إعلانات المنتدى


وجه تذكير قوله تعالى : "وقال نسوة" وعلة ذلك في العربية

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
هذه المشاركة كنت قد ترددت كثيراً أن أبثّها لولا ما صدح به الأخ الوهراني من تقدير لفظ الجماعة في قوله تعالى : وقالت الأعراب ، ليستقيم تأنيث الفعل ويعتدل تخريجه ، كما سمعه هو من شيخه ؛ فمشاركتي المتواضعة هذه جاءت للبرهنة على صدق ما ادّعاه الأخ الوهراني عن شيخه زاد الله في فضلهما ورحمهما في الدارين ..
وهنا أقول : اعلم أخي الحبيب أنّ الذي سمعته أنت من شيخك في درس العقيدة من تقدير لفظ الجماعة في الآية الآنفة ، هو بشحمه ولحمه قد سمعته أنا أيضاً عن مشايخي في دروس النحو والتفسير ؛ كأحد الوجوه المقبولة في تخريج تذكير الفعل وتأنيثه في الأمثلة الآنفة علاوة على كلّ ما في كتاب الله القرآن ممّا كان من هذا القبيل ؛ فأزيد على المثال أعلاه الذي ساقه جنابك الكريم ، إمكانيّة التقدير في كلّ الأمثلة ، بل في كل استعمالات العرب التي من هذا الضرب ، وسأكتفي لبيان إمكانيّة التقدير بالأمثلة التي سيقت منقولة عن الباحث الإسلامي محمد اسماعيل عتّوك ، كالآتي ..
المثال الأول : قوله تعالى : "وقال نسوة" وهذا لا يكون بليغاً تامّاً إلاّ بتذكير "قال" وعلّة ذلك تقديرٌ مردّه إلى جمع النسوة ؛ أي وقال جمع النسوة ؛ لذلك رجح التذكير ؛ يدلّ على ذلك ما جزم به أئمّة اللغة والتفسير من أنّ النسوة اسم جمع ، وقد تعلّق الفعل به أي بالجمع ، وبعبارة النحويين أسند الفعل إليه لا إلى ذوات النسوة الأناث .
وقد ذكر الإمام الشافعي في هذا الخصوص قاعدة عظيمة جدّاً ، تغنينا عن بعض القيل والقال ؛ فقد قال الإمام الشافعي (في مختصر المزني: 213) في كلام له : ...هذا جهل بلسان العرب ؛ فإذا تقدّم فعل الجماعة من النساء كان الفعل مذكراً ؛ مثل قال نسوة وخرج نسوة ، وإذا كانت واحدة فالفعل مؤنث .انتهى .
أقول –أنا القاصر- : فهذا نص عن الإمام الشافعي يوضّح أنّ الفعل "قال" في قوله تعالى "وقال نسوة" قد تعلق بجمع النساء بما هُنّ جمع ، لا بذواتهن بما هُنّ نساء أناث فلانة وفلانة .
يدلّ على ذلك صريحا تفسير الإمام الزمخشري الآية بالتقدير فقد قال (في الكشاف3 : 164) : "وقال نسوة" أي وقال جماعة من النساء...، والنسوة اسم مفرد لجمع المرأة وتأنيثه غير حقيقي . انتهى . وكذلك قال أبو السعود (في تفسيره 3 : 426) وهو واضح في التقدير .
وهذا هو تخريج الإمام القرطبي (في تفسيره 4 : 74 ) لقوله تعالى "فنادته الملائكة" أو " فناداه الملائكة" كما قرأ حمزة والكسائي ، فقد قال جازماً : وأما فناداه فهو جائز على تذكير الجمع ، ونادته على تأنيث الجماعة ... . انتهى .
أقول -أنا القاصر- فهذا نصّ صريح عن الإمام القرطبي أنّ الفعل قد يتعلقّ بتقدير الجمع فيذكّر ، وبتقدير الجماعة فيؤنّث ، وهذا ممّا يطّرد في كل القرآن إذا أمكن الإطّراد وحسُن .
المثال الثاني : أن يكون متعلّق الفعل فاعل هو جمع تكسير مذكراً أم مؤنثاً ، وهنا يجوز الوجهان ، كما نقول : قام رجال ، وقامت رجال ، وجاء الفواطم وجاءت الفواطم ، وقد قال الباحث عتّوك : الأفضل التذكير مع المذكر والتأنيث مع المؤنّث . وكلامه صحيح ، لكن لم يذكر رعاه الله علّة الأفضليّة !!!.
والعلّة هي قبح التقدير فيما لا داعي له ؛ ففي قولنا : "جاء الرجال" تعلّق الفعل بنفس الرجال فتعيّن التذكير ، وهذه جملة تامّة لا نقص فيها ولا خلل ؛ وإذا كان الأمر كذلك ؛ فلا داع لأن نقول : جاءت الرجال ، لنتحمل مؤونة التقدير الزائد بجماعة الرجال كيما يتعيّن التأنيث ؛ إذ قد أجمع أئمّة البلاغة على أنّ التقدير قبيح فيما لا داعي له ؛ لما فيه من المؤونة الزائدة ؛ اللهم إلاّ إذا كان ثمّة غرض كما في قول الله تعالى : "وقالت الأعراب" أي جماعة الأعراب ، الأجلاف الذين لا يفقهون ولا يعقلون . فالغرض جليل في تأنيث "وقالت الاعراب" فيما ذكره الإمام القرطبي (في تفسيره 4 : 74) عن مكي قال : أجرى الأعراب وهو تكسير مجرى ما لا يعقل بالتأنيث . انتهى .
المثال الثالث : أن يكون الفاعل مؤنثاً تأنيثاً مجازياً ليس مضمراً ؛ كقولنا : طلع الشمس و طلعت الشمس . وقد قال الباحث عتوك إنّ التأنيث أفصح . وكلامه صحيح لكنّه أيضاً لم يذكر العلّة !!!!.
والعلّة هي أيضاً التقدير الذي لا داعي له ؛ فقولنا : طلعت الشمس ، جملة تامّة فصيحة لا نقص فيها ولا خلل ، أمّا قولنا : طلع الشمس ؛ ففيه تقدير الكوكب ؛ أي : طلع كوكب الشمس فتعيّن التذكير ، وبما أنّ في تقدير الكوكب مؤونة زائدة رجح التأنيث في طلعت الشمس حيث لا تقدير فيه ولا مؤونة زائدة ولا تكلف .
ولعلّك تقول –في المناقشة العلمية- : فما هو الفرق إذن بين التقدير والمؤونة الزائدة في طلع الشمس وبين التقدير في القرآن الكريم ، فكيف تنـزّه التقدير في القرآن الكريم عن المؤونة الزائدة والتكلّف ، ولم يتنـزّه ما كان على مثال طلع الشمس؟!.
قلنا : أجمع أهل المنطق واللغة والبلاغة على قبح التعريف بالأخفى ؛ فقولنا بعد التقدير : طلع كوب الشمس ممّا يزيد في الطين بلّة والفصاحة نزولا والبلاغة هبوطا ؛ لأنّ الشمس معروفة لا تحتاج الى بيان أو شرح أو توضيح ، أمّا الكوكب فمّما لا يكاد يخفى ما فيه من الخفاء على أغلب النّاس قياسا بنفس الشمس ، فقبح التقدير فيه ، أمّا القرآن الكريم فلا وربّ محمّد...!!!!!!! لا إله إلاّ الله !!!.
المثال الرابع : نعم هند ونعمت هند ، وهكذا بئس هند وبئست هند . ثمّ قال الباحث الإسلامي عتوك رعاه الله : والتذكير في كلّ ذلك أجود .
أقول –أنا القاصر- : هذا ليس بصحيح ؛ لإجماع النحاة على أنّ في باب بئس ونعم تقديراً ، وهو بحسب الحال على نحوين ، فإذا كان التقدير هو المرأة تعيّن (=رجح) التأنيث فنقول نعمت هند ؛ أي نعمت المرأة هند . وأمّا إذا كان التقدير الشخص فالذي يرجح هو التذكير فنقول : نعم هند ؛ أي : نعم الشخص هند . وكما قلنا سابقاً فمردّ التقدير إلى ما يسند إليه الفعل ؛ فإذا أسند إلى المرأة أنث وإذا أسند إلى الشخص أو الإنسان ذكّر . أما ما ذكره الأستاذ عتوك من حكم الفعل ساء ففيه كلام لا يحتمله المقام .
المثال الخامس : قال الاستاذ عتوك : أن يكون الفاعل ضميراً منفصلاً لمؤنث ؛ كقولك: إنما قامَ هي، وإنّما قامت هي. والأحسن ترك التأنيث .
أقول -أنا القاصر- : كلام الأستاذ عتوك متين جدّاً ؛ لكنّه أيضاً لم يذكر العلّة في أنّ الأحسن ترك التأنيث ، وباختصار فالعلّة هي التقدير بالأشخاص أو بالحاضرين أو ما شاكل ذلك ؛ فحقّ القول مع التقدير هو : إنّما قام من الحاضرين أو الجالسين هي . وكأنّ هذا القول هو جواب عمّن قام من الجالسين ؛ يشهد لذلك أنّ الجملة بدون إنّما -وهي أداة حصر- لا يسوغ فيها التذكير قولا واحداً .
المثال السادس : قال الباحث عتوك : أن يكون الفاعل مذكرًا مجموعًا بالألف والتاء؛ كقولك: قام الطلحات، وقامت الطلحات والتذكيرأحسن .
أقول -أنا القاصر- : قول الأستاذ الباحث بأنّ التذكير أحسن ، متين للغاية ؛ والعلّة ما مرّ من أنّ التذكير لا يحتاج الى تقدير ؛ ففي قولنا : قام الطلحات قد أسند الفعل إلى ذوات رجال معروفين ، هم الطلحات ، فرجح التذكير ، ومعه فأيّ داع للتقدير بجماعة الطلحات لنتكلّف التأنيث ، وإن شئت قلت : أيّ داع يحدو بنا لنتعاطى التأنيث لنتكلف –من ثمّ- التقدير بالجماعة ؟!. فمع عدم الحاجة للتقدير في الكلام يكون قبيحاً كما لا يخفى .
المثال السابع : قال الأستاذ عتوك أن يكون الفاعل ضميرًا يعود إلى جمع تكسير لمذكر عاقل؛ كقولك: الرجال جاءوا،والرجال جاءت ، والتذكيربضمير الجمع العاقل أفصح.
أقول –أنا القاصر- : ولا شائبة فيما قال الاستاذ ، وهو الموجود في القرآن الكريم ؛ وقد يدلّ عليه في كتاب الله العزيز قوله تعالى "فنادته الملائكة" وقد مرّ أنّ الفعل هنا قد تعلّق بجماعة الملائكة فرجح التأنيث ، لكن في قوله تعالى من سورة الأنعام "والملائكة باسطوا أيديهم" وقوله تعالى في سورة الرعد : "والملائكة يدخلون عليهم" تعلّق الفعلان (باسطو ، يدخلون) بنفس ذوات الملائكة العاقلة فرجح التذكير .
المثال الثامن : قال تعالى:" قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّالَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ" ففي هذا المثال تعلّق الفعل آمَنَ بمقدّر وهو الأمّة ، فرجح التأنيث ؛ ويدلّ على صحّة هذا التقدير أنّ الله سبحانه وتعالى أطلق على بني إسرائيل ، وهم بني يعقوب عليه السلام ، أمّة ؛ فقد قال تقدّست أسماؤه في سورة البقرة : " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون * تلك أمة قد خلت ...".
تنبيه : تخريج التأنيث والتذكير بالتقدير وعدمه ، هو أحد الوجوه المعقولة في هذا الباب فيما سمعت من مشايخي ، على أنّ هناك وجوهاً أخرى غيرها كالحكاية وغير ذلك فلا ينبغي أن ننسى هذا .كما أرجو من المشايخ والأخوة أن يغفروا لي سقط القلم وانكساره ووهنه .
تلميذكم الورشان
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: وجه تذكير قوله تعالى : "وقال نسوة" وعلة ذلك في العربية

ما شاء الله

جزاك الله خيرا أخي الفاضل على إيرادك نصوص الأئمة حول المسألة

و أنا صراحة ترددت كثيرا في وضع المشاركة ... و بعد وضعها وعدت بحذفها إن تبين خطؤها .. لأني تذكرت " من تكلم في القرآن و أصاب فقد أخطأ " أو كما قال عليه الصلاة و السلام
و أرسلت للأخ المتولي ليصححها

و لكن الله سلم .. جئت أنت - حفظك الله - و نقلت لنا نصوص الأئمة رحمهم الله .. و لكم فرحت بهذه النقول

جزاك الله عنا خيرا

و نحن ما زلنا نستفيد منك

و الله يرعاك
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: وجه تذكير قوله تعالى : "وقال نسوة" وعلة ذلك في العربية

السلام عليكم شيخنا الوهراني ورحمة الله
شيخنا الكريم أنا لم أفعل شيئاً سوى أني نقلت ما سمعت من مشايخي علاوة على بعض كلمات الأئمة..
ثم أقول رحمك الله يا شيخ على هذا التواضع ، إذ الذي يستفيد هو أنا وليس أمثالكم رعاكم الله
تلميذكم الورشان
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع