إعلانات المنتدى


نظرية الصرفة حقيقتها القائلون بها والردّ عليها (2) التعريف بالنظّام

الأعضاء الذين قرؤوا الموضوع ( 0 عضواً )

فتحي بودفلة

مزمار نشيط
10 سبتمبر 2010
45
1
0
الجنس
ذكر
القارئ المفضل
محمود خليل الحصري
الفصل الأوّل
من هو النظّام ؟
لأنّ أوّل من جهر بنظرية الصرفة وأشهر من قال بها هو النظّام حتى صارت لا تذكر إلاّ مقرونة باسمه ولا تعرف إلاّ من خلاله وبعض القاصرين يحسبها من شذوذه وانفراداته التي لم يوافقه عليها أحد ارتأينا أن نبدأ هذا البحث بالوقوف على ترجمة بسيطة لهذا العلم الاعتزالي الذي أعطى للدرس البلاغي والإعجازي دفعا قويا سواء من حيث أراد ذلك أو لم يرد وسواء من حيث حاول الدفاع عن القرآن الكريم أو الطعن فيه ...
مصادر ومراجع الترجمة :
الوافي بالوفيات - (ج 2 / ص 226)
سيّر أعلام النبلاء للذهبي 10\542\172
الفرق بين الفرق ص270
تاريخ الفلسفة في الإسلام , الأستاذ الدكتور ج. دي بور جامعة أمستردام ترجمة محمد عبد الهادي أبو ريدة كلية الآداب جامعة القاهرة . ط الدار التونسية للنشر والمؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 1980 من الصفحة 111 إلى الصفحة 121
شوقي ضيف , تاريخ الآداب العربي العصر العباسي الأول ج3\ص430 وما بعدها ط دار المعارف مصر الطبعة السادسة
نشأة الفكر الفلسفي , أ د علي سامي النشار دار السلام 2008 ج1ص555 ...
إبراهيم بن سيار بن هانئ أبو إسحاق مولى آل الحارث بن عباد الصبعي البصري المتكلم , ابن أخت أبي الهذيل العلاف شيخ المعتزلة
المعروف بالنظام بالظاء المعجمة المشددة،
قالت المعتزلة: إنما لقب بذلك لحسن كلامه نظماً ونثراً، وقال غيرهم: إنما سمي بذلك لأنه كان ينظم الخرز بسوق البصرة ويبيعها.
وكان منذ صباه شديد الذكاء، حكي أنه أتى أبو الهذيل العلاف إلى صالح بن عبد القدوس وقد مات له ولد وهو شديد التحرق عليه ومعه النظام وهو حدث فقال له أبو الهذيل: لا أعرف لتحرقك وجهاً إذ كان الناس عندك كالزرع، فقال: إنما أجزع عليه لأنه لم يقرأ كتاب الشكوك، فقال: وما هو؟ قال: كتاب وضعته من قرأه شك فيما كان حتى يتوهم فيما كان أنه لم يكن وفيما لم يكن حتى يظن أنه كان، فقال النظام: فشك أنت في موت ابنك واعمل على أنه لم يمت أو أنه عاش وقرأ هذا الكتاب ولم يمت إلاّ بعد ذلك، فبهت صالح وحصر.
ويحكى عنه أيضاً أنه أتي به إلى الخليل ابن أحمد فيما أظن ليتعلم البلاغة فقال له: ذم هذه النخلة! فذمها بأحسن كلام، فقال له: امدحها! فمدحها بأحسن كلام فقال: اذهب فما لك إلى التعليم من حاجة. وزعموا أنّه قال له : يا بنيّ نحن إلى السماع منك أحوج "
قال الجاحظ عن عظم علمه وسعة ثقافته :"ما رأيت أحدا أعلم في الفقه والكلام من النظام"
وعنه يقول ابن المرتضى :"حفظ القرآن والإنجيل والتوراة والمزامير وتفسيرها مع كثرة حفظه للأشعار والأخبار واختلاف الناس في الفتيا ..." [نقلا عن المنية والأمل ص 4]
ممّا قاله الأستاذ الدكتور علي سامي النشار واصفا النظام و مبيّنا منزلته بين علماء الإسلام :"...أكبر شخصية فلسفية معتزلية في العالم الإسلامي , صدر عن فكر مبدع ونظام فلسفي دقيق , وقد تنبّه الأقدمون إلى ما له من قيمة عظيمة وأثر كبير, وقد شغلت هذه الشخصية القرن الثالث والرابع وتأثرت به المجامع الفكرية سواء كان أصحابها فلاسفة أو متكلمين أو شعراء أو أدباء بحيث نجد اسمه ستردد على ألسنتهم جميعا ..." اهـ
ويعتبر كلٌّ من ابن حزم الظاهري (طوق الحمامة ص123 الفصل 4\174) وابن نباتة (سرح العيون 122) النظام أعظم رجال المعتزلة مطلقا
أما المعتزلة فيبالغون في تعظيم الرجل رغم سعة الخلاف بينه وبينهم فهذا تلميذه وأوّل منتقديه الجاحظ يزعم أنّ الأوائل يقولون في كلّ ألف سنة رجل لا نظير له وإن كان هذا صحيحا فإن رجل ألفيته هو أبو إسحاق النظام .
ويقول ابن المرتضى المعتزلي الشيعي في كتابه المنية والأمل ص28 :"إنه لا ينبغي أن يكون في الدنيا مثله"
أما المستشرقون فهم يعتبرونه رائد الفلسفة الإسلامية وأول رجالاتها إذ قبله لم تكن الفلسفة الأسلامية قائمة على أسس وأصول علمية منهجية واضحة وعلى رأس هؤلاء ستين (STEIN) وهورفيتز (HORVITZ) وماكدونالد (Mac Donald) وديبور (Débord)

أقواله ومذاهبه سواء منها التي وافق جمهور المعتزلة أو التي انفرد بها دونهم:
ومنها أن الله لا يقدر على الظلم ولا الشر، ولو كان قادرا، لكنا لا نأمن وقع ذلك، وإن الناس يقدرون على الظلم، وصرح بأن الله لا يقدر على إخراج أحد من جهنم، وأنه ليس يقدر على أصلح مما خلق
منها أن الله تعالى إنما يقدر على فعل ما علم أن فيه صلاح العباد هذا بالنظر إلى أحكام هذه الدنيا وما في الآخرة فلا يوصف بالقدرة على زيادة عذاب أهل النار ولا ينقص منه شيئاً ولا يقدر على أن يخرج أحداً من الجنة.
ومنها أنه نفى إرادة الله تعالى حقيقةً فإذا قيل إنه مريد لأفعال العباد فالمراد أنه أمر بها، وعنه أخذ هذا المذهب أبو القاسم الكعبي.
ومنها أنه وافق الفلاسفة على أن الإنسان حقيقة هو النفس، والبدن قالبها، ثم إنه قصر عن إدراك مذهب الفلاسفة فمال إلى قول الطبيعيين فقال: الروح جسم لطيف مشابك للبدن داخل بأجزائه فيه كالدهن في السمسم والسمن في اللبن .
ومنها أنه وافق الفلاسفة في نفي الجزء الذي لا يتجزأ، وما حسن قول ابن سناء الملك:
ولو عاين النظام جوهر ثغرها ... لما شك فيه أنه الجوهر الفرد ولما ألزم النظام مشي نملةٍ على صخرة من طرف إلى طرف أنها قطعت ما لا يتناهى وهي متناهية فكيف يقطع ما يتناهى ما لا يتناهى أحدث القول بالطفرة
ومنها أنه قال: إن الجوهر مؤلف من أعراض اجتمعت وإن الألوان والطعوم والروائح أجسام.
ومنها أن الله تعالى خلق جميع الحيوانات دفعةً واحدةً على ما هي عليه الآن حيوانات وإنس ونبات ومعادن ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده ولكن الله أكمن بعضها في بعض فالتقدم والتأخر إنما يقع في ظهورها من مكانها لا في حدوثها، وهذه المسألة أخذها من أصحاب الكمون والظهور وأكثر ميل النظام إلى مذاهب الطبيعيين دون الإلهيين.
ومنها أنه قال: الإجماع ليس بحجة في الشرع وكذلك القياس ليس بحجة وإنما الحجة قول الإمام المعصوم.
ومنها ميله إلى الرفض ووقوعه في أكابر الصحابة رضي الله عنهم وقال: نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن الإمام علي وعينه وعرفت الصحابة ذلك ولكن كتمه عمر لأجل أبي بكر رضي الله عنهما، وقال: إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم لبيعة حتى ألقت المحسن من بطنها، ووقع في جميع الصحابة فيما حكموا فيه بالاجتهاد، فقال: لا يخلو إما إن جهلوا فلا يحل لهم أو أنهم أرادوا أن يكونوا أرباب مذاهب فهو نفاق، وعنده الجاهل بأحكام الدين كافر والمنافق فاسق أو كافر وكلاهما يوجب الخلود في النار.
ومنها أنه قال: من سرق مائة درهم وتسعةً وتسعين درهماً أو ظلمها لم يفسق حتى يبلغ النصاب في الزكاة وهو مائتان.
قيل: لم يكن النظام ممن نفعه العلم والفهم" كما ذكر الإمام الذهبي فقد كان فاسقا مدمنا على شرب الخمر توفي وفي يده قدحا من الخمر يشربه في مكان عالٍ وهو ينشد :
اشرب على طربٍ وقل لمهددٍ ... هون عليك يكون ما هو كائن
فلما فرغ من إنشاد ذلك البيت وقع وسقط من مكانه فمات سنة ثلاثين ومائتين 230هـ
وقد ذهب جماعة من العلماء إلى أن النظام كان في الباطن على مذهب البراهمة الذين ينكرون النبوة وأنه لم يظهر ذلك خوفاً من السيف، فكفره معظم العلماء وكفره جماعة من المعتزلة حتى أبو الهذيل والإسكافي وجعفر ابن حرب كلٌ منهم صنف كتاباً في تكفيره،
وذكر غير واحد من علماء التراجم والفرق أنه كان رجلا ديّنا تقيا وأنّ تهمة الفسق والخمر من اختراعات وادّعاءات أعدائه لا غير وممّن قال بهذا الأستاذ الدكتور علي سامي النشار في نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1\558 حيث يقول :"هاجم معظم مفكري أهل السنة والنظام , واعتبروه ملحدا من كبار الملاحدة وصوروا حياته تصوير رجل مستهتر يقضي جلّ وقته في الفسق والفجور ونحن لا نسرع بتصديق هذا فقد اشتهر المعتزلة بأنهم رجال أتقياء وزهاد متعبدون وقد دافع الخياط عنه دفاعا مجيدا وذكر لنا في مواضع عدة دفاع النظام عن الإسلام . وقيامه في وجه الملاحدة والثنوية والسمنية والفلاسفة وذكر القاضي عبد الجبار أنّ النظام كان يقول وهو يجود بنفسه "اللهمّ إن كنت تعلم إني لم أقصّر في توحيدك , اللهمّ ولا أعتقد مذهبا إلاّ سنده التوحيد اللهم إن كنت تعلم ذلك فاغفر لي ذنبي وسهّل عليّ سكرة الموت ." [مقالات الإسلاميين للأشعري 3\66 ـ 177] فمات لساعته وهذا دليل على انتهاء حياة الرجل صادقا لم يأل جهدا في الدفاع عن الإسلام . اهـ
قال ابن أبي الدم قاضي حماة وغيره في كتب الملل والنحل إن النظام كان في حداثته يصحب الثنوية وفي كهولته يصحب ملاحدة الفلاسفة فطالع كتب الفلاسفة وخلط كلامهم بكلام المعتزلة وصار رأساً في المعتزلة وإليه تنسب الطائفة النظامية
قال الإمام الذهبي : وله نظم رائق، وترسل فائق، وتصانيف جمة، منها: كتاب " الطفرة " وكتاب " الجواهر والاعراض "، وكتاب " حركات أهل الجنة "، وكتاب " الوعيد "، وكتاب " النبوة "، وأشياء كثيرة لا توجد ذكر مؤلفاته ابن النديم في الفهرست ص206
ومن كتبه ومؤلفاته كذلك (الجزء) ذكره الأشعري في مقالات الإسلاميين . (الحركة) أو (حركة الأجسام) ذكره الأشعري و(الثنوية) ذكره البغدادي (التوحيد) ذكره الجاحظ وهو في إثبات وجود الله عن طريق الحركة
(العالم) و(نقض كتاب أرسططاليس)
 

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع