- 15 ديسمبر 2006
- 179
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
- القارئ المفضل
- محمد صدّيق المنشاوي
رثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء الاندلس
لابوالبقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصان * * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ* * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد* * ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* * إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو * * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ * * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ * * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب * * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له* * حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * * كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله * * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة * * وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها * * وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * * هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ * * حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ * * وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم * * من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ * * ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما * * عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * * كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * * فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ * * إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ * * أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها * * وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً * * كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ * * كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ * * لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ * * فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * * وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ * * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ * * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم * * واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ * * عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * * لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * * كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * * إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ
لابوالبقاء الرندي
لكل شيء إذا ما تم نقصان * * فلا يغر بطيب العيش إنسان
هي الأمور كما شاهدتها دولٌ* * من سرَّهُ زمنٌ ساءته أزمانُ
وهذه الدار لا تبقي على أحد* * ولا يدوم على حال لها شانُ
يمزق الدهر حتمًا كل سابغةٍ* * إذا نبت مشرفيات وخرصان
وينتضي كل سيف للفناء ولو * * كان ابن ذي يزن والغمد غمدان
أين الملوك ذوو التيجان من يمنٍ * * وأين منهم أكاليلٌ وتيجانُ
وأين ما شاده شدَّادُ في إرمٍ * * وأين ما ساسه في الفرس ساسانُ
وأين ما حازه قارون من ذهب * * وأين عادٌ وشدادٌ وقحطانُ
أتى على الكل أمر لا مرد له* * حتى قضوا فكأن القوم ما كانوا
وصار ما كان من مُلك ومن مَلك * * كما حكى عن خيال الطيفِ وسنانُ
دار الزمان على دارا وقاتله * * وأمَّ كسرى فما آواه إيوانُ
كأنما الصعب لم يسهل له سببُ * * يومًا ولا مَلك الدنيا سليمان
فجائع الدهر أنواع منوعة * * وللزمان مسرات وأحزانُ
وللحوادث سلوان يسهلها * * وما لما حل بالإسلام سلوانُ
دهى الجزيرة أمرٌ لا عزاء له * * هوى له أحدٌ وانهد نهلانُ
أصابها العينُ في الإسلام فارتزأتْ * * حتى خلت منه أقطارٌ وبلدانُ
فاسأل بلنسيةَ ما شأنُ مرسيةٍ * * وأين شاطبةٌ أمْ أين جيَّانُ
وأين قرطبةٌ دارُ العلوم فكم * * من عالمٍ قد سما فيها له شانُ
وأين حمصُ وما تحويه من نزهٍ * * ونهرها العذب فياض وملآنُ
قواعدٌ كنَّ أركانَ البلاد فما * * عسى البقاء إذا لم تبقى أركان
تبكي الحنيفيةَ البيضاءَ من أسفٍ * * كما بكى لفراق الإلف هيمانُ
حيث المساجدُ قد أضحتْ كنائسَ ما * * فيهنَّ إلا نواقيسٌ وصلبانُ
حتى المحاريبُ تبكي وهي جامدةٌ * * حتى المنابرُ ترثي وهي عيدانُ
يا غافلاً وله في الدهرِ موعظةٌ * * إن كنت في سِنَةٍ فالدهر يقظانُ
وماشيًا مرحًا يلهيه موطنهُ * * أبعد حمصٍ تَغرُّ المرءَ أوطانُ
تلك المصيبةُ أنْسَتْ ما تقدَّمها * * وما لها مع طولَ الدهرِ نسيانُ
يا راكبين عتاقَ الخيلِ ضامرةً * * كأنها في مجال السبقِ عقبانُ
وحاملين سيوفَ الهندِ مرهقةُ * * كأنها في ظلام النقع نيرانُ
وراتعين وراء البحر في دعةٍ * * لهم بأوطانهم عزٌّ وسلطانُ
أعندكم نبأ من أهل أندلسٍ * * فقد سرى بحديثِ القومِ ركبانُ
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم * * قتلى وأسرى فما يهتز إنسان
لماذا التقاطع في الإسلام بينكمُ * * وأنتمْ يا عباد الله إخوانُ
ألا نفوسٌ أبيَّاتٌ لها هممٌ * * أما على الخيرِ أنصارٌ وأعوانُ
يا من لذلةِ قومٍ بعدَ عزِّهُمُ * * أحال حالهمْ جورُ وطغيانُ
بالأمس كانوا ملوكًا في منازلهم * * واليومَ هم في بلاد الضدِّ عبدانُ
فلو تراهم حيارى لا دليل لهمْ * * عليهمُ من ثيابِ الذلِ ألوانُ
ولو رأيتَ بكاهُم عندَ بيعهمُ * * لهالكَ الأمرُ واستهوتكَ أحزانُ
يا ربَّ أمٍّ وطفلٍ حيلَ بينهما * * كما تفرقَ أرواحٌ وأبدانُ
وطفلةٍ مثل حسنِ الشمسِ * * إذ طلعت كأنما ياقوتٌ ومرجانُ
يقودُها العلجُ للمكروه مكرهةً * * والعينُ باكيةُ والقلبُ حيرانُ
لمثل هذا يذوبُ القلبُ من كمدٍ * * إن كان في القلب إسلامٌ وإيمانُ