- 12 سبتمبر 2007
- 1,826
- 14
- 0
- الجنس
- ذكر
تَناهى بهِ الطّريقُ إلى زَاوِيَةٍ مَهجُورَةٍ مِن زَوايَا قَريَتِهِ الصّغِيرةِ أسنَدَ ظَهرَهُ المُنهَكَ عَلى صَخرَةٍ كَبيرَةٍ عَلّها تَحمِلُ عَنهُ بَعضَ هُمُومِهِ الّتي أثقَلت كَاهِلَهُ تَفكّرَ فِي نَفسِهِ وحَالِهِ لا بَيت يُؤيهِ ولا مالَ يَكفيه ولا عَملَ يُغنيهِ ولا زَوجَة تُوَاسِيه كلمَا طَرَق باباً سُدّ في وَجهِهِ ، وَكلما سَلكَ سبيلاً تَعسّر عَليهِ ذاتَ يَومٍ قَرأ في الصّحيفةِ إعلاناً عَن وَظيفةٍ مُتوَاضِعَةٍ ، فَجمَع أورَاقَهُ وشهَاداتِهِ وتَقدّمَ لها ، فَتمّ قَبُولُهُ عَلى أن يَخضَعَ للتّجرِبةِ أسبُوعاً ، فَلمّا خَرَجَ فَرِحاً مُغتَبِطاً صَدمتهُ سَيّارَةُ إسعَافٍ فَنامَ في المُستَشفى شَهراً ..!! وخَطبَ امرأةً ذَاتَ مَرّةٍ ، فَوافَقتْ ووافقَ أهلُها ، وَجَمَع مَهرَها ، وَفي صَبَاحِ يومِ الخِطبَةِ وَعَقدِ النّكاحِ ، اتّصلَ بِهِ والدُ المَخطُوبَةِ وَقال لَهُ : إنّ جَدّ خَطيبَتِكَـ كانَ في غَيبُوبَةٍ ، وَقد أفَاقَ بِالأمسِ فَلمّا أخبَرناهُ بِخبرِكَ أبى أشدّ الإباء ، وَنحنُ نَعتَذِرُ لكـ َ !! نَظَرَ إلى الشّمسِ وَهيَ تُلَملِمُ خُيوطَ أشعّتِها إيذاناً بالمَغيبِ ، ثُمّ التَفتَ إلى نَملَةٍ بِجِوَارِهِ ، تحمِلُ في فَمِها قُوتاً وَتُحاوِلُ صُعودَ الصّخرَةِ الكَبيرَةِ صَعدَت في المَرّةِ الأولى قَليلاً ثُمّ سَقطَتْ !! ثُمّ صَعدَتِ المَرّة الثَانِيَةَ وَسَقطَتْ !! ثُمّ الثّالِثَةَ والرّابِعَةَ والخَامِسةَ ..... وَفي المَرّةِ العَاشِرَةِ صَعَدَت وصَعَدت حَتّى شَارَفت أعلى الصّخرَة ، ثُمّ سَقطَت أيضاً !! . . . فما كانَ مِن النّملَةِ إلا أن ألقتْ الحَبّةَ مِن فَمِها ، ثُمّ التَفتَت إليهِ ، وَصرَخت فِي وَجهِهِ غَاضِبَةً : " أنت يا أخ ، ايشْ فِيكـ تطَالِع ؟؟ "