- 2 يوليو 2006
- 690
- 3
- 0
- الجنس
- ذكر
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
منذ فترة استضاف التليفزيون المصرى
بطلا من أبطال حرب أكتوبر
كان يتحدث عن ذكريات الحرب
كان قناصا فى الجيش
كان يقتنص اليهود
قتل وحده خمسة عشر جنديا ببندقيته الخشبية
أنا بصراحة أحسست أمامه بالضألة
أحسست أنى أقف أمام مجاهدا
أقف أمام رجلا كان يحارب أعداء الله
و بصراحة كنت فى منتهى السعادة و أنا أسمعه
كنت أسمع بطلا
وددت لو أنى كنت معهم
يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما
و بما أنكم أحبائى قررت ألا أبخل عليكم بهذه الذكريات العظيمة
تفضلوا اسمعوا ما قال
'عندما ذهبت إلي منطقة تجنيد الاسكندرية لتجديد التأجيل، أو آخذ موافقة القوات المسلحة علي سفري لأستلام الجائزة العالمية، التي هي جائزة لمصر قبل أن تكون جائزة لي، لقد حكيت لهم قصتي قالوا لي أن التأجيل لأي سبب من الأسباب، قد ألغي منذ 4 أيام فقط، وقالوا ماهو أغرب: انني جندي في القوات المسلحة منذ ذلك التاريخ أبلغتهم أن أحدا لم يخطرني بذلك بأية وسيلة من وسائل الإخطار، بدليل قدومي بنفسي للحصول علي الموافقة علي سفري أخبرني الضابط المسئول انني فعلت خيرا لوصولي في الوقت المناسب قبل أن أقع تحت طائلة العقاب! لقد كانت المفاجأة صدمة عصبية ونفسية ملأت جوانب نفسي بالألم العميق، ولم يكن ذلك بالطبع، لأنني سوف التحق فورا بالجيش، وانما لاسلوب ادارة الأمور من ناحية، وللتحول العجيب في نفسي من فرحة الحصول لمصر علي جائزة عالمية وتمثيلها في الاحتفال باستلامها إلي حزن منعني من السفر وغيبة مصر عن هذا الاحتفال دون مبرر واضح. لقد كان من الممكن أن يتركوني بضعة أيام للسفر والعودة، ولاسيما انه لم تكن أية مهام قتالية عاجلة في انتظاري، بل لم يحدث في الأيام الأولي إلا مايعكر الصفو الذي تم تعكيره أصلا بمنعي من السفر، فضلا عن احتجازي الفوري دون إخطار أسرتي أو أحد بما يحدث، إذ في خلال ساعة ونصف الساعة كنت ارتدي الزي العسكري، واحمل مخلة بها متاعي ومعداتي، وأقوم بالمهام الأولي في الجيش المصري'
مولد قناص
ويظهرنوارفي معسكر التدريب بالمعادي مهارة فائقة، لفتت أنظار قادته، فرشحوه لمعسكر اخر في الهايكسبت للتدريب علي القنص، وهناك تلقي محاضرات حول دور القناص وقيمته وأهمية أن يتصرف في خلال ثانيتين أو ثلاث ثوان علي الاكثر وعن الشروط التي يجب توافرها في القناص يقول: 'الشرط الأول هو هدوء الأعصاب واتزانها، إلي حد يكاد يشبه البرود والانفصال عن الواقع بمعني أن القناص قد يحدد هدفه ويصوب إليه بندقيته في جو من القصف وانفجار القنابل، فاذا دوي بجانبه انفجار قنبلة في لحظة التصويب واهتز لها شاربه أو أولاها قدرا من اهتمامه فحسب، ولا أقول يفزع بعض الفزع بأن يقفز مع قلبه صدره، ضاع منه الهدف ، بل وكشف نفسه وعرض حياته، وربما موقعه كله لخطر جسيم، كيف يمكن أن ترمز في عمل وأنت منفصل عن واقع شديد العنف والضجيج والخطر من حولك، إذا كان هناك انفصام الداخل عن الخارج؟ لعل أصعب مهمة سوف يعانيها القناص هوالوصول لهذه القمة من التركيز يحتاج بجانب الأعصاب المتماسكة شجاعة تلقائية تم تدريب النفس عليها، وليس تلك الشجاعة التي يقوم فيها الانسان بلم جماع نفسه والامساك بها لحظات الخطر مثل تلك التي يتحدث عنها شاعر الخوارج: 'أقول لنفسي وقد طارت شعاعا/ من الأبطال ويحك لن تراعي'، وأيضا يحتاج القناص إلي قدرة فائقة علي التمويه والكمون في صبر حتي يأتيه رزقه ويوقع بفريسته وهي مغيبة الوعي، ولايتم ذلك أيضا إلابخيال واسع يحل شفرة تمويهات العدو، وتلك هي موهبة الفنان التشكيلي التي ستقف بجانب العلم في تفوق القناص نوار'
الفريسة الأولي
وبعد انتهاء تدريبه في معسكر الهايكستب تم ترحيله إلي المواقع الامامية في الديفرسوار وبدأ أولي محاولاته لقنص أحد الاعداء في ثالث يوم مجيئه لموقعه الجديد ولكن باءت محاولته بالفشل، وبدلا من أن يوجه هو رصاصه تم فتح وابل من الرصاص الاسرائيلي عليه، لحسن حظه لم يصب بمكروه، واحتاج لبعض الوقت ليعود إليه الهدوء النفسي، وبدأ يبحث عن مكان آخر ليصطاد غنيمته، وبالفعل اختار موقع في لسان الديفرسوار، ويصور هذا المكان وظروف اقتناصه لضحيته واستفادته من دراسته لمختلف الفنون من فن تشكيلي لمسرح قائلا: 'توجهت إلي مكمن عميق في لسان الديفرسوار، حيث كان يخرج من اللسان لسان آخر نحيل الاتساع بنيت عليه فيللا لمراقبة السفن الآتية والذاهبة وهذا اللسان النحيل لايوجد عليه ساتر ترابي مصري مثل بقية موقع الديفرسوار ، وانما احضروا عددا من مراكب الصيادين الصغيرة، ثم رصوها فوق بعضها في أوضاع متعاكسة، وملئوها بالرمل لتغدو ثقيلة فلا يبدد شملها قصف القنابل، كان ترتيب المراكب يؤدي إلي وجود ثقوب أو ثغرات يمكن رؤية الضفة الشرقية خلالها وسبب هذه الثغرات الهلالية شكل المراكب. نظرت في أحد هذه الثقوب المثلثة الشكل، وقلبت زوايا النظر، فإذا بي أوقع علي ذلك الشخص الذي سبق لي أن حاولت قنصه، وأعود الآن لرؤيته بعد خروجي من الملجأ من جديد للاستطلاع هنا تأكد لدي شيئان: الشيء الأول: انه قد يكون نفس الشخص أو زميلا له حل محله طبقا لنظام الورديات، والشيء الثاني: في الحالتين هم لم ينتبهوا إلي انني قناص، وإلا ما ظهر ذلك الشخص في موقعه هذا الظهور الذي يجعله هدفا سهلا، فقد رأيته يقف ويتثاءب، وهذا خطأ انساني منه، احيانا لايمكن تجنبه عند اكثر الناس حذرا، فالكمون في وضع معين للجسم ساعات طويلة أمر لايحتمل.قدرت أنني كما أراه من ثقبي الذي تخترقه الشمس فإنه سوف يراني ولاسيما عندما اتحرك خلال ضبط بندقيتي وتصويبها نحوه هنا لعب الفن التشكيلي دوره، بل ولعله الفن المسرحي القديم المسمي خيال الظل، اعترتني ابتسامة وأنا أفكر في ذلك، عندما ربطت موقفي الأول بالتمثيل. أليس الفن بما يملك من حيل فنية وتخيل أكثر الاشياء افادة للتمويه العسكري؟ المهم التقي الفنان نوار مع الفتي القناص وأفرغا شيكارة رمل وأعدا منها قطعة خيش تم إلصاقها علي الثقب، وتم ادخال فوهة البندقية من فتحة صغيرة تم شقها في الخيشة وهكذا مهما تحركت خلفها فلن يراني أحد بينما أنا أري الجانب الآخر جملة من خلف الخيشة وتفصيلا من تلسكوب البندقية التي لايسهل رؤية فوهتها الصعيرة المغروزة في فتحة الخيشة لقد تم نصب المسرح، لكن الممثل يرتعد ويدق قلبي بسرعة ويكاد يقفز نبضه من عروقه ونحن نعلم أن أي اهتزاز أو انفعال يقضي علي التمثيلية والمسرح والممثل، والاسوأ أيضا علي بعض المتفرجين' ويضيف:'قررت الاسترخاء واقناع الفنان نوار بالرحيل بعد انتهاء دوره، وطلبت من القناص نوار الهدوء وتذكر كل شروط القنص الناجح بعد 7 دقائق هدأ كل شيء، وأصبح الجسم ثابتا دقيق الاتزان بسملت ودست علي الزناد، وسحبت البندقية تاركا مكمني أجري مثل عصفور فزع يطير. لم أحس بأن قدمي يلمسان الارض الروح حلوة إنها غريزة حب البقاء لقد كان علي بعد الانتهاء من الصيد أن أصل إلي أقرب ملجأ قاطعا 150 مترا في أقل من 30 ثانية كنت أجري وأنا استعيد التجربة الناجحة في شكل شريط يمر بنفس السرعة كيف فعلتها، لقد رأيت في هذا الشريط الفتي القناص ينظر في التلسكوب يأخذ نفسا عميقا دون أن يتحرك منه ساكن، يبسمل دون أن تتحرك شفتاه. يضع رأس الولد الاسرائيلي علي الصليبة يضغط علي الزناد مودعا رصاصة تاركا لها أمر تفجير رأس الولد، ساحبا البندقية، وهاهو يجري ويلقي بنفسه في أول ملجأ، ليستقبله زملاؤه بالتهليل بعد أن أدركوا نجاحه من هول النار الاسرائيلية التي عبرت عن غيظها بصفة خاصة ضد المراكب التي تعرضت لضرب الطائرات وكل أنواع الاسلحة الارضية لينسفوها نسفا، كما انهم لم يتركوا موقع قدم في الديفرسوار دون قذف، لقد رأيت في كل ذلك جائزة لأول قنيصة إن أول القنص قطر'
لعبة القط والفأر
وماهي إلا أيام ويعود نوار لممارسة هوايته في القنص لتسقط فريسته الثانية والثالثة والرابعة، ولكن سقوط هؤلاء، كان تنبيها للقادة الأسرائيليين بوجود قناص ماهر في هذه المنطقة، فلجأوا إلي التمويه ولعبة القط والفأر التي يتذكرها بقوله: ' نعود للعبة القط والفأر إذ اكتشفوا عدم كفاية التمويه بالشباك، لقد أحضروا أشكالا من الخشب وغيره من المخلفات وألقوها علي حواف الخنادق، ثم ألقوا الشبكة فوقها، وهذا يكسر خط الأفق، بمعني ثبات ذلك الخط في حالة سير الانسان بموازاته بفضل تلك العشوائيات بهذا أصبح المشهد ثابتا، وصار التمويه هكذا يعد صالحا وجيدا، ومع ذلك وقع الصيد الخامس وتم صيده تحت تلك الشباك المثبته للرؤية وكيفية انقضاضي عليه يرجع فضله للشمس عندما تقع وراء خط الأفق المتكسر الثابت، فإن أية حركة لانسان تفصل بين ذلك الخط وضوء الشمس بشبح أقرب إلي خيال الظل، لكنه يلقي بظله إلي الخلف، وقد رأيت هذا الشبح كامل الشكل والمعالم علي مسافة 130 * 140 مترا، أي مسافة قريبة جدا، والتلسكوب يكبر ويقرب، فأطلقت رصاصتي القاتلة واختفي الشبح إلي الأبد بسقوط صاحبه صريعا، وكان هذا الصيد الخامس'
واستمر نوار في قنصه علي جبهة القتال، إلي أن جاء عام 1969 وتم تنظيم مسابقة لاختيار القناص الأول، شارك فيها كل سلاح القناصة من أصغر جندي إلي أعلي رتبة في السلاح من بين أفراد الجيش الثاني، وتنتهي المسابقة بوصول نوار مع عميد الي التصفية النهائية ويقتنص الجندي فريسته قبل الضابط ليفوز بالمسابقة ويعود بعد ذلك لموقعه ويستمر في هوايته في القنص ليصل عددهم إلي 15 اسرائيليا.
شهادتان
كما تضمن الكتاب الذي قدمه اللواء ا.ح عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني في اثناء حرب الاستنزاف واكتوبر شهادتين الأولي للواء عصام حافظ وكان وقتها برتبة المقدم،فيقول عن نوار : كان يستطيع التصويب والضرب في ثانية واحدة أو اكثر بقليل لتتويج ساعات بل أيام وأسابيع من الكمون في انتظار إنجاز تلك الثانية إنه الصبر والجلد ومع ذلك فلم يختف نوار الفنان، فقد رفع الذوق العام في الكتيبة واثناء تجنيده أقام لنا معرضين استخدم فيهما الشظايا في خلق أشكال فنية، لقد تحول المجندون الاميون إلي طلبة علم وفن، ورأوا كيف تتحول أداة الموت إلي أداة للحياة والجمال ،رسم بانوراما لمواقع العدو احسسنا عبر هذا الرسم بأن نوار قد أحضر لنا عدونا ووضعه أمامنا علي المائدة ولعل تعبيري هذا هو ترجمة لتعليق الخبراء الروس. ابتدع نوار فكرة عمل ميدالية لتكريم الجنود والضباط * لقد صممها أيضا * انه حالة استئنائية كثيرة اللفتات الخطيرة، أما الشهادة الثانية فهي للعميد فكري شعبان، وكان وقتها ملازم أول وقائد جماعة استطلاعية كان من بين افرادها نوار، الذي اشاد به مؤكدا انه ' ماان تظهر رأس يهودي حتي يحسن القناص نوار استغلالها'.
والكتاب ليس فقط سيرة ذاتية ، بل هو تسجيل لصفحات من تاريخ مصر المعاصر، لذا كان موفقا صاحب السيرة حينما اهداها الي شباب مصر .
الكتاب: قناص حرب الاستنزاف
نوار عين صقر
اللهم لا تحرمنا قتال اليهود قبل أن نموت
انك على كل شئ قدير
و الحمد لله رب العالمين
منذ فترة استضاف التليفزيون المصرى
بطلا من أبطال حرب أكتوبر
كان يتحدث عن ذكريات الحرب
كان قناصا فى الجيش
كان يقتنص اليهود
قتل وحده خمسة عشر جنديا ببندقيته الخشبية
أنا بصراحة أحسست أمامه بالضألة
أحسست أنى أقف أمام مجاهدا
أقف أمام رجلا كان يحارب أعداء الله
و بصراحة كنت فى منتهى السعادة و أنا أسمعه
كنت أسمع بطلا
وددت لو أنى كنت معهم
يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما
و بما أنكم أحبائى قررت ألا أبخل عليكم بهذه الذكريات العظيمة
تفضلوا اسمعوا ما قال
'عندما ذهبت إلي منطقة تجنيد الاسكندرية لتجديد التأجيل، أو آخذ موافقة القوات المسلحة علي سفري لأستلام الجائزة العالمية، التي هي جائزة لمصر قبل أن تكون جائزة لي، لقد حكيت لهم قصتي قالوا لي أن التأجيل لأي سبب من الأسباب، قد ألغي منذ 4 أيام فقط، وقالوا ماهو أغرب: انني جندي في القوات المسلحة منذ ذلك التاريخ أبلغتهم أن أحدا لم يخطرني بذلك بأية وسيلة من وسائل الإخطار، بدليل قدومي بنفسي للحصول علي الموافقة علي سفري أخبرني الضابط المسئول انني فعلت خيرا لوصولي في الوقت المناسب قبل أن أقع تحت طائلة العقاب! لقد كانت المفاجأة صدمة عصبية ونفسية ملأت جوانب نفسي بالألم العميق، ولم يكن ذلك بالطبع، لأنني سوف التحق فورا بالجيش، وانما لاسلوب ادارة الأمور من ناحية، وللتحول العجيب في نفسي من فرحة الحصول لمصر علي جائزة عالمية وتمثيلها في الاحتفال باستلامها إلي حزن منعني من السفر وغيبة مصر عن هذا الاحتفال دون مبرر واضح. لقد كان من الممكن أن يتركوني بضعة أيام للسفر والعودة، ولاسيما انه لم تكن أية مهام قتالية عاجلة في انتظاري، بل لم يحدث في الأيام الأولي إلا مايعكر الصفو الذي تم تعكيره أصلا بمنعي من السفر، فضلا عن احتجازي الفوري دون إخطار أسرتي أو أحد بما يحدث، إذ في خلال ساعة ونصف الساعة كنت ارتدي الزي العسكري، واحمل مخلة بها متاعي ومعداتي، وأقوم بالمهام الأولي في الجيش المصري'
مولد قناص
ويظهرنوارفي معسكر التدريب بالمعادي مهارة فائقة، لفتت أنظار قادته، فرشحوه لمعسكر اخر في الهايكسبت للتدريب علي القنص، وهناك تلقي محاضرات حول دور القناص وقيمته وأهمية أن يتصرف في خلال ثانيتين أو ثلاث ثوان علي الاكثر وعن الشروط التي يجب توافرها في القناص يقول: 'الشرط الأول هو هدوء الأعصاب واتزانها، إلي حد يكاد يشبه البرود والانفصال عن الواقع بمعني أن القناص قد يحدد هدفه ويصوب إليه بندقيته في جو من القصف وانفجار القنابل، فاذا دوي بجانبه انفجار قنبلة في لحظة التصويب واهتز لها شاربه أو أولاها قدرا من اهتمامه فحسب، ولا أقول يفزع بعض الفزع بأن يقفز مع قلبه صدره، ضاع منه الهدف ، بل وكشف نفسه وعرض حياته، وربما موقعه كله لخطر جسيم، كيف يمكن أن ترمز في عمل وأنت منفصل عن واقع شديد العنف والضجيج والخطر من حولك، إذا كان هناك انفصام الداخل عن الخارج؟ لعل أصعب مهمة سوف يعانيها القناص هوالوصول لهذه القمة من التركيز يحتاج بجانب الأعصاب المتماسكة شجاعة تلقائية تم تدريب النفس عليها، وليس تلك الشجاعة التي يقوم فيها الانسان بلم جماع نفسه والامساك بها لحظات الخطر مثل تلك التي يتحدث عنها شاعر الخوارج: 'أقول لنفسي وقد طارت شعاعا/ من الأبطال ويحك لن تراعي'، وأيضا يحتاج القناص إلي قدرة فائقة علي التمويه والكمون في صبر حتي يأتيه رزقه ويوقع بفريسته وهي مغيبة الوعي، ولايتم ذلك أيضا إلابخيال واسع يحل شفرة تمويهات العدو، وتلك هي موهبة الفنان التشكيلي التي ستقف بجانب العلم في تفوق القناص نوار'
الفريسة الأولي
وبعد انتهاء تدريبه في معسكر الهايكستب تم ترحيله إلي المواقع الامامية في الديفرسوار وبدأ أولي محاولاته لقنص أحد الاعداء في ثالث يوم مجيئه لموقعه الجديد ولكن باءت محاولته بالفشل، وبدلا من أن يوجه هو رصاصه تم فتح وابل من الرصاص الاسرائيلي عليه، لحسن حظه لم يصب بمكروه، واحتاج لبعض الوقت ليعود إليه الهدوء النفسي، وبدأ يبحث عن مكان آخر ليصطاد غنيمته، وبالفعل اختار موقع في لسان الديفرسوار، ويصور هذا المكان وظروف اقتناصه لضحيته واستفادته من دراسته لمختلف الفنون من فن تشكيلي لمسرح قائلا: 'توجهت إلي مكمن عميق في لسان الديفرسوار، حيث كان يخرج من اللسان لسان آخر نحيل الاتساع بنيت عليه فيللا لمراقبة السفن الآتية والذاهبة وهذا اللسان النحيل لايوجد عليه ساتر ترابي مصري مثل بقية موقع الديفرسوار ، وانما احضروا عددا من مراكب الصيادين الصغيرة، ثم رصوها فوق بعضها في أوضاع متعاكسة، وملئوها بالرمل لتغدو ثقيلة فلا يبدد شملها قصف القنابل، كان ترتيب المراكب يؤدي إلي وجود ثقوب أو ثغرات يمكن رؤية الضفة الشرقية خلالها وسبب هذه الثغرات الهلالية شكل المراكب. نظرت في أحد هذه الثقوب المثلثة الشكل، وقلبت زوايا النظر، فإذا بي أوقع علي ذلك الشخص الذي سبق لي أن حاولت قنصه، وأعود الآن لرؤيته بعد خروجي من الملجأ من جديد للاستطلاع هنا تأكد لدي شيئان: الشيء الأول: انه قد يكون نفس الشخص أو زميلا له حل محله طبقا لنظام الورديات، والشيء الثاني: في الحالتين هم لم ينتبهوا إلي انني قناص، وإلا ما ظهر ذلك الشخص في موقعه هذا الظهور الذي يجعله هدفا سهلا، فقد رأيته يقف ويتثاءب، وهذا خطأ انساني منه، احيانا لايمكن تجنبه عند اكثر الناس حذرا، فالكمون في وضع معين للجسم ساعات طويلة أمر لايحتمل.قدرت أنني كما أراه من ثقبي الذي تخترقه الشمس فإنه سوف يراني ولاسيما عندما اتحرك خلال ضبط بندقيتي وتصويبها نحوه هنا لعب الفن التشكيلي دوره، بل ولعله الفن المسرحي القديم المسمي خيال الظل، اعترتني ابتسامة وأنا أفكر في ذلك، عندما ربطت موقفي الأول بالتمثيل. أليس الفن بما يملك من حيل فنية وتخيل أكثر الاشياء افادة للتمويه العسكري؟ المهم التقي الفنان نوار مع الفتي القناص وأفرغا شيكارة رمل وأعدا منها قطعة خيش تم إلصاقها علي الثقب، وتم ادخال فوهة البندقية من فتحة صغيرة تم شقها في الخيشة وهكذا مهما تحركت خلفها فلن يراني أحد بينما أنا أري الجانب الآخر جملة من خلف الخيشة وتفصيلا من تلسكوب البندقية التي لايسهل رؤية فوهتها الصعيرة المغروزة في فتحة الخيشة لقد تم نصب المسرح، لكن الممثل يرتعد ويدق قلبي بسرعة ويكاد يقفز نبضه من عروقه ونحن نعلم أن أي اهتزاز أو انفعال يقضي علي التمثيلية والمسرح والممثل، والاسوأ أيضا علي بعض المتفرجين' ويضيف:'قررت الاسترخاء واقناع الفنان نوار بالرحيل بعد انتهاء دوره، وطلبت من القناص نوار الهدوء وتذكر كل شروط القنص الناجح بعد 7 دقائق هدأ كل شيء، وأصبح الجسم ثابتا دقيق الاتزان بسملت ودست علي الزناد، وسحبت البندقية تاركا مكمني أجري مثل عصفور فزع يطير. لم أحس بأن قدمي يلمسان الارض الروح حلوة إنها غريزة حب البقاء لقد كان علي بعد الانتهاء من الصيد أن أصل إلي أقرب ملجأ قاطعا 150 مترا في أقل من 30 ثانية كنت أجري وأنا استعيد التجربة الناجحة في شكل شريط يمر بنفس السرعة كيف فعلتها، لقد رأيت في هذا الشريط الفتي القناص ينظر في التلسكوب يأخذ نفسا عميقا دون أن يتحرك منه ساكن، يبسمل دون أن تتحرك شفتاه. يضع رأس الولد الاسرائيلي علي الصليبة يضغط علي الزناد مودعا رصاصة تاركا لها أمر تفجير رأس الولد، ساحبا البندقية، وهاهو يجري ويلقي بنفسه في أول ملجأ، ليستقبله زملاؤه بالتهليل بعد أن أدركوا نجاحه من هول النار الاسرائيلية التي عبرت عن غيظها بصفة خاصة ضد المراكب التي تعرضت لضرب الطائرات وكل أنواع الاسلحة الارضية لينسفوها نسفا، كما انهم لم يتركوا موقع قدم في الديفرسوار دون قذف، لقد رأيت في كل ذلك جائزة لأول قنيصة إن أول القنص قطر'
لعبة القط والفأر
وماهي إلا أيام ويعود نوار لممارسة هوايته في القنص لتسقط فريسته الثانية والثالثة والرابعة، ولكن سقوط هؤلاء، كان تنبيها للقادة الأسرائيليين بوجود قناص ماهر في هذه المنطقة، فلجأوا إلي التمويه ولعبة القط والفأر التي يتذكرها بقوله: ' نعود للعبة القط والفأر إذ اكتشفوا عدم كفاية التمويه بالشباك، لقد أحضروا أشكالا من الخشب وغيره من المخلفات وألقوها علي حواف الخنادق، ثم ألقوا الشبكة فوقها، وهذا يكسر خط الأفق، بمعني ثبات ذلك الخط في حالة سير الانسان بموازاته بفضل تلك العشوائيات بهذا أصبح المشهد ثابتا، وصار التمويه هكذا يعد صالحا وجيدا، ومع ذلك وقع الصيد الخامس وتم صيده تحت تلك الشباك المثبته للرؤية وكيفية انقضاضي عليه يرجع فضله للشمس عندما تقع وراء خط الأفق المتكسر الثابت، فإن أية حركة لانسان تفصل بين ذلك الخط وضوء الشمس بشبح أقرب إلي خيال الظل، لكنه يلقي بظله إلي الخلف، وقد رأيت هذا الشبح كامل الشكل والمعالم علي مسافة 130 * 140 مترا، أي مسافة قريبة جدا، والتلسكوب يكبر ويقرب، فأطلقت رصاصتي القاتلة واختفي الشبح إلي الأبد بسقوط صاحبه صريعا، وكان هذا الصيد الخامس'
واستمر نوار في قنصه علي جبهة القتال، إلي أن جاء عام 1969 وتم تنظيم مسابقة لاختيار القناص الأول، شارك فيها كل سلاح القناصة من أصغر جندي إلي أعلي رتبة في السلاح من بين أفراد الجيش الثاني، وتنتهي المسابقة بوصول نوار مع عميد الي التصفية النهائية ويقتنص الجندي فريسته قبل الضابط ليفوز بالمسابقة ويعود بعد ذلك لموقعه ويستمر في هوايته في القنص ليصل عددهم إلي 15 اسرائيليا.
شهادتان
كما تضمن الكتاب الذي قدمه اللواء ا.ح عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني في اثناء حرب الاستنزاف واكتوبر شهادتين الأولي للواء عصام حافظ وكان وقتها برتبة المقدم،فيقول عن نوار : كان يستطيع التصويب والضرب في ثانية واحدة أو اكثر بقليل لتتويج ساعات بل أيام وأسابيع من الكمون في انتظار إنجاز تلك الثانية إنه الصبر والجلد ومع ذلك فلم يختف نوار الفنان، فقد رفع الذوق العام في الكتيبة واثناء تجنيده أقام لنا معرضين استخدم فيهما الشظايا في خلق أشكال فنية، لقد تحول المجندون الاميون إلي طلبة علم وفن، ورأوا كيف تتحول أداة الموت إلي أداة للحياة والجمال ،رسم بانوراما لمواقع العدو احسسنا عبر هذا الرسم بأن نوار قد أحضر لنا عدونا ووضعه أمامنا علي المائدة ولعل تعبيري هذا هو ترجمة لتعليق الخبراء الروس. ابتدع نوار فكرة عمل ميدالية لتكريم الجنود والضباط * لقد صممها أيضا * انه حالة استئنائية كثيرة اللفتات الخطيرة، أما الشهادة الثانية فهي للعميد فكري شعبان، وكان وقتها ملازم أول وقائد جماعة استطلاعية كان من بين افرادها نوار، الذي اشاد به مؤكدا انه ' ماان تظهر رأس يهودي حتي يحسن القناص نوار استغلالها'.
والكتاب ليس فقط سيرة ذاتية ، بل هو تسجيل لصفحات من تاريخ مصر المعاصر، لذا كان موفقا صاحب السيرة حينما اهداها الي شباب مصر .
الكتاب: قناص حرب الاستنزاف
نوار عين صقر
اللهم لا تحرمنا قتال اليهود قبل أن نموت
انك على كل شئ قدير
و الحمد لله رب العالمين