- 9 يناير 2008
- 729
- 3
- 0
- الجنس
- ذكر
(بسم الل)
هذه كلمة الشيخ سعود الشريم في حفل تكريم حفظة كتاب الله نقلتها من احد المنتديات ..
أبَدَأٌ بِبِسْمِ اْللهُ فيِ القولِ أوَّلاَ **تَبَارَكَ رَحْمَاناً رَحِيماً وَمَوْئِلاَ وَثَنَّيْتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الِرَّضَا** مُحَمَّدٍ الْمُهْدى إلَى النَّاسِ مُرْسَلاَ
وَثَلَّثْتُ أنَّ اْلَحَمْدَ لِلهِ دائِماً **وَمَا لَيْسَ مَبْدُوءًا بِهِ أجْذَمُ الْعَلاَ
وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ **فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ أيها المشائخ الكرام:أيها الأخوة الحضور :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وأرحب بكم في ليلة مباركة ليلة زفاف ليس كغيره من الليالي التي يزف فيها العرسان فنحن في ليلة زفاف لعرسان كرام،أجلاء رفعهم الله بالقرآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع آخرين) "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا" هذا الكتاب العظيم الذي أودعه الله جل وعلا صدور أمة محمد صلى الله عليه وسلم انفاذا لوعده الكريم وهو أصدق القائلين "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"وهاهي أمة الإسلام في الصدر الأول إلى عصرنا هذا وهي تترامى أطرافها ،وتتعدد مجالات حفظ كتاب الله جل وعلا بين الحين والأخر فتبدأ بالرقاع والجلود وتنتهي بما ترون وتشاهدون في هذا العصر الذي نسأل الله جل وعلا أن يلهمنا فيه شكر هذه النعم وأن يرزقنا حق أداءها على الوجه الذي يرضيه عنا إنه سميع مجيب. أيها الأخوة الكرام قال علماءنا وءأمتنا كما قال السابقون الأولون (إن الله جل وعلا ميز أمة الإسلام بميزة مع كتاب ا لله ليست كالميزة التي كانت في الأمم السابقة مع الكتب المنزلة فإن الله جل وعلا قد أوكل حفظ الكتب السابقة إلى العلماء والرهبان أما القرآن الكريم الذي أنزله على الرسول صلى الله عليه وسلم فإنما أوكل حفظه إلى نفسه وما ظنكم بأمر يوكل الله جل وعلا حفظه إليه "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله " أما القرآن فإن الله جل وعلا قد توكل بحفظه أوكل حفظه إلى نفسه . دخل رجل على أحد الخلفاء العباسيين وقد كان نصرانيا فقال له يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسلم !!فقال ويحك ألم تأتنا في العام الماضي وقد عرضنا عليك الإسلام فأبيت ..؟فقال يا أمير المؤمنين لقد كنت وراقا فأكتب التوراة فأزيد فيها وانقص ثم أذهب بها إلى السوق فأبيعها بأغلى الأثمان ،ثم نسخت الإنجيل فزدت فيه ونقصت وذهبت به إلى السوق فبعته بأغلى الأثمان ، ثم كتبت القرآن فزدت فيه ونقصت فذهبت به إلى السوق فبصقـــوا في وجهي فعلمت أن هذا القرآن محفوظ بحفظ الله جل وعلا وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) يقول الرحّابي رحمه الله (فأحفظ فكل حافظ إمام )أن حفظ القرآن سعة للمؤمن وعون له في استصحاب ذكر الله جل وعلا في كل حين ولا أحسن من وصف الشاعر لحافظ القرآن حينما يحتاج إليه في وقت لايجد عنده من القراطيس مايعينه على هذه التلاوه فيقول : ((والليل من حولي( هدوء ) قاتل **والذكريات تمور في وجداني )) ((ويهدني ألمي فأنشد راحتي **في بضع آيات من القرآني )) ما ذا تفعل وكيف تقرأ القرآن إذا احتجت إليه وليس بين يديك مصحف "بل هو آيات بينات في صدورـ وليس في ألواح ـ في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الكافرون "هذا هو أثر الحفظ وهنا تأتي ميزة الحفظ يصفها القرطبي رحمه الله (لما داهم التتار بلاد المسلمين وليت هاربا إلى البرية وإذا برجلين من التتار يلحقان بي فلم أجد أمامي إلا الصحراء فلجئت إلى قرءاة كتاب الله جل وعلا فقرأت قوله "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون "فيقول والله ما إن انتهيت من قراءة القرآن إلا وألتفت فإذا أنا بي أراهما وهما لايرياني ويقولان لي باللغة التترية : دَيبَلَةَ ...ديبلة ..اختفى !!. يعني شيطان شيطان اختفى أين ذهب ؟؟ هذا هو أثر القرآن أيها الأخوة وهذا أثر حفظه أنك تحتاج إليه في أوقات لا تجده مكتوبا على السطور ولا في الألواح ولا تجده مسموعا بين يديك فهنا تأتي ميزة الحفظ وتأتي ميزة استيداع هذا القرآن في الصدر يقول ابن حزم : ((أن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي **تضمنه القرطاس بل هو في صدري )) ((يسير معي حيث استقلت ركائبي **وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
وقد قيل قديماً (من حفظ المتون حاز الفنون ) هذه الحلقات أيها الأخوة التي تؤتي ثمارها في كل حين مترامية الأطراف لهي من نعم الله جل وعلا على هذه البلاد ولا يدرك قدر هذه النعمة إلا من شاهدها وغشيته في مكانه ورأى احتياج الآخرين من هنا وهناك إلى مثل هذه النعمة العظيمة. قضى الله ليّ أن أزور بقاع من الأرض وأرى تلك الحلقات الصغيرة التي تفتقر إلى الشيء الكثير مما هو متوفر لدينا ..إن تمت فقد يكون بعضها على استحياء ..أو يكون بعضها على تخوف ، وضيق وضنك وقلة ذات اليد ، وقل أن نجد حلقة بينها وبين حكومتها رابطة ، أما هنا فإنها نعمة عظمى ومنة كبرى من الله جل وعلا أن تحظى هذه الحلقات بالتأييد و الدعم والإشهار فهذه هي النعمة التي يجب علينا أن نشكر الله جل وعلا عليها . أيها الأخوة :لست في مقام بيان فضل الحفظ وفضل حافظ القرآن فالأدلة في ذلك كثيرة ليس هذا هو محل بسطها وطرحها ولكن المقام مقام التذكير بذلك والتنويه إلى هذه الأهمية وهذه القيمة العظيمة التي ليست بدعاً من الاهتمام ، وليست بدعاً من التوجيه، فقد كان سلفنا الصالح لا يتوجه أحدهم إلى العلم والتعليم إلا بعد أن يحفظ كتاب الله جل وعلا وقد سمعنا من مسميات هذه الحلقات ما يذكرنا بمشائخنا الأوائل ـ رحمهم الله جل وعلا ـ الذين كانوا لا يقبلون الطالب في حلقة العلم إلا بعد أن يتم كتاب الله ويحفظ كتاب الله جل وعلا ، بل لقد عدّ الأولون من حرص على طلب العلم واستكثر من حفظ الحديث وهو لم يحفظ القرآن ..ولذلك ذكر ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب حينما بسط ترجمة أبي الحسن ابن أبي شيبه فقال (ثقةٌ ،ثبتٌ،حافظ) وقيل انه كان لا يحفظ القرآن .ما الحاجة أن يأتي الحافظ ابن حجر بهذه المقولة في مقام هو مقام ترجمة وبيان التعديل والتجريح إلا لأثر و مغزى يدل عليه وهو أن الإنسان مهما طلب العلم لكن حفظه من القرآن ليس في قائمة هذا الطلب فإن هذا يعد عيباً كبيراً ولا شك لأن.. مفتاح العلوم ..وأبو العلوم ..وأم العلوم ..هو كتاب الله جل وعلا ولذلك ينبغي أن تتسارع الهمم ،همم الطلاب وهمم أولياء الأمور إلى إدراك هذا الجانب ..والحرص عليه وبذل المستطاع من الجهد في خدمة هذه الحلقات وهذه الجمعيات إذ يجتمع فيها أمور كثيرة ..خدمة القرآن ، وخدمة ما يحويه هذا القرآن من العلم ، وخدمة المساجد التي تقوم على تعليم هذا القرآن و والله إن النفقة والصدقة لهذه الحلقات وهذه الجمعيات لتعد من أعظم الصدقات . والقاعدة المقررة عند أهل العلم (أن الأثر المتعدي في الصدقة أفضل من الأثر القاصر ) ولاشك أن دعم هذه الجمعيات يعد من الأثر المتعدي الذي يستفيد منه الناس الكثير فحظي بالفضل وعظم المكان بقدر ما يكون هذا الأثر المتعدي . فوصيتي أيها الأخوة لي ولكم أن نُعنى بهذا الجانب وأن يتوجه الآباء وأولياء الأمور من آباء وأمهات إلى الحرص على توجيه الأبناء ورعايتهم وتشجيعهم إلى غشيان المساجد ومتابعة هذه الحلق لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل من ذريتهم من يحمل كتاب الله جل وعلا بين جنبيه ، ولن يذهب هذا الجهد سدى ولن يضيع دون أجر ولا مثوبة بل إن الله سبحانه وتعالى تكفل بهذا الأجر العظيم لكل من أعان على مثل هذه الحلقات وعلى رأس من يعين أولياء الأمور ولذلك جاء عند أبي داوود في سننه بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يكسى والدا حافظ القرآن تاجاً من نور يوم القيامة "فإذا كان هذا جزاء والديّ حافظ القرآن فكيف بجزاء الحافظ نفسه ولذلك أمتدح الشاطبـي هذا الأمر بقوله: ))هنيئاً مريئاً والداك عليهما **ملابس أنوار من التاج والحُلا)) ((فما بالكم بالنجل حين جزاءه **أولئك أهل الله والصفوة الملا)) وهذا جزاء الدنيا وهو هذا التكريم وهذا الاحتفال أما جزاء الآخرة فهو عند الله جل وعلا حينما يقال لقارئ القرآن "اقرأ وأرتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرأها " أسأل الله سبحانه وتعالى بأسماءه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته وأن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب أحزاننا وهمومنا إنه سميع مجيب وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين واصلى واسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين ..)) أ.هـ
هذه كلمة الشيخ سعود الشريم في حفل تكريم حفظة كتاب الله نقلتها من احد المنتديات ..
أبَدَأٌ بِبِسْمِ اْللهُ فيِ القولِ أوَّلاَ **تَبَارَكَ رَحْمَاناً رَحِيماً وَمَوْئِلاَ وَثَنَّيْتُ صَلَّى اللهُ رَبِّي عَلَى الِرَّضَا** مُحَمَّدٍ الْمُهْدى إلَى النَّاسِ مُرْسَلاَ
وَثَلَّثْتُ أنَّ اْلَحَمْدَ لِلهِ دائِماً **وَمَا لَيْسَ مَبْدُوءًا بِهِ أجْذَمُ الْعَلاَ
وَبَعْدُ فَحَبْلُ اللهِ فِينَا كِتَابُهُ **فَجَاهِدْ بِهِ حِبْلَ الْعِدَا مُتَحَبِّلاَ أيها المشائخ الكرام:أيها الأخوة الحضور :السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..وأرحب بكم في ليلة مباركة ليلة زفاف ليس كغيره من الليالي التي يزف فيها العرسان فنحن في ليلة زفاف لعرسان كرام،أجلاء رفعهم الله بالقرآن كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع آخرين) "إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا" هذا الكتاب العظيم الذي أودعه الله جل وعلا صدور أمة محمد صلى الله عليه وسلم انفاذا لوعده الكريم وهو أصدق القائلين "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون"وهاهي أمة الإسلام في الصدر الأول إلى عصرنا هذا وهي تترامى أطرافها ،وتتعدد مجالات حفظ كتاب الله جل وعلا بين الحين والأخر فتبدأ بالرقاع والجلود وتنتهي بما ترون وتشاهدون في هذا العصر الذي نسأل الله جل وعلا أن يلهمنا فيه شكر هذه النعم وأن يرزقنا حق أداءها على الوجه الذي يرضيه عنا إنه سميع مجيب. أيها الأخوة الكرام قال علماءنا وءأمتنا كما قال السابقون الأولون (إن الله جل وعلا ميز أمة الإسلام بميزة مع كتاب ا لله ليست كالميزة التي كانت في الأمم السابقة مع الكتب المنزلة فإن الله جل وعلا قد أوكل حفظ الكتب السابقة إلى العلماء والرهبان أما القرآن الكريم الذي أنزله على الرسول صلى الله عليه وسلم فإنما أوكل حفظه إلى نفسه وما ظنكم بأمر يوكل الله جل وعلا حفظه إليه "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله " أما القرآن فإن الله جل وعلا قد توكل بحفظه أوكل حفظه إلى نفسه . دخل رجل على أحد الخلفاء العباسيين وقد كان نصرانيا فقال له يا أمير المؤمنين إني أريد أن أسلم !!فقال ويحك ألم تأتنا في العام الماضي وقد عرضنا عليك الإسلام فأبيت ..؟فقال يا أمير المؤمنين لقد كنت وراقا فأكتب التوراة فأزيد فيها وانقص ثم أذهب بها إلى السوق فأبيعها بأغلى الأثمان ،ثم نسخت الإنجيل فزدت فيه ونقصت وذهبت به إلى السوق فبعته بأغلى الأثمان ، ثم كتبت القرآن فزدت فيه ونقصت فذهبت به إلى السوق فبصقـــوا في وجهي فعلمت أن هذا القرآن محفوظ بحفظ الله جل وعلا وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ) يقول الرحّابي رحمه الله (فأحفظ فكل حافظ إمام )أن حفظ القرآن سعة للمؤمن وعون له في استصحاب ذكر الله جل وعلا في كل حين ولا أحسن من وصف الشاعر لحافظ القرآن حينما يحتاج إليه في وقت لايجد عنده من القراطيس مايعينه على هذه التلاوه فيقول : ((والليل من حولي( هدوء ) قاتل **والذكريات تمور في وجداني )) ((ويهدني ألمي فأنشد راحتي **في بضع آيات من القرآني )) ما ذا تفعل وكيف تقرأ القرآن إذا احتجت إليه وليس بين يديك مصحف "بل هو آيات بينات في صدورـ وليس في ألواح ـ في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بأياتنا إلا الكافرون "هذا هو أثر الحفظ وهنا تأتي ميزة الحفظ يصفها القرطبي رحمه الله (لما داهم التتار بلاد المسلمين وليت هاربا إلى البرية وإذا برجلين من التتار يلحقان بي فلم أجد أمامي إلا الصحراء فلجئت إلى قرءاة كتاب الله جل وعلا فقرأت قوله "وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون "فيقول والله ما إن انتهيت من قراءة القرآن إلا وألتفت فإذا أنا بي أراهما وهما لايرياني ويقولان لي باللغة التترية : دَيبَلَةَ ...ديبلة ..اختفى !!. يعني شيطان شيطان اختفى أين ذهب ؟؟ هذا هو أثر القرآن أيها الأخوة وهذا أثر حفظه أنك تحتاج إليه في أوقات لا تجده مكتوبا على السطور ولا في الألواح ولا تجده مسموعا بين يديك فهنا تأتي ميزة الحفظ وتأتي ميزة استيداع هذا القرآن في الصدر يقول ابن حزم : ((أن تحرقوا القرطاس لا تحرقوا الذي **تضمنه القرطاس بل هو في صدري )) ((يسير معي حيث استقلت ركائبي **وينزل إن أنزل ويدفن في قبري
وقد قيل قديماً (من حفظ المتون حاز الفنون ) هذه الحلقات أيها الأخوة التي تؤتي ثمارها في كل حين مترامية الأطراف لهي من نعم الله جل وعلا على هذه البلاد ولا يدرك قدر هذه النعمة إلا من شاهدها وغشيته في مكانه ورأى احتياج الآخرين من هنا وهناك إلى مثل هذه النعمة العظيمة. قضى الله ليّ أن أزور بقاع من الأرض وأرى تلك الحلقات الصغيرة التي تفتقر إلى الشيء الكثير مما هو متوفر لدينا ..إن تمت فقد يكون بعضها على استحياء ..أو يكون بعضها على تخوف ، وضيق وضنك وقلة ذات اليد ، وقل أن نجد حلقة بينها وبين حكومتها رابطة ، أما هنا فإنها نعمة عظمى ومنة كبرى من الله جل وعلا أن تحظى هذه الحلقات بالتأييد و الدعم والإشهار فهذه هي النعمة التي يجب علينا أن نشكر الله جل وعلا عليها . أيها الأخوة :لست في مقام بيان فضل الحفظ وفضل حافظ القرآن فالأدلة في ذلك كثيرة ليس هذا هو محل بسطها وطرحها ولكن المقام مقام التذكير بذلك والتنويه إلى هذه الأهمية وهذه القيمة العظيمة التي ليست بدعاً من الاهتمام ، وليست بدعاً من التوجيه، فقد كان سلفنا الصالح لا يتوجه أحدهم إلى العلم والتعليم إلا بعد أن يحفظ كتاب الله جل وعلا وقد سمعنا من مسميات هذه الحلقات ما يذكرنا بمشائخنا الأوائل ـ رحمهم الله جل وعلا ـ الذين كانوا لا يقبلون الطالب في حلقة العلم إلا بعد أن يتم كتاب الله ويحفظ كتاب الله جل وعلا ، بل لقد عدّ الأولون من حرص على طلب العلم واستكثر من حفظ الحديث وهو لم يحفظ القرآن ..ولذلك ذكر ابن حجر في كتابه تهذيب التهذيب حينما بسط ترجمة أبي الحسن ابن أبي شيبه فقال (ثقةٌ ،ثبتٌ،حافظ) وقيل انه كان لا يحفظ القرآن .ما الحاجة أن يأتي الحافظ ابن حجر بهذه المقولة في مقام هو مقام ترجمة وبيان التعديل والتجريح إلا لأثر و مغزى يدل عليه وهو أن الإنسان مهما طلب العلم لكن حفظه من القرآن ليس في قائمة هذا الطلب فإن هذا يعد عيباً كبيراً ولا شك لأن.. مفتاح العلوم ..وأبو العلوم ..وأم العلوم ..هو كتاب الله جل وعلا ولذلك ينبغي أن تتسارع الهمم ،همم الطلاب وهمم أولياء الأمور إلى إدراك هذا الجانب ..والحرص عليه وبذل المستطاع من الجهد في خدمة هذه الحلقات وهذه الجمعيات إذ يجتمع فيها أمور كثيرة ..خدمة القرآن ، وخدمة ما يحويه هذا القرآن من العلم ، وخدمة المساجد التي تقوم على تعليم هذا القرآن و والله إن النفقة والصدقة لهذه الحلقات وهذه الجمعيات لتعد من أعظم الصدقات . والقاعدة المقررة عند أهل العلم (أن الأثر المتعدي في الصدقة أفضل من الأثر القاصر ) ولاشك أن دعم هذه الجمعيات يعد من الأثر المتعدي الذي يستفيد منه الناس الكثير فحظي بالفضل وعظم المكان بقدر ما يكون هذا الأثر المتعدي . فوصيتي أيها الأخوة لي ولكم أن نُعنى بهذا الجانب وأن يتوجه الآباء وأولياء الأمور من آباء وأمهات إلى الحرص على توجيه الأبناء ورعايتهم وتشجيعهم إلى غشيان المساجد ومتابعة هذه الحلق لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعل من ذريتهم من يحمل كتاب الله جل وعلا بين جنبيه ، ولن يذهب هذا الجهد سدى ولن يضيع دون أجر ولا مثوبة بل إن الله سبحانه وتعالى تكفل بهذا الأجر العظيم لكل من أعان على مثل هذه الحلقات وعلى رأس من يعين أولياء الأمور ولذلك جاء عند أبي داوود في سننه بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يكسى والدا حافظ القرآن تاجاً من نور يوم القيامة "فإذا كان هذا جزاء والديّ حافظ القرآن فكيف بجزاء الحافظ نفسه ولذلك أمتدح الشاطبـي هذا الأمر بقوله: ))هنيئاً مريئاً والداك عليهما **ملابس أنوار من التاج والحُلا)) ((فما بالكم بالنجل حين جزاءه **أولئك أهل الله والصفوة الملا)) وهذا جزاء الدنيا وهو هذا التكريم وهذا الاحتفال أما جزاء الآخرة فهو عند الله جل وعلا حينما يقال لقارئ القرآن "اقرأ وأرتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر آية تقرأها " أسأل الله سبحانه وتعالى بأسماءه الحسنى وصفاته العلا أن يجعلنا وإياكم من أهل القرآن الذين هم أهله وخاصته وأن يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وذهاب أحزاننا وهمومنا إنه سميع مجيب وأخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين واصلى واسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أحمعين ..)) أ.هـ