إعلانات المنتدى


في ظلال سورة " الفرقان "

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عمر محمود أبو أنس

عضو كالشعلة
3 ديسمبر 2020
371
160
43
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
عبد الباسط عبد الصمد
علم البلد
هذه السورة المكية تبدو كلها وكأنها إيناس لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] وتسرية ، وتطمين له وتقوية وهو يواجه مشركي قريش ، وعنادهم له ، وتطاولهم عليه ، ، وجدالهم بالباطل ، ووقوفهم في وجه الهدى وصدهم عنه .
وهي تصوّر كذلك شأن البشرية الضالة الجاحدة المشاقة لله ورسوله ، وهي تجادل في عنف ، وتتطاول في وقاحة و عناد ، وتجنح عن الهدى الواضح الناطق المبين .
إنها البشرية التي تقول عن هذا القرآن العظيم : ( إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) . . أو تقول : ( أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا
والتي تقول عن محمد رسول الله الكريم : ( إن تتبعون إلا رجلا مسحورا )
. . أو تقول في استهزاء : ( أهذا الذي بعث الله رسولا )
. . والتي لا تكتفي بهذا الضلال ، فإذا هي تتطاول في فجور على ربها الكبير : ( وإذا قيل لهم : اسجدوا للرحمن قالوا : وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفورا )
. أو تتعنت فتقول : ( لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ) .
وتعترض على بشرية الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] فقالوا : ( ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ! ) .
واعترضوا على حظه من المال ، فقالوا : ( أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها ) .
واعترضوا على طريقة تنزيل القرآن فقالوا : ( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ! ) .

و يتطاولون على خالقهم ورازقهم ، وخالق هذا الكون كله ومقدره ومدبره . (ويعبدون من دون الله مالا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه ظهيرا ) . . ( واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ، ولا يملكون لأنفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا
وتقوم السورة بتصوير المستوى الهابط الذي يتمرغون فيه : ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا * أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام ، بل هم أضل سبيلا ! ) .

وفي مقابل كل هذا يخاطب الله نبيّه ويعده العون والمساعدة في معركة الجدل والمحاجة : ( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا
) . . وفي نهاية المعركة كلها يعرض عليه مصارع المكذبين من قبل : قوم موسى ونوح وعاد وثمود وأصحاب الرس وما بين ذلك من قرون .
ويعرض عليه نهايتهم التعيسة في سلسلة من مشاهد القيامة : ( الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا ) . . ( بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا . إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا . وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا . لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا ادعوا ثبورا كثيرا ) ( ويوم يعض الظالم على يديه يقول : يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا . يا ويلتا ! ليتني لم أتخذ فلانا خليلا ) . .
ويسليه بأن مثله مثل الرسل كلهم قبله : ( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ) . . ( وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين . وكفى بربك هاديا ونصيرا ) .
ويكلفه أن يصبر ويصابر ، ويجاهد الكافرين بما معه من قرآن ، واضح الحجة قوي البرهان عميق الأثر في الوجدان : ( فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا ) . .
ويقويه على مشاق الجهاد بالتوكل على مولاه ( وتوكل علي الحي الذي لا يموت وسبح بحمده ، وكفى به بذنوب عباده خبيرا ). .

وهكذا تمضي السورة : في لمحة حانية فيها إيناس وتسرية وعطف وإيواء من الله لرسوله .
واما ختام السورة فهي صورة ( عباد الرحمن ) . . ( الذين يمشون على الأرض هونا ، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) وكأنما هم الثمرة الحلوة الجنية الممثلة للخير الكامن في شجرة البشرية ذات الأشواك .
وتختم السورة بتصوير هوان البشرية على الله ، لولا تلك القلوب المؤمنة التي تلتجىء إليه وتدعوه : ( قل : ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم . فقد كذبتم فسوف يكون لزاما ) . .

منقول بتصرف
 
  • أعجبني
التفاعلات: سعــــــود

سعــــــود

مشرف ركن مزامير جزيرة العرب والحرمين الشريفين
المشرفون
2 يونيو 2008
6,919
1,548
113
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
أحسن الله إليك وبارك فيك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع