إعلانات المنتدى


أسلوب الحوار في دعوة شعيب - عليه السلام-

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
318
145
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
لقد عرض القرآنُ الكريم منهج سيدنا شُعيْب عليه السلام ورحلته الدعوية، وكيف حاور قومه... ماذا قال لهم؟ وبماذا أجابوه؟ وكيف فنَّد مزاعمهم؟ وماذا كانت النتيجة!

فمِن فِقْه سيدنا (شُــعيْب) وفِطنتِه؛ أنه استهلَّ دعوته بحوار قومه في القضايا الكبرى، والموضوعات الجوهرية؛ التي يقوم عليها الدِّين، ويتحقَّق بها الإيمان؛

فقد دعاهم إلى وحدانية الله وطاعته، {وَإلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ} [هود: 84]. {وَإلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الآخِر} [العنكبوت: 36].

ثمَّ حثَّهم على التقوى، بعدما أخبرهم أنه رسول مِن الله، لا يريد منهم أجراً على هذا العمل:{إنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ 178 فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ 179 وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إنْ أَجْرِيَ إلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 178 - 180].

ثمَّ نهاهم عن التطفيف في الكيل والميزان، {فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْـمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} [الأعراف: 85].

وحذَّرهم من الإفساد في الأرض، والصدّ عن سبيل الله، {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [الأعراف: 85]. {وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجًا} [الأعراف: 86].

أساليب الحوار

خاطبهم بأسلوب النـداء: (يــا قــومِ) الـذي تكرَّر (6 مرات في سورة هود)، كقوله {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إلَهٍ غَيْرُهُ} [هود: 84]،

ثم استخدم (أسلوب الأمــر) فحضَّهم على الاستغفار والتوبة: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ} [هود: 90].

ثمَّ استخدم (أسلوب النهي) فحذَّرهم من البغي والإفساد في الأرض {وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ}، {وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إصْلاحِهَا}.

ثمَّ انتقل إلى (أسلوب التذكير) بِنِعَم الله وآلائه، مثل: كثرة النسل بعد القِلَّة، والغِنَى بعد الفقر، فقال: {وَاذْكُرُوا إذْ كُنتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ}.

ثمَّ ذهب إلى (أسلوب المُحاجَجة) فقال: {قَدْ جَاءَتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ} [الأعراف: 85].

ثمَّ اعتمد (أسلوب الإقناع) فقال: {وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الأعراف: 89].

ثمَّ لجأ إلى (أسلوب الترغيب) فقال: {بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ إن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [هود: 86].

ثمَّ مالَ إلى (أسلوب الإغــراء) لمد الجسور، وجرِّهم لسماع دعوته، فقال: {إنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ} [هود: 84].

ثمَّ استخدم (أسلوب التنبيـه) فدعاهم إلى الإخلاص، ومراقبة الله، فقال: {وَمَا أَنَا عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ} [هود: 86].

ومنه إلى (أسلوب التقرير): {قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} [الشعراء: 188].

وخاطبهم بـ (أسلوب الشفقة) قائلاً: {إنِّي أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ} [هود: 84].

ثمَّ خاطبهم بـ (أسلوب الاسترحام): {إنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود: 90].

لكن القوم بالغوا في عداوة نبيِّهم، فاضطرَّ (خطيبُ الأنبياء) إلى تغيير خطابه الدعوي؛ لعلَّه يُجدي نفعاً، فلجأ إلى (أسلوب الترهيب) قائلاً: {وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْـمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 86].

ومنهُ إلى (أسلوب التحذير): {لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَن يُصِيبَكُم مِّثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِـحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِّنكُم بِبَعِيدٍ}

ثمَّ لجأ إلى (أسلوب التوبيخ)، فقال: {أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 92].

ومنه انتقل إلى (أسلوب التحقير): {قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُم بَعْدَ إذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَن نَّعُودَ فِيهَا} [الأعراف: 89].

ثمَّ تدرَّج صاعداً إلى (أسلوب التهويل والتخويف) فقال: {إنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} [هود: 92].

ولمَّا تمادوا في كُفرهم وعنادهم؛ لجأ إلى (أسلوب التهديد): {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} [هود: 93].

ولمَّا بلغ الغباءُ بالقوم ذروته، واستعجلوا العذاب؛ اضطروا نبيَّهم إلى اللجوء إلى (أسلوب الاستنصار)؛ حيثُ تضرَّع إلى الله، مُستنصِراً إيَّاه على القوم المجرمين: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْـحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} [الأعراف: 98].

وقد هلكَ (أصحابُ الأيكة) وحلَّ بهم العذاب؛ فنعاهم نبيُّهم إلى أنفسهم، بــ (أسلوب التبكيت والتقريع) مِن أجل تثبيت الحُجَّة عليهم: {يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ} [الأعراف: 93].

الخلاصـــة

يمكن الاستفادة من المنهج الدعوي الذي انتهجه سيدنا شعيب عليه السلام من عدة جوانب:

التدرُّج في الدعوة: فالداعية يبدأ بالقضايا الكبرى: كتصحيح العقيدة، ثمَّ ينتقل إلى ما دونها، وعلى رأسها: المشاكل والأزمات المحيطة بمجتمع المدعوِّين. وأنْ يتطابق كلام الداعية مع فعله، وأنْ يتحلَّى بالصبر الجميل، وأنْ يتسلَّح بالعلم والمعرفة، وأنْ يتزيَّن بالفصاحة والبلاغة، مستخدِماً كافة أساليب البيان التي يعرض من خلالها دعوته،

أيضاً: التفنُّن في المجادلة، والبراعة في المحاورة، والردُّ بالأدلة والقرائن، والشواهد الحسية، والتذكير بالوقائع والأحداث المشاهدة.

أيضاً: التذكير بأنعُم اللهِ وأفضاله وآلائه، وأنَّه عنده حُسن الثواب، وخير المآل.

أيضاً: الجمع بين ترغيب المدعوِّين وترهيبهم لإقامة الحجَّة عليهم.

وقبل ذلك كله: الدعاء، والإخلاص، والاستعانة بالله، واليقين بأنَّ التوفيق بيده سبحانه.

هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
 
  • أعجبني
التفاعلات: مادي 15

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,242
854
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
جزاكم الله خيراَ
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع