- 27 أغسطس 2005
- 11,537
- 84
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
بسم الله الرحمن الرحيم
البركة في الزبالة
إبان الطفرة الاقتصادية في أمريكا أوائل الستينات توسعت حركة البناء، وامتدت المدن واكتظت بالمهاجرين، وكان هناك رجل مفلس، متوسط التعليم، ليس لديه أية مواهب، وكلما التحق بعمل طرد منه بعد قليل، وفي مرحلة من مراحل بطالته، اخذ يقلب تفكيره في حياته ومصيره، فلا منزل لديه، ولا زوجة ولا أولاد، وبينما كان جالسا على أحد كراسي الشارع وجد بجانبه جريدة ملقاة تركها احد الناس، فأخذ يتصفحها، وإذا بها إعلان يعاد للمرة الرابعة، تطلب فيه بلدية تلك البلدة من يتقدم لنقل زبائل المنازل والشوارع، فخطرت على باله فكرة جهنمية، حيث انه لاحظ أن حركة البناء الهائلة التي اجتاحت تلك البلدة التي هو مقيم بها، تطلب جلب الكثير من الرمل والتراب والحصى، وأخذت الكسارات تجرف الأراضي البعيدة نسبيا عن البلدة، وأحدثت بذلك حفرا هائلة، وكلما استنزفت أرض انتقلت إلى أخرى.. فقال بينه وبين نفسه: لماذا لا أتقدم للبلدية من أجل أن اظفر بالزبالة، وأتقدم كذلك لشراء تلك الحفر، ثم اردمها بالزبالة، غير أن (المعضلة) التي كانت أمامه هي: (المادة)، فذهب إلى احد البنوك وشرح لمديره فكرته، واقتنع المدير بها، وأقرضه بذلك مبلغا استطاع بواسطته أن يشتري عددا من الشاحنات بالتقسيط، وتقدم للبلدية بأنه على استعداد أن يجمع زبائل البلدة كلها بدون أي مقابل على شرط أن يستمر عقده معها لمدة عشر سنوات، وفي نفس الوقت كان تقدم لشراء جميع الأراضي الشاسعة المحفرة، اشتراها بثمن بخس وبالتقسيط كذلك.
واستمر على ذلك المنوال يفرغ الزبائل بالحفر، ثم يأخذ من مرتفعات الأرض ويغطي كل طبقة من الزبالة بها، وما هي إلا ثلاث سنوات حتى ردم جميع الحفر التي أصبحت أراضي منبسطة، وخططها وشجرها، وأوصل لها جميع الخدمات، في الوقت الذي وصل امتداد العمران لها، فتضاعفت أسعارها، آلاف المرات، إلى درجة انه تحول بين ليلة وضحاها إلى أكبر مليونير في تلك البلدة، وعمل مصنعا لتدوير الزبالة والاستفادة منها، وتقديرا لذلك المدير واعترافا بجميله اشترى البنك كاملا، وجعله شريكا معه بالنصف.
وإذا لم تصدقوني فاسم ذلك الرجل المحسود من قبلي هو: (هنري توسو)، الذي تزوج بعد ذلك (ونغنغ) نفسه على الآخر، ومات بعد ذلك ميتة (أرستقراطية) مريحة وهو منشرح الخاطر، واستقر أبناؤه في (لوس انجلوس)، وما زالوا يلعبون بالفلوس لعب، خصوصاً إذا ذهبوا بين الفينة والأخرى إلى (لاس فيغس).. وكل ذلك كان من بركات (الزبالة).
وهذه القصة أو الحادثة، أهديها لكل عاطل عن العمل كحالتي.. فعلينا أيها القوم أن نشحذ أفكارنا ـ حلوة كلمة (نشحذ) هذه ـ، أقول علينا أن نشحذها، هذا إذا كانت توجد هناك أفكار.
منقول
البركة في الزبالة
إبان الطفرة الاقتصادية في أمريكا أوائل الستينات توسعت حركة البناء، وامتدت المدن واكتظت بالمهاجرين، وكان هناك رجل مفلس، متوسط التعليم، ليس لديه أية مواهب، وكلما التحق بعمل طرد منه بعد قليل، وفي مرحلة من مراحل بطالته، اخذ يقلب تفكيره في حياته ومصيره، فلا منزل لديه، ولا زوجة ولا أولاد، وبينما كان جالسا على أحد كراسي الشارع وجد بجانبه جريدة ملقاة تركها احد الناس، فأخذ يتصفحها، وإذا بها إعلان يعاد للمرة الرابعة، تطلب فيه بلدية تلك البلدة من يتقدم لنقل زبائل المنازل والشوارع، فخطرت على باله فكرة جهنمية، حيث انه لاحظ أن حركة البناء الهائلة التي اجتاحت تلك البلدة التي هو مقيم بها، تطلب جلب الكثير من الرمل والتراب والحصى، وأخذت الكسارات تجرف الأراضي البعيدة نسبيا عن البلدة، وأحدثت بذلك حفرا هائلة، وكلما استنزفت أرض انتقلت إلى أخرى.. فقال بينه وبين نفسه: لماذا لا أتقدم للبلدية من أجل أن اظفر بالزبالة، وأتقدم كذلك لشراء تلك الحفر، ثم اردمها بالزبالة، غير أن (المعضلة) التي كانت أمامه هي: (المادة)، فذهب إلى احد البنوك وشرح لمديره فكرته، واقتنع المدير بها، وأقرضه بذلك مبلغا استطاع بواسطته أن يشتري عددا من الشاحنات بالتقسيط، وتقدم للبلدية بأنه على استعداد أن يجمع زبائل البلدة كلها بدون أي مقابل على شرط أن يستمر عقده معها لمدة عشر سنوات، وفي نفس الوقت كان تقدم لشراء جميع الأراضي الشاسعة المحفرة، اشتراها بثمن بخس وبالتقسيط كذلك.
واستمر على ذلك المنوال يفرغ الزبائل بالحفر، ثم يأخذ من مرتفعات الأرض ويغطي كل طبقة من الزبالة بها، وما هي إلا ثلاث سنوات حتى ردم جميع الحفر التي أصبحت أراضي منبسطة، وخططها وشجرها، وأوصل لها جميع الخدمات، في الوقت الذي وصل امتداد العمران لها، فتضاعفت أسعارها، آلاف المرات، إلى درجة انه تحول بين ليلة وضحاها إلى أكبر مليونير في تلك البلدة، وعمل مصنعا لتدوير الزبالة والاستفادة منها، وتقديرا لذلك المدير واعترافا بجميله اشترى البنك كاملا، وجعله شريكا معه بالنصف.
وإذا لم تصدقوني فاسم ذلك الرجل المحسود من قبلي هو: (هنري توسو)، الذي تزوج بعد ذلك (ونغنغ) نفسه على الآخر، ومات بعد ذلك ميتة (أرستقراطية) مريحة وهو منشرح الخاطر، واستقر أبناؤه في (لوس انجلوس)، وما زالوا يلعبون بالفلوس لعب، خصوصاً إذا ذهبوا بين الفينة والأخرى إلى (لاس فيغس).. وكل ذلك كان من بركات (الزبالة).
وهذه القصة أو الحادثة، أهديها لكل عاطل عن العمل كحالتي.. فعلينا أيها القوم أن نشحذ أفكارنا ـ حلوة كلمة (نشحذ) هذه ـ، أقول علينا أن نشحذها، هذا إذا كانت توجد هناك أفكار.
منقول