- 19 يناير 2009
- 2,950
- 662
- 113
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
- علم البلد
زنــــــــاجــيـــــــــــــــــل
23/01/2015
اختلف الأصحاب في الشاي على مذاهب، لكنهم أجمعوا على حُبه مزنجلا مقرفلا أو بالحبهان، فكتبت أصف شيئًا مما دار!
زَنْجِلْ [1] شَرَابَكَ، عَتِّقَنَّ مُعَصْفَرَهْ *** وَامْلأ كُؤوْسَ الشَّايِ وَاقْصِدْ مَعْشَرَهْ
فَالرَّأسُ دُوْنَ عَتِيْقِهِ لا تَسْتَفِيْـ *** قُ، وَلا يَرُوقُ الفِكْرُ وَهْيَ مُكَدَّرَةْ
كَمْ ذَا بِهِ تَحْلُو النَّمِيْمَةُ فِي الْمَصِيْـ *** ـفِ عَلَى الشَّوَاطِئِ فِي اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةْ
أَوْ فِي الشِّتَاءِ عَلَى "الكَـنُوْنِ [2]"؛ وَحَوْلَهُ *** يَتَجَمَّعُوْنَ بِلَهْفَةٍ فِي "الْمَنْدَرَةْ [3]"
وَهُنَاكَ تَحْلُوْ "قَرْمَشَاتٌ [4]" لَفَّهَا *** سَرْدٌ عَجِيْبٌ لِلْحَكَاوَى الآسِرَةْ
عَنْ قِصَّةِ العَنْقَا وَعَنْ تِلْكَ الَّتِيْ *** بَاتَتْ بِأحْضَانِ الثَّرَىْ مُتَدَثِّرَةْ
وَصِغَارِ غُوْلٍ يَحْتَمِيْ بِزُرُوْعِنَا *** وَوَفَاءِ خِلٍّ صَادِقٍ مَا أنْدَرَهْ
لَكِنَّ أصْحَابِيْ؛ عَلَىْ عِلّاتِهِمْ *** رَامُوْا مِنَ الشَّايِ المُعَتَّقِ أصْفَرَهْ
مَا هَمَّهُمْ "تَحْبِيْشُهُ [5]" بِقَرَنْفُلٍ *** أوْ حَبَّهَانٍ رِيْحُهُ مُسْتَنْشِرَهْ
قَالُوْا بِأنَّ الشَّايَ كُوْبٌ وَاحِدٌ *** "خَمْسِيْنَةٌ [6]" فِي الصُّبْحِ حِيْنَ المَيْسَرَةْ
أألُوْمُهُمْ فِيْ زُهْدِهِمْ أمْ أنَّنِيْ *** رُمْتُ الْهِدَايَةَ فِيْ دُرُوْبٍ حَائِرَةْ؟
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّايِ رِفْدٌ دَائِمٌ *** نِيْرَانُهُ مِنْ تَحْتِهِ مُتَسَعِّرَةْ
وَوَصِيْفُ شَايٍ حَاضِرٌ، فَإِذَا بَدَا *** عَطَشُ الإنَاءِ رَوَاهُ حَتَّىْ أسْكَرَهْ
لَمَكَثْتُ كَالْمَذْهُوْلِ أَمْضِيْ وَاجِمًا *** لأكُبَّ فِي الأوْرَاقِ دَمْعَ الْمِحْبَرَةْ
يَا عَالِمَ الطِّبِّ الأصِيْلِ هَلُمَّ إنْ *** نَ الْجُرْحَ فِيْ حُبِّ الْمُعَتَّقِ غَائِرَةْ
يَا حَبَّذَا لَبَنٌ حَلِيْبٌ طَازَجٌ *** فِيْ مَزْجِهِ بِالشَّايِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةْ
لِيَحُوْلَ [7] كَالشَّمْسِ اصْفِرَارًا فَائِقًا *** يُغْرِيْ بِرَشْفٍ سَائِغٍ كَالْكَوْثَرَةْ
وَابْذُلْ لَهُ عِنْدَ اللُّزُوْمِ نَعَانِعًا *** وَمُحَلِّيَاتٍ مِنْ سَكَاكِرَ وَافِرَةْ
زِدْ فِيْ حَلاوَتِهِ بِجَمْعِ الأقْرَبِيْـ *** نَ عَلَىْ ذُرَىْ لَمَسَاتِ كَأسٍ سَاحِرَةْ
فَلَكَمْ نَعِيْشُ عَلَىْ تَذَكُّرِ لَيْلَةٍ *** مَرَّتْ كَظَبْيٍ هَارِبٍ مُسْتَنْفِرَةْ
لَكِنَّ نَامُوْسَ الْخَبِيْرِ مُنَبِّهٌ *** مَنْ هَامَ حُبًّا بِالحَيَاةِ المُدْبِرَةْ
فَصَفَاؤهَا مُتَعَكِّرٌ وَمَتَاعُهَا *** مُتَنَغِّصٌ مُتَحَوِّلٌ مَا أَغْبَرَهْ
فَهَوَتْ بِحُبِّ الشَّايِ مِنْ غُلْوَائِهِ [8] *** وَتَحَوَّلَتْ كُلُّ الْمَبَاذِلِ فَاتِرَةْ
هَوِّنْ عَلَيْكَ الْحُبَّ فِيْ دُنْيَاكَ وَارْ *** جُ السِّلْمَ مِنْهُ فِيْ حِسَابِ الآخِرَةْ
فَلَنُسْأَلَنَّ عَنِ النَّعِيْمِ - أقَلِّهِ - *** وَالْفَائِزُ: الْمَقْبُوْلُ يَوْمَ المَنْشَرَةْ [9]
[1] زَنْجِلْ: فعل أمرٍ، اشتققته من الزنجبيل، أي ضع الزنجبيل على شرابك!
[2] الكانون: هو موقد بُدائي يتكون من حجرين بينهما نار، ويوضع إناء الطعام أو الشراب فوق الحجرين لتكون النار تحته.
[3] قاعة في البيوت القديمة، كانوا يتجمعون فيها شتاءً للتدفئة والمبيت.
[4] أصلُ الكلمة عاميٌّ، وتدل على تلك الأطعمة التي يتم تزجية الوقت بها. لكن وجدت في المعاجم أن: قَرْمَشَ الشيءَ: أي جمعه، أو أفسده.
[5] أصلها عاميٌّ أيضًا، لكنها فصيحة، فالفعل حَبَّشَ يُحبِّشُ تحبيشًا، وحبش الأشياء أي جمعها، وهي في العامية تدل على جمعٍ من البهارات والمُنَكِّهات التي تضاف مجموعةً إلى الطعام والشراب.
[6] شاي الخمسينة: مصطلح عامي مصري في المقام الأول، يدل على كأس شاي صغيرة أظنها إما (50 ملم)، أو كوب كبيرة مملوءة إلى نصفها أي (50%) منها، ومن إحدى هاتين الخمسينتين جاءت التسمية، والله أعلم.
[7] حَالَ يَحُوْلُ: أي تغير وتحول.
[8] الغُلواءُ: شدة الحب، أو ذروة الشيء.
[9] يومُ المَنْشَرَةِ: هو يوم النشورِ يومُ القيامة، والتاء المربوطة للتعظيم، على مذهب العرب في تأنيث المذكر وتذكير المؤنث للتفخيم والتعظيم.
23/01/2015
اختلف الأصحاب في الشاي على مذاهب، لكنهم أجمعوا على حُبه مزنجلا مقرفلا أو بالحبهان، فكتبت أصف شيئًا مما دار!
زَنْجِلْ [1] شَرَابَكَ، عَتِّقَنَّ مُعَصْفَرَهْ *** وَامْلأ كُؤوْسَ الشَّايِ وَاقْصِدْ مَعْشَرَهْ
فَالرَّأسُ دُوْنَ عَتِيْقِهِ لا تَسْتَفِيْـ *** قُ، وَلا يَرُوقُ الفِكْرُ وَهْيَ مُكَدَّرَةْ
كَمْ ذَا بِهِ تَحْلُو النَّمِيْمَةُ فِي الْمَصِيْـ *** ـفِ عَلَى الشَّوَاطِئِ فِي اللَّيَالِي الْمُقْمِرَةْ
أَوْ فِي الشِّتَاءِ عَلَى "الكَـنُوْنِ [2]"؛ وَحَوْلَهُ *** يَتَجَمَّعُوْنَ بِلَهْفَةٍ فِي "الْمَنْدَرَةْ [3]"
وَهُنَاكَ تَحْلُوْ "قَرْمَشَاتٌ [4]" لَفَّهَا *** سَرْدٌ عَجِيْبٌ لِلْحَكَاوَى الآسِرَةْ
عَنْ قِصَّةِ العَنْقَا وَعَنْ تِلْكَ الَّتِيْ *** بَاتَتْ بِأحْضَانِ الثَّرَىْ مُتَدَثِّرَةْ
وَصِغَارِ غُوْلٍ يَحْتَمِيْ بِزُرُوْعِنَا *** وَوَفَاءِ خِلٍّ صَادِقٍ مَا أنْدَرَهْ
لَكِنَّ أصْحَابِيْ؛ عَلَىْ عِلّاتِهِمْ *** رَامُوْا مِنَ الشَّايِ المُعَتَّقِ أصْفَرَهْ
مَا هَمَّهُمْ "تَحْبِيْشُهُ [5]" بِقَرَنْفُلٍ *** أوْ حَبَّهَانٍ رِيْحُهُ مُسْتَنْشِرَهْ
قَالُوْا بِأنَّ الشَّايَ كُوْبٌ وَاحِدٌ *** "خَمْسِيْنَةٌ [6]" فِي الصُّبْحِ حِيْنَ المَيْسَرَةْ
أألُوْمُهُمْ فِيْ زُهْدِهِمْ أمْ أنَّنِيْ *** رُمْتُ الْهِدَايَةَ فِيْ دُرُوْبٍ حَائِرَةْ؟
لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلشَّايِ رِفْدٌ دَائِمٌ *** نِيْرَانُهُ مِنْ تَحْتِهِ مُتَسَعِّرَةْ
وَوَصِيْفُ شَايٍ حَاضِرٌ، فَإِذَا بَدَا *** عَطَشُ الإنَاءِ رَوَاهُ حَتَّىْ أسْكَرَهْ
لَمَكَثْتُ كَالْمَذْهُوْلِ أَمْضِيْ وَاجِمًا *** لأكُبَّ فِي الأوْرَاقِ دَمْعَ الْمِحْبَرَةْ
يَا عَالِمَ الطِّبِّ الأصِيْلِ هَلُمَّ إنْ *** نَ الْجُرْحَ فِيْ حُبِّ الْمُعَتَّقِ غَائِرَةْ
يَا حَبَّذَا لَبَنٌ حَلِيْبٌ طَازَجٌ *** فِيْ مَزْجِهِ بِالشَّايِ عِنْدَ الْمَقْدِرَةْ
لِيَحُوْلَ [7] كَالشَّمْسِ اصْفِرَارًا فَائِقًا *** يُغْرِيْ بِرَشْفٍ سَائِغٍ كَالْكَوْثَرَةْ
وَابْذُلْ لَهُ عِنْدَ اللُّزُوْمِ نَعَانِعًا *** وَمُحَلِّيَاتٍ مِنْ سَكَاكِرَ وَافِرَةْ
زِدْ فِيْ حَلاوَتِهِ بِجَمْعِ الأقْرَبِيْـ *** نَ عَلَىْ ذُرَىْ لَمَسَاتِ كَأسٍ سَاحِرَةْ
فَلَكَمْ نَعِيْشُ عَلَىْ تَذَكُّرِ لَيْلَةٍ *** مَرَّتْ كَظَبْيٍ هَارِبٍ مُسْتَنْفِرَةْ
لَكِنَّ نَامُوْسَ الْخَبِيْرِ مُنَبِّهٌ *** مَنْ هَامَ حُبًّا بِالحَيَاةِ المُدْبِرَةْ
فَصَفَاؤهَا مُتَعَكِّرٌ وَمَتَاعُهَا *** مُتَنَغِّصٌ مُتَحَوِّلٌ مَا أَغْبَرَهْ
فَهَوَتْ بِحُبِّ الشَّايِ مِنْ غُلْوَائِهِ [8] *** وَتَحَوَّلَتْ كُلُّ الْمَبَاذِلِ فَاتِرَةْ
هَوِّنْ عَلَيْكَ الْحُبَّ فِيْ دُنْيَاكَ وَارْ *** جُ السِّلْمَ مِنْهُ فِيْ حِسَابِ الآخِرَةْ
فَلَنُسْأَلَنَّ عَنِ النَّعِيْمِ - أقَلِّهِ - *** وَالْفَائِزُ: الْمَقْبُوْلُ يَوْمَ المَنْشَرَةْ [9]
[1] زَنْجِلْ: فعل أمرٍ، اشتققته من الزنجبيل، أي ضع الزنجبيل على شرابك!
[2] الكانون: هو موقد بُدائي يتكون من حجرين بينهما نار، ويوضع إناء الطعام أو الشراب فوق الحجرين لتكون النار تحته.
[3] قاعة في البيوت القديمة، كانوا يتجمعون فيها شتاءً للتدفئة والمبيت.
[4] أصلُ الكلمة عاميٌّ، وتدل على تلك الأطعمة التي يتم تزجية الوقت بها. لكن وجدت في المعاجم أن: قَرْمَشَ الشيءَ: أي جمعه، أو أفسده.
[5] أصلها عاميٌّ أيضًا، لكنها فصيحة، فالفعل حَبَّشَ يُحبِّشُ تحبيشًا، وحبش الأشياء أي جمعها، وهي في العامية تدل على جمعٍ من البهارات والمُنَكِّهات التي تضاف مجموعةً إلى الطعام والشراب.
[6] شاي الخمسينة: مصطلح عامي مصري في المقام الأول، يدل على كأس شاي صغيرة أظنها إما (50 ملم)، أو كوب كبيرة مملوءة إلى نصفها أي (50%) منها، ومن إحدى هاتين الخمسينتين جاءت التسمية، والله أعلم.
[7] حَالَ يَحُوْلُ: أي تغير وتحول.
[8] الغُلواءُ: شدة الحب، أو ذروة الشيء.
[9] يومُ المَنْشَرَةِ: هو يوم النشورِ يومُ القيامة، والتاء المربوطة للتعظيم، على مذهب العرب في تأنيث المذكر وتذكير المؤنث للتفخيم والتعظيم.