنا في طريقي في الباب الشرقي شاهدت مارسيدس سوداء موديل ١٩٦٣ تقريباً وفي الكرسي الأمامي الشيخ المنشاوي فعدت لبيتي وأنا أتمنى لقاءه بزيارة أخرى كوني علمت بأنه سافر عائداً لبلده في اليوم التالي وكان. يوم ٢٧ رمضان كونه كان قد أبلغ كما يبدو من إذاعة القاهرة بأنه سيكون قارئاً لصلاة العيد وفعلاً نقلت حينها وقرأ من سورة المطففين ولم يتسنى لي تسجيلها.
كما لاحظت في الستينيات أنه كان أول قارئ مصري لقب نفسه بـ (خادم القرآن الكريم) كما نلاحظ مما مطبوع على أصل أوراق رسائله وأغلفتها بينما بقية زملائه في ذلك الحين يكتبون أسماءهم ويعرفونها بــ ( القارئ بالإذاعة والتلفزيون ) .. ثم كما يبدو حذوا حذوه في السنوات التالية.
وهل بعد كل هذا ممكن أن نتردد في أن هذا الشيخ الجليل قمةً في الخلق والتواضع ؟ ليرحمه الله بكل حرف أسعدنا بتلاوته للقرآن الكريم .

وقد اخترنا لكم هذه النسخة الجيدة من تلاوة المؤمنون من مسجد الامام الحسين وقد سجلها الاسنتاذ خلوق عند بث الاحتفال الديني عبر اذاعة القاهرة

 
التعديل الأخير:

رشيد التلمساني

مشرف ركن مزامير المغرب الإسلامي
المشرفون
5 أبريل 2020
10,805
2,318
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رحم الله الشيخ المنشاوي
وحفظ الله الأستاذ خلوق العزاوي وجزاه خيرا
 
  • أعجبني
التفاعلات: محمد الهادي

م و م السيد

مزمار فضي
14 نوفمبر 2010
761
61
28
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
رحم الله الشيخ المنشاوى وجزاك الله خيرا
 
  • أعجبني
التفاعلات: محمد الهادي

مرشد الحيالي

عضو شرف ومشرف سابق
عضو شرف
11 أبريل 2008
3,981
153
63
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
حدثني الحافظ خليل انه التقى بالمنشاوي ودار بينها حوار قصير في مجلس عزاء قراء فيه من سورة الشعراء من قوله تعالى ( الذي خلقني فهو يهدين ...) وكان الحافظ خليل اعترض على المنشاوي بثلاثة أمور وذلك على ما اعلم من حسد القراء للشيخ المنشاوي والعلم عند الله ورد الشيخ بابتسامته المعهودة دون ان يبدي أي اعتراض او يدخل في دوامة الجدل ...والمنشاوي كان لا يتكلم كثيرا حفاظا على صوته وكذلك من باب الورع وحفظ اللسان بوركتم
 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,998
1
5,659
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
رحم الله المنشاوي وأطال في عمر الشيخ خلوق
وجزاك الله خيرا أخي محمد
 

راضِي

الإدارة التقنية للمنتدى
إدارة المنتدى
10 مايو 2015
27,998
1
5,659
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الودود حنيف
علم البلد
حياكم الله
كتب لي الأستاذ خلوق هذه الإضافة لمتن المقال أعلاه :
مع حصول المنشاوي على عدة أوسمة تقديرية من الرؤساء والملوك ، وآخرها وسام ملك ليبيا إدريس السنوسي الذي ذكر باللقاء المفقود في إذاعة صوت العرب عام ١٩٦٨/٦٩ في برنامج جواز سفر ، إلا أننا لم نشاهد أي صورة له وهو متقلد الوسام ( كان وسامه الخلق ورضوان الله ) هذا مانفهمه من تجاهله للبس الأوسمة والأنواط ، في صوره المختلفة ، والله أعلم .
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع