- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
- المعنى اللغوي :
قال تعالى: { لَوْلاَ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءَايَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى} (134) طه. وقال تعالى: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ (63) التوبة
- الخزى في إهلاك الأمم السابقة
- وجاء بالتحديد عن قوم نوح حين توعد الكفرة من قومه بطوفان قادم فقال لهم :" فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) ( هود 39 ).
وعن قوم عاد قال تعالى " فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ ) ( فصلت 16).
وعن قوم صالح : ( فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ) ( هود 66 ).
وعن قوم مدين قال لهم نبيهم شعيب :" (وَيَا قَوْمِ اعْمَلُواْ عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُواْ إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ " ( هود 93 )
واستفاد قوم يونس من تجارب السابقين الهالكين فنجوا من عقوبة الخزي والاهلاك ، يقول رب العزة عنهم: (فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ ) ( يونس 98 ).
- الخزي في الدنيا
أولا : قوم من أهل الكتاب ـ ومن حذا حذوهم من المسلمين ـ فرقوا دينهم ، فأخذوا منه ما يشتهون ، ونبذوا ما لا يتفق مع هواهم ، وفي مثل هؤلاء ورد قوله تعالى ” ثُمَّ أَنتُمْ هؤلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أسارى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
ثانيا : قوم أغلقوا المساجد وأحكموا السيطرة عليها وقيدوا مواعيد فتحها وإغلاقها ، فأخافوا الناس أن يعكفوا فيها بعد الصلوات يتلون القرآن ويذكرون اسم الرحمن ، وفي هؤلاء يقول ربنا ” وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَىٰ فِي خَرَابِهَا ۚ أُولَٰئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَن يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ ۚ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (114) البقرة
ثالثا : قوم استكبروا ، إذا قيل لأحدهم اتق الله أخذته العزة بالإثم ولوى عنقه استكبارا (ثاني عطفه) وجادلك بالباطل ليثبت أنه صاحب الحق وأنه يريد الخير للعباد والبلاد ، ويتكلم بالدين رغم أنه أجهل الخلق ، لا فقه له ولا أثارة من علم ، وفيهم يقول ربنا ” وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۖ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ ۖ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9) الحج .
رابعا : قوم أفسدوا في الأرض ، ووقفوا للناس في طرقاتهم يفتشونهم وينهبون أموالهم ، ومن اعترض ربما قتلوه أو سحلوه إلى حيث لا يعلم أهله ، وهؤلاء يسمون بالمحاربين وحدُّهم هو حد الحرابة المذكور في قوله تعالى ” إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ۚ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) المائدة .
والسؤال : هل يمكن أن يكون هناك رابط بين هذه الآيات كلها ؟ لماذا اشترك كل هؤلاء في نفس الوعيد ( الخزي والعذاب) ؟
الرابط بين هؤلاء جميعا ، أنهم أفسدوا على الناس دينهم أو دنياهم ،فهؤلاء قد أفسدوا على الناس معاشهم واستقرار مجتمعاتهم .وكأن الله تعالى يقول لنا : من أفسد الدين أو الدنيا فقد باء بالخزي والمهانة والخذلان في الدنيا ، والعذاب الأليم في الآخرة .
- الخزي في الآخرة:
من هنا يدعو خليل الله ابراهيم عليه السلام رب العزة قائلا: (وَلا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ) ( الشعراء 87 ) وعلى نفس النسق يدعو كل مؤمن تقى يخشى الخزي في الآخرة لأن من يدخل النار فقد حقّ عليه الخزي الأبدي : (رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ) ( آل عمران 192)، (رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) (البقرة 194).
-ويقع الخزي عليهم بمجرد البعث والحساب ، أى قبل دخولهم النار ، فالله جل وعلا حين يستجوبهم يحلّ بهم الخزي والعار والمهانة وتكون تلك هى إجابتهم عن سؤال رب العزة ، وهنا هم لا يتكلمون ولا ينطقون من الخزي ، بل يصف حالهم المؤمنون ، وهذا معنى قوله جل وعلا ( ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالْسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ) (النحل 27 )
فهل يتعظ بهذه الآيات الكريمة دعاة الانحلال والمذهب الشركية والعلمانية الذين يجاهرون بمحاربة دين الله ورسوله ، ويرفضون تطبيق حكمه وشرعه في حياتنا .
اننا نحن الذين نختار مصيرنا ، فلا يمكن لنا أن نهرب من الله جل وعلا. واليوم الآخر ينتظرنا جميعا ولا يمكن لأحد أن يفرّ منه ، واختيارنا في الدنيا بين الايمان والكفر، او الطاعة والمعصية سنحاسب عليها يوم الدين، فان كنا لا نعلم متى سنموت فلنا الخيار كيف نعيش وكيف نموت وقد خاطبنا ربنا عز وجل فقال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) آل عمران،
نسأل الله تعالى الثبات حتى الممات ، ونعوذ به من خزي الدنيا والآخرة
منقول بتصرّف
منقول بتصرّف
التعديل الأخير: