- 11 يناير 2014
- 1,237
- 317
- 83
- الجنس
- ذكر
سأل الحجاج يوما الغضبان بن القبعثري عن مسائل يمتحنه فيها من جملتها أن قال له : من أكرم الناس ؟ قال: أفقههم في الدين و أصدقهم لليمين و أبذلهم للمسلمين ، و أكرمهم للمهانين ، و أطعمهم للمساكين . قال : فمن ألأم الناس؟ قال : المعطي على الهوان ، المقتر على الإخوان ، الكثير الألوان . قال : فمن شر الناس ؟ قال : أطولهم جفوة ، و ادومهم صبوة ، و أكثرهم خلوة ، و أشدهم قسوة . قال : فمن أشجع الناس ؟ قال : أضربهم بالسيف ، و أقراهم للضيف ، و أتركهم للحيف . قال فمن أجبن الناس ؟ قال : المتأخر عن الصفوف المنقبض عن الزحوف ، المرتعش عند الوقوف ، المحب ظلال السقوف الكاره لضرب السيوف . قال : فمن أثقل الناس ؟ قال : المتفنن في الملام ، الضنين بالسلام ، المهذار في الكلام ، المقبقب على الطعام . قال فمن خير الناس ؟ قال : أكثرهم إحسانا و أقوهم ميزانا ، و أدوهم غفرانا ، و أوسعهم ميدانا ، قال : لله أبوك ، فكيف يعرف الرجل الغريب ؟ أحسيب هو أم غير حسيب ؟ قال : أصلح الله الأمير : إن الرجل الحسيب يدلك بأدبه و عقله و شمائله و عزة نفسه و كثرة احتماله و بشاشته و حسن مداورته على أصله . فالعاقل البصير بالأحساب يعرف شمائله ، و النذل الجاهل يجهله ، فمثله كمثل الدرة إذا وقعت عند من لا يعرفها ازدراها ، و إذا نظر إليها العقلاء عرفوها و أكرموها ، فهي عندهم لمعرفتهم بها حسنة نفيسة ، فقال الحجاج : لله أبوك فما العاقل و الجاهل ؟ قال: أصلح الله الأمير العاقل الذي لا يتكلم هذرا ، و لا ينظر شزرا ، و لا يضمر غدرا ، و لا يطلب عذرا ، و الجاهل هو المهذر في كلامه ، المنان بطعامه ، الضنين بسلامه المتطاول على إمامه ، الفاحش على غلامه . قال : لله أبوك ، فما الحازم الكيِس ؟ قال : المقبل على شأنه ، التارك لما لا يعنيه ، قال : العاجز ؟ قال : المعجب بآرائه الملتفت إلى ورائه . قال : هل عندك من النساء خبر ؟ قال : أصلح الله الأمير ، إني بشأنهن خبير إن شاء الله تعالى . إن النساء من أمهات الأولاد بمنزلة الأضلاع إن عدلتها انكسرت ، و لهن جوهر لا يصلح إلا بالمداراة ، فمن داراهن انتفع بهن و قرت عينه ، و من شاروهن كدرن عيشه ، و تكدرت عليه حياته ، و تنغصت لذاته ، فأكرمهن أعفهن ، و أفخر أحسابهن العفة ، فإذا زلن عنها فهن أنتن من الجيفة .