- 9 نوفمبر 2009
- 1,243
- 25
- 0
نواحي بلاغية من سورة غافر
مكية وآياتها خمس وثمانون آية
بين يدي السورة
سورة غافر مكية ، وهي تعنى بأمور العقيدة كشأن سائر السور المكية ، ويكاد يكون موضوع السورة البارز، هو المعركة بين (الحق ) و(الباطل ) و (الهدى ) و(الضلال ) ولهذا جاء جو السورة مشحونا بطابع العنف والشدة ، وكأنه جو معركة رهيبة ، يكون فيها الطعن والنزال ، ثم تسفر عن مصارع الطغاة ، فإذا بهم حطأم وركام .
بين يدي السورة
سورة غافر مكية ، وهي تعنى بأمور العقيدة كشأن سائر السور المكية ، ويكاد يكون موضوع السورة البارز، هو المعركة بين (الحق ) و(الباطل ) و (الهدى ) و(الضلال ) ولهذا جاء جو السورة مشحونا بطابع العنف والشدة ، وكأنه جو معركة رهيبة ، يكون فيها الطعن والنزال ، ثم تسفر عن مصارع الطغاة ، فإذا بهم حطأم وركام .
* ابتدأت السورة الكريمة بالإشادة بصفات الله الحسنى، وآيته العظمى، ثم عرضت لمجادلة الكافرين في آيات الله ، فمع وضوح الحق وسطوعه ، جادل فيه المجادلون ، وكابر فيه المكابرون [حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم. . ] .
* وعرضت السورة لمصارع الغابرين وقد أخذهم الله أخذ عزيز مقتدر، فلم يفلت منهم إنسان [كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم . . ] الآيات .
* وفي ثنايا هذا الجو الرهيب ، يأتي مشهد حملة العرش ، في دعائهم الخاشع المنيب [الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم . . ] الآيات .
* وتحدثت السورة عن بعض مشاهد الآخرة وأهوالها ، فإذا العباد واقفون للحساب ، بارزون أمام الملك الديان ، يغمرهم رهبة وخشوع ، وإذا القلوب لدى الحناجر، تكاد لشدة الفزع والهول تنخلع ، وفي ذلك الموقف الرهيب ، واليوم العصيب ، يلقى الإنسان جزاءه ، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر [يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شىء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. اليوم تجزى كل نفس بما كسبت . . ] الآيات .
* ثم يأتي الحديث عن قصة الإيمان والطغيان ، ممثلة في دعوة موسى عليه السلام لفرعون الطاغية الجبار، ففرعون يريد - بكبريائه وجبروته - أن يقضي على موسى وأتباعه ، خشية أن ينتشر الإيمان بين الأقوام ، وتبرز في ثنايا هذه القصة حلقة جديدة، لم تعرض في قصة موسى من قبل ، ألا وهي ظهور رجل (مؤمن من آل فرعون ) يخفي إيمانه ، يصدع بكلمة الحق في تلطف وحذر، ثم في صراحة ووضوح ، وتنتهي القصة بهلاك فرعون الطاغية الجبار بالغرق في البحر مع أعوانه وأنصاره ، وبنجاة الداعية المؤمن وسائر المؤمنين [ولقد أرسلنا موسى بآياتنا وسلطان مبين . إلى فرعون وهامان وقارون فقالوا ساحر كذاب . . ] الآيات .
* ثم تعرض السورة إلى بعض الآيات الكونية ، الشاهدة بعظمة الله ، الناطقة بوحدانيته وجلاله ، الذي يشركون به ويكفرون بآياته ، وتضرب مثلا للمؤمن والكافر : بالبصير والأعمى ، فالمؤمن على نور من الله وبصيرة، والكافر يتخبط في الظلام [وما يستوي الأعمى والبصير، والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون . أن الساعة لآتية لا ريب فيها . . ] الآيات .
* وتختم السورة الكريمة بالحديث عن مصارع المكذبين ، والطغاة المتجبرين ، ومشهد العذاب يأخذهم وهم في غفلتهم سادرون [فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون . . ] إلى نهاية السورة الكريمة .
التسمية :
سميت "سورة غافر" لأن الله تعالى ذكر هذا الوصف الجليل - الذي هو من صفات الله الحسنى - في مطلع السورة الكريمة [غافر الذنب وقابل التوب ] وكرر ذكر المغفرة في دعوة الرجل المؤمن [وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار] وتسمى سورة "المؤمن" لذكر قصة مؤمن آل فرعون .
سميت "سورة غافر" لأن الله تعالى ذكر هذا الوصف الجليل - الذي هو من صفات الله الحسنى - في مطلع السورة الكريمة [غافر الذنب وقابل التوب ] وكرر ذكر المغفرة في دعوة الرجل المؤمن [وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار] وتسمى سورة "المؤمن" لذكر قصة مؤمن آل فرعون .
البلاغة :
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البيان والبديع نوجزها فيما يلي :
1 - ا لطبا ق بين [ الذنب . . والتوب ] وبين [ أمتنا . . وأحييتنا ] وبين [صادقا . . وكاذبا ] وبين [ غدوا . . وعشيا] و بين [ يحيي . . ويميت ] و بين [الأعمى . . و البصير ] .
2 - المقابلة [ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم ، وإن يشرك به تؤمنوا] ققد قابل بين التوحيد والإشراك ، والكفر والإيمان وكذلك توجد المقابلة بين قوله تعالى [يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع ، وإن الآخرة هي دار القرار] وهذه من المحسنات البديعية .
3 - المجاز المرسل [وينزل لكم من السماء رزقا] أطلق الرزق وأراد المطر، لأن الماء سبب في جميع الأرزاق ، فهو من إطلاق المسبب وإرادة السبب .
4 - الاستعارة اللطيفة [وما يستوي الأعمى والبصير] استعار الأعمى للكافر، والبصير للمؤمن ، على طريقة الاستعارة التمثيلية .
5 - المجاز العقلي [والنهار مبصرا] من إسناد الشيء إلى زمانه ، لأن النهار زمن للإبصار ، والنهار نفسه لايبصر!
6 - الكناية [يلقي الروح من أمره ] الروح هنا كناية عن الوحي ، لأنه كالروح للجسد .
7 - صيغ المبالغة مثل : "كذاب ، جبار، سميع ، بصير، عليم " إلخ .
8 - الجناس الناقص [تفرحون . . تمرحون ] وكذلك [صوركم فأحسن صوركم ] .
9 - التأكيد بإن واللام [إن الساعة لآتية] .
10 - صيغة الحصر [ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا] .
11 - جناس الاشتقاق [أرسلنا رسلا] .
12 -طباق السلب [منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص عليك ]. 1
13 - توافق رءوس الآيات مع السجع البديع ، والكلام الذي يأخذ بالألباب ، انظر روعة البيان ، وتمعن قول القرآن وهو يتحدث عن مؤمن آل فرعون بذلك البيان الإلهى المعجز [ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار . تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لي به علم وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفار . . ] الخ الآيات الكريمة التي هي أحلى من عقود الجمان .
المصدر: صفوة التفاسير