إعلانات المنتدى


تفسير سورة الهمزة

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

برونة

مزمار فعّال
22 مارس 2009
154
0
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
[frame="7 60"]
بسمـ الله الرحمن الرحيمـ
السلامـ عليكمـ ورحمة الله وبركاته
وبعد ...



تفسير سورتى الهمزة والفيل



يقول الله تعالى «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» الهمزة
بين يدي السورة

سورةٌ مكية، قد توعدت الذين يعيبون الناس، «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» التوبة ، وذكرت أن مأواهم جهنم وبئس المهاد
قوله «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» اختلف العلماءُ في الهمز واللمز، هل هما بمعنى واحدٍ، أم يختلفان ؟ فقال بعضهم هما بمعنًى واحد، وقال بعضُهم يختلفان، فالهمزُ هو عَيْبُ الغير باللسان في غيابه
واللّمزُ هو عَيْبُ الغير باليد، أو بالعين أو بالإشارة، أو بالكلمة الخفية في حضوره، وعلى كلّ حال، فالمراد بالهمز واللمز عيب الناس، وازدراؤهم، واحتقارُهم
وقد استفتحت السورة بهذا الوعيد الشديد «وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ» قيل الويل كلمة تقال للزجر والردع، وقيل وَيْلٌ، وادٍ في جهنم، تستغيثُ جهنم بالله من شدة حره، فالهمز واللمز من الكبائر، وهما من عمل المنافقين والكافرين، قال تعالى «وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ» التوبة ، وقال تعالى «الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» التوبة ، وقال تعالى «إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلاَءِ لَضَالُّونَ وَمَا أُرْسِلُوا عَلَيْهِمْ حَافِظِينَ» المطففين ، وقد نهى الله تعالى نبيه عن طاعة مَنْ هذه صفته، فقال «وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ» القلم ، ، ونهى المؤمنين عن هذه الصفات، فقال «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» الحجرات
ثم وصف الله الهمزة اللمزة بأنه «الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ»، كما قال تعالى «وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَهِينٍ هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ» القلم ، فكثرة المال تُطْغي، والكثيرُ المال يربو بنفسه فوق الناس، فيراهم دونَه، فيزدريهم ويحتقرهم، ويسخر منهم، كما كان مِنْ صاحب الجنتين، قال تعالى «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آَتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلاَلَهُمَا نَهَرًا وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَرًا» الكهف ، وكما كان من قارون، قال تعالى «إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ» القصص
وقوله تعالى «الَّذِي جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ» يعني أنه مشغولٌ أبدًا بهذا المال، فهو طولَ النهار يعدّه عدًا، فإذا كان الليل نام كالجيفة، نسأل الله العافية
وقوله تعالى «يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ» أي يظنّ الجاهل أن ماله يدفعُ عنه الموتَ وينجيه منه، فيكون من الخالدين، حتى لو ظن أنه يموتُ اعتقد أن الآخرة خيرٌ له من الأولى، كما كان مِنْ صاحب الجنتين إذ «دَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا» الكهف ، ، قال تعالى «كلا» ليس الأمر كما يظن، «مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ» المسد ، فالمالُ لا يدفع الموتَ عن أحد، ولو كان المال يُغْني عن صاحبه شيئًا لأغنى عن قارون، الذي أوتي من الكنوز «مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ»، ومع ذلك خَسَفَ الله به وبداره الأرض «فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ» القصص
ثم قال تعالى متوعدًا «لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ» أي لَيُرْمَيَنَّ في النار التي يحطم بعضها بعضًا، «وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ» سؤالٌ لتفخيم أمرها وتعظيم شأنها، جوابُه «نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ» وإضافتها إلى الله أيضًا لتفخيم أمرها وتعظيم شأنها، قال النبي «إن ناركم هذه التي توقدون جزءٌ من سبعين جزءًا من نار جهنم» قالوا يا رسول الله، إن كانت لكافية قال «ولكنها فُضِّلَتْ عليها بتسعة وستين جزءًا، كلها مثل حرها»
وقوله تعالى «الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الأَفْئِدَةِ» يعني أنها تأكل اللحوم حتى تطلع على الأفئدة فَتمَسُّها، ومع ذلك لا يموتون، كما قال تعالى «وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا» فاطر ، وقال تعالى «كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ» النساء ، وقوله تعالى «إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» أي مُغْلَقَةٌ، على خلافِ الجنة فإنها مفتحة الأبواب، كما قال تعالى «هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآَبٍ جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأَبْوَابُ» ص ، ، لأنها دار السلام والأمان، وأما جهنم فدارُ الخوف والقلق والعذاب، وإغلاق الأبوابِ يقطع الآمال، ويخيب الرجاء، وقوله تعالى «فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» أي أنّ على أبواب جهنم عمدًا ممدة، قد أُغْلَقتْ بها فلا تُفتحُ لهم، وأشبه شيء بهذه العمد العمد التي كان أصحاب المحلات قديمًا يُغْلقون بها محلاتهم، كنا نرى قديمًا على باب المحل عمودًا طويلاً ممددًا في عُروة من هذه الناحية، وعروة من تلك، وفي هذا العمود القفلُ، فهذه العمد القديمة أشبه ما تكون بالعمد الممددة على أبواب جهنم
نسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى، أن يجيرنا وسائر المسلمين من النار ومن عذاب النار




__________________

d17.jpg


d27.jpg


qolob057.gif



[/frame]
 

بدر فاضل

مشرف سابق
3 فبراير 2009
5,375
74
48
الجنس
ذكر
رد: تفسير سورة الهمزة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
كتب الله أجرك ، ورفع قدرك ، و أعلى منزلتك في الجنة ..

أخوكم : ( أبو شهد ) ..:wave::wave:
 

ابواحمدالغالى

مزمار داوُدي
20 مايو 2008
9,458
16
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: تفسير سورة الهمزة

جزاكم الله خيراً
 

الملكة الحزينة

مشرفة سابقة
6 مارس 2009
12,753
154
63
الجنس
أنثى
رد: تفسير سورة الهمزة

وفقك الله لما يحب ويرضى
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع