- 22 يوليو 2008
- 16,039
- 146
- 63
- الجنس
- أنثى
- علم البلد
-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من المسائل التي يكثر في شأنها الخلاف بين كتب الإملاء الحديث : مسألة الخلاف في كتابة (يا) الندائية المتصلة بـ(أيُّها) أو (أيَّتُها) :
* فمنهم من يثبت ألف (يا) ، ويبقي مسافة بينها وبين ما بعدها :
(يَا أيُّها) (يَا أيَّتُها) .
* ومنهم من يحذف ألف (يا) ، ويصل الياء بالكلمة التي بعدها : (يَأيُّها) (يَأيَّتُها) .
وعلى الرغم من تعذُّر استعمال مصطلح (الخطإ) و(الصواب) في مسائل الإملاء المختلف في شأنها بين العلماء ، في غياب جهة مسؤولة تكون لها صلاحية الحسم في الأمور ، ويكون رأيها ملزما لجميع البلدان العربية ، إلا أنه لا مانع من إلقاء نظرة تاريخية على سبب هذا الخلاف :
أولا : لقد كان أجدادنا القدامى يكرهون اجتماع (ألفَيْن) أو (واوَيْن) أو (ياءَيْن) في (كلمة واحدة) .
ولهذا السبب ، ما زلنا نكتب إلى اليوم مثلا : (لَقِيتُ أبْناءَكَ) . وكان الأصلُ يقتضي أن نكتب : (لَقِيتُ أبْناأَكَ) ، مثلما نكتب : (جاءَ أبْناؤُكَ) و (مَرَرْتُ بأبْنائِكَ) .
ولهذا أيضا ، ما زال أكثر العلماء يكتبون : (داوُد) ، بدلا من (داوُود) .
ولهذا أيضا نجد في المصاحف العثمانية : (يُحْيِ) ، بدلا من (يُحْيِي) .
ثانيا : كان أجدادنا يجعلون (يا) مع (ما بعدها) في منزلة (الكَلِمةِ الواحِدةِ) . ولهذا رُسمت (يا) في الَمصاحف العثمانيةِ موصولةً بما بعْدَها مُطْلَقا ، مع حذف ألِفِها ، نحْو : (يَـرَبِّ) (يَـقَوْمِ) (يَـمُوسى) (يَـإِبْرَاهِيمُ) (يَـإِبْلِيسُ) (يَـأَيُّهَا) (يَـأَيَّتُهَا) (يَـأَهْلَ يَثْرِبَ) ؛ ثم أضاف علماء الضبط ألفا صغيرة بعد الياء ، دلالة على وجوب التلفُّظ بتلك الألف المحذوفة رسما :

ثالثا : ثُمّ ارتأى الكُتّاب إثبات ألف (يا) في غيرِ المصاحف ، دُونَ التخلي عن فكرة (الكَلِمةِ الواحِدةِ) . فكتبوا : (يارَبِّ) (ياقَوْمِ) (يامُوسَى) ، من غير نِيَّةِ فصْلٍ بين الكلمتين ؛ واستمروا في كتابة (يَإِبْرَاهِيمُ) (يَإبْلِيسُ) (يَأَيُّهَا) (يَأَيَّتُهَا) (يَأَهْلَ) بلا ألف ، لكراهة اجتماع ألفين فيما جعلوه بمنزلة (الكلمة الواحدة) .
رابعا : واليوم ، صِرْنا نعُدُّ (يا) مستقلّةً تماما عمّا بعْدَها ؛ فنترُك بينهما مسافةً في نَحْوِ : (يا رَبِّ) (يا قَوْمِ) (يا مُوسَى) . وبرُغْمِ هذا ، ما يزال الكثيرون يكتبون : (يَأَيُّهَا) (يَأَيَّتُهَا) (يَأَهْلَ) ، وما يزال بعضهم يكتب : (يَإِبْرَاهِيمُ) (يَإبْلِيسُ) وما شابهها من الأعلام ، تأَثُّرا بالطريقة القديمة .
فلا غرابة إن وجدنا المحقق عبد السلام محمد هارون مثلا ، في كتابه (قواعد الإملاء) [ص 38] ، يذكُر ضمن مواضع خذف الألف :
("يا" الندائية الداخلة على :
أ – كل علم مبدوء بالهمزة ، لم يُحذف منه شيء ، نحو : (يأحمد) (يأسعد) ، بخلاف : (آدم) و(آزر) ، يكتبان : (يا آدم) (يا آزر) .
ب – الداخلة على كلمة (أهل) أو (أيّ) أو (أيّة) ، نحو : (يأهل الصلاح) (يأيها الرجل) (يأيتها النفس المطمئنة) .
خلاصة المسألة إذَنْ : أن إثبات الألف هو القياسُ . ولكن حذفها شائع أيضا ، ويتبناه بعض المؤلفين في الإملاء .
فالأوْلَى أن نحكُم بـجواز الوجهَيْن ، ونبتعد عن مصطلحَيِ (الخطإ) و(الصواب) ،
الكاتب - سعيد بنعياد