- 6 ديسمبر 2006
- 337
- 0
- 0
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


ومن مظاهر هذا التعامل السلبي استخدام العبارات دون حرصٍ على انتقاء الأفضل والأنسب، وكأن العبارات المختارة مقصورة على الحديث مع الغرباء، أو الأصدقاء والمعارف من خارج دائرة الأسرة.
ومن مظاهره أيضاً عدم الاهتمام بترتيب جلساتٍ مع الأولاد للمناقشة فيما يَشغل عقولهم وقلوبهم من الأفكار والأحداث، وللسؤال عن أحوالهم ومشاعرهم الخاصة بطريقة تُشعر بالاحترام والتقدير المُتبادَل. فمن المعلوم في واقع الحياة العائلية عند كثير من المسلمين أنَّ الأب والأم يحرصان على اختيار أجمل العبارات والأساليب الراقية حينما يلتقيان بأصدقائهما وضيوفهما، ويَظْهَران بمظهر الابتسامة والبشاشة وحسن التعامل، والاحترام الكبير لمَن يُقابلان من الناس، ولكنهما لا يستخدمان شيئاً من ذلك في تعاملهما مع الأهل والأولاد.
كلمات الترحيب، والتقدير، ودماثة الخلق تنهال على بعض الناس حينما يكونون في مجلس استقبال الضيوف، أو خارج المنزل، أما حينما يدخلون إلى مكان جلوس أفراد الأسرة فإن الصمت الثقيل، وأسلوب الأمر والنهي والنَّهْر والتأنيب تُصبح سائدةً في أجواء المنزل.
كم من أبٍ يتعامل مع مَن يخطئ من الموظفين أو الأصدقاء والزملاء بالإعذار، وعبارات التشجيع، وعدم المؤاخذة على الخطأ، والتجاوز عن الزَّلل، ولكنه يتعامل بالقسوة والعُنْف وعدم الإعذار مع خطأ الزوجة، والإخوة والأخوات، والبنين والبنات.
وكم من أُمٍّ تشتهر بين صواحبها بالمرح ودماثة الخلق، وحسن المنطق، والتسامح والكرم، ولكنها لا تمنح شيئاً من ذلك لزوجها وأولادها الذين هم أحقُّ الناس بذلك منها.
قلتُ لأحد أولادي بعد أن عاتَبْتُهُ: مالي أراكَ انقبضْتَ حينما عاتَبْتُكَ؟ وقد بدا ذلك على ملامح وجهه، أتُراكَ تتضايق من توجيهي لك وعتابي وأوامري؟
قال: يضايقني ما أسمعه من عبارات التأنيب على كل موقف سلبي مهما كان صغيراً؛ لأنَّني أرى فيها شيئاً من القسوة، وتحطيم الهِمَّة.
قلتُ له: أنتَ تعلم أنني لا أريد إلا سعادتك ونجاحك، وأنني أنطلق في حديثي معك من الحرص عليك، والحبِّ لك.
قال: نعم، أعلمُ ذلك، ولكنَّ أسلوب التأنيب المستمر، واستخدام اللهجة القاسية -أحياناً- يجعلك بعيداً عن تحقيق ما تُريده لي من السعادة والنجاح.
قلتُ: أرجو أنْ تقبل أسفي، وأن تكون على ثقةٍ بتقديري لك، ولشخصيَّتك المتميزة، وحسن تعاملك، وصِدْق خدمتك لي ولأمِّك وإخوتك.
قال لي مبتسماً: أنا واثقٌ بك كلَّ الثقة، فأنت أبي، لك عليَّ حق التقدير والطاعة، فطاعتك عبادةٌ يا أبِي.
عندها شعرتُ بتقصيرنا في الإبداع في لغة التخاطب مع أهلنا، وفي مناقشة أولادنا مناقشةً هادئةً هادفةً.
إنها دعوة صادقة إلى كل أبٍ وكل أمٍّ أن يحرصوا جميعاً على الارتقاء بلغة التخاطب العائلي، وعلى صَرْف قَدْر كبير من الاهتمام بأساليب التعامل الراقية، والمناقشات الصريحة المؤدَّبة، إلى داخل بيوتهم؛ لأنهم يُحقِّقون بذلك من السعادة والنجاح والثقة في النفس لأهلهم ما لا يُمكن أن تُحقِّقه أساليب العنف والتأنيب.
لقد روى لنا أنس بن مالك -رضي الله عنه- من حُسْن تعامل الرسول - صلى الله عليه وسلم- مع أهله صغاراً وكباراً، و من عبارته النبويَّة النقية التي يتخاطب بها مع أهله، ما يُحقِّق لنا وجود القدوة الصالحة في هذا المجال، فما يَبْقَى علينا إلا الاقتداء والامتثال.
إنَّ هذا المنهج في مناقشة الأولاد، وحسن التعامل معهم، هو الذي يُرَبِّي للأمة أجيالاً قويَّةً سويَّةً قادرةً على العطاء، جديرةً بمواجهة مؤامرات الأعداء.
إِشَارَةٌ:
هَبْنِي مَعَ الْحُبِّ تَقْدِيراً وَإِجْلالا ****** يُخْلِصْ لَكَ الْقَلْبُ أَقْوَالاً وَأَفْعَالا
http
[CENTER][IMG]http://www.flowersdubai.com/images/products/Roses%20in%20the%20meadow-big.jpg
[CENTER][IMG]http://www.flowersdubai.com/images/products/Roses%20in%20the%20meadow-big.jpg