رد: من عوائق الحفظ
أختي نور..
ما شاء الله, عملٌ طيب, وقلما نجد من يذكِّر به.
أسأل الله لكِ التوفيق والفقه في الدين والبصيرة فيه.
وتتميمًا للفائدة, سأذكر العكس, فسأذكر بعض الوسائل التي تعين على تثبيت العلم, وهي:
قال العلامة ابن عثيمين –رحمه الله- في "كتاب العلم":
ومن الطرق التي تعين على حفظ العلم وضبطه: أن يهتديَ الإنسان بعلمه، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُم}.
وقال: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً}.
فكلما عمِل الإنسان بعلمه؛ زاده الله حفظاً وفهماً؛ لعموم قوله: {زادهم هدى}.
وسئل فضيلته: إذا كان آفة العلم النسيان, فما الأمور أو الطرق التي تعين على ضبط وحفظ العلم؟
فأجاب بقوله: من أعظم الطرق التي تعين على ضبط العلم: أن يهتدي الإنسان بعلمه قال تعالى: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُم}.
فإذا عمل العالم بعلمه، ازداد علماً وأوتي تقوى، أي عبادة وخشية.
ومنها: أن يفرغ قلبه للعلم بحيث لا يتشاغل بغيره عنه بل يكون هو همه وهاجسه.
ومنها: أن يتعاهده بالحفظ والمذاكرة.
ومنها: أن يستحضر الحكم ودليله عند كل عمل يقوم به.
ومنها: أن يكب على طلب العلم فلا يجعل طلب العلم عند التفرغ فقط، ولهذا يقولون: "أعط العلم كلك يعطيك بعضه، وأعط العلم بعضك لا يعطيك شيئاً"، فلا بد من الانكباب على طلب العلم ليلاً ونهاراً، والمناقشة وتطبيق ما علمت على ما عملت حتى يبقى العلم.
وسئل فضيلته: هل هناك دعاء لحفظ القرآن؟ وما طريقة حفظه؟
فأجاب قائلاً : لا أعرف في ذلك دعاء يحفظ به القرآن إلا حديثاً روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- علمه عليَّ بن أبي طالب -رضي الله تعالى عنه-, رواه الترمذي والحاكم, ولفظه عند الترمذي:
عن ابن عباس –رضي الله عنهما- أنه قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه علي بن أبي طالب فقال بأبي أنت وأمي تفلت هذا القرآن من صدري فما أجدني أقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا الحسن أفلا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع بهن من علمته ويثبت ما تعلمت في صدرك قال أجل يا رسول الله فعلمني قال إذا كان ليلة الجمعة فإن استطعت أن تقوم في ثلث الليل الآخر فإنها ساعة مشهودة والدعاء فيها مستجاب وقد قال أخي يعقوب لبنيه { سوف أستغفر لكم ربي } يقول حتى تأتي ليلة الجمعة فإن لم تستطع فقم في وسطها فإن لم تستطع فقم في أولها فصل أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب وسورة يس وفي الركعة الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان وفي الركعة الثالثة بفاتحة الكتاب وألم تنزيل السجدة وفي الركعة الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل فإذا فرغت من التشهد فاحمد الله وأحسن الثناء على الله وصل علي وأحسن وعلى سائر النبيين وأستغفر للمؤمنين والمؤمنات ولإخوانك الذين سبقوك بالإيمان ثم قل في آخر ذلك اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني أن أتكلف ما لا يعنيني وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تلزم قلبي حفظ كتابك كما علمتني وارزقني أن أتلوه على النحو الذي يرضيك عني اللهم بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام والعزة التي لا ترام أسألك يا الله يا رحمن بجلالك ونور وجهك أن تنور بكتابك بصري وأن تطلق به لساني وأن تفرج به عن قلبي وأن تشرح به صدري وأن تعمل به بدني لأنه لا يعينني على الحق غيرك ولا يؤتيه إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم يا أبا الحسن فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمس أو سبع يجاب بإذن الله والذي بعثني بالحق ما أخطأ مؤمنا قط قال عبد الله بن عباس فوالله ما لبث علي إلا خمسا أو سبعا حتى جاء علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك المجلس فقال يا رسول الله إني كنت فيما خلا لا آخذ إلا أربع آيات أو نحوهن وإذا قرأتهن على نفسي تفلتن وأنا أتعلم اليوم أربعين آية أو نحوها وإذا قرأتها على نفسي فكأنما كتاب الله بين عيني ولقد كنت أسمع الحديث فإذا رددته تفلت وأنا اليوم أسمع الأحاديث فإذا تحدثت بها لم أخرم منها حرفا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك مؤمن ورب الكعبة يا أبا الحسن.
وفي صحته نظر، قال عنه ابن كثير -رحمه الله تعالى-: "إنه من البَيِّنِ غرابتُه بل نكارته".
وقال السيد محمد رشيد رضا -في التعليق عليه-: بل أسلوبه أسلوب الموضوعات لا أسلوب أفصح البشر محمد -صلى الله عليه وسلم- وعلي -رضي الله عنه- ولا أسلوب عصرهما. اهـ.
وقال الذهبي: "هذا الحديث منكر شاذ".
ولكن الطريق إلى حفظه هو: أن يواظب الإنسان على حفظه, وللناس في حفظه طريقان:
أحدهما: أن يحفظه آية آية أو آيتين آيتين أو ثلاثاً ثلاثاًَ -حسب طول الآيات وقصرها-.
الثاني: أن يحفظه صفحة صفحة.
والناس يختلفون؛ منهم من يفضل أن يحفظه صفحة صفحة, يرددها حتى يحفظها.
ومنهم من يفضل أن يحفظ الآية ثم يرددها حتى يحفظها, ثم يحفظ آية أخرى كذلك, وهكذا حتى يتم .
ثم إنه أيضاً ينبغي -سواء حفظ بالطريقة الأولى أو الثانية- ألا يتجاوز شيئاً حتى يكون قد أتقنه؛ لئلا يبنى على غير أساس، وينبغي أن يستعيد ما حفظه كل يوم -خصوصاً في الصباح-، فإذا عرف أنه قد أجاد ما حفظه؛ أخذ درساً جديداً.
ومن أسباب ذلك: الإعراض عن الشواغل التي تأخذ الفكر عن العلم؛ لأن الإنسان بشر, إذا تشتت همته؛ ضعفت قدرته على تحصيل العلم.