إعلانات المنتدى


أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

أمّ ورقة الشّهيدة

مزمار ذهبي
24 ديسمبر 2007
1,145
3
0
الجنس
أنثى
أحسن طرق تفسير القرآن العظيم
(جزء من مقدمة تفسير ابن كثير)
منقول من الموقع الرسمي للشيخ.
627597409.jpg


إن أصح الطرق لتفسير القرآن الكريم أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له. بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي -رحمه الله تعالى-: كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا﴾ [النساء:105].
وقال تعالى: ﴿وَمَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ [النحل:64]، وقال تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل:44].
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) يعني السنة، والسنة أيضاً تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلى كما يتلى القرآن.
وقد استدل الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
السنة وحي من الله، والسنة نوعان:
النوع الأول: الأحاديث القدسية التي يضيفها النبي صلى الله عليه وسلم إلى ربه ويقول فيها: (قال الله)، فهذا من كلام الله لفظاً ومعنى كالقرآن، فالقرآن كلام الله لفظاً ومعنى خلافاً للأشاعرة الذين يقولون: إن كلام الله معنى قائم بالنفس، وخلافاً للمعتزلة الذين يقولون: القرآن مخلوق.
وهذا كفر وضلال، ولهذا كفر الأئمة والعلماء من قال: القرآن مخلوق، وتكفيرهم لقائل ذلك هو على وجه العموم، أما الشخص المعين فلا بد من أن تقوم عليه الحجة، فمن قال: إن القرآن مخلوق فهو كافر.
والأشاعرة يقولون: القرآن كلام الله، وكلام الله معنى قائم بنفسه ليس بحرف ولا صوت، أما الحروف والأصوات فهي مخلوقة، وليس في المصحف شيء من كلام الله؛ لأن كلام الله معنى قائم بنفسه، وما في المصحف هو عبارة عن كلام الله، وهذا الذي ذهب إليه الأشاعرة يوافق المعتزلة في نصف مذهبهم؛ لأن المعتزلة يقولون: القرآن لفظه ومعناه مخلوق.
والأشاعرة يقولون: لفظه مخلوق ومعناه قائم بنفسه تعالى ليس بمخلوق، وهذا من أبطل الباطل، فالقرآن كلام الله لفظه ومعناه.
فيجب على كل مسلم أن يعتني بهذا القرآن العظيم، فإنه سعادة الأمة وفلاحها ونجاحها.
فالنوع الأول من السنة؛ هو الأحاديث القدسية التي يقول فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله)، كحديث أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه أنه قال: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).
فهذا كلام الله لفظه ومعناه وهو كالقرآن، إلا أنه يختلف عن القرآن في الأحكام، فالقرآن يتعبد بتلاوته، والحديث القدسي لا يتعبد بتلاوته، والقرآن لا يمسه إلا المتوضئ، والأحاديث القدسية يمسها غير المتوضئ، والقرآن معجز في لفظه ومعناه، والحديث القدسي ليس كذلك.
والنوع الثاني: الأحاديث النبوية التي ليست قدسية، وهذه الأحاديث معناها وحي من الله تعالى، ولفظها من النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا تنسب إلى الرسول، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)، ومعناها من الله؛ لأنها وحي ثان، قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم:3-4].
وما ذكره بعض مؤلفي كتب علوم القرآن كـالسيوطي في الإتقان وغيره من أن الحديث القدسي لفظه من النبي صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله فإنه خطأ يتمشى على مذهب الأشاعرة، والسيوطي -رحمه الله- ليس عنده تحقيق في هذا، فهذا قد يشكل على بعض الطلبة إذا وجده في الإتقان للسيوطي وفي غيره من كتب أصول التفسير، فمن وجد ذلك فليعلم أن هذا يتمشى على مذهب الأشاعرة.
والصواب أن الحديث القدسي لفظه ومعناه من الله كالقرآن، إلا أن الأحكام تختلف كما تقدم. وما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في شئون الحياة العادية لا يعتبر من الوحي، كأن ينزل في المكان الفلاني، ويبول في المكان الفلاني، ويجلس في المكان الفلاني، ونحو ذلك.
فالصواب في هذه المسألة: أن هذه من الأمور العادية، ولا يشرع الاقتداء به فيها، وقد كان ابن عمر -رضي الله عنهما- يتتبع الأماكن التي يتنزل فيها النبي صلى الله عليه وسلم اجتهاداً منه، فكان ينزل في المكان الذي كان ينزل فيه النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر البخاري شيئاً من هذا، فقال: كان ابن عمر يتتبع أماكن كثيرة.
ولكنه خالف في هذا كبار الصحابة كـالصديق وعمر وغيرهم؛ فإنهم لم يتتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الأماكن، ولهذا لما رأى عمر -رضي الله عنه- قوماً يأتوا إلى الشجرة التي بايع عندها النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أمر بقطعها.
والمقصود أن الأمور العادية التي كان يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل العادة ليست من التشريع. وأما ما كان يفعله مع زوجاته صلى الله عليه وسلم فإنه ينظر فيه، فإن كان على سبيل التشريع فإنه يقتدى به فيه، مثل معاملته لزوجاته ونحو ذلك، ومثله ما كان يفعله في البيت من الطهارة والغسل ونحو ذلك مما نقله إلينا أزواجه صلى الله عليه وسلم. وكلام الله في القرآن يتفاضل، هذا هو الصواب.
فسورة ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ تعدل ثلث القرآن، وآية الكرسي أفضل آية في كتاب الله، والفاتحة أفضل سورة في كتاب الله، فكلام الله يتفاضل، وبعضه أفضل من بعض، وإذا كان القرآن كلام الله يتفاضل فالحديث القدسي كذلك يتفاضل.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة. فأول طريقة من طرق التفسير أن يفسر القرآن بالقرآن.


تفسير القرآن بأقوال الصحابة
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: (فبم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: اجتهد رأيي، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدره وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله).
وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه. هذا الحديث سنده جيد كما ذكر المؤلف -رحمه الله-، وجود سنده كذلك شيخ الإسلام وابن القيم، وفيه أن الإنسان يعمل بكتاب الله، فإن لم يجد فإنه يعمل بالسنة، فإن لم يجد فإنه يجتهد، ولما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً قال له: (بم تقضي؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد رأيي ...).
وأما نحن فإننا إذا بحثنا ولم نجد في السنة دليلاً فإننا نأخذ بأقوال الصحابة إذا لم تتعارض، فقول الصحابي إذا لم يعارضه قول صحابي آخر يؤخذ به، فإن عارضه قول صحابي آخر تساقطا، فحينئذٍ يرجع إلى أصول الشريعة وقواعدها.


ذكر بعض أئمة التفسير من الصحابة
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك؛ لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح، لاسيما علماءهم وكبراءهم كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين والأئمة المهتدين المهديين وعبد الله بن مسعود -رضي الله عنهم-.
قال الإمام أبو جعفر محمد بن جرير: حدثنا أبو كريب حدثنا جابر بن نوح حدثنا الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق قال: قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: والذي لا إله غيره ما نزلت آية في كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن نزلت وأين نزلت، ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته.
هذا من حرص الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- على العلم، فـعبدالله بن مسعود -رضي الله عنه- يحلف أنه ما من آية إلا وهو يعلم أين نزلت وفيم نزلت وفيمن نزلت، يقول: ولو أعلم أحداً أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه حتى أتعلم منه وأستفيد منه.
وجابر بن عبد الله -كما ذكر البخاري في صحيحه- رحل إلى عبدالله بن أنيس من المدينة إلى الشام في طلب حديث واحد، واشترى لهذه المهمة بعيراً، وكانت المسافة شهراً كاملاً.
فهذا هو حرص الصحابة الكرام، ولهذا بلغوا تلك المنزلة، فجابر يشتري لهذه المهمة بعيراً مع قلة ذات اليد، والآن الكتب كلها موجودة، والصحاح والسنن كلها مدونة، والحمد لله، وكل شيء الآن متوفر، والمهم هو الحرص والعناية والتفهم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقال الأعمش -أيضاً- عن أبي وائل عن ابن مسعود قال: كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: حدثنا الذين كانوا يقرئونا أنهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل، فتعلمنا القرآن والعمل جميعاً.
وبهذا فضلوا على من بعدهم، فتعلموا العلم والعمل جميعاً، ونحن الآن ينقصنا العمل والتطبيق.


ابن عباس ترجمان القرآن
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال: (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل).
وقال ابن جرير: حدثنا محمد بن بشار وحدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الأعمش عن مسلم قال عبد الله -يعني ابن مسعود-: نعم ترجمان القرآن ابن عباس. ثم رواه عن يحيى بن داود، عن إسحاق الأزرق، عن سفيان، عن الأعمش، عن مسلم بن صبيح، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن ابن مسعود أنه قال: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس. مسلم بن صبيح هو غير الربيع بن صبيح.
ومسلم بن صبيح يروي عن أبي الضحى، وأبو الضحى يروي، عن مسروق، عن ابن مسعود، وفي بعض الطرق: (عن أبي الضحى عن ابن مسعود) وهذا إسناد منقطع؛ لأن أبا الضحى لم يسمع من ابن مسعود، بل بينهما واسطة.
وقوله: نعم الترجمان للقرآن ابن عباس هذه شهادة من ابن مسعود لابن عباس -رضي الله عنهما-.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: ثم رواه عن بندار عن جعفر بن عون عن الأعمش به كذلك، فهذا إسناد صحيح إلى ابن مسعود أنه قال عن ابن عباس هذه العبارة، وقد مات ابن مسعود -رضي الله عنه- في سنة اثنتين وثلاثين على الصحيح، وعمر بعده عبد الله بن عباس ستاً وثلاثين سنة، فما ظنك بما كسبه من العلوم بعد ابن مسعود؟!
يعني: إذا كان ابن مسعود شهد لابن عباس بقوله: نعم ترجمان القرآن ابن عباس في حياته ثم توفي وعاش بعده ابن عباس ستاً وثلاثين عاماً وهو يتعلم ويجتهد فكيف سيكون علمه؟!
وقد كان عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، لكنه كان حريصاً على العلم، وقد أخذ من الصحابة، وكان له زميل من الأنصار في أول الطلب، فقال زميله من الأنصار: يا ابن عباس! تظن الناس يحتاجون إلينا! فتركه ابن عباس وانصرف الأنصاري، وقال: الناس ليسوا بحاجة إلينا، والصحابة كثيرون.
فشمر ابن عباس في طلب العلم، فكان يأتي إلى الصحابة في بيوتهم، وكان إذا بلغه حديث عن بعض الصحابة أو أراد أن يأخذ العلم منه أتى إلى بابه، ثم توسد ذراعه ونام تحت الباب حتى يخرج، فإذا خرج قال: ما لك يا ابن عم رسول الله؟ ألا أخبرتني؟ ألا طرقت علي فأخرج؟ وما زال يجتهد ويحرص ويجد ويجتهد ويستغل الوقت في الأخذ عن الصحابة حتى بلغ شأناً عظيماً في العلم، ومات كثير من الصحابة وبقي، فصار مرجع الناس في العلم، وصار الناس يأتون إليه من كل مكان، وكان يجلس للناس بعد صلاة الفجر، فيأتيه أهل التفسير، ثم يأتيه أهل الحديث، ثم يأتيه أهل اللغة، ثم يأتيه جميع أصحاب الفنون حتى يرتفع الضحى.
وذلك الأنصاري الذي تركه لم يكن عنده شيء من العلم، فلما رأى حال ابن عباس ورأى ما أوتي من العلم ومجيء الناس إليه قال لبعض أصحابه: هذا أعقل مني يعني ابن عباس؛ لأنه بقي في طلب العلم.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-: وقال الأعمش عن أبي وائل: استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم، فخطب الناس فقرأ في خطبته سورة البقرة -وفي رواية سورة النور- ففسرها تفسيراً لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا، ولهذا غالب ما يرويه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير في تفسيره عن هذين الرجلين: عبد الله بن مسعود وابن عباس.
السدي الكبير ثقة يروي عن ابن عباس وعن ابن مسعود، فهو يروي عن أبي مالك عن أبي صالح عن ابن عباس، ويروي عن عروة عن ابن مسعود عن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، هذا هو سند السدي الكبير.
وقوله: استخلف علي عبد الله بن عباس على الموسم أي: جعل ابن عباس أميراً على الحج في خلافته.

=================

استفدت من الموضوع فأحببت أن أنقله لكم.
 

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

صراحة لفتني .. تفريق المؤلف بين القرآن و الحديث القدسي .. ما ذكره اسمع به لأول مرة .. و قد كانت معلوماتي .. كما ذكر المؤلف عن السيوطي

جزاك الله خيرا على النقل الطيب

بوركتم
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثمّة وقفات لا تنبغي الغفلة عنها فيما نحن فيه ؛ فالحديث في دين الله شديد عظيم ..
الوقفة الأولى : قال الشيخ -على ما نقلتم- في حديث معاذ : وهذا الحديث في المسند والسنن بإسناد جيد كما هو مقرر في موضعه.
أقول -أنا القاصر- : وهذا على إطلاقه غير صحيح ؛ لأنّ الحديث عند سلف الأئمّة ضعيف السند لا تقوم به حجّة ، وقد جزم بالضعف كبار الأئمّة رحمهم الله برحمته كالبخاري والترمذي مروراً بالإمام الألباني ؛ لأنّه معلّ بعلتين ظاهرتين : الأولى : تفرّد الحارث به وهو مجهول ، والثانيّة : رواه الحارث عن قوم مجهولين . فهذا الحديث رواه أئمّة الحديث ، أحمد والدارمي والترمذي وأبو داود وغيرهم ، كلهم بأسانيدهم عن الحارث عن أصحاب معاذ الحمصيين عن معاذ عن النبي... .
قال الإمام البخاري رحمه الله (في تاريخه الكبير 2 : 277 ): الحارث بن عمرو من أصحاب معاذ وعنه أبو عون ، لا يصح ولا يعرف إلاّ بهذا الحديث.
وقال الإمام الترمذي (في سننه 2 : 254): هذا حديث لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل.
وقد ذكره العّلامة الألباني (في ضعيف سنن الترمذي : 153) قائلاً: إنّه لا يصح.
وقال ابن الجوزي (في العلل المتناهية 2 : 758): هذا حديث لا يصح...؛ لأنّ الحارث بن عمرو مجهول، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون، وما هذا طريقه فلا وجه لثبوته.
وقال ابن حزم الظاهري (في المحلى 1 : 162 ، وفي الاحكام 6 : 373 ): لا يصح؛ لأن الحارث مجهول وشيوخه لا يعرفون، فلا يحل الاحتجاج به لسقوطه ، وهو باطل لا أصل له.
وقال المباركفوري (في تحفته 4 : 464): قال عبد الحق: لا يسند ولا يوجد من وجه صحيح.
وقال العظيم آبادي (في شرح سنن أبي داود المسمّى عون المعبود 9 : 369 ) :
وهذا الحديث أورده الجوزقاني في الموضوعات وقال : هذا حديث باطل رواه جماعة عن شعبة ، وقد تصفحت عن هذا الحديث في المسانيد الكبار والصغار وسألت من لقيته من أهل العلم بالنقل عنه فلم أجد له طريقا غير هذا ، والحارث بن عمرو هذا مجهول ، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون ، ومثل هذا الإسناد لا يعتمد عليه في أصل من أصول الشريعة ؛ فإن قيل إنّ الفقهاء قاطبة أوردوه في كتبهم واعتمدوا عليه!!!. قيل : هذا طريقه ، والخلف قلّد فيه السلف ؛ فإن أظهروا طريقا غير هذا مما يثبت عند أهل النقل رجعنا إلى قولهم ، وهذا مما لا يمكنهم البتة انتهى .
إذا اتّضح هذا أقول –أنا القاصر- : إنّ أوّل من حكم على سند حديث معاذ بالجودة هو شيخ الإسلام ابن تيميه (في كتابه مجموع الفتاوى 3 : 197 فصل أحسن طرق التفسير) فقد قال هناك : وهذا الحديث في المساند والسنن بإسناد جيد .انتهى .

لي عــــــــــــــــــــــــــــــــودة
 

أمّ ورقة الشّهيدة

مزمار ذهبي
24 ديسمبر 2007
1,145
3
0
الجنس
أنثى
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

جزاكم الله خيرا.
أحسنتم ياشيخ...وهذه الوقفة (باستثناء قولكم فلا أعلمه) مما ذكره القاضي محمد كنعان في تهذيبه لتفسير ابن كثير...وقد عثرت ذات مرّة في احدى الملتقيات على نقاش في القضية...لا أظن أن هذا المنتدى يسعه.
أتموا وقفاتكم وزيدونا منها زادكم الله فضلا وآتانا وإياكم الحسنى والزيادة ومتعنا وإياكم بلذّة النظر إلى وجهه الكريم.​
 
التعديل الأخير:

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إذا سمحتم لي أن أتمّ ما بدأت به أعلاه بسطور أخرى قليلة ؛ فالإكتفاء بما تقدّم خلاف أمانة العلم ، بل قد ذكر غير واحد من العلماء : أنّ الاكتفاء بنقل أقوال أحد أطراف نـزاع الأئمّة في مسألة ما ، بتناسي أقوال الطرف الآخر بالكليّة ، مبغوض في الشرع ، بل لا يبعد أن يكون عملاً محرمّاً ، بل هو كذلك إذا كان تدليساً يُقصد منه التمويه والتغرير ؛ لذلك وغيره قلت : لي عــــــودة ..
وأيّاً ما كان الأمر ؛ فحديث معاذ الآنف ، ضعّفه كثير من الأئمّة الكبار ، وقد ذكرنا أهمّ أقوالهم آنفاً ، لكن في المقابل احتجّ بالحديث ، جماعة من أهل العلم أيضاً ؛ كقاطبة أئمّة الحنفيّة رحمهم الله برحمته حيث جعلوه دليل مشروعيّة العمل بالقياس ، بل غيرهم ، ولا حاجة لذكر أقوالهم الكثيرة في ذلك ؛ لاتحاد مضمونها ، وإن اختلفوا في التعبير ، وسأكتفي طلباً للإختصار بالقولين الآتيين أو الثلاثة ؛ ففيهما أهمّ ما نافح به المحتجون ، ممّا فيه وجه معقول من قرائن القبول عند أرباب النقول ..
قال االإمام الغزالي (في المستصفى : 293) وهذا حديث تلقته الأمة بالقبول ، ولم يظهر أحدٌ فيه طعناً ، وإنكاراً ، وما كان كذلك فلا يقدح فيه كونه مرسلاً ، بل لا يجب البحث عن إسناده .
وقال الإمام ابن القيم ( في أعلام الموقعين 1 : 275)
فهذا حديث وإن كان عن غير مسمين فهم أصحاب معاذ فلا يضرّه ذلك ؛ لأنه يدل على شهرة الحديث وأن الذي حدث به الحارث بن عمرو عن جماعة من أصحاب معاذ ، لا واحد منهم ، وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سُمّي ، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفى؟!. ولا يعرف في أصحابه متّهم ولا كذاب ولا مجروح ، بل أصحابه من أفاضل المسلمين وخيارهم.
وقال الإمام عبد الرحمن ابن قدامة المقدسيّ الحنبلي (في الشرح الكبير 11 : 447)
فإن قيل : عمرو بن أخي المغيرة والرجال ، مجهولون. قلنا : قد رواه عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ ، ثمّ إنّه حديث مشهور في كتب أهل العلم ؛ رواه سعيد بن منصور والإمام أحمد وغيرهما ، وتلقاه العلماء بالقبول ، وجاء عن الصحابة من قولهم ما يوافقه .
كما أنبّه –أنا القاصر- إلى أنّ الإمام الشافعي رحمه الله ممّن احتجّ به ، على ما يظهر منه (في كتابه الأمّ 6 : 216) .
يقول –القاصر- : مقصودي من هذه الوقفة أمران مهمّان ، يسعهما هذا المنتدى المبارك على أكبر الظنّ ..
الأوّل : إلفات نظر الأخوة في هذا المنتدى المبارك ، ومنهم أهل الفضل تذكيراً ، إلى أنّ الإجتزاء بنقل أقوال أحد طرفي النـزاع مبغوض عند العلماء ، لكونه كالتدليس والعياذ بالله ؛ فالذي أوقفني هو قول جناب الشيخ عبد العزيز الراجحي بأنّ حديث معاذ جيّد الإسناد ، من دون أيّ إشارة لأقوال الطرف الآخر ، وقد كان له مثلاً أن يقول أثقل الله ميزانه : مختلف فيه ، وقد احتجّ به كثير من العلماء ؛ لشهرته ، أو لقبول العلماء له ، أو ما يؤدّي ذلك . لكنّه لم يفعل !!!.
الثاني : الدقّة الشرعيّة في التعبير العلمي ؛ خاصة في أصول الحلال والحرام ؛ حذر الوقوع في مغبّة التدليس والتغرير بالجهل ؛ فلقد اتّضح أنّ الحديث ليس جيّد الإسناد كما ذكر الشيخ –وحاشى مثله التدليس- إذ لم يقل أحد بأنّه كذلك من أئمّة السلف ، بل غايته أنّه محتفّ بقرائن القبول ؛ كالشهرة مثلاً ، أو تلقي جماعة من العلماء له بالقبول ، أو غير ذلك . وهذه القرائن وإن تجعل من الحديث حجّة ، لكن كونه حجة شيء ، والجزم بأنّه جيد الإسناد شيء آخر كما لا يخفى على أهل العلم .
اعتذار عن شيخ الإسلام ابن تيمية !!.
إن قلت : فكيف يقول شيخ الإسلام بأنّ الحديث جيّد الإسناد ، مع أنّه ليس كذلك بحسب الصناعة ؟!!.
قلنا : أوضح الإمام الألباني رحمه الله برحمته ، أصل هذا في غير موضع من كتبه ؛ وأنّ شيخ الإسلام رحمه الله بريء من التدليس ومن غيره ، وهو أكبر من هذا كلّه ، غاية ما في الأمر أنّه كان ربما يتسرّع في الحكم ، ويبالغ في الجزم ؛ قبل الإحاطة بالطرق والتدقيق في الأسانيد ، ومن ذلك حكمه بأنّ حديث الغدير موضوع !!!.
وقد قال الإمام الألباني في خصوص ذلك (السلسلة الصحيحة 4 : 343) : وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها .
إلفات نظر : الأولى لطالب الحقيقة الرجوع إلى مصادر السلف القديمة ، أمّا الجديدة فهي وإن كانت خيراً ، لكن ليس الفرع كالأصل !!!!!!!!. لذلك فالقاصر مثلي يتخوف كثيراً أن يرجع في مثل هذه المسألة الحرجة ولما ماثلها ، للتهذيب الذي تفظلتم وذكرتموه ، ولا لغيره من المصادر التي على منواله ، لخطورة الإعراض عن كتب السلف القديمة ؛ لما ذكرته من حصول شبهة التدليس وغيرها بانتخاب القول الواحد وإلغاء ما عداه . وأظن أني لم أقل : فلا أعلمه .
لي عـــــــــــــــــــــــــــــودة ثانية بوركتم
 

الوهراني

مزمار داوُدي
26 أبريل 2008
3,836
27
48
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

الحمد لله و بعد :

أما حديث معاذ .. فالخلاف فيه كبير

و أحد شيوخنا في إحدى المحاضرات .. رجح تصحيحه .. نسيت قوله بالضبط .. لكني أذكر أنه قال بأن اصحاب معاذ ليسو مجهولين .. و قد ذكرهم البخاري ( لست متأكدا من هذه )

المهم .. جميل أنك أثرت الموضوع أخي ... سنسأل عن الحديث إن شاء الله

و نبحث ربما نستفيد

جزيت الجنة .. و ربما لي عودة
 

أمّ ورقة الشّهيدة

مزمار ذهبي
24 ديسمبر 2007
1,145
3
0
الجنس
أنثى
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

أستاذنا الورشان بوركتم ورحمتم...إن شاء الله المنتدى يسع ما قلتم وأكثر...
ولو علمتُ أن هذا الحديث سيفجر لنا نبع علم معين مثلكم لأثرته من قبل.
المسألة كلّ المسألة أني في وضع من الأشغال الحرجة جدّا لا تسمح لي بمتابعة الموضوع...نسال الله أن يبارك في اعمارنا واعمالنا.
لي عودة إلى الموضوع بعد أن تنقضي أشغالي إن شاء الله.​
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

يبدو أني لم أحسن إظهار مقصودي من مشاركتي المتواضعة أعلاه ؛ فلم يكن غرضي هو البسط في حديث معاذ إلاّ عرضاً ؛ فخلاصة مقصودي هو أن لا نكتفي بنقل عالم واحد في أصول الشريعة الأساس كحديث معاذ ؛ خاصّة في تفسير كتاب الله تعالى ، وأن نرجع ثانياً إلى تفاسير السلف القديمة وأن لا نكتفي بالحديثة ، وأن نحيط ثالثاً بأقوال الأئمّة السابقين وأن لا نكتفي بالمعاصرين ..
 

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

الحمد لله و بعد :

أما حديث معاذ .. فالخلاف فيه كبير

و أحد شيوخنا في إحدى المحاضرات .. رجح تصحيحه .. نسيت قوله بالضبط .. لكني أذكر أنه قال بأن اصحاب معاذ ليسو مجهولين .. و قد ذكرهم البخاري ( لست متأكدا من هذه )

المهم .. جميل أنك أثرت الموضوع أخي ... سنسأل عن الحديث إن شاء الله

و نبحث ربما نستفيد

جزيت الجنة .. و ربما لي عودة

السلام عليكم أخي الوهراني ورحمة الله ..
لقد ألمحتُ - أخي الفاضل - بأنّ ما سطرته يراعتي القاصرة أعلاه في حديث معاذ غير مقصود بالأساس ، وإنّما جلّ مقصودي ما نبهت عليه من الأمرين لا غير ..
وأيّاً كان فقولكم بأنّ بعض شيوخكم باركهم الله ذكروا أنّ أصحاب معاذ ليسوا مجهولين ، ليس شيئاً غريباً ولا منكراً ، بل هو ما استقربه غير واحد من الأئمة ، وقد نقلت -أنا القاصر- بعض أقوالهم أعلاه..
وثانياً : ذكرتم أنّ شيخكم الكريم صحّح حديث معاذ ، فهل صحّح سنده ؛ أي قال : سنده صحيح ؟!. أم أنّه قال مثلاً : حديث معاذ صحيح ؟!!.
ولا يخفى عليكم أنّ بين التصحيحن فرق كبير جدّاً !!!.
بوركتم بارك الله بكم
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

ورشان1

عضو كالشعلة
5 نوفمبر 2009
464
4
0
الجنس
ذكر
رد: أحسن طرق تفسير القرآن العظيم/عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

أستاذنا الورشان بوركتم ورحمتم...إن شاء الله المنتدى يسع ما قلتم وأكثر...
ولو علمتُ أن هذا الحديث سيفجر لنا نبع علم معين مثلكم لأثرته من قبل.
المسألة كلّ المسألة أني في وضع من الأشغال الحرجة جدّا لا تسمح لي بمتابعة الموضوع...نسال الله أن يبارك في اعمارنا واعمالنا.
لي عودة إلى الموضوع بعد أن تنقضي أشغالي إن شاء الله.​

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعتكم لي بالاستاذ ، لا تعليق عندي عليه سوى قولي : اللهم اجعلني خيراً مما يظنون واغفر لي ما لا يعلمون ..
على أنّ العكس هو الحق -شيختي الكريمة - وكذلك الأمر مع مشايخ هذا المنتدى المبارك بارك الله بهم ، كشيخنا ابن عامر ، وشيخنا المتولي ، و أخينا الوهراني ، وشيختنا المبجلة نور مشرق وغيرهم بارك الله بهم ؛ فلطالما أغترفنا منكم ومنهم ؛ خاصّة ما أفضتم -جميعكم- به علينا من أصول القراءات العشر ، وبخاصّة أصول الإمام ورش رحمه الله وغير ذلك ..
قضى الله لك حوائج الدنيا والآخرة أختي الكريمة ..

على أن لا داعي لان تشغلوا وقتكم الشريف بمتابعة البحث في حديث معاذ ؛ لكونه كما ذكرت أكثر من مرة غير مقصود بالأساس
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع