- 3 ديسمبر 2020
- 372
- 165
- 43
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- عبد الباسط عبد الصمد
- علم البلد
-
سورة الكوثر هي سورة متضمنة: (العطاء، والصلاة، والإخلاص، والتصدق)، ثم ختمت السورة بقوله: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ} أي المنافق الذي يأتي بتلك الأفعال القبيحة المذكورة في تلك السورة سيموت ولا يبقى من دنياه أثر ولا خبر، وأمّا أنت أيها النيي فيبقى لك في الدنيا الذِّكر الجميل، وفي الآخرة الثواب الجزيل»
واعلم أن هذه السورة خالصةٌ لرسول الله يُسَري عنه ربه فيها، ويعده بالخير، ويوعد أعداءه بالبتر، ويوجهه إلى طريق الشكر.
ومن ثَمَ فهي تمثل صورة من حياة الدعوة، وحياة الداعية في أول العهد بمكة. صورة من الكيد والأذى للنبي ؛ وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده وللقلة المؤمنة معه؛ ومن تثبيت الله وتطمينه وجميل وعده لنبيه ومرهوبِ وعيدهِ لشانئه.
كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان. وحقيقة الضلال والشر والكفران.. الأولى كثرة وفيض وامتداد. والثانية قلة وانحسار وانبتار. وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك.
وقد ورد أن سفهاء قريش من أمثال العاص ابن وائل، كان يقول عن النبي إنه:أبتر. يشير بهذا إلى موت الذكور من أولاده. وقال أحدهم: دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمرُه!
وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعاً. وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول الله وشانئيه، ولعلها أوجعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضاً.
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه بالرَّوحِ والندى، وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه؛ وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه.
وقفات مع السورة :
والكوثر صيغة من الكثرة.. وهو مطلق غير محدود. يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء.. إنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير. غير ممنوع ولا مبتور
قال الإمامُ أحمدُ: في الحديث عن أنس بن مالك ا قال: أغفى رسول الله ^ إغفاءة، فرفع رأسه مبتسما، إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول الله "إنه أنزلت عليَّ آنفا سورة". فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)) حتى ختمها، قال:"هل تدرون ما الكوثر؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:"هو نهر أعطانيه ربي في الجنة، عليه خير كثير، تردُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عددُ الكواكِبِ، يُخْتَلَج العبد منهم فأقول: يا رب، إنه من أمتي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" حديث صحيح
ويدخل في مدلول الكوثر أيضا عطاءات الله لنبيه ، كالشفاعة العظمى، والإسلام والتوحيد والنُّبوة والقرآن، ووضوح المعجزات وتنوعها، وكثرة الأصحاب والأمة والأشياع، والفتح على الإسلام في الدنيا، والفوز في الآخرة، وجعل أمّته أكثر أهل الجنة. وكل ذلك داخل في معنى كلمة الكوثر
وبعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة، على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون، وجِهَ الله نبيّه إلى شكر النعمة بحقها الأول. حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه.. في الصلاة وفي ذبح النسك خالصاً لله : {فصل لربك وانحر}.. غير ملقٍ بالاً إلى شرك المشركين، وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم.
وخصت هاتان العبادتان لأنهما من افضل العبادات وأجل القربات ، ففي الصلاة يتحقق الخضوع لله بالقلب والجوارح ، وفي النحر يتحقق تخلص النفس من حب المال وبذله في سبيل الله ، فالأولى عبادة بدنية والثانية عبادة مالية ، وفي العبادتين يتحقق الإخلاص لله ، فكما تكون الصلاة لله يكون الذبح لله وباسم الله .
وفي الآية إشارة إلى وجوب ترتيب الصلاة مع النحر يوم العيد، أيْ تقديم الصلاة على الذبح {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، ويشهد له من السُّنة حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَومِنَا هَذَا- أي العيد - نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ».
إن مقاييس الله غير مقاييس البشر. ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور! وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد.. فأين الذين كانوا يقولون عن محمد قولتهم اللئيمة، أين هم؟ وأين ذكراهم، وأين آثارهم؟ إلى جوار الكوثر من كل شيء ؟!
إن الدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر، وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد؟ إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله، مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل ممتد الجذور.
وهذه الحقيقة باقية في أتباع النبي الصادقين فإن الله يعلي ذكرهم، ويقطع دابر ذكر عدوهم عبر الأزمنة والعصور
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
واعلم أن هذه السورة خالصةٌ لرسول الله يُسَري عنه ربه فيها، ويعده بالخير، ويوعد أعداءه بالبتر، ويوجهه إلى طريق الشكر.
ومن ثَمَ فهي تمثل صورة من حياة الدعوة، وحياة الداعية في أول العهد بمكة. صورة من الكيد والأذى للنبي ؛ وصورة من رعاية الله المباشرة لعبده وللقلة المؤمنة معه؛ ومن تثبيت الله وتطمينه وجميل وعده لنبيه ومرهوبِ وعيدهِ لشانئه.
كذلك تمثل حقيقة الهدى والخير والإيمان. وحقيقة الضلال والشر والكفران.. الأولى كثرة وفيض وامتداد. والثانية قلة وانحسار وانبتار. وإن ظن الغافلون غير هذا وذاك.
وقد ورد أن سفهاء قريش من أمثال العاص ابن وائل، كان يقول عن النبي إنه:أبتر. يشير بهذا إلى موت الذكور من أولاده. وقال أحدهم: دعوه فإنه سيموت بلا عقب وينتهي أمرُه!
وكان هذا اللون من الكيد اللئيم الصغير يجد له في البيئة العربية التي تتكاثر بالأبناء صدى ووقعاً. وتجد هذه الوخزة الهابطة من يهش لها من أعداء رسول الله وشانئيه، ولعلها أوجعت قلبه الشريف ومسته بالغم أيضاً.
ومن ثم نزلت هذه السورة تمسح على قلبه بالرَّوحِ والندى، وتقرر حقيقة الخير الباقي الممتد الذي اختاره له ربه؛ وحقيقة الانقطاع والبتر المقدر لأعدائه.
وقفات مع السورة :
والكوثر صيغة من الكثرة.. وهو مطلق غير محدود. يشير إلى عكس المعنى الذي أطلقه هؤلاء السفهاء.. إنا أعطيناك ما هو كثير فائض غزير. غير ممنوع ولا مبتور
قال الإمامُ أحمدُ: في الحديث عن أنس بن مالك ا قال: أغفى رسول الله ^ إغفاءة، فرفع رأسه مبتسما، إما قال لهم وإما قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول الله "إنه أنزلت عليَّ آنفا سورة". فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم ((إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ)) حتى ختمها، قال:"هل تدرون ما الكوثر؟"، قالوا: الله ورسوله أعلم. قال:"هو نهر أعطانيه ربي في الجنة، عليه خير كثير، تردُ عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عددُ الكواكِبِ، يُخْتَلَج العبد منهم فأقول: يا رب، إنه من أمتي. فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك" حديث صحيح
ويدخل في مدلول الكوثر أيضا عطاءات الله لنبيه ، كالشفاعة العظمى، والإسلام والتوحيد والنُّبوة والقرآن، ووضوح المعجزات وتنوعها، وكثرة الأصحاب والأمة والأشياع، والفتح على الإسلام في الدنيا، والفوز في الآخرة، وجعل أمّته أكثر أهل الجنة. وكل ذلك داخل في معنى كلمة الكوثر
وبعد توكيد هذا العطاء الكثير الفائض الكثرة، على غير ما أرجف المرجفون وقال الكائدون، وجِهَ الله نبيّه إلى شكر النعمة بحقها الأول. حق الإخلاص والتجرد لله في العبادة وفي الاتجاه.. في الصلاة وفي ذبح النسك خالصاً لله : {فصل لربك وانحر}.. غير ملقٍ بالاً إلى شرك المشركين، وغير مشارك لهم في عبادتهم أو في ذكر غير اسم الله على ذبائحهم.
وخصت هاتان العبادتان لأنهما من افضل العبادات وأجل القربات ، ففي الصلاة يتحقق الخضوع لله بالقلب والجوارح ، وفي النحر يتحقق تخلص النفس من حب المال وبذله في سبيل الله ، فالأولى عبادة بدنية والثانية عبادة مالية ، وفي العبادتين يتحقق الإخلاص لله ، فكما تكون الصلاة لله يكون الذبح لله وباسم الله .
وفي الآية إشارة إلى وجوب ترتيب الصلاة مع النحر يوم العيد، أيْ تقديم الصلاة على الذبح {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، ويشهد له من السُّنة حديث البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَومِنَا هَذَا- أي العيد - نُصَلِّي، ثُمَّ نَرْجِعُ فَنَنْحَرُ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ».
إن مقاييس الله غير مقاييس البشر. ولكن البشر ينخدعون ويغترون فيحسبون مقاييسهم هي التي تقرر حقائق الأمور! وأمامنا هذا المثل الناطق الخالد.. فأين الذين كانوا يقولون عن محمد قولتهم اللئيمة، أين هم؟ وأين ذكراهم، وأين آثارهم؟ إلى جوار الكوثر من كل شيء ؟!
إن الدعوة إلى الله والحق والخير لا يمكن أن تكون بتراء ولا أن يكون صاحبها أبتر، وكيف وهي موصولة بالله الحي الباقي الأزلي الخالد؟ إنما يبتر الكفر والباطل والشر ويبتر أهله، مهما بدا في لحظة من اللحظات أنه طويل ممتد الجذور.
وهذه الحقيقة باقية في أتباع النبي الصادقين فإن الله يعلي ذكرهم، ويقطع دابر ذكر عدوهم عبر الأزمنة والعصور
هذا والله أعلم
منقول بتصرّف
التعديل الأخير: