إعلانات المنتدى


قرأ نافع: { حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

إبراهيم التميمي

مدير المشاريع في الشبكة
إدارة المنتدى
8 فبراير 2007
8,962
50
0
الجنس
ذكر
بسم الله الرحمن الرحيم



قال الله تعالى في سورة البقرة:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}


وقرأ الإمام نافع المدني:
{أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولُ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214)}


وتفصيل ذلك فيما يلي:


قال الإمام محمد بن جرير الطبري في تفسيره([1]):
وفي قوله: " حتى يقول الرسول"، وجهان من القراءة: الرفع، والنصب. ومن رفع فإنه يقول: لما كان يحسُن في موضعه"فعَل" أبطل عمل"حتى" فيها، لأن"حتى" غير عاملة في"فعل"، وإنما تعمل في"يفعل"، وإذا تقدمها"فعل"، وكان الذي بعدها"يفعل"، وهو مما قد فُعل وفُرغ منه، وكان ما قبلها من الفعل غير متطاول، فالفصيح من كلام العرب حينئذ الرفع في"يفعل" وإبطال عمل"حتى" عنه، وذلك نحو قول القائل: " قمت إلى فلان حتى أضربُه"، والرفع هو الكلام الصحيح في"أضربه"، إذا أراد: قمت إليه حتى ضربته، إذا كان الضرب قد كانَ وفُرغ منه، وكان القيام غيرَ متطاول المدة. فأمَّا إذا كان ما قبل"حتى" من الفعل على لفظ"فعل" متطاول المدة، وما بعدها من الفعل على لفظ غير منقضٍ، فالصحيح من الكلام نصب"يفعل"، وإعمال"حتى"، وذلك نحو قول القائل: "ما زال فلان يطلبك حتى يكلمك = وجعل ينظر إليك حتى يثبتك"، فالصحيح من الكلام - الذي لا يصح غيره- النصبُ بـ "حتى"، كما قال الشاعر:

مَطَوْتُ بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهمْ... وَحَتَّى الجِيَادُ مَا يُقَدْنَ بِأَرْسَانِ

فنصب"تكل"، والفعل الذي بعد"حتى" ماض، لأن الذي قبلها من"المطو" متطاول.



وقال الإمام الرازي في تفسيره([2]):
المسألة الرابعة: قرأ نافع {حَتَّى يَقُولَ} برفع اللام والباقون بالنصب، ووجهه أن {حَتَّى} إذا نصبت المضارع تكون على ضربين أحدهما: أن تكون بمعنى: إلى، وفي هذا الضرب يكون الفعل الذي حصل قبل {حَتَّى} والذي حصل بعدها قد وجدا ومضيا، تقول: سرت حتى أدخلها، أي إلى أن أدخلها، فالسير والدخول قد وُجِدا مضياً، وعليه النصب في هذه الآية، لأن التقدير: وزلزلوا إلى أن يقول الرسول، والزلزلة والقول قد وجدا والثاني: أن تكون بمعنى: كي، كقوله: أطعت الله حتى أدخل الجنة، أي كي أدخل الجنة، والطاعة قد وجدت والدخول لم يوجد، ونصب الآية لا يمكن أن يكون على هذا الوجه، وأما الرفع فاعلم أن الفعل الواقع بعد {حَتَّى} لا بد وأن يكون على سبيل الحال المحكية التي وجدت، كما حكيت الحال في قوله: {هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوّهِ} ( القصص: 15 ) وفي قوله: {وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالوَصِيدِ} ( الكهف: 18 ) لأن هذا لا يصح إلا على سبيل أن في ذلك الوقت كان يقال هذا الكلام، ويقال: شربت الإبل حتى يجيء البعير يجر بطنه، والمعنى شربت حتى إن من حضر هناك يقال: يجيء البعير يجر بطنه، ثم هذا قد يصدق عند انقضاء السبب وحده دون المسبب، كقولك: سرت حتى أدخل البلد. فيحتمل أن السير والدخول قد وجدا وحصلا، ويحتمل أن يكون قد وجد السير والدخول بعد لم يوجد، فهذا هو الكلام في تقرير وجه النصب ووجه الرفع.



وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط([3]):
{حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ} قرأ الأعمش: وزلزلوا ويقول الرسول، بالواو بدل: حتى، وفي مصحف عبد الله: وزلزلوا ثم زلزلوا ويقول الرسول.
وقرأ الجمهور: حتى، والفعل بعدها منصوب إما على الغاية، وأما على التعليل، أي: وزلزلوا إلى أن يقول الرسول، أو: وزلزلوا كي يقول الرسول، والمعنى الأول أظهر، لأن المس والزلزال ليسا معلولين لقول الرسول والمؤمنين.
وقرأ نافع برفع، يقول: بعد حتى، وإذا كان المضارع بعد حتى فعل حال فلا يخلو أن يكون حالاً في حين الإخبار، نحو: مرض حتى لا يرجونه، وإما أن يكون حالاً قد مضت، فيحكيها على ما وقعت، فيرفع الفعل على أحد هذين الوجهين، والمراد به هنا المضي، فيكون حالاً محكية، إذ المعنى: وزلزلوا فقال الرسول.


وجاء في كتاب (الجدول في إعراب القرآن الكريم)([4]):
و لا ينتصب الفعل بعد حتى إلا إذا كان مستقبلا، ثم إن كان استقباله بالنظر إلى زمن التكلم فالنصب واجب، وإن كان بالنسبة إلى ما قبلها خاصة فالوجهان جائزان، كقوله تعالى « وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ » فقولهم مستقبل بالنظر إلى الزلزال لا بالنظر إلى زمن قص ذلك علينا.
وكذلك لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا إذا كان حالا، ثم إن كانت حاليته بالنسبة إلى زمن التكلم فالرفع واجب، كقولك « سرت حتى أدخلها » إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول.

واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط :
1 - أن يكون حالا أو مؤولا بالحال كما مر.
2 - أن يكون مسببا عما قبلها، فلا يجوز سرت حتى تطلع الشمس، لأن طلوع الشمس ليس مسببا عن المسير.
3 - أن يكون فضلة، فلا يصح « سيري حتى أدخلها » لئلا يبقى المبتدأ بلا خبر.

([1]) تفسير الطبري - (4 / 290 - 291).
([2]) تفسير الرازي= موافق - (6 / 18).
([3]) تفسير البحر المحيط (2 / 149).
([4]) الجدول في إعراب القرآن الكريم - (29 / 91).



كلمات مفتاحية: نافع ورش قالون البقرة حتى يقول الرسول إعراب الضم

والله الموفق
 

محمد ابو معلا

مشرف سابق
13 ديسمبر 2007
4,384
34
48
الجنس
ذكر
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

جزاكم الله خير الجزاء اخي ابراهيم
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

جزاك الله خيرا على هذه المشاركة الكريمة
فأسأل الله أن يسددك ويوفقك لما يحب ويرضى .
 

أمّ ورقة الشّهيدة

مزمار ذهبي
24 ديسمبر 2007
1,145
3
0
الجنس
أنثى
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

جزاكم الله خيرا على الجمع الممتاز والمعلومات القيمة.
حُقّ لسبويه أن يموت وفي نفسه شيئ من حتّى...​
 

المزمار الهرري

مزمار فضي
15 يونيو 2009
781
1
0
الجنس
ذكر
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

شكرا لك أخي إبراهيم ..
 

إبراهيم التميمي

مدير المشاريع في الشبكة
إدارة المنتدى
8 فبراير 2007
8,962
50
0
الجنس
ذكر
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

بارك الله فيكم جميعًا ،،
 

كمال المروش

مشرف سابق
2 يوليو 2006
8,187
128
63
الجنس
ذكر
رد: قرأ نافع: {حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

فتح الله عليك اخي ابراهيم ونفع بك
 

إبراهيم التميمي

مدير المشاريع في الشبكة
إدارة المنتدى
8 فبراير 2007
8,962
50
0
الجنس
ذكر
رد: قرأ نافع: { حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

وإياك شيخنا كمال ،، بارك الله فيكم :)
 

أحمد عمار

مشرف الركن العام
المشرفون
10 فبراير 2010
3,062
284
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: قرأ نافع: { حتى يقولُ الرسول ... } والوجه في ذلك ..

احسنت ، احسن الله اليك
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع