- 26 أبريل 2008
- 3,836
- 27
- 48
- الجنس
- ذكر
*** كــاهــن أديــب ***
لا أُقسِمُ بذاتِ الحَفيف ، و الجَناحِ الخَفيف ، المشارفة في جَوّها للكَفيف(1) و بالسِّرِ المودَعِ في التَّجاويف و التَّلافيف ، و بالمُغيراتِ صُبْحًا عَليْها التجَافيف ، و المُغيرينَ على الحَقِّ كالعاهِرِ ابن العفيف (2) . و بالسّابِغاتِ و السَّوابِغ مِنَ الدُّروعِ و الجَلابيب , و بالآخذين أمس من تلّ أبيب بالتلابيب ، و بالبَحْرِ و السَّفينَة ، و الحِبْر و " الدفينة" (3) ، إنَّ أبا الطيب المتنبي لمَن مَوالينا ، و مِمَّنْ تَلقّى الكهانةَ عَنْ أوالينا ، و إنّهُ ما دُعي بالمتنبي إلا لأنّهُ كان شاعِراً كاهِناً ، ليناقض النبي الذي لم يكنْ كاهِنا و لا شاعِراً ، و قدْ نُفِيا عن النبي مُجْتَمِعيْن ، فَـثَبَتا في المتنبي مُجْتَمِعيْن ، و إنَّ كثيراً من شِعْرِهِ كهانةٌ ملتفِّعة بالشّعر , يُوطّيها في جُمل ، و يُغطيِّها بمَمْدوحٍ أو جَمَل ، و ستظْهَرٌ أخباؤها ، و تُعلَمُ أنباؤها ... و إنَّ قوله : " وقعتْ على الأردنِّ منه بليّةٌ " ، هو من الكهانة الكاهِنَة , ( بالحالة الراهِنة) . قالوا أرادَ أسداً قانصًا ، و قُلْنا أرادَ رجُلا ناقِصًا. قالوا : أراد كلبًا ، روَّعَ قلْبًا ، و مزَّق خِلبًا ، و أوسع المهج سلبًا ، و قدم ضراغمة غُلبًا ، أوطنها غابات غُلبًا و ذاد عنها أشاوس غُلْبا , قلنا : إنما أراد رَجُلا ركِب صعْباً ، و باع شعباً ، و عقَّ لؤيّاً و كعْباً ، و سلك بنو أبيه شِعباً ، و سَلك وَحْدَه شِعبًا ، و خذَلَهم في الجلى فملأ القلوب رُعباً ، و اشتفَّ صُبابة المال ، فلم يَدَعْ لِبائسٍ حلسا و لا لبائسةٍ قَعْباً .. لم يُرد أسداً خادراً ، و إنما أراد رجلا سادراً ، يظهر في زمن نحس ، و يبيع ضفّتي الأردن بثمن بخس ، و أين ليث عفَّره بدر بسوط ، من شخص كفَّره صدْرٌ بنوط .
أيّتُها البُحيرة (4) ، مالَكِ في حيْرة ؟ لقد شهدت لبدر بن عمّار بالفُتُوّة ، فهل تشهدين لأبي الطيب بالنبوة ؟ ... و حدّثي الوليَّ يا ( وليّة ) ، أيُّهُما كان عليك بَلِيّة ، ذاكَ الذي ورَدَكِ زائراً ، أم هذا الذي ورَدَك خائراً ؟ إنهما لا يستويان ، ذاك أسد غاب ، رِزقُه في الناب ، و هذا حلف وِجار ، رزقه على الجار ، ذاك يعيش على فرائسه ، و هذا يعيش على فضلات سائسه ، ذاك رَمْزُ إقدام ، و هذا موطئ أقدام ، ذاك ورد الفرات زئيرُه ، و هذا جاوز الفراتَ تزويره ، ذاك مشغول البال بتربية الأشبال ، و هذا مشغولْ ... بعُرْس الغول .
أيُّها الصّاعِدُ في العقبة ، المجاحش عن خَيْط الرقبة ، البائع لجار السوء صقَبه ، لا يكن صوتُك الصيت ، و لو أحييت البحر الميت .
أيها الخاذل للغزَّى (5) ، ما أنت لهاشم ... إنما أنت لعبد العزّى ، أغضبت سَراة الحيّ ، و أزعجت الميت منهم و الحيّ ، من لؤيِّ إلى أبي نُمَيّ . فويحَك ، أما تخاف أن تهلك ، يوم يقال: يا محمد إنه ليس من أهلك .
ــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) السماء لأنها مكفوفة
( 2 ) ابن العفيف التلمساني، له نزعات شاذة في الاعتقاد .
( 3 ) طعام معروف عند اليهود .
( 4 ) المراد بحيرة طبرية .
( 5 ) جمع غاز .
..