إعلانات المنتدى


إلى أبطال الحياة في يوم المعاق العالمي

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

عبد الكريم

مشرف تسجيلات المغرب في الموقع
مشرف تسجيلات الموقع
8 نوفمبر 2006
11,832
308
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
(بسم الل)
:x3:

إخوتي .. أخواتي : السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد :

فإنّني في هذا اليوم ( يوم المعاق العالمي ) كما يسمّونه أحببت أن أتوجّه إليكم برسائل وجّهتها لنفسي قبل أن أوجّهها إليكم من خلال تجربتي التي دامت 35 سنة في مشكلة مرضيّة نادرة الظّهور في مجتمعاتنا فأنا أعاني من اضطراب حركي في سائر الجسد بسبب حمى أصابتني حينما كنت في منتصف الثّالثة من عمري أقعدتني لسنتين قبل أن أعاود المشي ، وحين كبرت كنت أظنّ نفسي أنّني الوحيدة في مجتمعي التي أعاني من هذه المشكلة حتّى جاءني من يقول لي : لست الوحيدة التي تعاني من هذا العَرَض لكنّك ربّما كنت الوحيدة التي تخرج من بيتها وتمارس أعمالها وتظهر أمام النّاس بمشكلتها هذه دون حرج ، فتعجّبتُ حينها وقلت له : ذلك الفضل من الله ثمّ من أمّي رحمها الله وأكرم مثواها، فبفضل احتوائها وحنانها وذكائها الأموميّ الفطري والّذي لم أر له فيمن حولي مثيلاً إلى الآن، أجل .. إلى الآن ، استطاعت أن تجعل من طفلتها المريضة طفلة متميّزة بين أقرانها ، في محيط عائلتها ومدرستها ، وما كانت تلقّبني إلّا بالبطلة ، ولذلك فإنّ لأمّي رحمها الله نصيب في الاسم الّذي أحببته لي ولكم كواحدة منكم وهو ( أبطال الحياة ). ويؤسفني أن أقول أنّي وجدت حالات معاكسة تماماً لأمّهات حوّلوا أطفالهم الأصحّاء إلى معاقين نفسيّاً واجتماعيّاً وبالتّالي ذهنياً بسبب شدّة الإهمال وعدم الشّعور بالمسؤولية أو كثرة الدّلال وسوء التّربية .
وما زال ينمو في نفسي ما غرسته والدتي في داخلي منذ سنين من معاني الإيمان والإرادة والأمل ومحبّة النّاس والخير . رغم أنّي فارقتها ووالدي رحمهما الله في سنّ مبكّرة .
لكنّ الله لا ينسى عباده ، فهناك من أهل الإيمان والخير من كان يثبّت أركاني ويدعمني في المواقف الحرجة من حياتي ، فاستمرّت بسقياهم غراس والدتي رحمها الله بالنّموّ والعطاء ، وجاء اليوم الذي افتتحت فيه ساحة ( أبطال الحياة ) في موقع الأخ الكريم الأستاذ (عمرو خالد ) ليمنحني مزيداً من الدّعم المعنويّ من خلال تواصلي مع الجميع أبطالاً وصنّاعاً للحياة في محاولة لصنع غد أفضل لنا جميعاً بإذن الله ، ولله الحمد والمنّة من قبل ومن بعد .
إخوتي : إنّ تجربتي وبرغم مرارتها كانت من أكبر الدّوافع لي على النّجاح والتّميّز والإبداع ، ولأنّنا ربما نكون أصحاب احتياج أكثر من غيرنا فلا بدّ أن نكون مبدعين ، فكما يقال: الحاجة أمّ الاختراع .
ومن خلال تجربتي أتيت عبر هذا الموقع المتميّز أحمل رسالة أسأل الله أن تكون متميّزة لأناس متميّزين إن شاء الله ، وأرجو الله أن ينفع بها أبطال الحياة وغيرهم من أصحّاء الأبدان والقلوب بإذن الله .
إخوتي ، أخواتي (أبطال الحياة ) :
1) لنعلم جميعاً نحن أبطال الحياة أنّ لدينا عوائق صحّيّة ما قد تقيّدنا لكنّها حتماً لا تقلّل من كرامتنا الإنسانيّة ، بل على العكس تماماً ، إنّها تزيد من كرامتنا كلّما عملنا على تحدّيها والانتصار عليها بما نملك من إيمان وإرادة ، وكلّما حاولنا التّناغم مع الحياة بطاقات بديلة ، فلنمارس من الأعمال ما يتناسب مع معرفتنا لطاقاتنا الجسميّة والذّهنيّة ولنحاول أن نبدع في ما نجيد من الأعمال فنحن بإذن الله قادرون على ذلك ، ولنعلم أنّ إنكار الواقع أو محاولة إخفائه يرجع على النّفس بالشّقاء وخيبة الأمل .
2) لنستفد من جميع الإمكانيّات العلاجيّة المتاحة لنا ولنتابع مستجدّات العلم في كلّ ما يمكن أن يطوّر حالاتنا الجسديّة والنّفسيّة نحو الأفضل يحدونا في ذلك الأمل والرّجاء وحسن الظّنّ بالله ولنكثر من الدّعاء والتّضرع إلى الله وتلاوة القرآن وإن كان العلم لا يمنحنا الأمل في الشّفاء ، ولنعلم أنّ الدّعاء والذّكر وإن
لم يرفعا البلاء فإنّهما يضعفان سلطانه على أبداننا وأرواحنا ، ويمنحاننا مزيداً من الثّواب المدّخر في الآخرة بإذن الله .
3) لنأخذ المبادرة بإراحة الآخرين إذا ما شعرنا بأنّ الآخرين مضطربين أو متردّدين عند لحظة المواجهة فإنّ ذلك يزيدنا ثقةً بأنفسنا ، ولا بأس أن نفصح عن مشكلتنا إذا لزم الأمر لأنّ الإنسان بطبيعته يخاف ممّا لا يستطيع فهمه وبالتّالي فهو عدوّ ما يجهل . وقد يستفزّ البعض فضولهم لإثارة أسئلة محرجة لا نرتاح إليها فتأتي #1575;لمبادرة منّا لتزيل الحواجز مع الآخرين ، وتكسر وهم المواجهة لدينا مرّة بعد مرّة .
4) لنكن واثقين من وعد الله لنا بالثّواب العظيم إذا صبرنا فإنّ ذلك يخفّف ما نعانيه من صعوبات وآلام فالله تعالى يقول : (( يوم يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب )) ويقول عزّ من قائل : ((ولنبلونّكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثّمرات وبشّر الصّابرين * الّذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )) وقال رسول الله ( صلّى الله عليه والسّلام ) : ( يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثّواب لو أنّ جلودهم كانت قرضت في الدّنيا بالمقاريض ) وقد سُئل رسول الله ( صلّى الله عليه وسلّم) : أيّ النّاس أشدّ بلاءً قال : (الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل : يبتلى الرّجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلباً اشتدّ بلاؤه ، وإن كان في دينه رقّة ابتلي على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتّى يتركَه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة ) .
5) لنحاول أن نعتمد على أنفسنا ما استطعنا حتّى لا نستشعر أنّنا عالة على من حولنا . بل ولنحاول أن نكون إيجابيّين مع الآخرين أيضاً ومتفاعلين مع مشكلاتهم قدر استطاعتنا فإنّ ذلك ينسينا مشكلاتنا ويجعل لنا يداً عليا في مجتمعاتنا إلى جانب احتياجاتنا الّتي تشعرنا أحياناً بأن‍ّنا يدٌ سفلى ، وبذلك نتساوى مع أبناء المجتمع كلّهم فليس من أحد إلاّ وله يدٌ عليا في مواطن قوّته ويد سفلى في مواطن ضعفه.
6) لنتجاهل من يتجاهلنا أو ينفر من اختلافنا عنه ، ولنحاول أن لا نحزن من سخرية بعض مرضى القلوب، بل لنحزن على مثل هؤلاء ، لأنّهم أكثر ضعفاً من أن نحاسبهم على تجاهلهم إيّانا أو سخريتهم ، فهم عاجزون عن قبول قضاء الله فينا فكيف يكون حالهم لو نزل هذا القضاء فيهم ، وحينئذ سنعلم كم نفوقهم صبراً وقوّة ، وحبّذا لو استطعنا أن نواجه مزاح البعض وإن كان مزعجاً بروح الفكاهة ومشاعر المنتصر على محنته فإنّنا بذلك نساعدهم على أن ينظروا إلى أبعد من حدود العجز والإعاقة حتّى يتمكّنوا من معرفة ما لدينا من طاقات روحيّة وإبداعيّة ، وما نملك من قدرات وإنجازات لا يملكها كثير من الأصحّاء .
7) لنعلم أنّ عدم قبول بعض النّاس لنا لا يلغي وجودنا فنحن موجودون برضائهم أو عدمه ، فلنخرج إلى الدّنيا ولا ننـزوي على أنفسنا فإنّ ما نتميّز به مدعاة للفخر منّا والاحترام من كثيرين ، ولا يمنعنا خوفنا من أذى البعض من مواجهة الكلّ لأنّنا في ذلك نحجب عن مجتمعاتنا فرصة التغيير نحو قبول الآخر والتّفاعل معه مهما كان الاختلاف ، وقد قال الإمام عليّ (كرّم الله وجهه ) : إذا خفت من شيء فقع فيه .
8) إذا سمعنا حديث رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم ) : ( المؤمن القويّ خير وأحبّ إلى الله من المؤمن الضّعيف ، وفي كلٍّ خير ) فلنعلم أنّنا من المعنيّين بالمؤمن القويّ ، فأشدّ النّاس بلاء هم الأشدّ قوّة وصبراً وإرادة وإيماناً لأنّ الله لا يكلّف نفساً إلّا وسعها ولولا علم الله بقوّتنا الرّوحيّة والإيمانيّة ما ابتلانا ليطهّرنا ويقرّبنا ويوفّينا أجورنا بغير حساب بإذن الله .
9) لنعلم أنّ ليس كلّ مصيبة عقوبة وتعجيل ، وليس كلّ عطاء مكافأة وتفضيل، ولنحاول إبعاد هذه الفكرة عن أهلنا وذوينا ، فكثيراً ما تسيطر هذه الفكرة على عقول المصابين وذويهم في مجتمعاتنا . وإذا أردنا أن نؤكّد لهم عدم صحّة فكرتهم فعلينا بالرّضى فإن لم يكن فبالصّبر فإن لم يكن فبالتّصبّر ، فبهذه الخصال تصير المحنة منحة وقرباً ، وبدونها تصير المحنة عقوبة وغضباً . وبهذه الخصال نعين ذوينا على تحسين ظنّهم بربّهم ، وبدل أن نكون بالسّخط في نظرهم ونظر من حولنا عبرة ونكالاً ، نغدو بالرّضى والصّبر آيةً تزداد رونقاً وجمالا ، فلنعمل على إشاعة الفرح والسّرور فيمن حولنا ما استطعنا بدءًا من الابتسامة العذبة والكلمة الطّيّبة فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول : (( المؤمن حزنه في قلبه وبشره في وجهه)) .
10) لنتأمّل في سورة الكهف في قصّة السّفينة التي ركبها موسى عليه السلام مع الخضر فخرقها الخضر ، ولمّا سأله موسى عليه السّلام عن سبب خرقه لها أجابه : (( أمّا السّفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها ، وكان وراءهم ملك يأخذ كلّ سفينة غصبا )) والحقيقة أنّنا كلّنا ضعفاء وفقراء إلى الله، وأنّ حالنا نحن أبطال الحياة حال هذه السّفينة التي خُرقت ، أعيـبت أجسادنا لحكمة قد ندركها أو لا ندركها ، ولا شكّ أنّ حال الدّنيا والهوى والشّيطان وبعض الأشرار من النّاس كحال هذا الملك الغاصب يجرون وراءنا ليغتصبوا إيماننا وأخلاقنا بإغراءاتهم الكثيرة ، فتأتي حكمة الله لتختار من تبتليه في بدنه ودنياه بينما تبتلي غيره في روحه ودينه . وكم من عافية لم تقابل بشكر ساقت صاحبها إلى النّار ، وكم من بلاء قابله صبر ساق صاحبه إلى الجنّة . والله تعالى يقول : (( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم ، وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرّ لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون )) ويقول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم ) : ( لا خير في خير بعده النّار ، ولا شرّ في شرّ بعده الجنّة ) فلنصبر إخوتي ولنحتسب ، وما عند الله خير وأبقى .
11) لنذكر أنّ لنا سلفاً صالحاً من أبطال الحياة وعلى رأسهم الأنبياء ، فأيّوب نبيّ الله ابتلي بلاء عظيماً في جسده فكان مثالاً للصّبر يذكره النّاس إلى الآن حين تعرض لهم مشكلة فيقولون : اللّهمّ ألهمنا صبر أيّوب . وما كان يزيد عن قوله : (( ربّ إنّي مسّنيَ الضّرُّ وأنت أرحم الرّاحمين )) فينسب الضّر إلى الضّر نفسه وإلى الشّيطان في آية أخرى أدباً مع الله : (( ربّ إنّي مسّنيَ الشّيطان بنصب وعذاب )) فامتدحه الله تعالى فقال : ((إنّا وجدناه صابراً ، نعم العبد إنّه أوّاب)) وقد تعرّض عليه السّلام إلى سخرية النّاس وتضجّر الزّوجة فلم يقعده ذلك عن دعوة النّاس إلى الله فشفاه الله وعافاه بصبره ورضاه.
وموسى عليه السّلام والذي كان لا يحسن النّطق حتّى دعا ربّه (( واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي )) . وكان فرعون يعيّره وهو من آذاه فيقول : (( أهذا الذي هو مَهين ولا يكاد يبين )) فصبر فاصطفاه الله برسالاته وكلامه وقال تعالى: ((وكلّم الله موسى تكليما)) لذلك سمّي موسى عليه السّلام : (كليم الله) فجاء العطاء من جنس الأخذ ولكن شتّان بين أن يكلّم الله عبده وبين أن يكلّمه النّاس ويكلّمهم.
ورغم أنّ سيّدنا هارون كان هو الأكبر سنّاً والأفصح لساناً إلّا أنّ اصطفاء الله بالنّبوّة جاء لسيّدنا موسى (عليه السّلام ) وإنّما جاءت نبوّة هارون عليه السّلام بدعوة من أخيه موسى : (( واجعل لي وزيراً من أهلي ، هارون أخي )) .
ولعلّ أهمّ ما يحتاجه الدّاعية من الأسباب المادّيّة هو فصاحة اللّسان إلّا أنّ مقاييس الله تختلف عن مقاييس العباد .
وخير الخلق وحبيب الله نبيّنا محمّد ( صلّى الله عليه وسلّم ) والّذي نسعى أن نسير على خطاه كان أعظم النّاس صبراً ورضًى وكانت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها إذا تحدّثت عن مرضه لأصحابه تقول: ( كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوعك ( يتوجّع ) كما يوعك الرّجلان الشّديدان منكم ) وكانت تقول: ( تعلّمت الطّب من جسد رسول الله ) . فهل بعد حبيب الله حبيب ومع ذلك فقد ابتلي في جسده وولده وأصحابه وماله ونفسه .
ولنا أسوة في أبطال الحياة من أصحاب رسول الله كـ ( عمرو بن الجموح ) والّذي لم يقعده عرجه عن الجهاد في سبيل الله وهو المعذور بل كان يقول لكل من أراد أن يثنيه عن الجهاد : ( سأدخل بعرجتي هذه إلى الجنّة ) وقد أشار الرّسول الكريم إلى ذلك بعد استشهاد عمرو (رضي الله عنه ) .
وكذلك لنا أسوة في ( ابن أمّ مكتوم ) مؤذّن الرّسول الّذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول له كلّما لقيه : (( أهلاً بمن عاتبني فيه ربّي )) .
وأسماء بنت أبي بكر حين عميت وكذلك جابر بن الله وسعد بن أبي وقّاص ، ومع أنّ سعداً كان مجاب الدعوة إلّا أنّه لم يشأ أن يدعو لنفسه بالشفاء وكان يقول :
لقضاء الله فــيّ أحبّ إليّ من ردّ بصري .
ونماذج من كبار التّابعين كـ ( عطاء بن رباح ) والذي انتهت إليه فتوى أهل مكّة وكان أسود ، أعور ، أفطس ، أشلّ ، أعرج ، قطعت يده ثمّ عمي ، وكان يجتمع في مجلسه المئات . وفي ذلك حجّة على داعية قرأت له كتاباً يقول فيه : (( لا بدّ للدّاعية أن يكون سليماً من العاهات حتّى لا ينفّر النّاس )) أتراه كان يقول هذا الكلام لو كانت لديه عاهة؟! أم أنّه لم يسمع بعطاء بن رباح رضي الله عنه .
وأمثلة أبطال الحياة من العلماء والحكماء والمبدعين في ماضينا وحاضرنا أكثر من أن تحصى، فما زالت هذه الأمّة .. أمّة الحبيب محمّد تلد همماً جبّارة في أصحّائها والمبتلين ، وكم رأينا عمياناً يقودون مبصرين، ومشلولين يحرّكون ويحمّسون السّالمين ، ولله في خلقه شؤون ، والحمد لله ربّ العالمين .
12) وأخيراً .. رسالة لنا جميعاً تقول : أنّ ما تستخدمه مجتمعاتنا من مصطلحات تصفنا بها نحن ( أبطال الحياة ) كـ (عاجز) ، ( معاق ) ، (معوّق) جميعها غريبة على ثقافتنا جاءتنا من الغرب فقمنا بالنّسخ وألصقنا دون وعي أو فهم بأنّ تلك المصطلحات لا تمتّ إلينا بأي صلة منطقيّة أو لغويّة أو دينيّة ، فكلّنا يعلم بالمنطق أنّ كلّ إنسان منّا يعجز عن شيء ويقدر على شيء آخر .. وحتّى القدرات ليست مطلقة وهي تتفاوت من شخص لآخر.. فهل معنى ذلك أنّنا جميعاً نسمّى عاجزين .. هذا هو المعنى الّذي تصف به مجتمعاتنا نفسها حينما تصفنا به دون أن تدري ..
والعجز في اللّغة هو الضّعف أيّاً كان جسديّاً أو نفسيّاً أو ذهنيّاً أو روحيّاً أو اجتماعيّا أو مادّيّاً أو معرفيّاً .. فلماذا نتّصف به نحن (أبطال الحياة ) دون سوانا.. ألضعفٍ في أجسادنا يراه النّاس فينا بينما يغفلون عن رؤية ما هم فيه أيضاً من العجز والضّعف في أشياء أخرى عديدة ؟!…
وأمّا في ثقافتنا الإسلاميّة فمعنى العجز هو ما جاء على لسان النّبيّ ( صلّى الله عليه وسلّم) حين قال: (والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنّى على الله الأماني ) فهل كان هذا الوصف النّبويّ البليغ يعنينا نحن ضعفاء الأجساد أم أنّه كان وما زال يعني ضعفاء النّفوس والأرواح . و إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم ) لم يرض من أصحابه أن يقولوا عن رجل ضعيف الذّهن مرّوا به أنّه (مجنون).. بل قال لهم ( لا تقولوا مجنون وقولوا مريض ، المجنون من عصى الله ) .
فأين مجتمعاتنا من تلك المعايير الرّبّانيّة اليوم .
وأمّا الحال بالنّسبة لمصطلحي ( معاق ) و ( معوّق ) ، فالمعاق هو من يُعاق عن أداء أمر بعائق سواء كان العائق جسديّاً أو غيره … فهل نقول أنّنا جميعاً معاقون .. وهل ترضى مجتمعاتنا أن توصف بذلك رغم أنّ حالها أسوأ بكثير من هذا الوصف للأسف ؟!
وأساساً ليس في ثقافتنا ما يسمّى إعاقة في وصف حالنا ، إنّما هو ( البلاء ) والبلاء هو الامتحان وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان والله تعالى يقول : (( إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم )) ولم يقل : أقواكم أو أذكاكم أو أغناكم .. حاش لله .
فإن كان هناك ما يسمّى إعاقة فهو حتماً من صنع البشر لا من صنع ربّ البشّر الّذي ذلّل الأرض لعباده أجمعين دون استثناء ، وسخّر لهم ما فيها من خير وجمال وحلال .
و( المعوّق ) وهي الكلمة الأسوأ في حقّ مجتمعاتنا قبل أن تكون الأسوأ في حقّنا ، فالمعوّق هو المثبَّط بفعل فاعل .. فهل من الحقّ والأدب مع الله أن يُنسب التّثبيط إليه .. حاش لله .. إذن من الّذي يثبّطنا بقصد أو غير قصد ؟! .. إنّه مجتمعنا الّذي يبالغ في وضع العوائق والأذى في طريقنا وأحياناً يكون هو الأذى بعينه دون أن يدري بدل أن يعيننا ويميط الأذى عن طريقنا.
وما ذكرته آنفاً إنّما هو توضيح لنا جميعاً أنّ تلك المسمّيات ( عاجز ، معاق ، معوّق ، مجنون ) مسمّيات لا تمتّ إلى الإنسانيّة والمنطق والأخلاق والأديان بصلة .. و إنّما هي رسائل سلبيّة أدرك النّبيّ (صلّى الله عليه وسلّم ) خطورتها وأذاها (قبل 14 قرن ) فلم يستخدمها إلّا بحقّها ومكانها ، وقد كان عليه السّلام يستبدل القبيح من الأسماء والصّفات بالجميل منها ، لبثّ رسائل إيجابيّة في النّفوس تمنحها الأمل والقدرة على التّغيير . ومن هنا أحببنا أن نرسل إلى أنفسنا وإلى ذوينا ومجتمعاتنا رسالة إيجابيّة من خلال اسم ( أبطال الحياة ) تأسّياً بحبيبنا وسيراً على خطاه عليه أفضل الصّلاة والسّلام ، لبثّ الأمل والرّجاء وعلوّ الهمّة في نفوسنا جميعاً .
أمّا الرّسائل السّلبيّة المؤذية فإنّنا نرفض من الآن أن نستلمها ، فلنبقها في بريدها حتّى تعود إلى مرسلها ، ولنتجاهلها يا إخوتي من ( أبطال الحياة ) ..
ولنحاول تجاوز كلّ ما يعيقنا في مجتمعاتنا .. ومن المعلوم أنّ العدّاء الأمهر هو الّذي يقفز فوق الحواجز وإن علت وتعدّدت ، فلنكن المبادرين في تغيير نظرة مجتمعنا إلينا .. كي نفوز في سباقنا سباق الحواجز دون خسائر ، ونكون بحقّ ( أبطال الحياة) بإذن الله وشعارنا : إيمان ، إرادة ، نجاح.

t7 kda
 

الداعية

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
11 نوفمبر 2005
19,977
75
48
الجنس
أنثى
رد: إلى أبطال الحياة في يوم المعاق العالمي

جزاكم الله خيرا اخي عاشق القرآن وفعلا لفظ المعوق لااحبذه وان شاء الله كل واحد يبدأ من نفسه ان شاء الله لتغيير هذا المفهوم وهذه النظرة
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع