إعلانات المنتدى


سؤال حول قوله تعالى " فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض " ؟

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر

السؤال :

فسؤالي عن لمسة بيانية في سورة الكهف أرجو إيضاحها لي، ولرواد الموقع ؛ وذلك في قصة سيدنا موسى مع العبد الصالح، حيث قال تعالى: ( فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه .. ) .

لماذا جعل الله سبحانه وتعالى صفة الإرادة في الجدار، ونحن نعلم أن الجدار جماد، لا يملك إرادة ذاتية، أو روحًا، أو حياة. فعندما يقع الجدار، أو أي جماد لا يقع من ذاته ؛ وإنما بفعل قوة خارجية تؤثر فيه.

يجيب عليها فضيلة الأستاذ محمد إسماعيل عتوك


أستاذ اللغة العربية والمتخصص في الإعجاز البياني واللغوي في القرآن

الجواب :

بسم الله الرحمن الرحيم، وبه الاستعانة، وعليه التكلان.. أما بعد:

فالإرادة هي طلب النفس حصول شيء، وميل القلب إليه، ولا تكون إلا من الأحياء ؛ ولهذا اختلف علماء العربية في معنى قوله تعالى:﴿ فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ ﴾(الكهف: 77) على ثلاثة أقوال :

أحدها : أن الإرادة محمولة على غير حقيقتها ؛ لأن الجدار ليس له إرادة ولا للأموات، فاستعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة للدِلالة على المبالغة في ذلك، ومثِّل الجدار بشخص له إرادة، فتكون نسبة الإرادة إلى الجدار مجازٌ، وهو شائع جدًّا. وعليه يكون المعنى: فوجدا جدارًا قارب السقوط لميلانه، أو كاد أن يسقط. ر وهذا قول الجمهور، واختاره الزمخشري، وقال:« استعيرت الإرادة للمداناة والمشارفة ؛ كما استعير الهمّ والعزم لذلك.. وسمعت من يقول: عزم السراج أن يطفأ، وطلب أن يطفأ. وإذا كان القول والنطق والشكاية والصدق والكذب والسكوت والتمرد والإباء والعزة والطواعية، وغير ذلك مستعار للجماد ولما لا يعقل، فما بال الإرادة ؟ ».

الثاني : أن الإرادة صدرت من الخضر ؛ ليحصل له، ولموسى عليه السلام ما ذكره من العجب. فالمريد على هذا القول ليس هو الجدار ؛ وإنما هو الخضر. و هو تعسفٌ كبيرٌ، وقد أنحى الزمخشري على هذا القائل إنحاءً بليغًا جدًّا، فقال:« ولقد بلغني أن بعض المحرفين لكلام الله تعالى ممن لا يعلم، كان يجعل الضمير للخضر؛ لأنّ ما كان فيه من آفة الجهل وسقم الفهم، أراه أعلى الكلام طبقة أدناه منزلة، فتمحل ليردّه إلى ما هو عنده أصحّ وأفصح، وعنده أن ما كان أبعد من المجاز كان أدخل في الإعجاز ».

الثالث : أن الإرادة محمولة على حقيقتها ، وهو قول من أنكر المجاز مطلقًا، أو في القرآن خاصة، فتأوَّلوا الآية على أن الله سبحانه خلق للجدارِ حياة و إرادة ؛ كالحيوانات. قال الراغب الأصفهاني:« و الإرادة قد تكون بحسب القوة التسخيرية والحسية ؛ كما تكون بحسب القوة الاختيارية ».

و قال صاحب أضواء البيان:

« هذه الآية الكريمة من أكبر الأدلة التي يستدل بها القائلون: بأن المجاز في القرآن. زاعمين أن إرادة الجدار الانقضاض لا يمكن أن تكون حقيقة، وإنما هي مجاز. وقد دلت آيات من كتاب الله على أنه لا مانع من كون إرادة الجدار حقيقة ؛ لأن الله تعالى يعلم للجمادات أرادات وأفعالا وأقوالاً لا يدركها الخلق ؛ كما صرح تعالى بأنه يعلم ذلك ما لا يعلمه خلقه في قوله جل وعلا:﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾(الإسراء: 44)، فصرَّح بأننا لا نفقه تسبيحهم، وتسبيحهم واقع عن إرادة لهم يعلمها هو جل وعلا، ونحن لا نعلمها. وأمثال ذلك مثيرة في القرآن والسنة.

فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:﴿ وَإِنَّ مِنَ الحجارة لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الأنهار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ المآء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ الله ﴾(البقرة: 74). فتصريحه تعالى بأن بعض الحجارة يهبط من خشية الله دليل واضح في ذلك ؛ لأن تلك الخشية بإدارك يعلمه الله، ونحن لا نعلمه. و قوله تعالى : ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الأمانة عَلَى السماوات والأرض والجبال فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإنسان ﴾(الأحزاب: 72). فتصريحه جل وعلا بأن السماء والأرض والجبال أبت وأشفقت دليل عن أن ذك واقع بإرادة وإدراك يعلمه هو جل وعلا، ونحن لا نعلمه.

ومن الأحاديث الدالة على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:« إني لأعرف حجرًا كان يسلم عليَّ بمكة »، وما ثبت في صحيح البخاري من حنين الجذع الذي كان يخطب عليه صلى الله عليه وسلم جزعًا لفراقه. فتسليم ذلك الحجر، وحنين ذلك الجذع كلاهما بإرادة وإدراك يعلمه الله، ونحن لا نعلمه ؛ كما صرح بمثله في قوله:﴿ ولكن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾(الإسراء: 44).

وزَعْمُ من لا علم عنده أن هذه الأمور لا حقيقة لها، وإنما هي ضرب أمثال، زَعْمٌ باطل ؛ لأن نصوص الكتاب والسنة لا يجوز صرفها عن معناها الواضح المتبادر إلا بدليل يجب الرجوع إليه. وأمثال هذا كثيرة جدًّا. وبذلك تعلم أنه لا مانع من إبقاء إرادة الجدار على حقيقتها ؛ لإمكان أن يكون الله علم منه إرادة الانقضاض، وإن لم يعلم خلقه تلك الإرادة، وهذا واضح جدًّا كما ترى.. والعلم عند الله تعالى ».


منقول من موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن و السنة
 
التعديل الأخير:

ابواحمدالغالى

مزمار داوُدي
20 مايو 2008
9,458
16
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟

[font=&quot]جزاكم الله خيرا [font=&quot]
[/font][font=&quot]وجزا الشيخ [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]نعم [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]فوجد اى من وجد ارئ وظن انة يريد ان يقع للميلان[/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]كما اراد السراج ان يطفئ [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]وهناك دائما فوق كل ذى علم عليم[/font][font=&quot] [/font][font=&quot]
[/font][font=&quot]ويبقى الأعجاز البلاغي لكلام الله الى يوم القيامة هو الأعلى[/font]
[/font]
 

نور مشرق

مراقبة قديرة سابقة وعضو شرف
عضو شرف
22 يوليو 2008
16,039
146
63
الجنس
أنثى
علم البلد

مادي 15

مشرفة الركن العام
المشرفون
16 مايو 2008
12,244
855
113
الجنس
أنثى
القارئ المفضل
عبد الله المطرود
علم البلد
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟


بـارك الله فيكم أخي الفاضل
وجـزاكم خـيراً ونفع بعلمكـم
 

أبو محمد الهادي

مزمار فعّال
14 نوفمبر 2008
272
2
0
الجنس
ذكر
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟

شكر الله جهدكم وادام النفع بكم
 

فتاة صادقة

مزمار داوُدي
8 أكتوبر 2009
7,553
310
0
الجنس
أنثى
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟

جزاك الله خيراً وبارك فيك ونفع بك..

وفقك الله..
 

*ريتاج*

مزمار ألماسي
9 نوفمبر 2009
1,243
25
0
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟

جزاكم الله خيرا و زادكم علما
 

أحمد عمار

مشرف الركن العام
المشرفون
10 فبراير 2010
3,062
284
83
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمد صدّيق المنشاوي
علم البلد
رد: سؤال حول قوله تعالى " فوجدا جدارا يريد أن ينقض " ؟

جزاكم الله خيرا ونفع بكم
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع