- 25 يوليو 2007
- 2,393
- 23
- 38
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
- علم البلد
-
(( الشورى في الإسلام ))
قال الله - تعالى - :
{ و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون}
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه
أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد :
الباب الأول
تعريف الشورى
الشورى في اللغة : اسم من المشاورة أي من استخرج ما عنده من رأي ,
و تعريفها الاصطلاحي فلقد عرفها السلف عدة تعريفات لكنها كلها بمعاني قريبة من بعض . عرفها الأصفهاني بأنها : استخراج الرأي لمراجعة البعض للبعض , وقد عرفها ابن العربي في كتابه أحكام القرآن ، بأنها هي اجتماع على الرأي ليستشير كل واحد صاحبه و يستخرج ما عنده , و قد عرفها بعض المعاصرين بقوله : استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل إلى أقرب الأمور إلى الحق , و بالبحث في معاجم اللغة تبين أن معاني الشورى : الاستخراج , فيقال شار العسل أي استخرجه و اجتناه من موضعه , و من ذلك أيضا اختبار الشيء و فحصه فيقال : شار الذئب يشورها شورا : بلاها ينظر ما بداخلها , و الشورى , و المشورة , بفتح أوله و ضم ثانيه , و المشورة بفتح أوله و سكون ثانيه اسم بمعنى التشاور و المشاورة , و قال بعضهم الشورى من شرت الدابة أشورها إذا رضتها لا استخراج أخلاقها , و عرفها مرة أخرى في الكتاب نفسه فقال الشورى : فعلى من شار يشور شورا إذا عرض الأمر على الخيرة حتى يعلم المراد منه .
و على ضوء ما تقدم من التعريفات يمكن لنا أن نعرف الشورى بقولنا : هي تداول في الآراء بنية استخراج الصواب , و يقال إن الشورى : هي طلب الرأي السديد .
الباب الثاني
أهمية الشورى في الإسلام
و فيه مطلبان
أ - للشورى مكانتها السامية في القرآن الكريم و كذلك السنة النبوية المطهرة فقد أوجبها الله - تعالى - كفريضة شرعية لازمة لاستقامة و استدامة الحياة في المجتمع المسلم الكبير بصفة عامة و في المجتمع المسلم الصغير الممثل بالأسرة بصفة خاصة لذلك كانت الشورى في تراث الإسلام منهجا فكريا و سلوكيا واجب الأخذ منه على الدوام و بلا انقطاع في الماضي و الحاضر و المستقبل على اعتبار أن الشورى أخلاق دينية مقدسة و ليست مجرد ميراث فكري وضعي كما هو الحال عند الغرب , الذين ينظمون أمورهم في الحياة كاملة وفق قواعد وأنظمة قانونية وضعية منقولة عن وثنيات و لا علاقة لها برسالات السماء .
ب - و من أهمية الشورى أن الله - تعالى - أمر بها نبيه - عليه الصلاة و السلام - في آيات من القرآن الكريم و عمل بها - عليه الصلاة و السلام - في أموره مع أصحابه مع العلم أن الله و رسوله غنيان عن مشورة الخلق و إنما جعلها الله - سبحانه و تعالى
- رحمة لهذه الأمة من أجل أن يمارس المسلمون الشورى فيما بينهم لتزداد روابط الألفة و المحبة بين المسلمين و تسير بها أمورهم الدنيوية و الأخروية بإذن الله .
ج - و من أهمية الشورى أن الله أنزل سورة كاملة من القرآن الكريم و سماها سورة الشورى مما يؤكد الأهمية البالغة للشورى و لمـكانتها الرفيعة في نظر الشارع الحكيم .
المطلب الأول : في أهمية الشورى العائلية
و ما أنزل الله الآيات القرآنية إلا للأخذ بالشورى على مستوى المجتمع المسلم عامة و مجتمع العائلة خاصة لما فيه من سعادة للفرد و المجتمع و يرشدهم سبحانه للأخذ بالشورى فيما بينهم ليتبادلوا بها الفكر و الرأي من أجل إيجاد أفضل الحلول لمشكلات حياتهم مما يؤدي للتقريب بين أحاسيسهم و أفكارهم و يحقق كذلك التفاعل المثمر بين قلوبهم , الأمر المؤدي حتما لزيادة ربط جمعهم و إسعادهم .
و قد احتوت السنة النبوية الشريفة على الكثير من الأحاديث الدالة على اعتبار الشورى و الأخذ بها و عدم تركها , و قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتردد في التشاور مع الصحابة في كثير من شئونهم الدنيوية التي لم ينزل بها نص القرآن الكريم . روي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : [ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ] . و روي عنه - صلى الله عليه و سلم - أنه قال لأبي بكر و عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - :
" لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما " . و من ذلك اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بالمشاورة بصفة خاصة في محيط الأسرة المسلمة لتنبت وتثمر سعادة في حياتها ومن ذلك ما جاء عنه في قوله - صلوات الله و سلامه عليه - : " أشيروا على النساء في أنفسهن " . و يشير إلى وجوب أن يكون زواج النساء ثمرة لمشاورتهن . إذ أن فرض الزواج عليهن قد يؤدي إلى شقائهن و شقاء أهلهن و مجتمعهن , بينما نجد أن إرضاءهن بمشورتهن فيما يخص مستقبلهن أو مستقبل حياتهن الزوجية , يؤدي بالتأكيد إلى إسعادهن و إسعاد أهلهن و مجتمعهن و يؤدي أيضا إلى اطمئنان النفس و ينتج عنه سعادة الزوجة و الزوج و الأهل و المجتمع بأسره .
المطلب الثاني : أهمية الشورى داخل الأسرة المسلمة
جعل الله - سبحانه و تعالى - الشورى سبيلا لاستقامة حياة الأسرة المسلمة و سعادتها , و ذلك من خلال التفاهم و التراض و الوفاق المثمر بالخير الذي يتأسس على التشاور و ليس على الاستبداد , و الاستسلام و الإذعان في مجال العلاقات الإنسانية للأسرة المسلمة و قد أشار الله - سبحانه و تعالى - إلى ذلك كما في قوله تعالى : { و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده و على الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما } . و قد جاء في تفسير ابن كثير في قوله - تعالى - : { فإن أراد فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما } . أي فإن اتفق والد الطفل على فطامه قبل الحولين و رأيا في ذلك مصلحة له و تشاورا في ذلك و أجمعا عليه فلا جناح عليهما في ذلك فيتبين من ذلك أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي , و لا يجوز لواحد منهما أن يستبد برأيه و ذلك من غير مشورة الآخر و هذا فيه احتياط للطفل و إلزام للنظر في أمره , بالتشاور بين الزوجين , و هو من رحمة الله بعباده حيث جعل الله - تعالى - الشورى فريضة شرعية إلزامية على الوالدين في تربية أبنائهما و إرشادهما بذلك إلى ما يصلحها و يصلحه , و قد جعل الله - تعالى - من هذه الآية المباركة نموذجا إرشاديا يقاس عليه أمر الشورى في محيط الأسرة حول ما يتعرض حياتهن من مشكلات , بما يحقق الرضا و الاطمئنان للأسرة المسلمة على الدوام . و مما يؤكد الشورى في حياة الأسرة المسلمة أيضا قوله - تعالى - : { و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا } . فهذه الآية أيضا تدل دلالة قاطعة على أهمية الشورى بين وكيلي الزوجين في مشكلات حياتهما الخاصة من أجل فقد النزاع بينهما و راحة أسرتيهما .
للموضوع صلة إن شاءالله تعالى
t7قال الله - تعالى - :
{ و الذين استجابوا لربهم و أقاموا الصلاة و أمرهم شورى بينهم و مما رزقناهم ينفقون}
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله و الصلاة والسلام على أشرف
الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه
أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ... أما بعد :
الباب الأول
تعريف الشورى
الشورى في اللغة : اسم من المشاورة أي من استخرج ما عنده من رأي ,
و تعريفها الاصطلاحي فلقد عرفها السلف عدة تعريفات لكنها كلها بمعاني قريبة من بعض . عرفها الأصفهاني بأنها : استخراج الرأي لمراجعة البعض للبعض , وقد عرفها ابن العربي في كتابه أحكام القرآن ، بأنها هي اجتماع على الرأي ليستشير كل واحد صاحبه و يستخرج ما عنده , و قد عرفها بعض المعاصرين بقوله : استطلاع الرأي من ذوي الخبرة فيه للتوصل إلى أقرب الأمور إلى الحق , و بالبحث في معاجم اللغة تبين أن معاني الشورى : الاستخراج , فيقال شار العسل أي استخرجه و اجتناه من موضعه , و من ذلك أيضا اختبار الشيء و فحصه فيقال : شار الذئب يشورها شورا : بلاها ينظر ما بداخلها , و الشورى , و المشورة , بفتح أوله و ضم ثانيه , و المشورة بفتح أوله و سكون ثانيه اسم بمعنى التشاور و المشاورة , و قال بعضهم الشورى من شرت الدابة أشورها إذا رضتها لا استخراج أخلاقها , و عرفها مرة أخرى في الكتاب نفسه فقال الشورى : فعلى من شار يشور شورا إذا عرض الأمر على الخيرة حتى يعلم المراد منه .
و على ضوء ما تقدم من التعريفات يمكن لنا أن نعرف الشورى بقولنا : هي تداول في الآراء بنية استخراج الصواب , و يقال إن الشورى : هي طلب الرأي السديد .
الباب الثاني
أهمية الشورى في الإسلام
و فيه مطلبان
أ - للشورى مكانتها السامية في القرآن الكريم و كذلك السنة النبوية المطهرة فقد أوجبها الله - تعالى - كفريضة شرعية لازمة لاستقامة و استدامة الحياة في المجتمع المسلم الكبير بصفة عامة و في المجتمع المسلم الصغير الممثل بالأسرة بصفة خاصة لذلك كانت الشورى في تراث الإسلام منهجا فكريا و سلوكيا واجب الأخذ منه على الدوام و بلا انقطاع في الماضي و الحاضر و المستقبل على اعتبار أن الشورى أخلاق دينية مقدسة و ليست مجرد ميراث فكري وضعي كما هو الحال عند الغرب , الذين ينظمون أمورهم في الحياة كاملة وفق قواعد وأنظمة قانونية وضعية منقولة عن وثنيات و لا علاقة لها برسالات السماء .
ب - و من أهمية الشورى أن الله - تعالى - أمر بها نبيه - عليه الصلاة و السلام - في آيات من القرآن الكريم و عمل بها - عليه الصلاة و السلام - في أموره مع أصحابه مع العلم أن الله و رسوله غنيان عن مشورة الخلق و إنما جعلها الله - سبحانه و تعالى
- رحمة لهذه الأمة من أجل أن يمارس المسلمون الشورى فيما بينهم لتزداد روابط الألفة و المحبة بين المسلمين و تسير بها أمورهم الدنيوية و الأخروية بإذن الله .
ج - و من أهمية الشورى أن الله أنزل سورة كاملة من القرآن الكريم و سماها سورة الشورى مما يؤكد الأهمية البالغة للشورى و لمـكانتها الرفيعة في نظر الشارع الحكيم .
المطلب الأول : في أهمية الشورى العائلية
و ما أنزل الله الآيات القرآنية إلا للأخذ بالشورى على مستوى المجتمع المسلم عامة و مجتمع العائلة خاصة لما فيه من سعادة للفرد و المجتمع و يرشدهم سبحانه للأخذ بالشورى فيما بينهم ليتبادلوا بها الفكر و الرأي من أجل إيجاد أفضل الحلول لمشكلات حياتهم مما يؤدي للتقريب بين أحاسيسهم و أفكارهم و يحقق كذلك التفاعل المثمر بين قلوبهم , الأمر المؤدي حتما لزيادة ربط جمعهم و إسعادهم .
و قد احتوت السنة النبوية الشريفة على الكثير من الأحاديث الدالة على اعتبار الشورى و الأخذ بها و عدم تركها , و قد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتردد في التشاور مع الصحابة في كثير من شئونهم الدنيوية التي لم ينزل بها نص القرآن الكريم . روي أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال : [ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ] . و روي عنه - صلى الله عليه و سلم - أنه قال لأبي بكر و عمر بن الخطاب - رضي الله عنهما - :
" لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما " . و من ذلك اهتمامه - صلى الله عليه وسلم - بالمشاورة بصفة خاصة في محيط الأسرة المسلمة لتنبت وتثمر سعادة في حياتها ومن ذلك ما جاء عنه في قوله - صلوات الله و سلامه عليه - : " أشيروا على النساء في أنفسهن " . و يشير إلى وجوب أن يكون زواج النساء ثمرة لمشاورتهن . إذ أن فرض الزواج عليهن قد يؤدي إلى شقائهن و شقاء أهلهن و مجتمعهن , بينما نجد أن إرضاءهن بمشورتهن فيما يخص مستقبلهن أو مستقبل حياتهن الزوجية , يؤدي بالتأكيد إلى إسعادهن و إسعاد أهلهن و مجتمعهن و يؤدي أيضا إلى اطمئنان النفس و ينتج عنه سعادة الزوجة و الزوج و الأهل و المجتمع بأسره .
المطلب الثاني : أهمية الشورى داخل الأسرة المسلمة
جعل الله - سبحانه و تعالى - الشورى سبيلا لاستقامة حياة الأسرة المسلمة و سعادتها , و ذلك من خلال التفاهم و التراض و الوفاق المثمر بالخير الذي يتأسس على التشاور و ليس على الاستبداد , و الاستسلام و الإذعان في مجال العلاقات الإنسانية للأسرة المسلمة و قد أشار الله - سبحانه و تعالى - إلى ذلك كما في قوله تعالى : { و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة و على المولود له رزقهن و كسوتهن بالمعروف لا تضار والدة بولدها و لا مولود له بولده و على الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما } . و قد جاء في تفسير ابن كثير في قوله - تعالى - : { فإن أراد فصالا عن تراض منهما و تشاور فلا جناح عليهما } . أي فإن اتفق والد الطفل على فطامه قبل الحولين و رأيا في ذلك مصلحة له و تشاورا في ذلك و أجمعا عليه فلا جناح عليهما في ذلك فيتبين من ذلك أن انفراد أحدهما بذلك دون الآخر لا يكفي , و لا يجوز لواحد منهما أن يستبد برأيه و ذلك من غير مشورة الآخر و هذا فيه احتياط للطفل و إلزام للنظر في أمره , بالتشاور بين الزوجين , و هو من رحمة الله بعباده حيث جعل الله - تعالى - الشورى فريضة شرعية إلزامية على الوالدين في تربية أبنائهما و إرشادهما بذلك إلى ما يصلحها و يصلحه , و قد جعل الله - تعالى - من هذه الآية المباركة نموذجا إرشاديا يقاس عليه أمر الشورى في محيط الأسرة حول ما يتعرض حياتهن من مشكلات , بما يحقق الرضا و الاطمئنان للأسرة المسلمة على الدوام . و مما يؤكد الشورى في حياة الأسرة المسلمة أيضا قوله - تعالى - : { و إن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله و حكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا } . فهذه الآية أيضا تدل دلالة قاطعة على أهمية الشورى بين وكيلي الزوجين في مشكلات حياتهما الخاصة من أجل فقد النزاع بينهما و راحة أسرتيهما .
للموضوع صلة إن شاءالله تعالى