إعلانات المنتدى


غزوة أُحد ودروس من القرآن الكريم

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد
بسم الله الرحمن الرحيم

غزوة أُحد ودروس من القرآن الكريم

الدكتور إبراهيم زيد الكيلاني


في شهر شوال للسنة الثالثة للهجرة وقعت غزوة أحد. وكان من أسباب الغزوة أن قريشاً بعد هزيمتها في غزوة بدر قررت أن تثأر لقتلاها وجعلوا مال التجارة التي نجت من المسلمين في الإعداد لهذه الغزوة، وكانت ألف بعير والمال خمسين ألف دينار وفيهم نزل قوله تعالى: {إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون} [الأنفال:36].
دور المخابرات في الغزوة:
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرصد أخبار قريش وتحركاتها في الوقت المناسب حتى يأخذ حذره، وكان عمه العباس قد كتب له بخبرهم وكانوا قريباً من ثلاثة آلاف من قريش والحلفاء والأحابيش، وجاؤوا معهم بنسائهم لئلا يفروا.
مبدأ الشورى في مواجهة العدو:
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع المسلمين واستشارهم من كيف يواجهون العدو، وكان رأي النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم المسلمون بالمدينة لتكون المقاومة من الداخل، فإن دخل القوم الأزقة قاتلناهم ورموا من فوق البيوت، ووافقه على هذا الرأي عبدالله بن أبي، وكان هو الرأي.
فبادر جماعة من فضلاء الصحابة ممن فاته الخروج يوم بدر فقالوا: يا رسول الله كنا نتمنى هذا اليوم، اخرج إلى أعدائنا لا يرون أنا جَبُنّا عنهم.
تقدير النبي صلى الله عليه وسلم لمبدأ الشورى:
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأي الأكثرية، رغم مخالفته لرأيه، وأمر الناس بالخروج ووعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبرهم أن لهم النصر بما صبروا، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم، ففرح الناس بذلك ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيته، ومعه صاحباه أبوبكر وعمر فعمَّماه وألبساه، وصفَّ الناس ينظرون خروجه، فقال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير: استكرهتم رسول الله على الخروج، فردوا الأمر إليه.
فخرج صلى الله عليه وسلم وقد لبس لأْمته، وتقلّد السيف، فندموا جميعاً على ما صنعوا فقالوا: ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت، فقال: ما ينبغي لنبي إذا لبس لأْمته أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه.
وهكذا قرر النبي صلى الله عليه وسلم مبدأ الشورى رغم محاولة البعض أن يرجع عن رأيه. وكان المسلمون ألف رجل والمشركون ثلاثة آلاف رجل، وعقد صلى الله عليه وسلم ثلاثة ألوية: لواء بيد أسيد بن حضير، ولواء المهاجرين بيد علي بن أبي طالب وقيل بيد مصعب بن عمير، ولواء الخزرج بيد سعد بن عبادة رضي الله عنهم أجمعين.
النبي صلى الله عليه وسلم يضع خطة المعركة:
نزل النبي الشِّعب من أُحد في عَدْوه الوادي وجعل ظهره إلى أحد، ونهى الناس عن القتال حتى يأمرهم، وجعل على الرماة وكانوا خمسين رجلاً عبدالله بن جبير، أمرهم النبي أن يحموا ظهور المسلمين من خلفهم، وقال: احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرفوا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تتركونا.
الغزوة تكشف المنافقين:
وفي ساعات الشدة يتميز المؤمنون بإيمانهم، وينكشف المنافقون بنفاقهم. وكشف رأس النفاق عبدالله بن أبي عن نفاقه ورجع بنحو ثلث الجيش فيمن تبعه من قومه وقال: يخالفني ويسمع من غيري.
محاولات الإصلاح:
وتبعهم الصحابي الجليل عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر يوبخهم ويحرضهم على الرجوع ويقول: تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا. قالوا: لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع. فرجع عنهم وسبَّهم. ونزل في هؤلاء قوله تعالى: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين. وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون} [آل عمران: 166-167].
بداية الحرب (المحن والشدائد كاشفة الرجال):
وحرَّض صلى الله عليه وسلم المؤمنين وحمل سيفاً وقال: من يأخذ هذا السيف بحقه؟ فقام إليه رجال فأمسكه عنهم حتى قام إليه أبودجانة سماك بن خرشة فقال: وما حقه يا رسول الله؟ قال: أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني قال: أنا آخذه بحقه يا رسول الله فأعطاه إياه وكان رجلاً شجاعاً يختال عند الحرب، فلما رآه صلى الله عليه وسلم يتبختر قال: إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلا في هذا الموطن، فاقتتل الناس حتى حميت الحرب، فقاتل أبودجانة حتى أمعن في الناس، وقاتل حمزة بن عبدالمطلب أسد الله وأسد رسوله قتالاً شديداً وأبلى بلاء حسناً، وكذلك أبلى طلحة بن عبيد الله وعلي بن أبي طالب وأنس بن النضر وسعد بن الربيع وأمعنوا في المشركين تقتيلاً، وكانت الدولة والنصر أول النهار للمسلمين فحسوهم بالسيوف وقتلوهم تقتيلاً شديداً وانهزم المشركون حتى انتهوا إلى نسائهم.
مخالفة الرماة على الجبل لأمر القائد صلى الله عليه وسلم:
وهنا -بعد هزيمة المشركين في بداية الحرب- قال الرماة لقائدهم عبدالله بن جبير: الغنيمة الغنيمة، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبدالله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الهل، قالوا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة، فلما خالفوا أمر النبي وتركوا مواقعهم، انتهز الفرصة خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل، فسارعوا بخيلهم من خلف الجبل وقتلوا بقية الرماة ودارت الدائرة على المسلمين وانشكفوا وقُتل حمزة وعدد من خيرة الصحابة رضي الله عنهم، وكان يوم بلاء وتمحيص أكرم الله فيه من أكرم بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدُقَّ بالحجارة حتى وقع شقه وأصيبت رباعيته وشُجَّ وجهه وكلمت شفته السفلى صلى الله عليه وسلم.
المشركون يحاولون قتل النبي صلى الله عليه وسلم:
وكان أكبر هدف للمشركين أن يقتلوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد انكشاف الجيش المسلم ولكن قلة من أبطال الصحابة أحاطوا بالنبي صلى الله عليه وسلم وحموه، وكان منهم نسيبة بنت كعب المازنية وزوجها وولداها.
وكان منهم سبعة من شباب الأنصار قاتلوا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى استشهدوا جميعاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أنصفْنا أصحابَنا، ثم جالدهم طلحة حتى أجهضهم عنه، وجعل أبودجانة من ظهره درعاً يتلقى النبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يتحرك، وقال صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص: ارم فداك أبي وأمي.
وكان من أول من فاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبوبكر وأبوعبيدة فأخذ أبوعبيدة يخرج حلقة المغفر من جبهة النبي صلى الله عليه وسلم بأسنانه حتى ندرت ثنيتاه.
وكان طلحة ممدداً بجنب النبي صلى الله عليه وسلم وقد أصابه بضع عشرة ضربة وقال النبي  لأصحابه: دونكم أخاكم قد أوجب، وكان أبوبكر إذا ذكر يوم أحد قال: ذاك يوم كله لطلحة.
ومر أنس بن النضر بقوم من المسلمين في نهاية المعركة وقد تركوا القتال فسألهم: يا قوم ما تنتظرون؟ فقالوا: قُتل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان المشركون قد أشاعوا ذلك فقال لهم أنس: ما تصنعون بالحياة بعده؟ فقوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم استقبل الناس، ولقي سعد بن معاذ فقال: يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد، ثم استقبل المشركين وقال: اللهم إني اعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني المسلمين- وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء -يعني المشركين-، ثم قاتل حتى قتل فما عرفه إلا أخته ببنانه، ووجدوا به سبعين ضربة، ووجدوا يومئذ بعبدالرحمن بن عوف نحو عشرين جراحة بعضها في رجله فعرج منها حتى مات.
وصدق في هذه العصبة المجاهدة الصابرة قوله تعالى: {وكأي من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين} [آل عمران:146]
لا يدفع الخطر المحدق بالإسلام إلا المؤمنون الصادقون:
في غزوة أحد، وقد أحاط الخطر بالنبي  قامت هذه الثلة المؤمنة ودفعت الخطر عنه وعن الإسلام والمسلمين.
واليوم وقد داهمت بلاد المسلمين العصابات الصهيونية والأمريكية الصليبية في فلسطين والعراق والصومال وغيرها يتميز أبطال المقاومة ليدافعوا عن رسول الله والمسجد الأقصى ويقيموا الحجة على القاعدين والمتخلفين.
إن دروس القرآن الكريم في غزوة أحد تخاطبنا لنعرف كيف ندفع الأخطار المحدقة بالإسلام والمسلمين في مواجهة أخطر حملة صليبية صهيونية، ونقف عند بعض هذه الدروس:
1. لا يأس ولا استسلام: قال تعالى: {ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين. إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين. وليمحِّص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} [آل عمران: 139-142].
إن أبطال المقاومة الذين يقدمون الشهداء والجرحى في العراق وفلسطين والصومال هم على طريق الصابرين في أُحد والذين سيحرمون الأعداء من تحقيق من أهدافهم في بلاد المسلمين بإذن الله.
2. قتل القادة هدف للعدو، والمؤمنون يخلصون جهادهم لله رب العالمين. قال تعالى: {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين} [آل عمران:144]. ومهما عز استشهاد القادة فإن سيرة الجهاد لن تتوقف بإذن الله. وقد وجدنا أحمد ياسين وصلاح شحادة وعبدالعزيز الرنتيسي ويحيى عياش ومحمود أبوهنود وجمال منصور وغيرهم تلهب دماؤهم الجهاد وتزيده قوة وصلابة واشتعالاً.
3. معصية القائد ومخالفة الأمر والتعلق بالغنائم والمكاسب من أكبر أسباب الهزائم والنكبات. قال تعالى: {ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين} [آل عمران:152]، وفي آية أخرى {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران:155].
وقد انتفع الصحابة الكرام بهذه الدروس القرآنية بعد أن تجرعوا مرارة المصيبة في أحد، وعادوا بعدها أصفياء مطهرين يصنعون انتصارات الإسلام في الخندق والحديبية وفتح مكة وحنين، ثم في اليرموك والقادسية. وكانت وصية عمر لجيش سعد: احذر على جنودك من المعاصي أشد من حذرك من الأعداء فإنما ننتصر على أعدائنا بطاعتنا لله وبمعصيتهم له، فإذا استوينا معهم بالمعصية فبماذا نطلب نصر الله عليهم؟!
ولا تقولوا عدونا شرٌّ منا فقد سلط الله على اليهود كفار المجوس فجاسوا خلال الديار وكان وعداً مفعولاً.
والقول المأثور: "إذا عصاني من عرفني سلطت عليه من لا يعرفني".
وكان من صفة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رهبان بالليل فرسان بالنهار. وكان مع صلاح الدين في معركة حطين ما يزيد على عشرة آلاف حافظ للقرآن الكريم. ومن هنا يحارب المستعمر وأعوانه دور القرآن وحفظته.
آن للأمة أن تستفيد من دروس النصر والهزيمة وأن تعرف سنن القرآن الكريم في إنزال النصر على جنده الصادقين. ويسجل التاريخ المعاصر في معركة (6 حزيران 1967م) التي حسم العدو المعركة فيها بالساعات الأولى وكان هتاف الإعلام العربي: "من أجل الربيع والحياة وعشاق الحياة اضرب"! ووزعوا على الجيش المقاتل مئة ألف صورة للمطربات والراقصات.
وشاء الله أن يأخذوا الدروس سنة (1973م) في شهر رمضان حين تحول الجندي إلى الجهاد باسم الله معلناً تعظيمه لشهر الصوم وجهاده فيه، متصلاً بجهاد النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاهم النصر وأيدهم بجنده.
هذه بعض الدروس من كتاب الله تعلمنا أن المعاصي ومخالفة الأمة وحكامها لأمر ربهم يحرمهم من النصر ولو كان النبي صلى الله عليه وسلم فيهم: {أوَلَمّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير}[آل عمران:165]. نسأل الله أن يعلمنا ويهدينا ويمن علينا بالنصر القريب، إنه سميع مجيب.
 

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: غزوة أُحد ودروس من القرآن الكريم

إن أبطال المقاومة الذين يقدمون الشهداء والجرحى في العراق وفلسطين والصومال هم على طريق الصابرين في أُحد والذين سيحرمون الأعداء من تحقيق من أهدافهم في بلاد المسلمين بإذن الله.

مقال ماتع ... جزى الله كاتبه عنا خيرا

و جزاك الله خيرا أختي على النقل الطيب
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: غزوة أُحد ودروس من القرآن الكريم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موضوع رائع ، ونقل ماتع ، له تأثير على القلوب والنفوس ..
لكن إذا سمحتم لي التعليق عما ذكرتموه من قول النبي : احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرفوا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تـتركونا.
وأتصور أنّه خطأ طباعة فالموجود في مسند أحمد 1 : 287 ومستدرك الحاكم النيسابوري 2 : 296 ، ومجمع الزوائد للإمام الهيثمي 6 : 111 ، وتفسير ابن كثير 1 : 421 ، وبقية المصادر هكذا : وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تـشركونا .

والذي اتمنّاه هو أن يتفق كلّ أهل الشهادتين بكل مذاهبهم ، ويكونوا يداً واحدة ، ليوم واحد فقط ، فإنّه يكفينا يوماً واحداً لتحرير أرضنا في فلسطين ، فماذا لو طال اتفاقنا اسبوعاً أو شهراً أو سنة ؟!!. وتباً وترحاً لمن ...
أخوكم في الله
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع