- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
ومن اللطائف التي نقف عندها في سورة الشرح :
ومعنى النصب أي التعب وبذلك تدل كلمة " فانصب " على الجد والاجتهاد في الطاعة والعبادة .
منقول بتصرف
- جاء الأسلوب القرآني في أول آية بالاستفهام :" أَلَم نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ " ولم يقل مثلا " قد شرحنا لك صدرك " وذلك ليوقع في نقس النبي حلاوة وعذوبة المستفهم عنه وهو شرح الصدر ، وفيه أيضا بعد الابتهاج إثارة العقل لتدبّر النعمة والفضل من الله تعالى وشكره عليها ، وحقيقة الشرح السعة والفسحة ، فلما كان الصدر محل أحوال النفس ومشاعرها ومخزنا لسرائرها ، أوسع الله صدر نبيّه لتلقي الأنوار الإلهية والكمالات الأُنسية والملكات الروحية بما استقر فيه من الحق والهدى ونور الايمان وبما أودعه من العلوم والحكم ، وهذا الشرح للصدر له دلالته الواضحة على بلوغ الفرح والسرور وطول البال وقوة اليقين والثبات عند الشدائد ، وإزالة الضيق والحرج والغم والهم.
- التعبير بنون العظمة :" أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (1) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ (2) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (3) وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " ، لتدلل على عظمة المنعم ، فإن عظمة النعمة من عظمة المنعم
- اللام في " لك " تدل على الاختصاص والاستحقاق والمعنى كأن الله يقول لنبيّه : شرحت صدرك لأجلك لا لأجلي لتقدر على حفظ الوحي وحمل أعباء الدعوة.
- قوله تعالى :" وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ " والوضع هو الحط والإزالة والمعنى أزلنا عنك وحططناه حطاًّ لا رجعة فيه ، ووزرك أي حملك الذي لا يُستطاع حمله فصرت جديرا بحمله أي بحمل الرسالة وأمانة تبليغها للناس على أتم وجه وأكمله ، ولاحظ تقديم عنك على وزرك فلم يقل " ووضعنا وزرك عنك " وفي ذلك تعجيل المسرّة إلى قلب النبي – ص – فيكتمل الفرح بذلك
- تشبيه حمل وأعباء الدعوة بالثقل الحسي في قوله :" الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ " فجعل الأوزار والتي هي حسية معبرة عن الهموم والآلام المعنوية
- قوله تعالى :" وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " والذكر هنا هو الشرف والثناء الحسن ، ومن هذا الرفع ما هو حسي كاقتران اسمه باسم الله في الشهادتين وذكره في الأذان والإقامة ، وفي الخطب ومنه رفع معنوي كذكره في كتب الأنبياء قبله ، وبشارتهم بنبوّته .
- ومن دلالات هذه الآية :" وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ " أن من اتبع دين النبي وهديه فله حظ من رفع الذكر وعلو الشأن ، وأنه عليه الصلاة والسلام عالي الذكر وسيبقى كذلك في كل زمان ومكان ، حيث يقيّض الله من يدافع عنه ويذود عنه في العالمين ، ومهما حاول الأعداء جهلا أو عمدا النيل منه فلن يبلغوا ذلك
- ومن دلائل رفع ذكره ، أخذ الميثاق على الأنبياء بالإيمان به والاعتراف بفضله ، ومنها رفع ذكره في الآخرة كما في الدنيا ، كما يتجلى ذلك في مقام الشفاعة ، وأنه يكون أول من تنشق عنه الأرض وأول من يشفع وأول من يدخل الجنة .
- التوكيد بالفرج واليسر بعد العسر باستخدام حرف التوكيد : "إنّا " في قوله :" إن مع العسر يسرا " و كلمة " مع " تدل على أنه ما قضى الله عسرا وشدة إلا وأنزل معه يسرا وفرجا تعجّل او تأخر ، فما من عسر إلا وسيأتي بعده يسر ، وما من شدة إلا وسيأتي بعدها الفرج ، لكن ما على المؤمن إلا أن يتحلى بالصبر الجميل والإيمان الصادق والعزيمة القويّة وبثقة كبيرة في فرج الله
- تعريف العسر وتنكير اليسر ، للدلالة على أن العسر واحد بينما اليسر اثنين ولذلك قال – ص – معلقا على هذه الآية :" لن يغلب عسر يسرين " ولعل من الواضح ما يحسه كل مكروب بعد قراءة هاتين الأيتين ، من راحة وطمأنينة ، فلا يضيق صدره ولا يغشاه الغم والهم لأنه يوقن بأن فرج الله قريب فلا يسخط ولا يحزن ، بل يتفاءل ولا يقنط .
- الحذف في قوله تعالى :" فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ " مما يجعلها تحتمل وجوها كثيرة للمعنى وهذا من بلاغة القرآن ، وجاء في تفسير هذه الآية أقوال عديدة منها :
- إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء بعدها
- إذا فرغت من جهاد العدو فانصب في عبادة ربّك
- إذا فرغت من صلاة الفرائض فانصب في قيام الليل
ومعنى النصب أي التعب وبذلك تدل كلمة " فانصب " على الجد والاجتهاد في الطاعة والعبادة .
- وأما مجيء قوله تعالى :" وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ " بعد قوله :" فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ " ففيه التوجيه إلى الإخلاص وابتغاء مرضاة الله والرغبة في ثوابه ورحمته بعد أداء الطاعة والعبادة
- كما في قوله تعالى :" وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ " تعريض بالمشركين الذين يرغبون إلى غير الله في عبادتهم ودعائهم
- وفي تقديم " ربك " على الفعل تخصيص لهذه الرغبة أن لا تكون إلا لله ،وفي قوله "ربّك" استشعار بمعاني ربوبيّة الله عزوجل فهو الخالق وهو الرازق وهو المدبّـر لكل الأمور فيكون هو المستحق بالتوجه له لا لغيره في كل رغبة ورجاء
- حذف المفعول لـ" فارغب" يفيد عموم المعنى أي توجه إلى الله في أمورك كلها ولا تشرك معه أحدا
منقول بتصرف