- 17 مارس 2006
- 1,412
- 0
- 0
[glow=FF0000]الحكمة في خلق المرأة من الضلع الأعوج.. !! [/glow]
كثيراً ما يُعَبر بعض الرجال عن غضبهم من امرأة ما في موقف معين (قد تكون زوجة أو أختاً أو موظفة ..الخ) بترديد عبارة أصبحت مألوفة و تُقالُ بلهجة التسليم بأمر الله و هي :
"صَدَقَ من قال إن المرأة خُلقت من ضلع ٍ أعوج" !!!!!!!
و في الحقيقة إن أول من أخبر بهذا عن المرأة كان رسول الإسلام صلى الله عليه و سلم في الحديث (المتفق عليه) و الذي رواه عنه أبو هريرة (رضي الله عنه) حيث قال :
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن أنت ذهبت تقومه كسرته و إن تركته لم يزل أعوجا ً ,فاستوصوا بالنساء خيرا}).
و السؤال الذي يطرح نفسه هو : (هل قَصَدَ الرسول صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث أن ينتقص من شأن المرأة و يكشف لمعشر الرجال عيبا ً خطيرا َ فيها لينتبهوا إليه و يعيروها به إلى يوم القيامة ؟ )
و الإجابة التي لن يختلف عليها اثنان هي أن الرسول الكريم (صلوات ربي و سلامه عليه) ما كان ليقصد ذلك أبدا ً و هو الذي شَرّفه ربه و وصفه بقوله تعالى : (و إنكَ لعَلى خُلق ٍ عظيم) .......
و ما كان ليهين النساء و هو القائل :
(حُببَ إلي من دنياكم الطيب و النساء و جُعلت قُرة ُ عيني في الصلاة) , فَذَكرَ النساء مع الطيب و الصلاة في حديث واحد و سياق واحد و هو – لعمري – شرف لم ينله الرجال.
هذا يقودنا الى سؤال ٍ آخر ألا و هو : (إذا ً لماذا يستخدم بعض الرجال هذا الحديث للتنفيس عن غضبهم من امرأة ما أو من جنس النساء ككل أحيانا ً ؟)
ألا يعلم هؤلاء أنهم بهذا السلوك لا يتهمون رسول الله صلى الله عليه و سلم بإهانة المرأة و احتقارها فحسب , بل إنهم أيضا (و من حيث لا يشعرون) يفترضون جهلا ً ان الله (جَل في علاه) خلق المرأة بعيب الإعوجاج ثم اوحى إلى نبيه الكريم (صلى الله عليه و سلم) أن يخبر الرجال بهذا العيب ليستخدموه كمبرر ٍ لاحتقارهم لها , و كوسيلة للاستعلاء عليها و تهميش دورها في المجتمع , و هذا يتناقض مع الإيمان بالله و أنه أحكم الحاكمين و أنه لا يظلم الناس شيئا ً و لكن الناس أنفسَهم يظلمون .
من هنا يتبين لنا أن الاستدلال بهذا الحديث في إرجاع أي خطأ أو هفوة تبدر عن المرأة لكونها "خُلقت من ضلع ٍ أعوج" و اعتبار ذلك عيبا ً أزليا ً فيها لهُوَ قمة الجهل بحقائق الامور و يَنُمُ عن فهم للحديث الشريف أبسط ما يمكن أن يُقالَ عنه هو انه فهم سَطحي و استدلال خاطئ فيه سوء ادب مع الله عز و جل و مع رسوله (صلى الله عليه و سلم).
هذا يقودنا إلى أن نتسائل : (ما سر تشبيه الرسول صلى الله عليه و سلم للمرأة بالضلع ٍ الأعوج؟) ....
و لكن قبل ذلك دعوني أسأل : هل هناك ضلع اعوج و آخر مستقيم ؟
و الإجابة كما نعلم جميعا ً هي أن كل الأضلاع معوجة و لا يوجد ضلع مستقيم (على حد علمي) , فالعظام المستقيمة في الجسم لا تُسمى أضلاعا ً بل تسمى عظاما ً (كعظم الساق و عظم الساعد ..الخ) . إذا الرسول (صلى الله عليه و سلم)كان يكفيه أن يقول: (خُلقت من ضلع) و لكنه (صلى الله عليه و سلم) أضاف َ كلمة (أعوج) لأنها مربط الفرس في القضية برمتها.
فالإعوجاج - كما نعلم – كلمة مرادفة في قواميسنا و ثقافتنا للانحراف و مُضادة للاستقامة , فنقول – على سبيل المثال - إن في أخلاق (أو دين) فلان إعوجاج لأنه فاسد أخلاقيا ً أو دينيا ً بمعنى أنه منحرف. و لكن الإعوجاج بصفة عامة ليس عيبا ً (على الإطلاق) بل أن هنالك حالات يصبح فيها الإعوجاج ضرورة , كاعوجاج أغصان الأشجار مثلا ً , و الذي لولاه لما تمكنا من قطف ثمارها و لما تمكنت العصافير و الطيور من بناء أعشاشها عليها (و الأمثلة كثيرة) .
فهل إعوجاج الضلع عيبٌ فيه ؟
طبعا ً لا, فلو وُلدَ طفل و أحد أضلاعه مستقيم (أوغير مكتمل الإعوجاج) فإنه سوف يوضع في غرفة العناية المركزة , و إذا كتبت له النجاة فسيعيش و به (عيب خلقي خطير) سينغص عليه حياته إن طالت.
فكيف أصبحت الإستقامة هنا عيبا ً ؟ أو – بمفهومنا الشعبي – كيف أصبحت الإستقامة إعوجاجا ً ؟
السر في ذلك أن الإعوجاج صفة ضرورية للضلع ليقوم بأداء مهمته كما أراد له الخالق عز و جل و ليس عيبا ً أو نقصا ً عن الكمال .
فكما نعلم أن الإضلاع هي العظام التي تحمي القلب و الرئتين في جسم الإنسان و لولا إعوجاجها لما تمكنت من أداء هذا الدور كما ينبغي . من هنا يتبين لنا مدى دقة التشبيه الذي لجأ إليه من لا ينطق عن الهوى حين شَبّهَ المرأة بالضلع, فالمرأة للمجتمع كالأضلاع للجسد , و كما أن الأضلاع تحمي القلب في جسم الإنسان فالمرأة أيضا ً تحمي قلب المجتمع .
فما هو قلب المجتمع ؟
إنهم الأطفال , امل كل مجتمع يطمح الى استمرار التقدم و العطاء و قلبه النابض بالمشاعر الصادقة الصافية و الأحاسيس النقية التي لم يلوثها شيء بعد .
و بلاغة التشبيه لا تتوقف عند هذا الحد , فمن رأى أما ً ترضع وليدها حانية ً جسدها , حادبة ً على ملاكها الصغير لما وجد تشبيها ً أبلغ من تشبيهه صلى الله عليه و سلم حينما شبه المرأة بالضلع الاعوج, فالاعوجاج هنا يرمز للعطف و الحدب و الحنو و هي صفات تتجسد في المرأة سواء ً كانت أما ً او أختا ً أو إبنة أو زوجة , فكان لا بد من ذكر كلمة (أعوج) حتى ياتي التشبيه مُعَبرا ً و في منتهى البلاغة و الروعة و لا غرو فهو كلام من أوتي جوامع الكلم.
من هنا يجب أن نفهم أن الرسول الامين (صلى الله عليه و سلم) أراد أن يوصي الرجال بالنساء خيرا ً ثم عَلل هذه الوصية بالتشبيه الخارق الذي جاء في الحديث الشريف و كأنه (صلى الله عليه و سلم) يقول لنا : إن ما ترونه من اعوجاج في المراة و تحسبونه عيبا ً فيها إنما هو من تمام خلقها و من طبيعتها , وضعه الله فيها لتؤدي دورها الخطير و المصيري في مجتمعها .فلولا هذا الإعوجاج الذي يعبر عن غلبة الجانب العاطفي على الجانب العقلي التحليلي لدى المرأة , (بعكس الرجل الذي تغلب عليه الصرامة و الميل الى إخضاع كل شيء لميزان العقل) .. أقول , لولا هذا الإعوجاج لما قامت لأي مجتمع قائمة و لتربى الأطفال على القسوة و الوحشية و أصبحوا مجرد ألات من لحم و دم , و لفقدنا ذلك الحضن الدافئ الذي نلجأ إليه كلما قست علينا الحياة .
الرسول الكريم (صلى الله عليه و سلم ) لم يكتف بالتوصية و التعليل لها , بل قرنهما بتحذير من عواقب محاولة تغيير طبيعة المرأة في مسعى ً منا لتقوييم ما نرى أنه إعوجاج فيها و نظنه عيبا ً يجب إصلاحه .
فما الذي يمكن أن يحدث للضلع إذا حاول الإنسان أن يقومه ؟
ينكسر الضلع طبعا ً ,و ينكشف القلب و يموت الإنسان ! و هذا ماعبر عنه (صلى الله عليه و سلم) بكلمات بسيطة فيها بعد نظر كبير و استشراف ٍ نبوي للمستقبل . فها هو الغرب , مهد الديمقراطية و مسقط رأس دعاوى "تحرير المرأة" أصبح جسدا ً بلا ضلع بعد أن وقع في ما حذر منه رسولنا (صلى الله عليه و سلم) , و لا ادل على ذلك من تلك الحال المحزنة التي آلت إليها المرأة الغربية المسكينة و التي خلصوها من إعوجاجها الرباني الجميل فانكسرت و أصبحت نسخة مشوهة عن الرجل , فلا هي أصبحت رجلا ً و نالت ما يناله من سُلطة و نفوذ و سيطرة في المجتمع , و لا هي بقيت ذلك الكائن الجميل باعوجاجه القوي بضعفه , الغني بمشاعر العطف و الحنان.
و نتج عن هذا الانكسار أن تفككت الاسرة و تاه الأبناء الذين هاموا على وجوههم باحثين عن مصادر أخرى للعطف و للحنان لدى "البويفريند و الجيرلفريند" , فانحرف المجتمع و ضل طريقه . حتى أن الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) دعا الشعب الأمريكي في أحد خطاباته الى العودة الى القيم الأسرية التي فقدها المجتمع !!!!!
و ليت الامر وقف عند هذا الحد , بل تعداه الى أن أصبحت المرأة مجرد اداة لترويج السلع التجارية بل أصبحت هي نفسها مجرد سلعة رخيصة و اداة استمتاع و زينة تتزين بها أغلفة المجلات و الإعلانات و الأفلام …الخ .
و بات المجتمع لا يرى منها غير جسدها , مما دفعها لصَب كل اهتمامها في العناية به و تزيينه و عرضه عند الحاجة, و في الجري وراء خطوط الموضة تاركة مكانها الطبيعي في المجتمع خاويا ً .
نعم , لقد تحررت المرأة في الغرب و كان لها ما أرادت (أو ما أراده لها الرجل) و زال عنها ذلك الإعوجاج الذي أقنعها الرجل انه عيب لا يليق بها , و لكن على حساب من , و ماذا كان الثمن الذي دفعته و دفعه معها المجتمع؟
لقد أصبح مجتمع الغرب غابة لا مكان فيها للتراحم و التعاطف بعد أن أصبحت المرأة فيه مجرد "ضلع مكسور" لا حدب فيه و لا عطف و لا حنان .
و الصورة في مجتمعاتنا الشرقية "المحافظة" ليست بأمثل و لا بأجمل منها في الغرب . فبينما هناك مجتمعات تحاول أن تحذو حذو الغرب و تحاول "تقويم " إعوجاج المرأة بحجة تحريرها , لا زال هناك مجتمعات تنظر للمرأة نظرة دونية بسبب طبيعتها الانثوية و تعاملها و كأنها مواطنة من الدرجة الثالثة مهمتها في الحياة أن تلد الأطفال و ترعاهم و تطبخ الطعام و تقوم بدور الخادمة, مع فرق التشبيه !!!
هذا التباين الرهيب في التعاطي مع المرأة سببه هو سوء الإدراك و سوء الفهم لطبيعة المرأة و التي تتناسب مع دورها , و هو ما اراد رسولنا (صلى الله عليه و سلم) أن ينبهنا إليه حين اوصانا بالنساء خيرا ً , ولخص لننا طبيعة المرأة في أجمل وصف و ابلغ تشبيه ليعلمنا درسا ً عظيما ً تتوقف سعادتنا على مدى استيعابنا له , و هو اننا يجب أن لا ننخدع بالمظاهر الخارجية و ان تكون نظرتنا للأمور و الأشياء أكثر عُمقا ً و موضوعية , و أن لا ننساق خلف الشعارات البراقة التي يرددها ببغاءات الغرب من دُعاة تحرير المرأة و السير على خُطى الغرب.
علينا أن نكف عن اعتبار المرأة لغزا ً و معادلة صعبة و نجرب عليها كل الحلول الممكنة و كأنها فأر تجارب !!
علينا ان ننظر إليها بعين الإنسان , لا بعين الرجل , و عندها فقط ستنال المرأة كل حقوقها "الموضوعية" لا تلك الحقوق التي اخترعها الرجل و أوهمها بها لحاجة في نفس يعقوب !
و كما بدأ (صلى الله عليه و سلم) حديثه بوصيته الخالدة للرجل , فلقد ختمه بنفس الوصية دلالة على مدى خطورة هذا الأمر و ضرورة الإلتزام به لتكتمل الصورة و يصل المجتمع الإنساني الى القمة التي لا زلنا حتى يومنا هذا و برغم كل إنجازاتنا نحلم بها و نتمنى أن نصل إليها . و لن نصل إليها إلا باتباع وصية النبي الأمي (صلوات ربي و سلامه عليه) .
منقول
كثيراً ما يُعَبر بعض الرجال عن غضبهم من امرأة ما في موقف معين (قد تكون زوجة أو أختاً أو موظفة ..الخ) بترديد عبارة أصبحت مألوفة و تُقالُ بلهجة التسليم بأمر الله و هي :
"صَدَقَ من قال إن المرأة خُلقت من ضلع ٍ أعوج" !!!!!!!
و في الحقيقة إن أول من أخبر بهذا عن المرأة كان رسول الإسلام صلى الله عليه و سلم في الحديث (المتفق عليه) و الذي رواه عنه أبو هريرة (رضي الله عنه) حيث قال :
( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : {استوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن أنت ذهبت تقومه كسرته و إن تركته لم يزل أعوجا ً ,فاستوصوا بالنساء خيرا}).
و السؤال الذي يطرح نفسه هو : (هل قَصَدَ الرسول صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث أن ينتقص من شأن المرأة و يكشف لمعشر الرجال عيبا ً خطيرا َ فيها لينتبهوا إليه و يعيروها به إلى يوم القيامة ؟ )
و الإجابة التي لن يختلف عليها اثنان هي أن الرسول الكريم (صلوات ربي و سلامه عليه) ما كان ليقصد ذلك أبدا ً و هو الذي شَرّفه ربه و وصفه بقوله تعالى : (و إنكَ لعَلى خُلق ٍ عظيم) .......
و ما كان ليهين النساء و هو القائل :
(حُببَ إلي من دنياكم الطيب و النساء و جُعلت قُرة ُ عيني في الصلاة) , فَذَكرَ النساء مع الطيب و الصلاة في حديث واحد و سياق واحد و هو – لعمري – شرف لم ينله الرجال.
هذا يقودنا الى سؤال ٍ آخر ألا و هو : (إذا ً لماذا يستخدم بعض الرجال هذا الحديث للتنفيس عن غضبهم من امرأة ما أو من جنس النساء ككل أحيانا ً ؟)
ألا يعلم هؤلاء أنهم بهذا السلوك لا يتهمون رسول الله صلى الله عليه و سلم بإهانة المرأة و احتقارها فحسب , بل إنهم أيضا (و من حيث لا يشعرون) يفترضون جهلا ً ان الله (جَل في علاه) خلق المرأة بعيب الإعوجاج ثم اوحى إلى نبيه الكريم (صلى الله عليه و سلم) أن يخبر الرجال بهذا العيب ليستخدموه كمبرر ٍ لاحتقارهم لها , و كوسيلة للاستعلاء عليها و تهميش دورها في المجتمع , و هذا يتناقض مع الإيمان بالله و أنه أحكم الحاكمين و أنه لا يظلم الناس شيئا ً و لكن الناس أنفسَهم يظلمون .
من هنا يتبين لنا أن الاستدلال بهذا الحديث في إرجاع أي خطأ أو هفوة تبدر عن المرأة لكونها "خُلقت من ضلع ٍ أعوج" و اعتبار ذلك عيبا ً أزليا ً فيها لهُوَ قمة الجهل بحقائق الامور و يَنُمُ عن فهم للحديث الشريف أبسط ما يمكن أن يُقالَ عنه هو انه فهم سَطحي و استدلال خاطئ فيه سوء ادب مع الله عز و جل و مع رسوله (صلى الله عليه و سلم).
هذا يقودنا إلى أن نتسائل : (ما سر تشبيه الرسول صلى الله عليه و سلم للمرأة بالضلع ٍ الأعوج؟) ....
و لكن قبل ذلك دعوني أسأل : هل هناك ضلع اعوج و آخر مستقيم ؟
و الإجابة كما نعلم جميعا ً هي أن كل الأضلاع معوجة و لا يوجد ضلع مستقيم (على حد علمي) , فالعظام المستقيمة في الجسم لا تُسمى أضلاعا ً بل تسمى عظاما ً (كعظم الساق و عظم الساعد ..الخ) . إذا الرسول (صلى الله عليه و سلم)كان يكفيه أن يقول: (خُلقت من ضلع) و لكنه (صلى الله عليه و سلم) أضاف َ كلمة (أعوج) لأنها مربط الفرس في القضية برمتها.
فالإعوجاج - كما نعلم – كلمة مرادفة في قواميسنا و ثقافتنا للانحراف و مُضادة للاستقامة , فنقول – على سبيل المثال - إن في أخلاق (أو دين) فلان إعوجاج لأنه فاسد أخلاقيا ً أو دينيا ً بمعنى أنه منحرف. و لكن الإعوجاج بصفة عامة ليس عيبا ً (على الإطلاق) بل أن هنالك حالات يصبح فيها الإعوجاج ضرورة , كاعوجاج أغصان الأشجار مثلا ً , و الذي لولاه لما تمكنا من قطف ثمارها و لما تمكنت العصافير و الطيور من بناء أعشاشها عليها (و الأمثلة كثيرة) .
فهل إعوجاج الضلع عيبٌ فيه ؟
طبعا ً لا, فلو وُلدَ طفل و أحد أضلاعه مستقيم (أوغير مكتمل الإعوجاج) فإنه سوف يوضع في غرفة العناية المركزة , و إذا كتبت له النجاة فسيعيش و به (عيب خلقي خطير) سينغص عليه حياته إن طالت.
فكيف أصبحت الإستقامة هنا عيبا ً ؟ أو – بمفهومنا الشعبي – كيف أصبحت الإستقامة إعوجاجا ً ؟
السر في ذلك أن الإعوجاج صفة ضرورية للضلع ليقوم بأداء مهمته كما أراد له الخالق عز و جل و ليس عيبا ً أو نقصا ً عن الكمال .
فكما نعلم أن الإضلاع هي العظام التي تحمي القلب و الرئتين في جسم الإنسان و لولا إعوجاجها لما تمكنت من أداء هذا الدور كما ينبغي . من هنا يتبين لنا مدى دقة التشبيه الذي لجأ إليه من لا ينطق عن الهوى حين شَبّهَ المرأة بالضلع, فالمرأة للمجتمع كالأضلاع للجسد , و كما أن الأضلاع تحمي القلب في جسم الإنسان فالمرأة أيضا ً تحمي قلب المجتمع .
فما هو قلب المجتمع ؟
إنهم الأطفال , امل كل مجتمع يطمح الى استمرار التقدم و العطاء و قلبه النابض بالمشاعر الصادقة الصافية و الأحاسيس النقية التي لم يلوثها شيء بعد .
و بلاغة التشبيه لا تتوقف عند هذا الحد , فمن رأى أما ً ترضع وليدها حانية ً جسدها , حادبة ً على ملاكها الصغير لما وجد تشبيها ً أبلغ من تشبيهه صلى الله عليه و سلم حينما شبه المرأة بالضلع الاعوج, فالاعوجاج هنا يرمز للعطف و الحدب و الحنو و هي صفات تتجسد في المرأة سواء ً كانت أما ً او أختا ً أو إبنة أو زوجة , فكان لا بد من ذكر كلمة (أعوج) حتى ياتي التشبيه مُعَبرا ً و في منتهى البلاغة و الروعة و لا غرو فهو كلام من أوتي جوامع الكلم.
من هنا يجب أن نفهم أن الرسول الامين (صلى الله عليه و سلم) أراد أن يوصي الرجال بالنساء خيرا ً ثم عَلل هذه الوصية بالتشبيه الخارق الذي جاء في الحديث الشريف و كأنه (صلى الله عليه و سلم) يقول لنا : إن ما ترونه من اعوجاج في المراة و تحسبونه عيبا ً فيها إنما هو من تمام خلقها و من طبيعتها , وضعه الله فيها لتؤدي دورها الخطير و المصيري في مجتمعها .فلولا هذا الإعوجاج الذي يعبر عن غلبة الجانب العاطفي على الجانب العقلي التحليلي لدى المرأة , (بعكس الرجل الذي تغلب عليه الصرامة و الميل الى إخضاع كل شيء لميزان العقل) .. أقول , لولا هذا الإعوجاج لما قامت لأي مجتمع قائمة و لتربى الأطفال على القسوة و الوحشية و أصبحوا مجرد ألات من لحم و دم , و لفقدنا ذلك الحضن الدافئ الذي نلجأ إليه كلما قست علينا الحياة .
الرسول الكريم (صلى الله عليه و سلم ) لم يكتف بالتوصية و التعليل لها , بل قرنهما بتحذير من عواقب محاولة تغيير طبيعة المرأة في مسعى ً منا لتقوييم ما نرى أنه إعوجاج فيها و نظنه عيبا ً يجب إصلاحه .
فما الذي يمكن أن يحدث للضلع إذا حاول الإنسان أن يقومه ؟
ينكسر الضلع طبعا ً ,و ينكشف القلب و يموت الإنسان ! و هذا ماعبر عنه (صلى الله عليه و سلم) بكلمات بسيطة فيها بعد نظر كبير و استشراف ٍ نبوي للمستقبل . فها هو الغرب , مهد الديمقراطية و مسقط رأس دعاوى "تحرير المرأة" أصبح جسدا ً بلا ضلع بعد أن وقع في ما حذر منه رسولنا (صلى الله عليه و سلم) , و لا ادل على ذلك من تلك الحال المحزنة التي آلت إليها المرأة الغربية المسكينة و التي خلصوها من إعوجاجها الرباني الجميل فانكسرت و أصبحت نسخة مشوهة عن الرجل , فلا هي أصبحت رجلا ً و نالت ما يناله من سُلطة و نفوذ و سيطرة في المجتمع , و لا هي بقيت ذلك الكائن الجميل باعوجاجه القوي بضعفه , الغني بمشاعر العطف و الحنان.
و نتج عن هذا الانكسار أن تفككت الاسرة و تاه الأبناء الذين هاموا على وجوههم باحثين عن مصادر أخرى للعطف و للحنان لدى "البويفريند و الجيرلفريند" , فانحرف المجتمع و ضل طريقه . حتى أن الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) دعا الشعب الأمريكي في أحد خطاباته الى العودة الى القيم الأسرية التي فقدها المجتمع !!!!!
و ليت الامر وقف عند هذا الحد , بل تعداه الى أن أصبحت المرأة مجرد اداة لترويج السلع التجارية بل أصبحت هي نفسها مجرد سلعة رخيصة و اداة استمتاع و زينة تتزين بها أغلفة المجلات و الإعلانات و الأفلام …الخ .
و بات المجتمع لا يرى منها غير جسدها , مما دفعها لصَب كل اهتمامها في العناية به و تزيينه و عرضه عند الحاجة, و في الجري وراء خطوط الموضة تاركة مكانها الطبيعي في المجتمع خاويا ً .
نعم , لقد تحررت المرأة في الغرب و كان لها ما أرادت (أو ما أراده لها الرجل) و زال عنها ذلك الإعوجاج الذي أقنعها الرجل انه عيب لا يليق بها , و لكن على حساب من , و ماذا كان الثمن الذي دفعته و دفعه معها المجتمع؟
لقد أصبح مجتمع الغرب غابة لا مكان فيها للتراحم و التعاطف بعد أن أصبحت المرأة فيه مجرد "ضلع مكسور" لا حدب فيه و لا عطف و لا حنان .
و الصورة في مجتمعاتنا الشرقية "المحافظة" ليست بأمثل و لا بأجمل منها في الغرب . فبينما هناك مجتمعات تحاول أن تحذو حذو الغرب و تحاول "تقويم " إعوجاج المرأة بحجة تحريرها , لا زال هناك مجتمعات تنظر للمرأة نظرة دونية بسبب طبيعتها الانثوية و تعاملها و كأنها مواطنة من الدرجة الثالثة مهمتها في الحياة أن تلد الأطفال و ترعاهم و تطبخ الطعام و تقوم بدور الخادمة, مع فرق التشبيه !!!
هذا التباين الرهيب في التعاطي مع المرأة سببه هو سوء الإدراك و سوء الفهم لطبيعة المرأة و التي تتناسب مع دورها , و هو ما اراد رسولنا (صلى الله عليه و سلم) أن ينبهنا إليه حين اوصانا بالنساء خيرا ً , ولخص لننا طبيعة المرأة في أجمل وصف و ابلغ تشبيه ليعلمنا درسا ً عظيما ً تتوقف سعادتنا على مدى استيعابنا له , و هو اننا يجب أن لا ننخدع بالمظاهر الخارجية و ان تكون نظرتنا للأمور و الأشياء أكثر عُمقا ً و موضوعية , و أن لا ننساق خلف الشعارات البراقة التي يرددها ببغاءات الغرب من دُعاة تحرير المرأة و السير على خُطى الغرب.
علينا أن نكف عن اعتبار المرأة لغزا ً و معادلة صعبة و نجرب عليها كل الحلول الممكنة و كأنها فأر تجارب !!
علينا ان ننظر إليها بعين الإنسان , لا بعين الرجل , و عندها فقط ستنال المرأة كل حقوقها "الموضوعية" لا تلك الحقوق التي اخترعها الرجل و أوهمها بها لحاجة في نفس يعقوب !
و كما بدأ (صلى الله عليه و سلم) حديثه بوصيته الخالدة للرجل , فلقد ختمه بنفس الوصية دلالة على مدى خطورة هذا الأمر و ضرورة الإلتزام به لتكتمل الصورة و يصل المجتمع الإنساني الى القمة التي لا زلنا حتى يومنا هذا و برغم كل إنجازاتنا نحلم بها و نتمنى أن نصل إليها . و لن نصل إليها إلا باتباع وصية النبي الأمي (صلوات ربي و سلامه عليه) .
منقول