إعلانات المنتدى


تأملات في سورة " الكافرون"

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
329
147
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
قال تعالى : ( قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون، ولا أنتم عابدون ما أعبد، ولا أنا عابد ما عبدتم، ولا أنتم عابدون ما أعبد، لکم دینکم ولي دین).

روي في سبب نزول هذه السورة (سورة الكافرون) أن الوليد بن المغيرة والعاص بن وائل والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف قالوا لرسول الله & تعال حتى نعبد إلهك مدة وتعبد آلهتنا مدة فيحصل مصلح بيننا وبينك. فان كان أمرك رشيدا أخذنا منه حظا وإن كان أمرنا رشيدا أخذت منه حظا فنزلت السورة .

قوله تعالى (لکم دینكم ولي دین) قال ابن عباس لکم كفرکم بالله ولي التوحيد ، والإخلاص .و ليس في هذه السورة رضى بدين المشركين ولا أهل الكتاب ومن زعم أنه رضي بدین المشركین ، فلا يوجد رضى يفهم من منطوقها وإنما حد بين الكفر والإيمان حد فاصل ... كفر أو إيمان.
فقصارى معنى الآية الكريمة هو البراءة المحضة من الكافرين، والتنصل من موافقتهم في الدين فحسب، وليس فيها ما يتضمن إقرارهم على دينهم، أو الرضى بمعتقدهم الفاسد، وتركهم دون دعوة وجهاد، فهي لإعلان البراءة لا الإقرار، وإظهار المفارقة لا التسليم.

والمؤمن له منهج مختلف عقيدة وشريعة وقيم وموازين والجهة التي يتلقى منها هذه الأمور هي الله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له والمؤمن إذا استقر قلبه على التوحيد فلن يترك دينه لشيء ولن يتخلى عنه ولو كان الثمن هو روحه وهذه هي قوة المؤمن إيمان مستمر لا يلين ويقين عظيم ، ورسولنا صلى الله عليه وسلم أكبر مثال على ذلك حين جاءت قريش إلى أبي طالب وهددته بقتل محمد قائلة إن لم يكف عن ديننا فليس أمامنا إلا الخلاص منه فبعث أبو طالب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يا ابن أخي إن قومك قد جاءوني وقالو كذا وكذا فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر مالا أطيق وغنى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالة عمه أنه سيتخلى عنه فقال صلى الله عليه وسلم والله يا عم لو وضعوا الشمس في يمني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أهلك دونه "
في هذه السورة منهج إصلاحي؛ وهو عدم قبول أنصاف الحلول؛ لأن ما عرضوه عليه -صلى الله عليه وسلم- من المشاركة في العبادة يعتبر في مقياس المنطق حلاًّ وسطًا لاحتمال إصابة الحق في أحد الجانبين، فجاء الردُّ حاسمًا وزاجرًا وبشدة؛ لأن فيه - أي: فيما عرضوه - مساواة للباطل بالحق، وفيه تعليق المشكلة، وفيه تقرير الباطل؛ إن هو وافقهم ولو لحظةً.

قال بعض البعض : أن الآيتيين الاوليين تتكلمان عن الحاضر والآيتين الثانيتين تتكلمان عن المستقبل يعني ياأيها الكافرون لا أعبد ماتعبدون في الحاضر ولا أنتم عابدون ماأعبد في الحاضر ولا أنا عابد ماعبدتم في المستقبل ولاأنتم عابدون ما أعبد في المستقبل فنفى القرآن أن يكون محمد على طريقتهم أو عبادتهم سواء في الحاضر أو المستقبل

وفي هذه السورة هناك دروس ينبغي أن نقف عندها، ومنها:
الدرس الأول: أن على الإنسان أن يكون صريحاً في مبادئه؛ فلا يكون مُلَبَّساً عليه، يعلن مبادئه نقية واضحة، ولا يتدسس ببعض الأمور، وفي الأصل ليس عند العلماء والدعاة شيءٌ خافٍ، فعندهم مبادئ تعلن كل جمعة من على المنبر، وعندهم كذلك مبادئ يؤذَّن بها كل يوم خمس مرات.

الدرس الثاني: لا تستعد أبداً، ولا تحاول في وقت من الأوقات أن تطرح بعض المسائل التي ترك الدين فيها للحوار؛ فإن بعض المسائل إذا كنت مستعداً أن تحاور فيها مع أناس في قلوبهم مرض فقد أخطأتَ.

الثالث: ألا تترك شيئاً من دينك من أجل أن ترضي بعض الناس، أو تجبر خاطرهم، فهذا هو النفاق الصريح.

الدرس الرابع: أن المسلم مستقل في مبادئه، وفي أخلاقه، وسلوكه؛ لأن دينه كامل.

الدرس الخامس: ألا تطمع في الكافر الذي أعلن إعراضه وهجومه على الدين، وتأمل في أن تمشي أنت وإياه في خط واحد.

والسادس: دين الله يدعو لحرية الرأي والمعتقد دون إكراه مع عدم الاعتداء على حرية الآخرين وظلمهم.


وأخيرا .... ومن هذه الدروس العظيمة من هذه السورة قضية الولاء والبراء؛ الولاء لله ولرسوله ولدينه، والبراء من الكفر والأصنام والأوثان والطواغيت، والاعتزاز بهذا الدين والعمل لأجله لأنه دين الله، وهو الدين الحق، وبه ختم الله الأديان.
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
 
التعديل الأخير:

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع