إعلانات المنتدى


أسباب سقوط الأمم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 1 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
329
147
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
قال تعالى : [لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ]
وكم حكى لنا القرآن عن أمم بادت، وعن أسباب هلاكهم، وطريقة هلاكهم، حتى يتعظ من بعدهم، ولكن يبدو أنَّ الغفلة وعدم الاتعاظ سُنَّة عامَّة، إلا من رحم ربك.
وأسباب سقوط الحضارات في الرؤية الإسلامية ترجع إلى الإنسان وإرادته، قال تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِم)[الأنفال: 53]؛
- والأسباب التي ذكرها القرآن لسقوط الأمم وهلاكها كثيرة ومنها:

1 – الاستكبار: [وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ(76) حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ(77) ]. {المؤمنون}..
والاستكبار ثلاثة أنواع:

  • التكبر على الله سبحانه وتعالى بالإعراض عن عبادته وعن الإذعان لأوامره ونواهيه، وهذا أشنع أنواع الكبر وهو مثل كبر فرعون، ادعى الربوبية واستنكف أن يكون عبدا لله عز وجل.
  • التكبر على الرسل من جهة الترفع عن الانقياد للبشر مع معرفة صحة ما جاءوا به، كحال عامة الأمم المكذبة للرسل.
  • التكبر على سائر الخلق باستعظام نفسه واحتقار الناس والترفع عليهم والإباء عن الانقياد لهم، ولو كانوا على حق،
2 – الإعراض عن شكر الله تعالى وعن العمل الصالح: [لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ(15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ العَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ(16) ] {سبأ}
إن الكفر بالنعم يؤدي إلى الكثير من الآثار التي تتلخص بما يلي

  • زوال النعمة: عندما يجحد العبد بنعمة الله ويكفر بها فسوف يلقى عقاب في الدنيا والآخرة ففي الدنيا تزول عنه نعم الله بسبب كفره وعدم تقديره هذه النعم.
  • المباغتة بالعذاب: فقد أعدّ الله تعالى العذاب في الآخرة لمن كفر وجحد بنعم الله فسوف يلقى العذاب إزاء كفره.
  • حلول غضب الله: إن الله عادل في الثواب والعقاب حيث أعد جهنم لكي تستقبل كل من كفر بنعمته وقدرته فسيحل عليهم غضبه عز وجل.
  • الابتلاء بالجوع: الجوع هو نوع من أنواع ابتلاء الله للناس التي كفرت بنعمته لعل ذلك سبب في إحساس الناس بجزء من رحمته ورأفته بالإنسان ولعله يرجع للاستغفار من الله والتوبة.
  • الابتلاء بالخوف: يبتلي الله تعالى الإنسان الجاحد بنعمه بالخوف الذي قد يصيب حياته فيقلبها رأساً على عقب
  • نقص الثمرات وزوال البركة ، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز” ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض “.
3 – البطر و الترف والفسوق:
قال تعالى : [وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَكُنَّا نَحْنُ الوَارِثِينَ] {القصص:58}

وقال تعالى : [وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ وعَلَيْهَا القَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا] {الإسراء:16}.

ويذكر المؤرخ الإسلامي الكبير شوقي أبو خليل: "والحقيقة تقول: إن الأندلسيين في أواخر أيامهم ألقوا بأنفسهم في أحضان النعيم، وناموا في ظل ظليل من الغنى والحياة العابثة والمجون، وما يرضي الأهواء من ألوان الترف الفاجر، فذهبت أخلاقهم كما ماتت فيهم حمية آبائهم البواسل، الذين كانوا يتدربون على السلاح منذ نعومة أظفارهم، ويرسلون إلى الصحراء ليتمرَّسوا على الحياة الخشنة الجافية وغدا التهتك والإغراق في المجون، واهتمام النساء بمظاهر التبرج والزينة والذهب واللآلئ. لقد ديست التقاليد وانتشر المجون، وبحث الناس عن اللذة في مختلف صورها... ".

4 – الظلم: "وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ"..
ومن الظلم الطغيان ، ومجاوزة الحدود :" وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الفَسَادَ(12)

ومن الظلم البطش بعباد الله :" [وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي البِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ(36) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ
(37) ]. {ق}.

5 – الفساد: [ظَهَرَ الفَسَادُ فِي البَرِّ وَالبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ] {الرُّوم:41}
وأنواع الفساد :

  • الفسادُ في الدِّين، وأَشْنَعُهُ وأفظعهُ وأشدُّهُ في الشِّرك مع الله سبحانه وتعالى، في عبادته، وربوبيته، وأسمائه وصِفاته...
  • الفسادُ في الأخلاق والتعاملات بأنواع العقوق والقطيعة والسوء، في نحو قوله تعالى في سُوَرة محمد: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ} [ 22] ومنه فساد الطِّباع والمروءات، باللؤم والخسِّة والنذالة
  • الفساد في الأموال كسبًا وإخراجًا ومنعًا وبذلًا، وخيانةً للأمانات... هذا وأشهرُ صوَر الفساد والإفساد في المال؛ بل والإدارة والسياسة: الرشوة، وهي ومن مظاهر الظلم العامِّ، وحسْبكم مِن غوائل ذلك دينًا ودنيا وآخرةً استحقاق صاحبِه لعنةَ الله ولعنةَ رسوله صلى الله عليه وسلم، ثم بُغض العباد ودعاءهم عليه... إلخ.
  • الفساد الإداري، في الخيانة فيما ائتُمِنَ عليه، والمحسوبيَّات، وتتبُّع المصالح الخاصة؛ مِن حبَّ المدح والثناء، والغدر، والأحقاد النفسية، والخبث بأشكاله، وأنواع الظلم والغدر... إلخ.
6 – الشذوذ الجنسي: [وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ العَالَمِينَ(80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاءِ ? بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوهُم مِّن قَرْيَتِكُمْ ? إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كَانَتْ مِنَ الْغَابِرِينَ (83) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا ? فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ (84)]. {الأعراف}.

هذا بعض ما ذكره القرآن الكريم كأسباب لسقوط الأمم وهلاكها، وأحد هذه الأسباب كفيل بترتب النتيجة، فما بالكم إذا اجتمعت هذه الأسباب في أمة؟
فلنتدراك أنفسنا قبل فوات الأوان :" [وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً] {الأنفال:25}،
وكما جاء في الحديث الصحيح من حديث أم المؤمنين زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَيْهَا فَزِعًا يَقُولُ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدْ اقْتَرَبَ"، قَالَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟! قَالَ: "نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الْخَبَثُ". متفق عليه عن أم المؤمنين زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-.

هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,607
1,426
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
جزاك الله خيرًا وبارك فيك ونفع بك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع