- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد :
فالإصلاح مهمة الأنبياء والرسل والعلماء الربانيين ، وهي مهمة يتعبد بها هؤلاء ربهم، ويرحمون بها الخلق، ويشفقون عليهم، مما يكون به إصلاح الأرض التي تعمر بالطاعة.
يقول تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ)[الأعراف:35].
قال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: "فالإصلاح وصف زائد على الصلاح، فليس كل صالح مصلحاً، فإن من الصالحين من همه نفسه ولا يهتم بغيره، وتمام الصلاح بالإصلاح".
و الإصلاح ضرورة لصلاح الأرض: (وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا)[الأعراف 56].
وها هو موسى يوصي أخاه -عليهما السلام- فيقول: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ)[الأعراف:142].
وهنا ذكرٌ لطريقين: إما الإصلاح، أو اتباع سبيل المفسدين.
وقال تعالى: (وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)[الأعراف:164].
قال ابن كثير -رحمه الله-: "يخبر تعالى عن أهل هذه القرية أنهم صاروا إلى ثلاث فرق:
فرقة ارتكبت المحذور, واحتالوا على اصطياد السمك يوم السبت, وفرقة نهت عن ذلك واعتزلتهم.
وفرقة سكتت فلم تفعل ولم تنه, ولكنها قالت للمنكرة: (لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا) أي: لم تنهون هؤلاء وقد علمتم أنهم قد هلكوا واستحقوا العقوبة من الله, فلا فائدة في نهيكم إياهم؟ قالت لهم المنكرة: (مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ) أي: نفعل ذلك معذرة إلى ربكم, أي: فيما أخذ علينا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) يقولون: ولعل بهذا الإنكار يتقون ما هم فيه ويتركونه, ويرجعون إلى الله تائبين, فإذا تابوا تاب الله عليهم ورحمهم".
إن التخاذل عن الإصلاح هو ضعف وهوان ، وفيه موافقة لسبيل الإفساد وأهله.
و المصلحون هم مشفقون، ناصحون، رحماء بالخلق، ليسوا جبارين ، وتأمل هذا الذي قال لموسى -عليه السلام-: (إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ)[القصص:19].
والمصلحون لا يخشون إلا الله، ولا يبتغون ثواباً إلا من الله، وليست الدنيا لهم غاية، وإنما يرجون الآخرة، كما قال تعالى عن أنبيائه " إن أجري إلا على الله "
ومن كان هذا حاله لا يُشترى ضميره، ولا ترده عن الحق الشدة، ولا يخاف في الله لومة لائم
وهم متوكلون على الله ، يستمدون العون والتوفيق منه سبحانه وتعالى ، وتأمل في كل هذه المعاني قول الله في قصة شعيب -عليه السلام-: (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىَ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)[هود:88].
وقد جعل الله محاربة الصلاح والإصلاح والمصلحين سنة، منذ أن خلق الخليقة، وباقٍ إلى قيام الساعة، وفي هذا كان حديث القرآن الكريم عن الأنبياء والمصلحين، والله نسأل النصرة والبصيرة.
والحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على خير المرسلين وآله وصحبه أجمعين.
منقول بتصرف
منقول بتصرف