- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد وردت كلمة الصبر ومشتقاتها في القرآن الكريم في مائة وثلاثة مواضع، ولكن الصبر المأمور به هو الصبر كما صبر الأنبياء كقوله -تعالى-: -: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (الأحقاف:35)،
فبنو اسرائيل صبروا على قهر وبطش فرعون لهم ولكنه كان صبر خنوع وذلة واستسلموا لذلك الواقع المؤلم، بل لم يحاولوا تغييره ولم يعرفوا الطريق لتغييره؛ وصبروا صبر الخانع الذي لا حيلة له، وها هم يتعرضون لنفس القهر وذات الحكم بعد مبعث موسى عليه السلام حين ردَّ فرعون على ملئه قائلًا لهم: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127)، فعاد فرعون إلى الخطة القديمة التي هي في نظره أمعن في الإذلال والبطش والخضوع، لكن الأمر الآن تغير؛ فموسى -عليه السلام- عاد إلى بني إسرائيل بالرسالة والنبوة والتأييد مِن الله، فقال بنو إسرائيل لموسى: (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) (الأعراف:129)، فرد عليهم: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (الأعراف:128).
فإذا كان الصبر مِن الإيمان ، وهو مِن أعمال القلوب والجوارح، فإذن لابد مِن أن يكون معه عمل وإلا كان نوعًا مِن المذلة لواقعٍ لا يرضاه المرء غير أنه استسلم له، والصبر الذي يصاحبه العمل هو الصبر الذي علَّمه أنبياء الله أقوامهم .
ورغم الإيذاء الشديد الذي تعرض له النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن قومه في مكة وتعرض له أتباعه الأُول، وقد كان أغلبهم مِن المستضعفين الفقراء ؛ إلا أنه كان يأمرهم بالصبر فيمر على آل ياسر وهم يُعذبون، فيقول: (صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)، ويأتيه خباب يشكو له فيقول: (وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) (رواه البخاري).
وكان مع ذلك كله يعلِّم أصحابه الصلاة في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ويتلو عليهم ما يُوحى إليه مِن القرآن ويعلمهم الإيمان، ويأمرهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين، ويرتب خروجهم مِن مكة وطريق هجرتهم، والسفن التي تحملهم، ويخرج للملأ يدعوهم ويصلي في الكعبة أمامهم، ويذهب للطائف ويَعرض نفسه على القبائل ويدعو الناس في الموسم؛ كل ذلك وهو صابر محتسب يأمر أصحابه بالصبر والاحتساب، فالصبر المحمود، بل المأمور به لا يعني الرضا بواقعٍ مريرٍ أو الاستسلام له، وإنما يعني المثابرة والمحاولة والبذل والعمل مع تحمل ما لا يستطيع الإنسان دفعه عن نفسه دون ترك السعي والعمل.
ومِن هنا نستطيع فهم قوله -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) (البقرة:45)، وقوله -تعالى-: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ , وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يَسِّرَا) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني).
فقد وردت كلمة الصبر ومشتقاتها في القرآن الكريم في مائة وثلاثة مواضع، ولكن الصبر المأمور به هو الصبر كما صبر الأنبياء كقوله -تعالى-: -: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ) (الأحقاف:35)،
فبنو اسرائيل صبروا على قهر وبطش فرعون لهم ولكنه كان صبر خنوع وذلة واستسلموا لذلك الواقع المؤلم، بل لم يحاولوا تغييره ولم يعرفوا الطريق لتغييره؛ وصبروا صبر الخانع الذي لا حيلة له، وها هم يتعرضون لنفس القهر وذات الحكم بعد مبعث موسى عليه السلام حين ردَّ فرعون على ملئه قائلًا لهم: (سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) (الأعراف:127)، فعاد فرعون إلى الخطة القديمة التي هي في نظره أمعن في الإذلال والبطش والخضوع، لكن الأمر الآن تغير؛ فموسى -عليه السلام- عاد إلى بني إسرائيل بالرسالة والنبوة والتأييد مِن الله، فقال بنو إسرائيل لموسى: (قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا) (الأعراف:129)، فرد عليهم: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا) (الأعراف:128).
فإذا كان الصبر مِن الإيمان ، وهو مِن أعمال القلوب والجوارح، فإذن لابد مِن أن يكون معه عمل وإلا كان نوعًا مِن المذلة لواقعٍ لا يرضاه المرء غير أنه استسلم له، والصبر الذي يصاحبه العمل هو الصبر الذي علَّمه أنبياء الله أقوامهم .
ورغم الإيذاء الشديد الذي تعرض له النبي -صلى الله عليه وسلم- مِن قومه في مكة وتعرض له أتباعه الأُول، وقد كان أغلبهم مِن المستضعفين الفقراء ؛ إلا أنه كان يأمرهم بالصبر فيمر على آل ياسر وهم يُعذبون، فيقول: (صَبْرًا آلَ يَاسِرٍ، فَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ الْجَنَّةُ) (رواه الحاكم، وصححه الألباني)، ويأتيه خباب يشكو له فيقول: (وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ) (رواه البخاري).
وكان مع ذلك كله يعلِّم أصحابه الصلاة في دار الأرقم بن أبي الأرقم، ويتلو عليهم ما يُوحى إليه مِن القرآن ويعلمهم الإيمان، ويأمرهم بالهجرة إلى الحبشة مرتين، ويرتب خروجهم مِن مكة وطريق هجرتهم، والسفن التي تحملهم، ويخرج للملأ يدعوهم ويصلي في الكعبة أمامهم، ويذهب للطائف ويَعرض نفسه على القبائل ويدعو الناس في الموسم؛ كل ذلك وهو صابر محتسب يأمر أصحابه بالصبر والاحتساب، فالصبر المحمود، بل المأمور به لا يعني الرضا بواقعٍ مريرٍ أو الاستسلام له، وإنما يعني المثابرة والمحاولة والبذل والعمل مع تحمل ما لا يستطيع الإنسان دفعه عن نفسه دون ترك السعي والعمل.
ومِن هنا نستطيع فهم قوله -تعالى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ) (البقرة:45)، وقوله -تعالى-: (اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (وَاعْلَمْ أَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ , وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يَسِّرَا) (رواه أحمد والحاكم، وصححه الألباني).
منقول بتصرف
موقع صوت السلف
موقع صوت السلف