- 16 أكتوبر 2006
- 267
- 0
- 0
- الجنس
- ذكر
[align=center](بسم الل) [/align]
الإدريسي أبو زيد : الإدارة الأمريكية تريد إغراق العراق في حمام دم..ولا يستفيق منه العراقيون أبدا حتى يستنجد كل طرف ضد الطرف الآخر بالأمريكيين
تمت عملية إعدام صدام حسين كما نقلتها الشاشات العالمية، ورافقت العملية عبارات لها إيحاءات خاصة من قبيل ''مقتدى'' في إشارة إلى مقتدى الصدر، وعبارة الصلاة على النبي الكريم بالإيقاع الشيعي المتداول. وفي هذا الصدد يرى أستاذ اللسانيات المقرئ الإدريسي أبو زيد أن الدلالات والرموز السيميائية التي أريد لها أن تصاحب عملية إعدام صدام حسين شنقا وجهت سياسيا لكي تأخذ صبغة دينية طائفية، لكنها في النهاية من إخراج أمريكي محكم. ويرى أبو زيد أيضا أن اختيار توقيت فجر يوم العيد لتنفيذ الإعدام أريد له تعزيز البعد الديني المنفر، كما أنه حلقة من حلقات سلسلة الإهانات التي وجهت للإسلام والمسلمين في الآونة الأخيرة. ودعا أبو زيد المسلمين في حوار أجرته معه ''التجديد'' إلى رفع شعار الوحدة بدل الفرقة.. وهذا نص الحوار:
شاهد العالم أجمع على شاشات التلفزيون كيف تمت عملية إعدام صدام حسين، لكن العبارات التي رافقت عملية الإعدام من المنفذين لم تخل من دلالات سيميائية ، هل يمكن لك أن توضح لنا بعضها؟
في رأيي، إن الدلالات والرموز السيميائية التي أريد لها أن تصاحب عملية إعدام صدام حسين شنقا وجهت سياسيا لكي تأخذ صبغة دينية طائفية، لأن الغرض الأكبر من احتلال العراق وإسقاط النظام واعتقال صدام حسين ومحاكمته هو تأبيد السيطرة الأمريكية على العراق، نفطه وموقعه لصالح اللوبيات الاقتصادية الأمريكية ولصالح المشروع الديني المسيحي البيوريتاني لجماعة بوش صقور المحافظين الجدد، ولصالح ''إسرائيل'' باعتبار العراق هو العمق الاستراتيجي لبلاد الشام. ومن أجل تأبيد هذه السيطرة، لابد من إغراق العراق في حمام دم يطول على الأقل نصف قرن، ولا يستفيق منه العراقيون أبدا حتى يستنجد كل طرف ضد الطرف الآخر بالأمريكيين، ولكي يبقى سقف المطالب العراقية من الجانبين هو بقاء قوات الاحتلال باعتبارها الضامن للحد الأدنى من الأمن الذي يحتاجه العراقيون مع حالة الإهدار الأمني الشامل .و هذا بطبيعة الحال، لا يتم إلا إذا أصبح العراق ظاهرة طائفية بامتياز، عنوانها الاقتتال والصراع والمظلومية والمواجهة وطلب الخصم وتحديد العدو، على طريقة التوتسي والهوتو بإفريقيا في دولة رواندا.
يراد للعراق إذن، أن تصبح رواندا جديدة فيها اقتتال طائفي عبثي أعمى، وقد شرع في ذلك وأريد لاغتيال صدام حسين أن يكون دفعة قوية لهذا النفس الطائفي البغيض.
وما عن دلالات اختيار يوم عيد الاضحى لتنفيذ عقوبة الإعدام؟
أن يختار يوم عيد الأضحى لتنفيذ إعدام صدام حسين، أقول عندنا في تراثنا التاريخي السلبي وقائع مماثلة لقتل الخصوم يوم العيد والأضحية بهم منذ فجر التاريخ الإسلامي للأسف الشديد، إذ نتذكر الحاكم الأموي الذي تذكر خصما إيديولجيا له من المتكلمين اسمه الجعد ابن درهم، وكان من دعاة الجبرية، وضحى به يوم العيد وقال: ''باسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إن أمة الإسلام تضحي بالشاء والنعم وإني أضحي بالجعد بن درهم''، فمنذ هذه المرحلة التاريخية المبكرة وعندنا هذه الأشكال المتخلفة لتوظيف الدين لإبادة الخصوم الإيديولوجيين والسياسيين ، والآن أريد تقديم صدام كأنه أضحية تفتدى بها كل أحقاد ومظالم وحسابات طائفة كانت ولاشك تعاني من ظلم صدام، وإن كان ظلم صدام لم يكن خاصا بها، وإنما كان معمما على كل معارضيه السياسيين بالدرجة نفسها من القسوة والجزم ، لأن حزب البعث الذي كان يقوده صدام كان حزبا دكتاتوريا مستبدا لا يؤمن بالتعددية السياسية ولا بحرية الرأي ولا بحق الاختلاف، ولم ينج من ذلك كردي ولا شيعي ولا سني ولا عربي ولا تركماني، إلا أن واقعة الإعدام أريد لها أن تأخذ عنوانا ضيقا محددا هو مظلومية الشيعة لكي نتوهم أن صدام كان يمثل السنة، والحقيقة أن هذا الموروث أيضا يعود إلى تاريخنا المعاصر عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية الظالمة والتي كانت أيضا لصالح ''إسرائيل'' وأمريكا عندما بدأت أبواق الدعاية العربية الرسمية المتأمركة تقدم صدام كزعيم لأهل السنة، يسمونه آنذاك فتى السنة الذي بعثه الله لكي يوقف المد الباطني، كما سموه أو مد الشيعة الوافد كما سموا آنذاك.
إن اختيار توقيت فجر يوم العيد أريد له تعزيز البعد الديني المنفر. بالنسبة للمراقب الغربي الذي لا يميز بين الشيعي والسني ويرى المسلمين همجا يضحون يوم العيد بإسالة الدم لملايين الخرفان ويفعلون ذلك بنفس عدواني يمتد أحيانا إلى الناس، وبالتالي فإن الصورة التي تعطى للأوروبيين وبقية العالم عن المسلمين وعن الأضحية وسيلان الدم يراد تعميمها أكثر عن طريق إبرازهم بأنهم أحيانا يضحون بخصومهم كالخرفان، وبالنسبة لخصوص المسلمين أريد لهم من خلال عملية الإعدام أن يصطفوا طائفيا وراء واقعة إعدام صدام بحيث يكون هو الضحية أو الأضحية فداء لطائفة ضد أخرى.
أما اختيار إعدام صدام حسين شنقا ففيه قمة الإهانة والإذلال لعموم المسلمين في الخط الوطني البعثي ولأهل السنة العرب لأن الإعدام معروف بأنه يشمل اللصوص والمجرمين وسفاكي الدماء ومغتصبي النساء ومروجي المخدرات.
وما هي الدلالة السيميائية لعبارة ''مقتدى الصدر'' التي نطق بها الموتورون لعملية الإعدام؟
الدلالة السيميائية الثالثة هي تلك الصرخات التي كانت تنطلق من حناجر الموتورين وهم يقولون: ''مقتدى الصدر'' ويترحمون على والده باقر الصدر، وهي تعزز أيضا النفس الطائفي الضيق وتريد خلق الاصطفاف العنصري الذي سيجر العراق والمنطقة كلها إلى مزيد من الدماء الذي يعلي صوت الحسابات الضيقة على مصير الأمة ومستقبلها. إن في العراق الآن ضحايا لصدام يدافعون عنه كرمز للوحدة الوطنية وبناء عراق كان أحسن من الوضع الذي هو عليه الآن، وكم من أقارب لضحايا أعدمهم صدام تناسوا ذلك كله وهو يرون ما آل إليه العراق منذ ثلاث سنوات، كما يرون أن العدو الأكبر والمجرم الأخطر الذي هو أمريكا و''إسرائيل'' والغرب بكل جشعه وأنانيته وعبادته لمصالحه.
لقد أريد بالشعارات التي رفعت أثناء إعدام صدام إيهام الناس بأن طائفة معينة وجماعة محددة ـ وهي أنصار المهدي ـ هي التي اغتالت صدام وأعدمته كأن القرار بيدها، ولا يشعر أفراد هذه الجماعة أنهم مجرد أدوات سخرت بما فيها من حقد وغل ورغبة في الانتقام ـ الذي نتفهمه ولا نقبله ـ من أجل تنفيذ المشروع الأمريكي.
إن الإخراج بالكامل لعملية الإعدام إخراج تغليطي يريد أن يوهمنا بأن الأمريكيين لا يد لهم في الأمر، وينسينا أن الأمريكيين هم الذي احتلوا العراق قبل ثلاث سنوات ودمروه نصبوا توجها معينا ليحكمه. إنهم يستبيحون في العراق الأعراض والأموال وينهبون النفط والثروات ويدمرون المكتبات والمتاحف، وهم الذين كانوا يعتقلون صدام إلى حدود يومين فقط قبل تنفيذ حكم الإعدام، وهم من كان وراء الإرادة العليا لهذا الاختيار، فينبغي أن لا ننسى أن العدو الحقيقي هو المحتل الأمريكي والكيان الصهيوني، أما العملاء فما هم إلا عدو من الدرجة الثانية، وأن الموتورين ليسوا سوى مسخرين.
إنني أخشى من أن صرخات أنصار المهدي باسم المهدي ونداء الصلاة على الرسول الكريم بالصيغة المعروفة عن الشيعة ''اللهم صل على محمد وعلى آل محمد'' وبالنبرة المعروفة عندهم وأن الجهاز المباشر الذي نفذ بيده عقوبة الإعدام بهذه الطريقة المهينة وفي التوقيت المذل للمسلمين، أخشى أن يجعلنا نصطف نحن إلى شيعة وسنة ونبدأ في الاقتتال حتى يستريح العدو الأمريكي وبالتالي يخلي ذمته ظاهريا من أي مسؤولية مستقبلية عن العراق وأن يريح جيبه من الإنفاق وجنده من العناء وسلاحه من التدمير، فأنا لا أومن بأن هذه الرموز لها دلالة حقيقية، إن لها دلالة حقيقية على الاختيار الأمريكي الذي أخرج العملية بالإخراج الذي رآه العالم.
ولا ننسى أن الطريقة المهينة التي صور بها اعتقال صدام حسين أخرجت إخراجا سينمائيا حتى تخلد فينا حالة نفسية وموقفا سلوكيا مخططا له من قبل الذين أخرجوا هذا الاعتقال كما أخرجوا الإعدام. إن الجهة المتحكمة في إخراج البيادق هي المتحكمة في عملية الإعدام، وتريد أن تتحكم في النتيجة التي هي غاية في الغباء والاندفاع والعاطفية وردود الأفعال التي تريد الجهة المدبرة أن يقوم بها جمهور أهل السنة الذي يمثل نسبة 85 بالمائة من المسلمين في العالم لصالح المشروع الأمريكي للتضييق على إيران وإبادتها، ويبدو أن أمريكا كسبت جولة كبيرة إلى حد الآن قبل أن تقدم على أي خطوة ضد إيران، أكثر من خطوة العقوبات الاقتصادية الرمزية بحيث أصبح الجو العام عند المسلمين مهيأ لتقبل أي اعتداء على إيران على خلفية النفسية الطائفية بالنسبة لأهل السنة من المسلمين، أما بالنسبة للأمريكان فمرماهم بعيد يستهدف في هذه اللحظة التوجه الإيراني المستقل والمشروع النووي الإيراني.
أتى اختيار توقيت عيد الأضحى لتنفيذ عقوبة الإعدام بعد سلسلة من حلقات الإساءة للإسلام والمسلمين، بما فيها الرسوم المسيئة للرسول الكريم ومضايقة الحجاب وتصريحات البابا فما هو تعليقكم على توالي هذه السلسلة من الإهانات المتوالية؟
أوافقك أن اختيار عيد الأضحى بالنسبة للغربيين والأمريكيين، هو اختيار يستهدف المسلمين عموما ولا يستهدف طائفة دون أخرى، واختيار يوم فرح المسلمين ويوم يرمز عند المسلمين لمعاني التضحية والتسامي والفرج، وهو أحد يومي فرح المسلمين حسب التعبير النبوي المعروف في الحديث النبوي الصحيح : ''يومان يفرح فيهما المسلمون هما عيد الفطر وعيد الأضحى'' هو استفزاز لمشاعر المسلمين ودفع للمسلمين ليقوموا بردود أفعال قد تكون لا قدر الله ضدهم ومحسوبة عليهم.
الموتورون داخل العراق وهم طائفة داخل العراق قد يرون بشيء من التسطيح والغباء والانتقائية أنهم غير مستهدفين رغم أنهم مسلمين، حين اختاروا يوما للقضاء على ما يرونه شرا وهو صدام حسين تزامنا مع رجم المسلمين للشيطان في منى عند جمرة العقبة الكبرى، إنهم هكذا عبروا عن اختيارهم لهذا التوقيت. لكن في الحقيقة من منظور الغربيين التوقيت تزامن مع عيد الأضحى وهو من الرموز المقدسة عند المسلمين ويوم من أيام الأكل والشرب والذكر، وهذا يصطف بشكل أوتوماتيكي إلى جانب لائحة الإهانات بدءا من الرسوم الكاريكاتورية في الدنمارك وغيرها، مرورا بمنع الحجاب في فرنسا وطرد المسلمين العاملين في مطار أورلي، وكل قوانين الإرهاب التي أصبحت أوتوماتيكيا توجه ضد المسلمين وتترجم إلى التضييق عليهم في أعمالهم وأسفارهم والأماكن العمومية والخاصة، إلى تشجيع كثير من المارقين من الأمة ودعمهم وتحويلهم إلى أبطال إذا أنتجوا فيلما أو نشروا مقالا ضد الإسلام، إلى شيطنة الجهاد في العراق وفلسطين ووصمه بالإرهاب وربطه بعقائد المسلمين، والسعي إلى صناعة مصحف جديد وهو ''القرآن الأمريكي'' المسمى ''الفرقان الحق'' وتمويله والإشراف على توزيعه من قبل الجيش الأمريكي في كثير من البلدان إذ ثبت توزيعه في السعودية والكويت ودول أخرى، ومسلسل الإهانات لا يتوقف إذ توجه بالبابا نفسه الذي يحتل موقعا حساسا يحتاج إلى الحذر في التصريحات والأفكار التي يتلفظ بها في حق أي ديانة باعتباره زعيم أمة ضخمة هي أمة المسيحيين ـ على الأقل الكاثوليك ـ فإذا به ينخرط بكل استفزازية في مشروع الإهانات ويمتنع إلى اليوم عن تقديم الاعتذار للمسلمين. وقد اختارت أمريكا شهر رمضان لمدة ثلاث سنوات متوالية لشن حملات في الفلوجة والرمادي وشمال غرب العراق وكثير من المدن التي أبيدت بأخضرها ويابسها وشرد أبناؤها، اختارت أمريكا أيام العيد، ولا نرى إعدام صدام في عيد الأضحى إلا استمرارا لسلسلة شن الحملات ضد المسلمين في العالم أجمع.
هل هذا الاستفزاز الأمريكي للمسلمين في رأيك راجع إلى ضعف المسلمين، أم إلى تنامي الصحوة الإسلامية؟
قبل أن يكون هذا أو ذاك فإن هذا الاستفزاز نابع من طبيعة الإنسان الغربي، ونفسية الصليبيين الذين يكنون الحقد والاستفزاز للمسلمين منذ فجر الإسلام، فعمال الروم الذين ذهبوا لتوسعة المسجد النبوي على عهد الملك بن مروان، حاولوا أن يلبسوا نقوش في أعلى سواري المسجد فيها إهانات لعقيدة التوحيد، وشتم للرسول الكريم، كما أن فيها رسومات خنازير في القرن الأول الهجري، وعندما اكتشف المسلمون ذلك، قدم عبد الملك بن مروان في شخص واليه على المدينة المنورة آنذاك عمر بن عبد العزيز رقابهم للقطع واحتجت دولتهم بكل وقاحة، وبذلك أكدت هي التي استغلت استعانة المسلمين بعمالها المهرة لكي تهين الإسلام بهذا الشكل.
ليس غريبا في ظل القوة المهيمنة التي في أيدي الغربيين أن ينهجوا النهج نفسه، فقبل أن يكون السبب هو ضعف المسلمين حضاريا وتقنيا وقبل أن يكون هو تنامي حركات إسلامية استفزت مخاوف الصليبيين، فالأمر لا يعدو أن يكون رغبة دفينة في الإساءة إلى دين الإسلام، خصوصا ونحن نتنافس على المنطقة نفسها وهي الشرق الأوسط، والرموز نفسها وهي الانتماء إلى الحق السماوي المطلق، وعالمية العقيدة.
أمام هذا الوضع ما هو البديل الأجدر بالدول الإسلامية العمل به؟أحسن شعار يمكن للمسلمين اليوم رفعه لتجاوز هذه الحالة الطائفية هو شعار الوحدة والتوحيد، إنه شعار الآية الكريمة: ''والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا'' هذه الآية التي اختارها سيدنا عمر بن عبد العزيز وعممها بأمر خلافي لكل منابر العالم الإسلامي لكي تخلف الشتيمة التي كان قد شرعها الأمويون في خطب الجمعة ضد الإمام علي وبنيه، فنحن لن نجد أحسن من هذه الآية لمحو ما سبق من آثار الفتنة منذ مقتل عثمان.
إن صدام قد أفضى إلى ربه وضحاياه وخصومه قد سبقوه أو هم قريبا يلحقون به، لذلك لا ينبغي أن نبقى أسرى لهذا الصراع، كما لا نريد أن يبقى المسلمون أسرى للصراع بين علي ومعاوية وعقدة الفتنة الكبرى ومقتل عثمان، والصراع بين الشيعة والسنة الذي بدأ بصراع سياسي وانتهى بصراع عقدي شامل. ويجب أن نتذكر أن ديانة الإسلام ديانة التوحيد.
نستطيع أن نتذكر بكل بساطة أن نستنتج أن صدام لم يقدم على ما أقدم عليه لأنه سني، كما أن الشاه لم يكن ليفعل ما فعله لأنه شيعي، وإنما الحكام تضطرهم حسابات وأنانيات الكرسي إلى أن يفعلوا ما يفعلون بالناس، فالاستبداد لم يكن نابعا من العقيدة، بل يلجأ البعض إلى إعطائه صبغة دينية. وشعارنا الثاني هو أن ننفذ إلى عمق المشكلة إذ يجب علينا أن نتبه إلى من هو العدو الحقيقي والمحرك لكل هذه المآسي، إنه العدو الأمريكي الذي دعم الشاه حتى قهر الشعبين العراقي والإيراني، ولما انتفض الشعب الإيراني ضد طاغوت الشاه، قامت أمريكا بدعم صدام لإخماد جذوة هذه الثورة الإسلامية، مما تسبب في قهر الشعبين العراقي والإيراني ومن ورائهما العالم الإسلامي كله الذي أصبح يؤدي ثمن الحرب ذلا وهوانا وابتزازا.
المشكل مستمر باستمرار إرادة أمريكا بسط سيطرتها على الشرق الأوسط منبع النفط والخيرات.
الإدريسي أبو زيد : الإدارة الأمريكية تريد إغراق العراق في حمام دم..ولا يستفيق منه العراقيون أبدا حتى يستنجد كل طرف ضد الطرف الآخر بالأمريكيين
تمت عملية إعدام صدام حسين كما نقلتها الشاشات العالمية، ورافقت العملية عبارات لها إيحاءات خاصة من قبيل ''مقتدى'' في إشارة إلى مقتدى الصدر، وعبارة الصلاة على النبي الكريم بالإيقاع الشيعي المتداول. وفي هذا الصدد يرى أستاذ اللسانيات المقرئ الإدريسي أبو زيد أن الدلالات والرموز السيميائية التي أريد لها أن تصاحب عملية إعدام صدام حسين شنقا وجهت سياسيا لكي تأخذ صبغة دينية طائفية، لكنها في النهاية من إخراج أمريكي محكم. ويرى أبو زيد أيضا أن اختيار توقيت فجر يوم العيد لتنفيذ الإعدام أريد له تعزيز البعد الديني المنفر، كما أنه حلقة من حلقات سلسلة الإهانات التي وجهت للإسلام والمسلمين في الآونة الأخيرة. ودعا أبو زيد المسلمين في حوار أجرته معه ''التجديد'' إلى رفع شعار الوحدة بدل الفرقة.. وهذا نص الحوار:
شاهد العالم أجمع على شاشات التلفزيون كيف تمت عملية إعدام صدام حسين، لكن العبارات التي رافقت عملية الإعدام من المنفذين لم تخل من دلالات سيميائية ، هل يمكن لك أن توضح لنا بعضها؟
في رأيي، إن الدلالات والرموز السيميائية التي أريد لها أن تصاحب عملية إعدام صدام حسين شنقا وجهت سياسيا لكي تأخذ صبغة دينية طائفية، لأن الغرض الأكبر من احتلال العراق وإسقاط النظام واعتقال صدام حسين ومحاكمته هو تأبيد السيطرة الأمريكية على العراق، نفطه وموقعه لصالح اللوبيات الاقتصادية الأمريكية ولصالح المشروع الديني المسيحي البيوريتاني لجماعة بوش صقور المحافظين الجدد، ولصالح ''إسرائيل'' باعتبار العراق هو العمق الاستراتيجي لبلاد الشام. ومن أجل تأبيد هذه السيطرة، لابد من إغراق العراق في حمام دم يطول على الأقل نصف قرن، ولا يستفيق منه العراقيون أبدا حتى يستنجد كل طرف ضد الطرف الآخر بالأمريكيين، ولكي يبقى سقف المطالب العراقية من الجانبين هو بقاء قوات الاحتلال باعتبارها الضامن للحد الأدنى من الأمن الذي يحتاجه العراقيون مع حالة الإهدار الأمني الشامل .و هذا بطبيعة الحال، لا يتم إلا إذا أصبح العراق ظاهرة طائفية بامتياز، عنوانها الاقتتال والصراع والمظلومية والمواجهة وطلب الخصم وتحديد العدو، على طريقة التوتسي والهوتو بإفريقيا في دولة رواندا.
يراد للعراق إذن، أن تصبح رواندا جديدة فيها اقتتال طائفي عبثي أعمى، وقد شرع في ذلك وأريد لاغتيال صدام حسين أن يكون دفعة قوية لهذا النفس الطائفي البغيض.
وما عن دلالات اختيار يوم عيد الاضحى لتنفيذ عقوبة الإعدام؟
أن يختار يوم عيد الأضحى لتنفيذ إعدام صدام حسين، أقول عندنا في تراثنا التاريخي السلبي وقائع مماثلة لقتل الخصوم يوم العيد والأضحية بهم منذ فجر التاريخ الإسلامي للأسف الشديد، إذ نتذكر الحاكم الأموي الذي تذكر خصما إيديولجيا له من المتكلمين اسمه الجعد ابن درهم، وكان من دعاة الجبرية، وضحى به يوم العيد وقال: ''باسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إن أمة الإسلام تضحي بالشاء والنعم وإني أضحي بالجعد بن درهم''، فمنذ هذه المرحلة التاريخية المبكرة وعندنا هذه الأشكال المتخلفة لتوظيف الدين لإبادة الخصوم الإيديولوجيين والسياسيين ، والآن أريد تقديم صدام كأنه أضحية تفتدى بها كل أحقاد ومظالم وحسابات طائفة كانت ولاشك تعاني من ظلم صدام، وإن كان ظلم صدام لم يكن خاصا بها، وإنما كان معمما على كل معارضيه السياسيين بالدرجة نفسها من القسوة والجزم ، لأن حزب البعث الذي كان يقوده صدام كان حزبا دكتاتوريا مستبدا لا يؤمن بالتعددية السياسية ولا بحرية الرأي ولا بحق الاختلاف، ولم ينج من ذلك كردي ولا شيعي ولا سني ولا عربي ولا تركماني، إلا أن واقعة الإعدام أريد لها أن تأخذ عنوانا ضيقا محددا هو مظلومية الشيعة لكي نتوهم أن صدام كان يمثل السنة، والحقيقة أن هذا الموروث أيضا يعود إلى تاريخنا المعاصر عندما اندلعت الحرب العراقية الإيرانية الظالمة والتي كانت أيضا لصالح ''إسرائيل'' وأمريكا عندما بدأت أبواق الدعاية العربية الرسمية المتأمركة تقدم صدام كزعيم لأهل السنة، يسمونه آنذاك فتى السنة الذي بعثه الله لكي يوقف المد الباطني، كما سموه أو مد الشيعة الوافد كما سموا آنذاك.
إن اختيار توقيت فجر يوم العيد أريد له تعزيز البعد الديني المنفر. بالنسبة للمراقب الغربي الذي لا يميز بين الشيعي والسني ويرى المسلمين همجا يضحون يوم العيد بإسالة الدم لملايين الخرفان ويفعلون ذلك بنفس عدواني يمتد أحيانا إلى الناس، وبالتالي فإن الصورة التي تعطى للأوروبيين وبقية العالم عن المسلمين وعن الأضحية وسيلان الدم يراد تعميمها أكثر عن طريق إبرازهم بأنهم أحيانا يضحون بخصومهم كالخرفان، وبالنسبة لخصوص المسلمين أريد لهم من خلال عملية الإعدام أن يصطفوا طائفيا وراء واقعة إعدام صدام بحيث يكون هو الضحية أو الأضحية فداء لطائفة ضد أخرى.
أما اختيار إعدام صدام حسين شنقا ففيه قمة الإهانة والإذلال لعموم المسلمين في الخط الوطني البعثي ولأهل السنة العرب لأن الإعدام معروف بأنه يشمل اللصوص والمجرمين وسفاكي الدماء ومغتصبي النساء ومروجي المخدرات.
وما هي الدلالة السيميائية لعبارة ''مقتدى الصدر'' التي نطق بها الموتورون لعملية الإعدام؟
الدلالة السيميائية الثالثة هي تلك الصرخات التي كانت تنطلق من حناجر الموتورين وهم يقولون: ''مقتدى الصدر'' ويترحمون على والده باقر الصدر، وهي تعزز أيضا النفس الطائفي الضيق وتريد خلق الاصطفاف العنصري الذي سيجر العراق والمنطقة كلها إلى مزيد من الدماء الذي يعلي صوت الحسابات الضيقة على مصير الأمة ومستقبلها. إن في العراق الآن ضحايا لصدام يدافعون عنه كرمز للوحدة الوطنية وبناء عراق كان أحسن من الوضع الذي هو عليه الآن، وكم من أقارب لضحايا أعدمهم صدام تناسوا ذلك كله وهو يرون ما آل إليه العراق منذ ثلاث سنوات، كما يرون أن العدو الأكبر والمجرم الأخطر الذي هو أمريكا و''إسرائيل'' والغرب بكل جشعه وأنانيته وعبادته لمصالحه.
لقد أريد بالشعارات التي رفعت أثناء إعدام صدام إيهام الناس بأن طائفة معينة وجماعة محددة ـ وهي أنصار المهدي ـ هي التي اغتالت صدام وأعدمته كأن القرار بيدها، ولا يشعر أفراد هذه الجماعة أنهم مجرد أدوات سخرت بما فيها من حقد وغل ورغبة في الانتقام ـ الذي نتفهمه ولا نقبله ـ من أجل تنفيذ المشروع الأمريكي.
إن الإخراج بالكامل لعملية الإعدام إخراج تغليطي يريد أن يوهمنا بأن الأمريكيين لا يد لهم في الأمر، وينسينا أن الأمريكيين هم الذي احتلوا العراق قبل ثلاث سنوات ودمروه نصبوا توجها معينا ليحكمه. إنهم يستبيحون في العراق الأعراض والأموال وينهبون النفط والثروات ويدمرون المكتبات والمتاحف، وهم الذين كانوا يعتقلون صدام إلى حدود يومين فقط قبل تنفيذ حكم الإعدام، وهم من كان وراء الإرادة العليا لهذا الاختيار، فينبغي أن لا ننسى أن العدو الحقيقي هو المحتل الأمريكي والكيان الصهيوني، أما العملاء فما هم إلا عدو من الدرجة الثانية، وأن الموتورين ليسوا سوى مسخرين.
إنني أخشى من أن صرخات أنصار المهدي باسم المهدي ونداء الصلاة على الرسول الكريم بالصيغة المعروفة عن الشيعة ''اللهم صل على محمد وعلى آل محمد'' وبالنبرة المعروفة عندهم وأن الجهاز المباشر الذي نفذ بيده عقوبة الإعدام بهذه الطريقة المهينة وفي التوقيت المذل للمسلمين، أخشى أن يجعلنا نصطف نحن إلى شيعة وسنة ونبدأ في الاقتتال حتى يستريح العدو الأمريكي وبالتالي يخلي ذمته ظاهريا من أي مسؤولية مستقبلية عن العراق وأن يريح جيبه من الإنفاق وجنده من العناء وسلاحه من التدمير، فأنا لا أومن بأن هذه الرموز لها دلالة حقيقية، إن لها دلالة حقيقية على الاختيار الأمريكي الذي أخرج العملية بالإخراج الذي رآه العالم.
ولا ننسى أن الطريقة المهينة التي صور بها اعتقال صدام حسين أخرجت إخراجا سينمائيا حتى تخلد فينا حالة نفسية وموقفا سلوكيا مخططا له من قبل الذين أخرجوا هذا الاعتقال كما أخرجوا الإعدام. إن الجهة المتحكمة في إخراج البيادق هي المتحكمة في عملية الإعدام، وتريد أن تتحكم في النتيجة التي هي غاية في الغباء والاندفاع والعاطفية وردود الأفعال التي تريد الجهة المدبرة أن يقوم بها جمهور أهل السنة الذي يمثل نسبة 85 بالمائة من المسلمين في العالم لصالح المشروع الأمريكي للتضييق على إيران وإبادتها، ويبدو أن أمريكا كسبت جولة كبيرة إلى حد الآن قبل أن تقدم على أي خطوة ضد إيران، أكثر من خطوة العقوبات الاقتصادية الرمزية بحيث أصبح الجو العام عند المسلمين مهيأ لتقبل أي اعتداء على إيران على خلفية النفسية الطائفية بالنسبة لأهل السنة من المسلمين، أما بالنسبة للأمريكان فمرماهم بعيد يستهدف في هذه اللحظة التوجه الإيراني المستقل والمشروع النووي الإيراني.
أتى اختيار توقيت عيد الأضحى لتنفيذ عقوبة الإعدام بعد سلسلة من حلقات الإساءة للإسلام والمسلمين، بما فيها الرسوم المسيئة للرسول الكريم ومضايقة الحجاب وتصريحات البابا فما هو تعليقكم على توالي هذه السلسلة من الإهانات المتوالية؟
أوافقك أن اختيار عيد الأضحى بالنسبة للغربيين والأمريكيين، هو اختيار يستهدف المسلمين عموما ولا يستهدف طائفة دون أخرى، واختيار يوم فرح المسلمين ويوم يرمز عند المسلمين لمعاني التضحية والتسامي والفرج، وهو أحد يومي فرح المسلمين حسب التعبير النبوي المعروف في الحديث النبوي الصحيح : ''يومان يفرح فيهما المسلمون هما عيد الفطر وعيد الأضحى'' هو استفزاز لمشاعر المسلمين ودفع للمسلمين ليقوموا بردود أفعال قد تكون لا قدر الله ضدهم ومحسوبة عليهم.
الموتورون داخل العراق وهم طائفة داخل العراق قد يرون بشيء من التسطيح والغباء والانتقائية أنهم غير مستهدفين رغم أنهم مسلمين، حين اختاروا يوما للقضاء على ما يرونه شرا وهو صدام حسين تزامنا مع رجم المسلمين للشيطان في منى عند جمرة العقبة الكبرى، إنهم هكذا عبروا عن اختيارهم لهذا التوقيت. لكن في الحقيقة من منظور الغربيين التوقيت تزامن مع عيد الأضحى وهو من الرموز المقدسة عند المسلمين ويوم من أيام الأكل والشرب والذكر، وهذا يصطف بشكل أوتوماتيكي إلى جانب لائحة الإهانات بدءا من الرسوم الكاريكاتورية في الدنمارك وغيرها، مرورا بمنع الحجاب في فرنسا وطرد المسلمين العاملين في مطار أورلي، وكل قوانين الإرهاب التي أصبحت أوتوماتيكيا توجه ضد المسلمين وتترجم إلى التضييق عليهم في أعمالهم وأسفارهم والأماكن العمومية والخاصة، إلى تشجيع كثير من المارقين من الأمة ودعمهم وتحويلهم إلى أبطال إذا أنتجوا فيلما أو نشروا مقالا ضد الإسلام، إلى شيطنة الجهاد في العراق وفلسطين ووصمه بالإرهاب وربطه بعقائد المسلمين، والسعي إلى صناعة مصحف جديد وهو ''القرآن الأمريكي'' المسمى ''الفرقان الحق'' وتمويله والإشراف على توزيعه من قبل الجيش الأمريكي في كثير من البلدان إذ ثبت توزيعه في السعودية والكويت ودول أخرى، ومسلسل الإهانات لا يتوقف إذ توجه بالبابا نفسه الذي يحتل موقعا حساسا يحتاج إلى الحذر في التصريحات والأفكار التي يتلفظ بها في حق أي ديانة باعتباره زعيم أمة ضخمة هي أمة المسيحيين ـ على الأقل الكاثوليك ـ فإذا به ينخرط بكل استفزازية في مشروع الإهانات ويمتنع إلى اليوم عن تقديم الاعتذار للمسلمين. وقد اختارت أمريكا شهر رمضان لمدة ثلاث سنوات متوالية لشن حملات في الفلوجة والرمادي وشمال غرب العراق وكثير من المدن التي أبيدت بأخضرها ويابسها وشرد أبناؤها، اختارت أمريكا أيام العيد، ولا نرى إعدام صدام في عيد الأضحى إلا استمرارا لسلسلة شن الحملات ضد المسلمين في العالم أجمع.
هل هذا الاستفزاز الأمريكي للمسلمين في رأيك راجع إلى ضعف المسلمين، أم إلى تنامي الصحوة الإسلامية؟
قبل أن يكون هذا أو ذاك فإن هذا الاستفزاز نابع من طبيعة الإنسان الغربي، ونفسية الصليبيين الذين يكنون الحقد والاستفزاز للمسلمين منذ فجر الإسلام، فعمال الروم الذين ذهبوا لتوسعة المسجد النبوي على عهد الملك بن مروان، حاولوا أن يلبسوا نقوش في أعلى سواري المسجد فيها إهانات لعقيدة التوحيد، وشتم للرسول الكريم، كما أن فيها رسومات خنازير في القرن الأول الهجري، وعندما اكتشف المسلمون ذلك، قدم عبد الملك بن مروان في شخص واليه على المدينة المنورة آنذاك عمر بن عبد العزيز رقابهم للقطع واحتجت دولتهم بكل وقاحة، وبذلك أكدت هي التي استغلت استعانة المسلمين بعمالها المهرة لكي تهين الإسلام بهذا الشكل.
ليس غريبا في ظل القوة المهيمنة التي في أيدي الغربيين أن ينهجوا النهج نفسه، فقبل أن يكون السبب هو ضعف المسلمين حضاريا وتقنيا وقبل أن يكون هو تنامي حركات إسلامية استفزت مخاوف الصليبيين، فالأمر لا يعدو أن يكون رغبة دفينة في الإساءة إلى دين الإسلام، خصوصا ونحن نتنافس على المنطقة نفسها وهي الشرق الأوسط، والرموز نفسها وهي الانتماء إلى الحق السماوي المطلق، وعالمية العقيدة.
أمام هذا الوضع ما هو البديل الأجدر بالدول الإسلامية العمل به؟أحسن شعار يمكن للمسلمين اليوم رفعه لتجاوز هذه الحالة الطائفية هو شعار الوحدة والتوحيد، إنه شعار الآية الكريمة: ''والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا'' هذه الآية التي اختارها سيدنا عمر بن عبد العزيز وعممها بأمر خلافي لكل منابر العالم الإسلامي لكي تخلف الشتيمة التي كان قد شرعها الأمويون في خطب الجمعة ضد الإمام علي وبنيه، فنحن لن نجد أحسن من هذه الآية لمحو ما سبق من آثار الفتنة منذ مقتل عثمان.
إن صدام قد أفضى إلى ربه وضحاياه وخصومه قد سبقوه أو هم قريبا يلحقون به، لذلك لا ينبغي أن نبقى أسرى لهذا الصراع، كما لا نريد أن يبقى المسلمون أسرى للصراع بين علي ومعاوية وعقدة الفتنة الكبرى ومقتل عثمان، والصراع بين الشيعة والسنة الذي بدأ بصراع سياسي وانتهى بصراع عقدي شامل. ويجب أن نتذكر أن ديانة الإسلام ديانة التوحيد.
نستطيع أن نتذكر بكل بساطة أن نستنتج أن صدام لم يقدم على ما أقدم عليه لأنه سني، كما أن الشاه لم يكن ليفعل ما فعله لأنه شيعي، وإنما الحكام تضطرهم حسابات وأنانيات الكرسي إلى أن يفعلوا ما يفعلون بالناس، فالاستبداد لم يكن نابعا من العقيدة، بل يلجأ البعض إلى إعطائه صبغة دينية. وشعارنا الثاني هو أن ننفذ إلى عمق المشكلة إذ يجب علينا أن نتبه إلى من هو العدو الحقيقي والمحرك لكل هذه المآسي، إنه العدو الأمريكي الذي دعم الشاه حتى قهر الشعبين العراقي والإيراني، ولما انتفض الشعب الإيراني ضد طاغوت الشاه، قامت أمريكا بدعم صدام لإخماد جذوة هذه الثورة الإسلامية، مما تسبب في قهر الشعبين العراقي والإيراني ومن ورائهما العالم الإسلامي كله الذي أصبح يؤدي ثمن الحرب ذلا وهوانا وابتزازا.
المشكل مستمر باستمرار إرادة أمريكا بسط سيطرتها على الشرق الأوسط منبع النفط والخيرات.