- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
تتحدث السورة عن قصة أصحاب الأخدود ، وعن أولئك الطغاة المستكبرون الذين شقّوا الأخاديد في الأرض وأضرموا فيها النار ليلقوا فيها المؤمنين .
وتبدأ السورة بالقسم بالسماء ونجومها ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) ولعل الاستهلال بالقسم بالسماء وهي خلق عظيم محبوك ليستشعر الانسان عجزه وضعفه وصغر حجمه أمامه ، ولو تأملها الظلمة والطواغيت وعرفوا عظمة الصانع ، وقدرته الفائقة في مقابل عجزهم وضعفهم لما تجرأوا على على عباد الله وعذّبوهم وقتّلوهم.
ثم التذكير بيوم القيامة (اليوم الموعود) هو يوم القيامة وهو موعد القصاص العادل من أصحاب الأخدود وغيرهم؛ فإنّ أصحاب الأخدود في حقيقة الأمر لم يذكروا إلا كمثال للطغيان البشري و كأنموذج عابر لحالة الاستبداد الذي يمارسه الكثيرون من العتاة والجبابرة على مرّ الدهور والعصور, وإلا فإنّ أصحاب الأخاديد المشابهة وسدنة الظلم والجبروت كثيرون ، متواجدون في كلّ زمان !..
( وشاهد ومشهود ) أي أنَّ محاكمة أصحاب الأخدود ومحاسبتهم ، والاقتصاص منهم سيتم في هيئة تامة من العدالة حيث الشاهد على جريمتهم حاضر, والمشهود عليه أمرٌ واقع لا يمكن إنكاره .
أما وقت نزول السورة فقد نزلت في المرحلة المكية ، وذلك لبيان أن قضية الفتنة في العقيدة سنة من سنن الله سبحانه وتعالى ويُضرب لهم المثل بأصحاب الأخدود. وأنها سنة الله في الدعوات أن يكون هنالك ابتلاء ولذلك لا بد من الصبر والتضحية، حتي يأتي وعد الله ويتحقق التمكين للمؤمنين في الأرض .
وقد ذكرت السورة أوصافا عديدة لقدرة الله وجبروته مثل ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) وقوله ( ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) لتؤكد قدرته تعالى على الانتقام من هؤلاء الطواغيت كما فعل بالذين من قبلهم ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ )
وفي قوله ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) تهديد ووعيد لقريش حيث كانوا يعذِّبون المؤمنين وليس لهم ذنب إلا أن قالوا ربنا الله، وهو تهديد مستمر عبر الزمان والمكان لكل من يحارب هذا الدين وأهله .
ثم تتجلى رحمة الله في قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) ، فمع كل مع فعله هؤلاء من تعذيب واضطهاد المؤمنين ، فتح لهم باب التوبة وتأمّل قول الحسن البصري رحمه الله : " انظروا إلى هذا الكرم والجود ، يقتلون أولياءه ويفتنونهم ، وهو يدعوهم إلى المغفرة والتوبة !!
واما جزاء الطغاة الذين عذّبوا المؤمنين في قصة أصحاب الأخدود وفي كل زمان ومكان ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) والجزاء من جنس العمل فكما حرّقوا المؤمنين في أخاديد الدنيا يكون جزاؤهم عذاب الحريق في جهنم في الآخرة.
وأما جزاء المؤمنين فهو ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) وعندها يهون على المؤمن كل ما يلاقيه في هذه الدنيا من الابتلاء والمحن في سبيل دينه
اذن فرسالة السورة هي تسلية المؤمنين وحثهم على الصبر والثبات عند الفتنة في الدين ، فالله سبحانه وتعالى هو الجبّار ذو البطش الشديد يستطيع بكلمة كُن فيكون أن ينتقم من هؤلاء لكن سنة الله ان يختار الشهداء ويعرف الصابرين وان يجعل الطغاة يتمادون في كفرهم وفي إيذائهم للمؤمنين حتى يكون مصيرهم معروفاً، والمراد هو تربية الأمة بسنن الله سبحانه وتعالى في الدعوة .
وأخيرا فليس مفهوم النصر أن تنتصر هذه الفئة المؤمنة أو تلك في معركة او قتال ، إنما المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح ، فربما يموت الدعاة ويقتّل المؤمنون لكنّ الدعوة تبقى خالدة .
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
وتبدأ السورة بالقسم بالسماء ونجومها ( وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ ) ولعل الاستهلال بالقسم بالسماء وهي خلق عظيم محبوك ليستشعر الانسان عجزه وضعفه وصغر حجمه أمامه ، ولو تأملها الظلمة والطواغيت وعرفوا عظمة الصانع ، وقدرته الفائقة في مقابل عجزهم وضعفهم لما تجرأوا على على عباد الله وعذّبوهم وقتّلوهم.
ثم التذكير بيوم القيامة (اليوم الموعود) هو يوم القيامة وهو موعد القصاص العادل من أصحاب الأخدود وغيرهم؛ فإنّ أصحاب الأخدود في حقيقة الأمر لم يذكروا إلا كمثال للطغيان البشري و كأنموذج عابر لحالة الاستبداد الذي يمارسه الكثيرون من العتاة والجبابرة على مرّ الدهور والعصور, وإلا فإنّ أصحاب الأخاديد المشابهة وسدنة الظلم والجبروت كثيرون ، متواجدون في كلّ زمان !..
( وشاهد ومشهود ) أي أنَّ محاكمة أصحاب الأخدود ومحاسبتهم ، والاقتصاص منهم سيتم في هيئة تامة من العدالة حيث الشاهد على جريمتهم حاضر, والمشهود عليه أمرٌ واقع لا يمكن إنكاره .
أما وقت نزول السورة فقد نزلت في المرحلة المكية ، وذلك لبيان أن قضية الفتنة في العقيدة سنة من سنن الله سبحانه وتعالى ويُضرب لهم المثل بأصحاب الأخدود. وأنها سنة الله في الدعوات أن يكون هنالك ابتلاء ولذلك لا بد من الصبر والتضحية، حتي يأتي وعد الله ويتحقق التمكين للمؤمنين في الأرض .
وقد ذكرت السورة أوصافا عديدة لقدرة الله وجبروته مثل ( إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ ) وقوله ( ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ) لتؤكد قدرته تعالى على الانتقام من هؤلاء الطواغيت كما فعل بالذين من قبلهم ( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ )
وفي قوله ( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) تهديد ووعيد لقريش حيث كانوا يعذِّبون المؤمنين وليس لهم ذنب إلا أن قالوا ربنا الله، وهو تهديد مستمر عبر الزمان والمكان لكل من يحارب هذا الدين وأهله .
ثم تتجلى رحمة الله في قوله تعالى ( إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا ) ، فمع كل مع فعله هؤلاء من تعذيب واضطهاد المؤمنين ، فتح لهم باب التوبة وتأمّل قول الحسن البصري رحمه الله : " انظروا إلى هذا الكرم والجود ، يقتلون أولياءه ويفتنونهم ، وهو يدعوهم إلى المغفرة والتوبة !!
واما جزاء الطغاة الذين عذّبوا المؤمنين في قصة أصحاب الأخدود وفي كل زمان ومكان ( فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ) والجزاء من جنس العمل فكما حرّقوا المؤمنين في أخاديد الدنيا يكون جزاؤهم عذاب الحريق في جهنم في الآخرة.
وأما جزاء المؤمنين فهو ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ ) وعندها يهون على المؤمن كل ما يلاقيه في هذه الدنيا من الابتلاء والمحن في سبيل دينه
اذن فرسالة السورة هي تسلية المؤمنين وحثهم على الصبر والثبات عند الفتنة في الدين ، فالله سبحانه وتعالى هو الجبّار ذو البطش الشديد يستطيع بكلمة كُن فيكون أن ينتقم من هؤلاء لكن سنة الله ان يختار الشهداء ويعرف الصابرين وان يجعل الطغاة يتمادون في كفرهم وفي إيذائهم للمؤمنين حتى يكون مصيرهم معروفاً، والمراد هو تربية الأمة بسنن الله سبحانه وتعالى في الدعوة .
وأخيرا فليس مفهوم النصر أن تنتصر هذه الفئة المؤمنة أو تلك في معركة او قتال ، إنما المفهوم الحقيقي للنصر هو انتصار المبدأ السليم والفكر الصحيح ، فربما يموت الدعاة ويقتّل المؤمنون لكنّ الدعوة تبقى خالدة .
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف