(بسم الل)
للأسف الشديد كثير من المسلمين لا يفهم طبيعة الصراع القائم بين المسلمين وأعدائهم على اختلاف مللهم ومن ثم لا يعرفون طريقة الحسم والعلاج لهذه المشكلة المزمنة فيظنون أن المفاوضات وطاولة المباحثات والاتفاقيات هي التي ستحسم القضية وينال المسلمون بها حقوقهم وهذا وهم كبير يعيشه المسلمون ويعيشه معهم قادتهم، وإن الحق الذي لا مرية فيه أن الجهاد في سبيل الله هو الفيصل في هذا الصراع والتاريخ خير شاهد على صدق ما نقول، وإن الذين يحملون راية الجهاد دائمًا هم أهل العلم والعباد والذين يبتغون وجه الله عز وجل، فنحن على يقين أنه لن يحمل هذه الراية اللاعبون والعابثون والتافهون وطلاب الدنيا وإنما يحملها أمثال من سنروي قصته في صفحتنا هذه .
منذ أن انطلقت شرارة الانتفاضة الجهادية الفلسطينية ضد الوجود اليهودي داخل فلسطين سنة 1348 هـ والمجاهدون المسلمون يواصلون جهادهم ضد أحفاد القردة والخنازير غير مبالين بالدماء الكثيرة التي سالت منهم والأرواح التي أزهقت في سبيل الغاية المقدسة وإنجلترا تمارس أبشع أنواع العدوان على المسلمين والانتفاضة بين إقبال وإدبار حتى ظهر أمير الجهاد الفلسطيني في العصر الحديث وهو الشيخ عز الدين عبد القادر القسَّام وهو من مواليد بلدة جبلة من قضاء اللاذقية في سوريا سنة 1288 هـ وقد نشأ في بيئة عربية إسلامية ، وعندما وصل لسن الرابعة شعر توجه لمصر حيث درس بالأزهر وعندما تخرج منه عاد لبدله وعُين مدرسًا للجامع الكبير في [جبلة] وقد نشأ الشيخ محبًا للعلم الذي فرض لعيه ضرورة مقاومة الكفار المحتلين لبلاده سوريا فانضم القسَّام إلى عمر البيطار حامل لواء الجهاد ضد الفرنسيين في سوريا، ونفذ عدة عمليات جهادية كانت شديدة الأثر على الفرنسيين لذلك فلقد صدر عليه حكم بالإعدام مما اضطره للسفر إلى فلسطين ليواصل جهاده هناك ضد اليهود.
القسَّام في فلسطين :
استقر القسَّام في ضاحية الباجور قرب حيفا وعمل مدرسًا بالمدرسة الإسلامية هناك ثم انضم إلى جمعية الشبان المسلمين ونظرًا لكفاءته وعمله وشهرته التي سبقته قبل وصوله لفلسطين فلقد انتخب رئيسًا لهذه الجمعية كما أصبح خطيبًا لجامع الاستقلال ومأذونًا شرعيًا وهكذا جمع القسام وظائف معلم في مدرسة وواعظ في مسجد ومأذون للأنكحة ورئيس لجمعية ليكون ذلك ستار لتغطية أعماله السرية وتحضيره للثورة وفي نفس الوقت ليضمن لنفسه شرعية الاتصال بطبقات الأمة كلها خاصة الطلبة الشبان الذين هم عماد الدعوة الجهادية، وأيضًا أولياء أمورهم الذين يسهلون لأبنائهم الجهاد والمدرسين الذين يوجهون الأمة للطريق الصحيح.
تنظيم العمل الجهادي :
اعتمد الشيخ القسام في تنظيمه للعمل الجهادي ضد الوجود اليهودي على خطوات مرتبة كل خطوة مبنية على التي يقبلها حتى تكامل البناء الجهادي ويصير كيانًا متماسكًا أمام المواجهات الطويلة مع العداء وكانت خطواته كالآتي :
أولاً: عمل القسام على تأليف القلوب ونشر المحبة وإزالة الخصومات ونبذ الأحقاد ليصبح الصف المسلم على قلب رجل واحد.
ثانيًا : عمل القسام على تكوين قاعدة إيمانية صلبة من المجاهدين المؤمنين وعمل على تربيتهم على العقيدة الإسلامية وتعميق الوازع الديني لتكون النفوس على استعداد للجهاد في سبيل الله والتضحية العقيدة بأغلى ما يملكون دماءهم وأرواحهم.
ثالثًا : عمل القسام على توعية الجيل المسلم والأمة كلها بحقيقة المؤامرات التي تحاك ضدهم وحذرهم من مخاطر هجرة اليهود وبيع الأراضي لهم ودسائس الإنجليز عليهم لوقوف الانتفاضة وبين لهم عبثية المفاوضات والمباحثات مع أعداء الله ،وذلك أثناء تدريسه للطلبة في المدرسة وعلى المنبر في خطبه ودروسه في الجامع الكبير بحيفا وكان يختم دروسه دائمًا في المسجد بقوله عز وجل [ومن يتولهم منكم فإنه منهم] وكان القاسم يلوم العلماء على تهاونهم في الدعوة إلى الجهاد ويحملهم مسؤولية الوضع الجائر الذي كانت تنوء فلسطين تحت أثقاله لعدم تحويل المحاريب إلى منابر للجهاد والدعوة له، حتى صار الجامع الكبير في حيفا نقطة انطلاق للجهاد ضد الإنجليز واليهود.
رابعًا : عمل القسام على إنشاء مدرسة ليلية لتعليم الأميين ولتكون أيضًا مكانًا لتجميع الناس وبث فكرة الجهاد فيهم.
اندلاع حركة القسام الجهادية :
أدت خطوات التنظيم الجهادي الذي كونه القسام لثمرات طيبة حتى استجاب جموع الشباب المسلم لصحبة الشيخ الجليل وابتدأت المنطقة تشهد أعمالاً بطولية عظيمة فمنذ أوائل سنة 1354 هـ هشد المثلث العربي [جنين ـ نابلس ـ طولكرم ] سيلاً من الاغتيالات للضباط الإنجليز ونسف القطارات وهوجمت معسكرات الجيش الإنجليزي، وقتل أي عربي خائن يثبت لدى المجاهدين خيانته للمسلمين وكانت هذه الأعمال تتم تحت جنح الظلام وفي فترات متعاقبة وفي غاية الدقة والتنظيم والسرية وسرت روح الجهاد بين الشعب فأنشأت تنظيمات جهادية جديدة مما أدى لزيادة متاعب أعداء الله .
ازداد عدد الجواسيس على الشيخ القسام وعلى منظمته الجهادية التي أسسها وصار الإنجليز يرصدون تحركاته ليل نهار مستخدمين يعطي الخونة من أبناء فلسطين ولكنه كان مجاهدًا على أعلى مستويات الجهاد، والكفاءة القتالية، فلم يستطع الجواسيس أن يصلوا الشيء حتى أن حاكم لواء حيفا الإنجليزي أرسل إليه وقال له [يا شيخ إنك متحرك وذو نشاط مناوئ لنا] وإنما قال له ذلك لعهد الإنجليزي بالمشايخ السكون وعدم الخوض في تلك الأمور فما كان من الشيخ القسام إلا أن قال له بكل عز وشجاعة [بعد أن أخرج مصحفًا من جيب جبته [هذا الكتاب العظيم يأمرنا بالجهاد ولا نخالفه أبدًا].
استشهاد الشيخ القسَّام :
لقد كان الشيخ القسام صادق الرأي مخلص العقيدة عظيم الشوق للشهادة يطلبها من مظانها منذ أن كان في سوريا قربًا بنفسه أن يدعو إلى الجهاد ولا يجاهد وأن يشهد تلاميذه يقاتلون ولا يقاتل وأن يكون قائد الجهاد قابعًا وراء أحد أعمدة المساجد أو بعيدًا عن الميدان كما يفعل عديد من قواد المعارك أو الدعوات، ونزل الشيخ على كبر سنه وقد جاوز الستين ميدان الجهاد في سبيل الله عز وجل ، ونفذ عدة عمليات جهادية فاق فيها الشيخ الشباب، حتى كان يوم 29 شعبان 1354 هـ عندما حاصرت قوات الإنجليز عرين البطل المجاهد بأعداد كبيرة ودارت معركة في غابة يعبد بمنطقة جنين انتهت باستشهاده وبعض رفاقه وأسر الباقون من عصبته المؤمنة بعد نفاذ ذخيرتهم ليسجنوا ويعذبوا طويلاً في سجون بريطانيا العظمى، ورحل القسام بعد أن جدد معنى الجهاد عند الفلسطينيين وعرفهم معنى التضحية وشد من عزائم شعب فلسطين وأعلى الله عز وجل ذكره ـ فصار اسمه عنوانًا للفداء ومصدرًا للرعب عند أحفاد القردة والخنازير وعلمًا للكتائب الجهادية في فلسطين حتى الآن.
ولقد رثاه الشاعر فؤاد الخطيب بعدة أبيات قائلاً :
أولـت عمامتك العمـائم كلـها شرفًا تقصر عنـده التيجـان
إن الزعامـة والطـريق مخوفة غير الزعامـة والطريق أمان
ما كنت أحسب قبل شخصك أنه في برديـته يضعـها اثنـان
يا رهط عـز الدين حسبك نعمة في الخلط لا عنت ولا أحزان
شهـداء بدر والبقـيع تهللـت فرحًا وهش مرحبًا رضـوان
منقول
__________
للأسف الشديد كثير من المسلمين لا يفهم طبيعة الصراع القائم بين المسلمين وأعدائهم على اختلاف مللهم ومن ثم لا يعرفون طريقة الحسم والعلاج لهذه المشكلة المزمنة فيظنون أن المفاوضات وطاولة المباحثات والاتفاقيات هي التي ستحسم القضية وينال المسلمون بها حقوقهم وهذا وهم كبير يعيشه المسلمون ويعيشه معهم قادتهم، وإن الحق الذي لا مرية فيه أن الجهاد في سبيل الله هو الفيصل في هذا الصراع والتاريخ خير شاهد على صدق ما نقول، وإن الذين يحملون راية الجهاد دائمًا هم أهل العلم والعباد والذين يبتغون وجه الله عز وجل، فنحن على يقين أنه لن يحمل هذه الراية اللاعبون والعابثون والتافهون وطلاب الدنيا وإنما يحملها أمثال من سنروي قصته في صفحتنا هذه .
منذ أن انطلقت شرارة الانتفاضة الجهادية الفلسطينية ضد الوجود اليهودي داخل فلسطين سنة 1348 هـ والمجاهدون المسلمون يواصلون جهادهم ضد أحفاد القردة والخنازير غير مبالين بالدماء الكثيرة التي سالت منهم والأرواح التي أزهقت في سبيل الغاية المقدسة وإنجلترا تمارس أبشع أنواع العدوان على المسلمين والانتفاضة بين إقبال وإدبار حتى ظهر أمير الجهاد الفلسطيني في العصر الحديث وهو الشيخ عز الدين عبد القادر القسَّام وهو من مواليد بلدة جبلة من قضاء اللاذقية في سوريا سنة 1288 هـ وقد نشأ في بيئة عربية إسلامية ، وعندما وصل لسن الرابعة شعر توجه لمصر حيث درس بالأزهر وعندما تخرج منه عاد لبدله وعُين مدرسًا للجامع الكبير في [جبلة] وقد نشأ الشيخ محبًا للعلم الذي فرض لعيه ضرورة مقاومة الكفار المحتلين لبلاده سوريا فانضم القسَّام إلى عمر البيطار حامل لواء الجهاد ضد الفرنسيين في سوريا، ونفذ عدة عمليات جهادية كانت شديدة الأثر على الفرنسيين لذلك فلقد صدر عليه حكم بالإعدام مما اضطره للسفر إلى فلسطين ليواصل جهاده هناك ضد اليهود.
القسَّام في فلسطين :
استقر القسَّام في ضاحية الباجور قرب حيفا وعمل مدرسًا بالمدرسة الإسلامية هناك ثم انضم إلى جمعية الشبان المسلمين ونظرًا لكفاءته وعمله وشهرته التي سبقته قبل وصوله لفلسطين فلقد انتخب رئيسًا لهذه الجمعية كما أصبح خطيبًا لجامع الاستقلال ومأذونًا شرعيًا وهكذا جمع القسام وظائف معلم في مدرسة وواعظ في مسجد ومأذون للأنكحة ورئيس لجمعية ليكون ذلك ستار لتغطية أعماله السرية وتحضيره للثورة وفي نفس الوقت ليضمن لنفسه شرعية الاتصال بطبقات الأمة كلها خاصة الطلبة الشبان الذين هم عماد الدعوة الجهادية، وأيضًا أولياء أمورهم الذين يسهلون لأبنائهم الجهاد والمدرسين الذين يوجهون الأمة للطريق الصحيح.
تنظيم العمل الجهادي :
اعتمد الشيخ القسام في تنظيمه للعمل الجهادي ضد الوجود اليهودي على خطوات مرتبة كل خطوة مبنية على التي يقبلها حتى تكامل البناء الجهادي ويصير كيانًا متماسكًا أمام المواجهات الطويلة مع العداء وكانت خطواته كالآتي :
أولاً: عمل القسام على تأليف القلوب ونشر المحبة وإزالة الخصومات ونبذ الأحقاد ليصبح الصف المسلم على قلب رجل واحد.
ثانيًا : عمل القسام على تكوين قاعدة إيمانية صلبة من المجاهدين المؤمنين وعمل على تربيتهم على العقيدة الإسلامية وتعميق الوازع الديني لتكون النفوس على استعداد للجهاد في سبيل الله والتضحية العقيدة بأغلى ما يملكون دماءهم وأرواحهم.
ثالثًا : عمل القسام على توعية الجيل المسلم والأمة كلها بحقيقة المؤامرات التي تحاك ضدهم وحذرهم من مخاطر هجرة اليهود وبيع الأراضي لهم ودسائس الإنجليز عليهم لوقوف الانتفاضة وبين لهم عبثية المفاوضات والمباحثات مع أعداء الله ،وذلك أثناء تدريسه للطلبة في المدرسة وعلى المنبر في خطبه ودروسه في الجامع الكبير بحيفا وكان يختم دروسه دائمًا في المسجد بقوله عز وجل [ومن يتولهم منكم فإنه منهم] وكان القاسم يلوم العلماء على تهاونهم في الدعوة إلى الجهاد ويحملهم مسؤولية الوضع الجائر الذي كانت تنوء فلسطين تحت أثقاله لعدم تحويل المحاريب إلى منابر للجهاد والدعوة له، حتى صار الجامع الكبير في حيفا نقطة انطلاق للجهاد ضد الإنجليز واليهود.
رابعًا : عمل القسام على إنشاء مدرسة ليلية لتعليم الأميين ولتكون أيضًا مكانًا لتجميع الناس وبث فكرة الجهاد فيهم.
اندلاع حركة القسام الجهادية :
أدت خطوات التنظيم الجهادي الذي كونه القسام لثمرات طيبة حتى استجاب جموع الشباب المسلم لصحبة الشيخ الجليل وابتدأت المنطقة تشهد أعمالاً بطولية عظيمة فمنذ أوائل سنة 1354 هـ هشد المثلث العربي [جنين ـ نابلس ـ طولكرم ] سيلاً من الاغتيالات للضباط الإنجليز ونسف القطارات وهوجمت معسكرات الجيش الإنجليزي، وقتل أي عربي خائن يثبت لدى المجاهدين خيانته للمسلمين وكانت هذه الأعمال تتم تحت جنح الظلام وفي فترات متعاقبة وفي غاية الدقة والتنظيم والسرية وسرت روح الجهاد بين الشعب فأنشأت تنظيمات جهادية جديدة مما أدى لزيادة متاعب أعداء الله .
ازداد عدد الجواسيس على الشيخ القسام وعلى منظمته الجهادية التي أسسها وصار الإنجليز يرصدون تحركاته ليل نهار مستخدمين يعطي الخونة من أبناء فلسطين ولكنه كان مجاهدًا على أعلى مستويات الجهاد، والكفاءة القتالية، فلم يستطع الجواسيس أن يصلوا الشيء حتى أن حاكم لواء حيفا الإنجليزي أرسل إليه وقال له [يا شيخ إنك متحرك وذو نشاط مناوئ لنا] وإنما قال له ذلك لعهد الإنجليزي بالمشايخ السكون وعدم الخوض في تلك الأمور فما كان من الشيخ القسام إلا أن قال له بكل عز وشجاعة [بعد أن أخرج مصحفًا من جيب جبته [هذا الكتاب العظيم يأمرنا بالجهاد ولا نخالفه أبدًا].
استشهاد الشيخ القسَّام :
لقد كان الشيخ القسام صادق الرأي مخلص العقيدة عظيم الشوق للشهادة يطلبها من مظانها منذ أن كان في سوريا قربًا بنفسه أن يدعو إلى الجهاد ولا يجاهد وأن يشهد تلاميذه يقاتلون ولا يقاتل وأن يكون قائد الجهاد قابعًا وراء أحد أعمدة المساجد أو بعيدًا عن الميدان كما يفعل عديد من قواد المعارك أو الدعوات، ونزل الشيخ على كبر سنه وقد جاوز الستين ميدان الجهاد في سبيل الله عز وجل ، ونفذ عدة عمليات جهادية فاق فيها الشيخ الشباب، حتى كان يوم 29 شعبان 1354 هـ عندما حاصرت قوات الإنجليز عرين البطل المجاهد بأعداد كبيرة ودارت معركة في غابة يعبد بمنطقة جنين انتهت باستشهاده وبعض رفاقه وأسر الباقون من عصبته المؤمنة بعد نفاذ ذخيرتهم ليسجنوا ويعذبوا طويلاً في سجون بريطانيا العظمى، ورحل القسام بعد أن جدد معنى الجهاد عند الفلسطينيين وعرفهم معنى التضحية وشد من عزائم شعب فلسطين وأعلى الله عز وجل ذكره ـ فصار اسمه عنوانًا للفداء ومصدرًا للرعب عند أحفاد القردة والخنازير وعلمًا للكتائب الجهادية في فلسطين حتى الآن.
ولقد رثاه الشاعر فؤاد الخطيب بعدة أبيات قائلاً :
أولـت عمامتك العمـائم كلـها شرفًا تقصر عنـده التيجـان
إن الزعامـة والطـريق مخوفة غير الزعامـة والطريق أمان
ما كنت أحسب قبل شخصك أنه في برديـته يضعـها اثنـان
يا رهط عـز الدين حسبك نعمة في الخلط لا عنت ولا أحزان
شهـداء بدر والبقـيع تهللـت فرحًا وهش مرحبًا رضـوان
منقول
__________